إخوان المغرب.. تصعيد والمزايدة بأزمة التعليم التي صنعوها
يعيش التعليم في المغرب منذ سنوات أزمة عميقة تتصاعد وتيرتها عاما بعد عام، وفي ظل التصعيد المستمر من التنسيقيات، أعلن التنسيق الوطني لقطاع التعليم، الذي يضم 25 هيئة، تمديد الإضراب عن العمل ليشمل أربعة أيام، بعد أن كان حدده سابقا بيومين فقط، فيما دعت نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب إلى المشاركة في المسيرة الوطنية التي ستنطلق من أمام البرلمان الخميس 21 ديسمبر.
ورفضت نقابات التعليم شروط الوزارة لإصدار نداء للعودة للعمل مقابل استئناف التفاوض.
ويُطالب المعلمون بسحب النظام الأساسي، وإلغاء التوظيف الجهوي، وتفعيل الاتفاقات السابقة بين النقابات والوزارة المعنية، وإرجاع الاقتطاعات التي تمت من أجور المضربين.
وخاض أساتذة التعليم العمومي، احتجاجات متكررة في الشوارع منذ بداية السنة الدراسية توقفت معها الدراسة بشكل تامّ في أكثر من مرّة، وذلك رفضا لقانون النظام الأساسي الذي وضعته وزارة التربية.
مخاوف من سنة بيضاء
وأثارت هذه الاحتجاجات موجة من الغضب والقلق في صفوف الأولياء من تأثير هذا الإضراب على المستوى التعليمي لأبنائهم، أو إقرار سنة بدون دراسة بعد ضياع الموسم الدراسي.
وكانت الفيدرالية الوطنية لجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ بالمغرب قد دعت في بيان لها إلى “تغليب المصلحة العليا للوطن ولأبناء الفئات الهشة والمقهورة التي تضررت من هذا الوضع غير المسبوق في قطاع يراهن عليه في كل تنمية بشرية”.
ودعت الحكومة إلى “عقد اجتماع عاجل مع الفيدرالية الوطنية لدراسة السبل الكفيلة للخروج من هذه الأزمة ولمناقشة مطالب الأمهات والآباء وعلى رأسها توفير تعليم جيد، واحترام الزمن المدرسي وتوفير مدرسين ومدرسات ذوي كفاءات عالية وتكوين عال”.
دور الإخوان
يحاول حزب العدالة والتنمية "البيجيدي" في المغرب تصعيد أزمة التعليم بالمزايدة واستغلال إضراب الآلاف من الأساتذة من أجل تحقيق مكاسب سياسية ضد حكومة عزيز أخنوش، التي ورثت الملف المتأزم من حكومتي الاسلاميين السابقتين (حكومة بنكران وسعدالدين العثماني).
ولجأ بنكيران منذ بدء النقاشات ودعوات الحكومة المتواصلة للحوار، إلى إجهاض محاولات حل الأزمة عبر الجمعية الوطنية لموظفي التعليم التابعة له، بالقول أن الحكومة فشلت في حل أزمة التعليم بسبب "سوء تصرفها"، وأن رفض الشغيلة التعليمية لجميع مقترحاتها لحد الساعة راجع لفقدان الثقة".
في المقابل يؤكد أخنوش أن النقابة التابعة للعدالة والتنمية تواصل التهرب من الحوار مع اللجنة الثلاثية الحكومية المكلفة بالبحث عن حل لأزمة قطاع التعليم والتشبث بالإضراب.
وعبر أخنوش عن رفضه جعل التلاميذ رهائن فالمسؤولية لا تتحملها الحكومة فقط بل الآباء والمواطنون، مضيفا أن قرار الزيادات في أجور الأساتذة لم يكن إلا تصحيحا لوضع سابق تتحمله حكومات سابقة بينما تواصل اللجنة الوزارية الحوار مع النقابات الأربع الأكثر تمثيلية وبابها مفتوح. كما أعلن أن نهاية هذا الأسبوع أو بداية الأسبوع المقبل سيكون موعدا للاتفاق على جميع بنود النظام الأساسي التي وجب تعديلها.
ولفت إلى أن وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة شكيب بنموسى، استقبل ممثلي النقابة وتحاور مع مكتبها لشرح مضامين ومستجدات الحوار مع النقابات الأكثر تمثيلية.
ووقعت الحكومة والنقابات المركزية الأكثر تمثيلية اتفاقا لتحسين دخل العاملين في قطاع التعليم، في العاشر من ديسمبر الجاري وينص على إقرار زيادة عامة في أجور العاملين بمختلف هيئاتهم ودرجاتهم، بمبلغ شهري صافي 1500 درهم (150 دولار أميركي).
وقال أخنوش إن الحكومة منفتحة على المحاورين المؤسساتيين لإصلاح الإشكاليات المطروحة في قطاع التعليم، مشيرا إلى أن الاتفاق السابق أخذ بالاعتبار مجموعة منها، ومشددا على أن 1500 درهم هي سقف الزيادة في أجور الأساتذة، مؤكدا أن هذه الزيادة هي الأكبر في تاريخ الحكومات المغربية في حين أن الحكومة التي كان يرأسها حزب العدالة والتنمية لم تتحاور مع النقابات ولا مع النقابة التابعة له على مدى 10 سنوات كاملة.
وكانت حكومة بنكيران قد واجهت احتجاجات نقابية عديدة بهذا الشأن، حيث أرجعت رسالة النقابة العمالية في مايو 2021 أسباب الأزمة الى السياسات "اللاشعبية واللاديمقراطية للحكومات بقيادة حزب العدالة والتنمية"، والتي كان من " تجلياتها البارزة ارتفاع المديونية العامة وضعف الاستثمار العمومي، وإفلاس آلاف المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة، وضعف مؤشر النمو، وارتفاع نسبة الفقر وارتفاع أسعار المواد الأساسية ومنها أسعار المحروقات، وأزمة التعليم العمومي وزحف التعليم الخصوصي وغيرها من المؤشرات السلبية".
لكن حزب العدالة والتنمية بعد خروجه من الحكومة وتحوله إلى صف المعارضة صدر جميع هذه الأزمات إلى حكومة أخنوش، وبدأ بإظهار دعمه للأساتذة في معركة لي الأذرع مع وزير التربية، وظهر ذلك جلياً من خلال لغة الخطاب التصعيدية التي استعملها الحزب بهذا الشأن بدلاً من التهدئة لاحتواء الأزمة وتقريب وجهات النظر لفائدة المصلحة العامة.
ودخل والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري، على خط أزمة التعليم والاحتقان الذي يعرفه القطاع، واعتبر أن مختلف الأطراف ذات الصلة بقطاع التعليم مدعوة إلى تقديم تنازلات تفاديا لسنة بيضاء في المدارس العمومية، وحرصا على مصلحة التلاميذ.