المركز الأمريكي للعدالة يكشف "صناعة العنف والكراهية" في المراكز الصيفية الحوثية
الثلاثاء 13/يونيو/2023 - 11:39 ص
طباعة
فاطمة عبدالغني- أميرة الشريف
بمناسبة إطلاق تقريره حول المراكز الصيفية في اليمن، عقد المركز الأمريكي للعدالة (ACJ) الأحد 11 يونيو ندوة "صناعة العنف والكراهية" والذي كشف فيه عن أهداف ميليشيا الحوثي من تنظيم المراكز الصيفية وكيفية إدارتها ومحتويات المقررات الدراسية فيها.
أطلق المركز الأمريكي للعدالة تقريره النوعي حول صناعة العنف والكراهية في المراكز الصيفية التي تنظمها الميليشيا خلال الإجازة الصيفية لأطفال وطلاب المدارس منذ العام 2017 وحتى العام 2022 في المحافظات الخاضعة لسيطرتها في اليمن.
تحدث خلال الندوة الباحث الأكاديمي أ.د عبد الباقي شمسان أستاذ وباحث في علم الاجتماع السياسي في جامعة صنعاء حول (الأهداف التي تسعى جماعة الحوثي إلى تحقيقها من خلال المراكز الصيفية)، كما تحدث الباحث والكاتب السياسي ياسين التميمي عن (مدى تأثير المراكز الصيفية في صناعة العنف والإرهاب)، هذا فيما قدم الكاتب والباحث نبيل البكيري رؤية حول (خطورة مناهج المراكز الصيفية على الأطفال الملتحقين بها وعلي النسيج المجتمعي).
في إطار الندوة التي نظمها المركز الأمريكي للعدالة (ACJ) بمناسبة إطلاق تقريره "صناعة العنف والكراهية، وصف الباحث الأكاديمي عبد الباقي شمسان ما يجري في المراكز الصيفية للحوثيين بالعملية الاستراتيجية التعليمية والثقافية، وأنها تأتي ضمن خطط وبرامج للسيطرة على البلاد.
وفي مداخلته حول الأهداف التي تسعى جماعة الحوثي إلى تحقيقها من خلال المراكز الصيفية ، قال شمسان: إن جماعة الحوثي تعمل على تعديل رؤية الجيل إلى شرعية ومنظومة الحكم والحياة والموت وكل شيء تقريبا.
وحذر شمسان من أن التأخر في إنهاء الانقلاب الحوثي يساهم في تنشئة جيل جديد له تصورات جديدة لا وطنية وإحلال ثقافة مختلفة للدولة والمجتمع والحياة والموت والحكم والمساواة والعدل، بل إن استمرار الانقلاب سيدفع الجيل الذي نشأ في ظل الدولة والجمهورية؛ سيخضع لهذه الثقافة بفعل قوة العطاء والجبر التي تملكها جماعة الحوثي.
وفسر استهداف العملية التعليمية من قبل ميليشيا الحوثي بالسعي إلى تعميم ثقافة مجتمعية بمشترك عام يخلو مضمونه من العلم والمعرفة، واستدعاء البنية المجتمعية التقليدية القائمة على التراتب الاجتماعي بما تحتويه من تمايز مجتمعي، ومنح حق الحكم والسيطرة بموجب هذا التراتب لتصبح من حق سلالة محددة، وإعادة المجتمع اليمني إلى ما قبل الثورة.
من جانبه أعاد الباحث السياسي ياسين التميمي التذكير بأن ميليشيا الحوثي بدأت معركتها في حروب صعدة بالاعتماد على خريجي مراكز الإرشاد، والتي بدأت كمعاهد موازية للمعاهد العلمية التي كانت منتشرة في البلاد سابقا، مع فارق أن هذه المعاهد الموازية أنتجت مقاتلين بلا وعي سياسي، متشبعين بفكرة الثأر مع الآخر الذي ينبغي إزالته لتطهير الهوية.
وأوضح التميمي أن هذه المراكز تحولت إلى صناعة العنف في محاولة لاستنساخ نموذج شبيه بالحرس الثوري الإيراني، وازدهرت منذ حرب صعدة السادسة، وظهر عليها طابع العنف لأنها لم تكن معاهد علمية بقدر ما كانت معسكرات لتخريج كتائب جرى اختبارها خلال توسع النفوذ الحوثي والسيطرة على محافظة عمران، ثم استخدمت خلال الحرب في تعز وعدن ومأرب.
ونبه إلى أن ميليشيا الحوثي انتقلت من تكريس الدعوة إلى تكريس السلطة والذي يقتضي منها تأهيل الأطفال فكريا وتعبئتهم طائفيا بتقديس الزعيم المنتمي إلى سلالة طائفية وإيهامهم بأنه يمثل سلطة الله في الأرض، وفي نفس الوقت تأهيلهم عسكريا وعنفيا لحمايته واستئصال كل من يناهضه ويرفض مشروعه ووجوده، بحيث يصبح كل فرد مستباح هو وكل ما يملك طالما لم يعلن الولاء لهذا الزعيم.
وعدّ الباحث والكاتب السياسي نبيل البكيري ما يجري تقديمه من دروس في مناهج المراكز الصيفية عملية مسخ لا تأبه للتنوع المجتمعي، وتتجه إلى إعادة تشكيل هوية المجتمع بصورة ذهنية لا تستقيم مع مفهوم الدولة والحداثة السياسية والتعددية، ما يجعل مستقبل اليمن في انتظار مسار كارثي يتمثل بتطييف المجتمع في ظل تواطؤ دولي يقدم المساعدات لهذه الجماعة، ويتغاضى عن استغلال مقدرات الدولة لغسيل عقول الأطفال والناشئة.
وطالب البكيري بتنبيه المجتمع الدولي إلى التوقف عن التعاطي مع جماعة الحوثي وتقديم المساعدات لها لتستخدمها في تعزيز نفوذها واستمرارها في إعادة فرز المجتمع وإعادة رسم تصورات مغلوطة عنه، وتكريس ثقافة نقيضة لثقافة التعايش اليمنية، مستغربا من وضع إمكانيات المنظمات الدولية في خدمة الجماعة والسعي للحصول على رضاها والتواطؤ معها.
وأشاد بالتقرير الذي أطلقه المركز الأمريكي للعدالة، داعيا إلى تقديم المزيد من هذه التقارير التي تكشف حقيقة ممارسات جماعة الحوثي ووضعها في موقف المسؤولية، مشدداً على ضرورة أن يتولى الجميع حماية أطفالهم من غسيل الأدمغة، ومراقبة ممارسات جماعة الحوثي في المراكز الصيفية والمدارس وما تقدمه في مناهجها.
واستعرض عبدالرحمن برمان المدير التنفيذي للمركز الأمريكي للعدالة محتوى التقرير الذي كشف عن 7 كتب يجري تدريسها للأطفال في المراكز الصيفية مكونة من 278 صفحة، بينها ثلاثة كتب من تأليف بدر الدين الحوثي، ومحمد بدر الدين الحوثي، واختصارات ملازم حسين بدر الدين الحوثي.
وذكر التقرير أن المناهج تخضع لتعديلات سنوية، ويتم تقسيم الملتحقين بالمراكز بحسب الفئات العمرية إلى ثلاث مستويات الأول، المتوسط، والعالي، وتتكون مقررات المرحلة الأولى من مستويين: التأهيلي الأول، لطلاب الصفوف الأول والثاني والثالث من التعليم الأساسي، والأساسي لطلاب الصفوف الرابع والخامس والسادس من مراحل التعليم الأساسي.
ووفقاً للتقرير يتلقى الأطفال دروسا في ثلاثة كتب، يحمل الأول اسم "صلاتي" يحرص مؤلفه على بيان مذهب جماعة الحوثي في عدد من المسائل بوصفه الصحيح وما دونه باطل ومحرف، وفي الثاني المسمى "القراءة والكتابة" يعزز المؤلف النهج الحوثي من خلال دروس كتابة وقراءة مفردات ومقولات تتضمن مصطلحات ودلالات طائفية.
كما يحتوي الكتاب على دروس قراءة وكتابة لشعارات جماعة الحوثي الطائفية ومواقفه من الجماعات الأخرى، وأنشطته الدعائية، وتحريض على العنف والقتل، بينما تتكون مقررات المرحلة الثانية من مستويين: الأول لطلاب الصفوف السابع والثامن والتاسع من التعليم الأساسي، والثاني متوسط، والذي يشمل طلاب أول ثانوي وما فوق.
وبين التقرير أن المراكز تنقسم إلى نوعين؛ المفتوحة، وهي الغالبية العظمى ويتم فيها الاهتمام بالثقافة الجهادية التعبوية، والمشاركة في فعاليات ومناسبات جماعة الحوثي كزيارة مقابر قتلاها التي تسميها "روضات الشهداء"، والمراكز المغلقة وهي أشبه بمعسكرات التجنيد، ويتم فيها تهيئة الملتحقين بها بالتدريب على استخدام الأسلحة والأساليب القتالية، وتنفيذ الحملات عبر الإنترنت، ومشاهدة فيديوهات تحريضية ضد المناوئين لجماعة الحوثي.
كما كشف برمان خلال استعراض التقرير عن بعض الممارسات التي تجري في المراكز الصيفية المغلقة، حيث يجري أخذ الأطفال إلى أماكن مغلقة ولا يسمح لهم بالعودة إلى أهاليهم لمدد تتراوح بين شهرين وثلاثة أشهر وتدريبهم على الأسلحة، وتعبئتهم طائفيا وجهاديا وتجهيزهم للقتال في الجبهات.
وبَيَّنَ أن فريق راصدي المركز حصل على اعتراف من أحد مشرفي المراكز الصيفية الذي تباهى بأن المراكز الصيفية في العام قبل الماضي رفدت الجبهات بمئات المقاتلين، وأن منهم من قتلوا في المعارك.
ويحتوي التقرير على أرقام وإحصائيات حول أعداد المراكز الصيفية في مختلف المحافظات وأعداد الطلاب الملتحقين بها، إلى جانب قصص ونماذج من المآسي التي حدثت لعائلات التحق أطفالها بهذه المراكز وجرى تجنيدهم للقتال.