ملجأ النظيم الجديد.. داعش يتمدد في أمريكا اللاتينية

الأربعاء 02/أغسطس/2023 - 07:54 م
طباعة ملجأ النظيم الجديد.. علي رجب
 

كشف مرصد الأزهر المصري لمكافحة التطرف أن تنظيم داعش الإرهابي إيجاد ملاذ جديد في أمريكا اللاتينية، وهو ما يشكل تهديدا للدول هناك، حيث تختلف مستويات الإرهاب، والعنف في دول القارة.

وتشهد بعض دول أمريكا اللاتينية في مستويات عالية من الإرهاب، والعنف المتعلق بالتنظيمات المتطرفة، والإجرامية غير المحسوبة أيديولوجيا على التيار الديني. ويعود وجود هذه التنظيمات، وانتشار أنشطتها الإرهابية إلى عدة عوامل، بما في ذلك الفقر، والصراعات السياسية، والاقتصادية، واستغلال شبكات الإتجار بالبشر، وشبكات تهريب المخدرات، وغسيل الأموال.

وتزداد تعقيد معضلة الإرهاب، والتطرف في المنطقة مع التحول الرقمي، والتطور التكنولوجي؛ حيث يستخدم المتطرفون منصات التواصل الاجتماعي، والإنترنت كوسيلة للتحريض، وتجنيد مزيد من العناصر لصفوفهم. وفي الأعوام الأخيرة، شهدت أمريكا اللاتينية زيادة في الأنشطة الإرهابية لـ"داعش"، وخاصة في البرازيل، والأرجنتين، وتشيلي، وكولومبيا.

وعلى الرغم من أن هذه الأنشطة لم تكن بنفس المستوى الذي شهدته بعض دول الشرق الأوسط، أو الأوروبية، فإنها تشكل تحديا للحكومات في المنطقة، وتستدعي تحركات فعالة لمكافحتها. ومن خلال متابعته لتحركات التنظيمات المتطرفة التي تسيء للإسلام، وتتخذ من الدين شعارا لها، سلط مرصد الأزهر لمكافحة التطرف الضوء على ما نشر مؤخرا في بعض الصحف العالمية حول مظاهر تواجد تنظيم "داعش" في مناطق مختلفة من أمريكا اللاتينية.

 وفي هذا الصدد، سلطت صحيفة "لا ناثيون" الأرجنتينية، بتاريخ 10 يونية 2023م، الضوء على اعتقال قوات مكافحة الإرهاب التابعة للشرطة الفيدرالية مواطنا بتهمة وجود صلات بتنظيم "داعش" الإرهابي، والتخطيط لتصنيع قنابل يدوية.

ووفقا للتحقيقات الأولية، فإن المشتبه به كان يتواصل مع أفراد ينتمون للتنظيم في مختلف أنحاء العالم عبر تطبيق "تليجرام"، وكان يسعى إلى الحصول على تعليمات، وإرشادات خاصة بتصنيع القنابل بغرض تنفيذ هجمات إرهابية، وقد تم تحديد هويته من خلال عملية استخباراتية دقيقة.

وفي السياق ذاته، سلط موقع "تشاكو ديا بور ديا" الصادر بالإسبانية‏، في ١٥ يونية ٢٠٢٣م، الضوء على تحذيرات مكتب التحقيقات الفيدرالي من وجود خلية إرهابية تابعة لتنظيم "داعش" في الأرجنتين، وذلك بعد القبض على المواطن الأرجنتيني.

بالإضافة إلى ذلك، أمر القاضي الفيدرالي في "سانتياجو" بتتبع أحد الشباب للاشتباه في كونه شريكا لهذا المعتقل، وعلى صلة أيضا بتلك الأنشطة المتطرفة. وما يزيد من احتمالية صحة هذه التوقعات هو أن مكتب التحقيقات الفيدرالي  FBI  للولايات المتحدة الأمريكية، كان قد أبلغ السلطات الأرجنتينية في ٣٩ مايو ٢٠٢٣م باحتمال وجود "خلية" تابعة لتنظيم "داعش" الإرهابي في مدينة "سانتياجو ديل استيرو"، الأمر الذي يستلزم الدقة، والتحري في الأمر، وتتبع كل من كانوا على صلة بهذا المعتقل.

جدير بالذكر أن وجود داعش في الأرجنتين يرجع إلى وقت ليس بالقريب، ففي عام ٢٠١٧م، اخترقت مجموعة تابعة لتنظيم ‏داعش الإرهابي لمدة ٢٠ دقيقة الموقع الرسمي الإلكتروني للجيش الأرجنتيني، وقامت بوضع صورة تضم مجموعة ‏من مقاتلي التنظيم بعنوان " الله أكبر، نحن داعش، سيعرفوننا في الأرجنتين قريبا".

ومن الملاحظ أن أنشطة داعش وأنصاره تتركز بشكل رئيسي في البرازيل، ويعد الحادث الأخير الذي وقع يوم الاثنين الموافق ١٢ يونيو ٢٠٢٣م دليلا على ذلك؛ حيث قامت قوات الشرطة البرازيلية بإلقاء القبض على أحد المسافرين، وهو في طريقه للانضمام لتنظيم داعش الإرهابي؛ حيث كان يتبادل الرسائل مع أفراد التنظيم عبر تطبيقات المراسلة.

كما أشارت صحيفة "إنفوباي" في الأول من مايو ٢٠٢٣م، إلى أن قوات الشرطة البرازيلية كشفت عن شبكة إرهابية لتجنيد الأطفال لصالح التنظيمات الإرهابية في البرازيل؛ حيث اختطفت  ٥  أطفال من منطقة الأمازون، التي تقع شمال غرب البلاد، ونقلتهم إلى مدارس في تركيا للتدريب على القتال، والأعمال الإجرامية، في حين تمكنت الشرطة البرازيلية من إنقاذ  ١٥  شابا أخرين، تم تلقينهم أفكارا متطرفة؛ بغرض الانضمام لصفوف التنظيمات الإرهابية.

وفي مايو ٢٠١٨م، تمكنت السلطات البرازيلية من تفكيك خلية إرهابية مكونة من  ١١  برازيليا ‏كانت تخطط لتنفيذ هجمات بالبلاد، وكذلك محاولة تجنيد متطرفين لإرسالهم إلى صفوف ‏التنظيم بسوريا.

كما تمكنت الشرطة، في يولية ٢٠١٦ من القبض على  ١٠  ‏أشخاص للاشتباه بانتمائهم لجماعة تدعم تنظيم‎ ‎‏"داعش"‎، ‎‏كانت تعد لأعمال "إرهابية" خلال دورة ‏الألعاب الأولمبية في "ريو دي جانيرو" أغسطس ٢٠١٦م‎.‎‏

ولا شك أن تلك الاعتقالات المتتالية التي حدثت مؤخرا تكشف عن محاولات التنظيمات المتطرفة، وبخاصة داعش، اختراق أمريكا اللاتينية، وإيجاد ملاذ آمن لهم هناك، حيث إن هذه القارة تمثل لهم أرضا خصبة نوعا ما، ويمكن لهم أن ينشطوا فيها بسهولة أكبر من أماكن أخرى يتم تضييق الخناق عليهم فيها، كقارة أوروبا.

 

كما توضح تلك الاعتقالات للعناصر الإرهابية انعكاسات تهديداتها في أمريكا اللاتينية، وخطورتها، ويقظة السلطات الأمنية في تلك الدول. ومرة أخرى يؤكد مرصد الأزهر على قدرة هذه التنظيمات المتطرفة، خصوصا داعش على التواصل والتأثير على أنصارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ومواقع الإنترنت، فضلا عن سعيها الحثيث إلى استقطاب المزيد للانضمام إلى صفوفها.

ومن هذا المنطلق يؤكد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف أن انتشار الفكر المتطرف في منطقة، أو مكان بعينه لا يستلزم وجود عناصر متطرفة على الأرض، لا سيما ‏في ظل تطور استخدام الفضاء الإلكتروني للتواصل، والتنسيق في جميع أنحاء العالم.

ويرى مرصد الأزهر  في هذا الصدد ضرورة التعاون، ليس فقط بين الأجهزة الأمنية في مكافحة الإرهاب، بل أيضا بين المؤسسات الدينية المختلفة؛ بغرض تكثيف عملية التوعية بمخاطر الإرهاب والتطرف، ومكافحته بالفكر، وعدم الاقتصار على المكافحة الأمنية فقط، وأن مجابهة الأفكار المغلوطة بنشر الأفكار الصحيحة هو السبيل للحد من انتشار ظاهرة التطرف والقضاء عليها.

شارك