ممارسات الحوثي الاستفزازية تهدد بعرقلة المساعي السلمية لإحلال السلام والعودة إلى نقطة الصفر
السبت 14/أكتوبر/2023 - 12:56 م
طباعة
فاطمة عبدالغني
رغم التقدم الملحوظ في مفاوضات السلام في اليمن، استبعد مركز "رع" المصري للدراسات، التوصل لحل سياسي، وقال المركز في تقرير بعنوان " حسابات مُعطلة.. لماذا يُعرقل “الحوثي” عملية السلام؟" أن الحوثيين لا يزالون يمارسون استفزازًا عسكريًا وسياسيًا، في خطوة معاكسة للمباحثات مع الجانب السعودي، أو أي تقدم في الملف اليمني، مما يهدد بعرقلة المساعي السلمية لإحلال السلام والعودة إلى نقطة الصفر مرة أخري على الساحة اليمنية.
واستنادا إلي تلك الممارسات تطرق التقرير لتحليل محاولات التصعيد التي حدثت مؤخرًا من قبل الحوثي، بعد عدة أيام من المفاوضات بالرياض قبل أسبوعين، وبالتالي أهداف هذه الجماعة من التصعيد، والمرجح حدوثه خلال الفترة المقبلة.
حيث قامت الحوثي بمنع شركة الخطوط الجوية اليمنية من سحب أموالها في بنوك صنعاء، ورفضت مقترحها بحصولهم على 70% من أموالهم مقابل 30% للحكومة المعترف بها، وعلى إثر ذلك قررت الشركة تعليق الرحلة التجارية الدولية الوحيدة من العاصمة اليمنية ووجهتها إلى الأردن، وأشارت في بيان إلى أنها لم تتمكن من سحب أموالها في بنوك صنعاء على مدى عدة أشهر.
وأوضح التقرير أن هذه الخطوة التصعيدية الجديدة قد تعرقل ملف السلام، وتصبح ورقة ضغط لصالح موقفهم التفاوضي لجني مكاسب سياسية كثيرة، وتقديم تنازلات أقل حال استمرار المفاوضات مع المملكة العربية السعودية، حيث أن هذا التصعيد سيؤدي إلى استمرار الحصار والمعاناة التي يعيشها الشعب اليمني.
ولفت التقرير إلى أن الدافع الحقيقي الذي يقف وراء هذه الخطوة الاستفزازية من قبل الحوثيين، هو الاتجاه نحو جولة أخرى من التصعيد علي البعدين الأمني والسياسي، فخلال النصف الثاني من سبتمبر 2023، استضافت السعودية وفدًا من جماعة الحوثي للمضي قدمًا في عملية السلام، وكانت تلك المرة الأولي منذ اندلاع الأزمة اليمنية التي تطأ فيها أقدام الحوثيين أرض المملكة، في إطار بحث المساعي السلمية لإنهاء الأزمة وإحلال السلام، ووصفت تلك المفاوضات والتي استمرت خمسة أيام بـ”الإيجابية” و”المثمرة”، حسبما أفاد الجانب السعودي، و”أن المفاوضات أحرزت تقدمًا في النقاط الشائكة والرئيسية، ومن بينها الجدول الزمني لخروج القوات الأجنبية من اليمن، وآلية دفع أجور الموظفين، وإعادة فتح المواني التي يسيطر عليها الحوثيون ومطار صنعاء بشكل كامل، وكذلك جهود إعادة البناء والإعمار”.
لكن عقب انتهائها قام الحوثيون بتصعيد آخر يتنافي تماما مع تلك المساعي السلمية التي جرت في الرياض.
عبر غارة بطائرة مسيرة بدون طيار، جنوب المملكة العربية السعودية، أدت إلى مقتل ثلاثة جنود بحرينيين تابعين للوحدة العسكرية المشاركة في التحالف العربي بقيادة الرياض، وتعد هذه الحادثة أول عملية عسكرية على الحدود منذ إتمام المصالحة السعودية – الإيرانية.
وأشار التقرير إلى أنه من المحتمل بشكل كبير أن تداعيات تلك الضربة ستكون عكس المساعي السلمية، حيث قد تؤدي إلى تعطيل الاتفاق المبرم بشأن وقف إطلاق النار، وتحقيق السلام في اليمن وإنهاء حالة الحرب التي أنهكت البلاد ولا طائل منها سوى الخراب والدمار والتي مر عليها تسع سنوات شهد فيه اليمن كارثة إنسانية لا مثيل لها.
وعلى صعيد البعد السياسي أوضح التقرير أن الخطوة الاستفزازية المتعلقة بأموال شركة الخطوط الجوية اليمنية وقيام الحوثي بمنع الشركة من سحب أموالها من بنوك صنعاء، تعد أيضًا تصعيد يعكس عدم وجود نوايا لخوض واستكمال عملية السلام في اليمن، وعلى ما يبدو أن الفترة المقبلة ستشهد تصعيدًا على كافة الأبعاد داخل البلاد وعلى الحدود أيضًا.
وأكد التقرير على أن محاولات التصعيد الحوثي، ما هي الإ ورقة ضغط تمكنها من الحصول على أكبر قدر من المكاسب في المفاوضات حال استمرارها، كما أن بقاء حالة الحرب كما هي عليه، بالنسبة لبعض القيادات تعد ربحًا في حد ذاته نظًرا لما تحصل عليه من دعم مادي وعسكري.
ولفت التقرير إلى أن خطوات التصعيد من قبل جماعة الحوثي يبدو أنه هو السيناريو المرجح للاستمرار على الأقل في المدى القريب، فالعمليات العسكرية في محافظة تعز، دليل قوي على ذلك، حيث اندلعت مواجهات متقطعة بين الجيش اليمني وميليشيا الحوثي، خلال الفترة القليلة الماضية، بعد تصعيد أعمالها العدائية واستهداف مواقع القوات اليمنية بالمدفعية الثقيلة. ويعد ذلك أيضًا تحديًا لجهود السلام التى تبذل إقليميًا ودوليًا من أجل التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب في اليمن.
كما أن استعراضهم لمعداتهم العسكرية كالصواريخ الباليستية والمسيّرات التي يمتلكونها وتشكيلات من المدرعات وزوارق محملة برشاشات وصواريخ، في عرض عسكري بداخل العاصمة صنعاء هذا العام في ذكري استيلائهم عليها منذ بداية الحرب، يظهر نوايا الجماعة تجاه عملية المفاوضات التي تهدف إلى تفعيل عملية السلام في اليمن، وإثبات أيضًا أنهم باتوا قوة عسكرية تحظى بقدرات لا يستهان بها، ويؤكد ذلك تصريح أحد قيادات الجماعة المدعومة من إيران “الاستعداد لرفع الجاهزية القتالية خلال الفترة المقبلة” ما ينذر بنسف كافة الجهود المبذولة لإنهاء الحرب.
ويرى مركز "رع" أن الوضع في اليمن شائك ومعقد لأبعد الحدود، واتباع جماعة الحوثي سياسات التصعيد سيؤدي إلى عواقب وخيمة تشهدها البلاد، التي أُنهكت بالفعل جراء الحرب ولم تشهد تعافيًا حتى الآن، كما أن رد فعل الجانب السعودي وكذلك الأطراف المعنية بدعم عملية السلام إقليميًا ودوليًا، بعد هذه الخطوات التصعيدية من قبل الحوثيين غير واضح أو معلن حتى الآن ولكن يبدو أننا قد نشهد توترًا في الملف اليمني ما لم تلتزم قيادات الحوثيين بأية اتفاقات.