اشتعال حرب وكلاء الملالي علي القوات الامريكية بالمنطقة
الأربعاء 31/يناير/2024 - 07:03 م
طباعة
روبير الفارس
يمثل الهجوم الذي شنّته ميليشيا مدعومة من إيران في 28يناير ضد القوات الأمريكية المتمركزة في قاعدة "البرج 22" الواقعة شمال شرق الأردن، والذي أسفر عن مقتل ثلاثة جنود أمريكيين وإصابة أكثر من 30 آخرين، تصعيداً كبيراً في الأزمة المستمرة في غزة. وأعلنت "المقاومة الإسلامية في العراق" - وهي جماعة شاملة تضم الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران في العراق وسوريا - مسؤوليتها على الفور عن الهجوم. ويشير البيان - الذي ذكر بشكل مباشر الهجوم الإسرائيلي على غزة كسبب - إلى أن إيران ووكلاءها يحاولون إرغام الرئيس الأمريكي بايدن على اتخاذ خيار صعب، يتمثل: بدفع إسرائيل إلى وقف إطلاق النار في غزة أو المخاطرة باستمرار التصعيد الإيراني في العراق وسوريا بهدف طرد القوات الأمريكية من كلا البلدين. وقال الباحث أندرو جيه تابلر بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الادني
إن هجمات الميليشيات الإيرانية على القوات الأمريكية في العراق وسوريا ليست بجديدة، فقد تبنت "المقاومة الإسلامية في العراق" حتى تاريخ كتابة هذه السطور 178 هجوماً، ( الارقام في تزايد مستمر )وطوال فترة الصراع في غزة، نفذت الميليشيات المدعومة من إيران مجموعة من الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة ضد القواعد الأمريكية في العراق وسوريا.
وحول قراءة النوايا الإيرانية، يقول اندرو تعد الهجمات الصاروخية أكثر مدعاة للقلق، نظراً لأن افتقارها إلى أنظمة التوجيه يزيد من فرص القتل العارض، الأمر الذي قد يؤدي بدوره إلى رد عسكري أمريكي قوي لم تكن الميليشيات مستعدة له. أما الطائرات المسيّرة فهي أكثر دقة، حيث تتيح للميليشيات تنفيذ هجمات على القوات الأمريكية دون المخاطرة بحدوث تصعيد غير مقصود. وقد غيرت هجمات 28 يناير هذه الديناميكية في نقطة حرجة ولحظة حرجة من النقاش الأمريكي بشأن تواجد القوات الأمريكية في العراق وسوريا.
أولاً، كانت حمولتها الفتاكة كافية لقتل ثلاثة أشخاص وإصابة العشرات، مما أظهر النية الواضحة "للمقاومة الإسلامية في العراق" لقتل أمريكيين - وليس مضايقتهم فقط.
ثانياً، يتّضح من وقوع الهجوم على الأراضي الأردنية أن الميليشيات توسع نطاق أنشطتها لتشمل المملكة الهاشمية، والتي سكانها وحكومتها عالقين بين دعم الولايات المتحدة في سوريا والعراق وبين كون البلاد شريكاً للسلام مع إسرائيل في حين تعارض بشدة أيضاً هجومها على غزة.
ثالثاً، تأتي الهجمات مباشرةً في أعقاب التقارير عن إجراء نقاش سياسي على مدى أشهر من قبل إدارة بايدن حول عمليات نشر قوات أمريكية في سوريا والعراق في المستقبل.
وتتواجد القوات الأمريكية في سوريا بناءً على طلب من الحكومة العراقية في عام 2014 والذي خوّل هذه القوات قانونياً بإعادة الدخول إلى العراق والدخول إلى سوريا - وهو ما رفضت إدارة الرئيس أوباما القيام به رداً على الانتفاضة السورية - لإضعاف تنظيم "داعش " وهزيمته. ومنذ هزيمة التنظيم في سوريا في عام 2019، بقيت القوات الأمريكية في كلا البلدين في إطار التحالف لكبح التنظيم، في حين بقيت الأسباب السياسية التي أدت إلى ظهوره عالقة نتيجة الافتقار إلى تسوية سياسية قابلة للتطبيق بشأن الحرب في سوريا.
واستمر صانعو السياسات الأمريكيون يجادلون حتى الفترة الأخيرة بأن السياسيين العراقيين أرادوا القوات الأمريكية هناك كقوة مقابلة لإيران، التي تساهلت، إلى جانب ميليشياتها، مع وجود القوات الأمريكية حيث ساعدها ذلك على إدارة معركتها الخاصة ضد تنظيم "داعش " والتطرف السني. وفي حين شنت الميليشيات الإيرانية عدداً من الهجمات على القوات الأمريكية في العراق وسوريا في الأشهر التسعة الأولى من عام 2023 - من بينها هجوم مميت بطائرة مسيّرة أدى إلى مقتل مقاول أمريكي في مارس - إلّا أن إدارة بايدن كانت واثقة بأنه قد تم ردع إيران، وأن الوضع الراهن تحت السيطرة وباستطاعة الولايات المتحدة التركيز أخيراً على آسيا كما كان الرئيس أوباما يتمنى قبل خمسة عشر عاماً.
إلا أن حرب غزة غيّرت كل ذلك، حيث تهاجم طهران ووكلاؤها الولايات المتحدة في العراق وسوريا والبحر الأحمر، ويتبادل "حزب الله" وإسرائيل الهجمات بحذر على طول الحدود اللبنانية الإسرائيلية.
ويبدو من خلال مهاجمة "البرج 22" في شمال شرق الأردن والتسبب في سقوط عدد من الضحايا أن الميليشيات المدعومة من إيران ترغم إدارة بايدن على اتخاذ خيار صعب. فعليها النظر في دعمها للحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة والمخاطرة بشن هجمات يومية في العراق وسوريا في الفترة الانتخابية التي يعود فيها بايدن إلى مواجهة الرئيس السابق دونالد ترامب في انتخابات عام 2024، أو دفع إسرائيل إلى وقف إطلاق النار ووقف التصعيد في الشرق الأوسط الذي تعتقد طهران أنه ليس لدى الرئيس بايدن أو الشعب الأمريكي الرغبة في تحمله.
ومع ذلك، كما يؤكد اندرو علي انه رهان محفوف بالمخاطر للغاية، ومن المرجح أن يأتي بنتائج عكسية عاجلاً، إن لم يكن آجلاً. إن ما يكرهه الشعب الأمريكي أكثر من الحروب التي لا نهاية لها هو الخروج من دولة منكّسي الرأس. ويتذكر الرئيس بايدن جيداً أن نسبة التأييد الشعبي له انخفضت بشكل حاد خلال الانسحاب الأمريكي الكارثي من أفغانستان من حوالي 60 في المائة إلى نحو 40 في المائة حالياً.
وقد تؤدي طبيعة الهجوم الفتاك إلى ظهور المزيد من الروايات التي تفيد بأن مساعدي بايدن يضغطون على نتنياهو لقبول عرض وقف إطلاق النار الحالي، الأمر الذي يزيد الضغط على بايدن في حزبه الديمقراطي لاتخاذ خيار صعب. ولكن من المرجح أيضاً أن يؤدي ذلك إلى زيادة الضغط على بايدن للرد بقوة أكبر ضد الوكلاء المدعومين من إيران في المنطقة، وهو ما فعله سلفه دونالد ترامب في مقتل قائد "فيلق القدس" التابع "للحرس الثوري الإيراني"، قاسم سليماني. ومن المرجح أن يتم الآن استخدام ردّ ترامب على العدوان الإيراني في المنطقة - على الرغم من توسُّع البرنامج النووي الإيراني - لإظهار فشل مساعي الرئيس بايدن لاحتواء إيران في المنطقة والتأكيد على أنه أصبح من الضروري الآن اتباع نهج جديد أكثر قوة للحفاظ على مكانة الولايات المتحدة وحلفائها في الشرق الأوسط وما يتخطاه.
إن هجمات الميليشيات الإيرانية على القوات الأمريكية في العراق وسوريا ليست بجديدة، فقد تبنت "المقاومة الإسلامية في العراق" حتى تاريخ كتابة هذه السطور 178 هجوماً، ( الارقام في تزايد مستمر )وطوال فترة الصراع في غزة، نفذت الميليشيات المدعومة من إيران مجموعة من الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة ضد القواعد الأمريكية في العراق وسوريا.
وحول قراءة النوايا الإيرانية، يقول اندرو تعد الهجمات الصاروخية أكثر مدعاة للقلق، نظراً لأن افتقارها إلى أنظمة التوجيه يزيد من فرص القتل العارض، الأمر الذي قد يؤدي بدوره إلى رد عسكري أمريكي قوي لم تكن الميليشيات مستعدة له. أما الطائرات المسيّرة فهي أكثر دقة، حيث تتيح للميليشيات تنفيذ هجمات على القوات الأمريكية دون المخاطرة بحدوث تصعيد غير مقصود. وقد غيرت هجمات 28 يناير هذه الديناميكية في نقطة حرجة ولحظة حرجة من النقاش الأمريكي بشأن تواجد القوات الأمريكية في العراق وسوريا.
أولاً، كانت حمولتها الفتاكة كافية لقتل ثلاثة أشخاص وإصابة العشرات، مما أظهر النية الواضحة "للمقاومة الإسلامية في العراق" لقتل أمريكيين - وليس مضايقتهم فقط.
ثانياً، يتّضح من وقوع الهجوم على الأراضي الأردنية أن الميليشيات توسع نطاق أنشطتها لتشمل المملكة الهاشمية، والتي سكانها وحكومتها عالقين بين دعم الولايات المتحدة في سوريا والعراق وبين كون البلاد شريكاً للسلام مع إسرائيل في حين تعارض بشدة أيضاً هجومها على غزة.
ثالثاً، تأتي الهجمات مباشرةً في أعقاب التقارير عن إجراء نقاش سياسي على مدى أشهر من قبل إدارة بايدن حول عمليات نشر قوات أمريكية في سوريا والعراق في المستقبل.
وتتواجد القوات الأمريكية في سوريا بناءً على طلب من الحكومة العراقية في عام 2014 والذي خوّل هذه القوات قانونياً بإعادة الدخول إلى العراق والدخول إلى سوريا - وهو ما رفضت إدارة الرئيس أوباما القيام به رداً على الانتفاضة السورية - لإضعاف تنظيم "داعش " وهزيمته. ومنذ هزيمة التنظيم في سوريا في عام 2019، بقيت القوات الأمريكية في كلا البلدين في إطار التحالف لكبح التنظيم، في حين بقيت الأسباب السياسية التي أدت إلى ظهوره عالقة نتيجة الافتقار إلى تسوية سياسية قابلة للتطبيق بشأن الحرب في سوريا.
واستمر صانعو السياسات الأمريكيون يجادلون حتى الفترة الأخيرة بأن السياسيين العراقيين أرادوا القوات الأمريكية هناك كقوة مقابلة لإيران، التي تساهلت، إلى جانب ميليشياتها، مع وجود القوات الأمريكية حيث ساعدها ذلك على إدارة معركتها الخاصة ضد تنظيم "داعش " والتطرف السني. وفي حين شنت الميليشيات الإيرانية عدداً من الهجمات على القوات الأمريكية في العراق وسوريا في الأشهر التسعة الأولى من عام 2023 - من بينها هجوم مميت بطائرة مسيّرة أدى إلى مقتل مقاول أمريكي في مارس - إلّا أن إدارة بايدن كانت واثقة بأنه قد تم ردع إيران، وأن الوضع الراهن تحت السيطرة وباستطاعة الولايات المتحدة التركيز أخيراً على آسيا كما كان الرئيس أوباما يتمنى قبل خمسة عشر عاماً.
إلا أن حرب غزة غيّرت كل ذلك، حيث تهاجم طهران ووكلاؤها الولايات المتحدة في العراق وسوريا والبحر الأحمر، ويتبادل "حزب الله" وإسرائيل الهجمات بحذر على طول الحدود اللبنانية الإسرائيلية.
ويبدو من خلال مهاجمة "البرج 22" في شمال شرق الأردن والتسبب في سقوط عدد من الضحايا أن الميليشيات المدعومة من إيران ترغم إدارة بايدن على اتخاذ خيار صعب. فعليها النظر في دعمها للحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة والمخاطرة بشن هجمات يومية في العراق وسوريا في الفترة الانتخابية التي يعود فيها بايدن إلى مواجهة الرئيس السابق دونالد ترامب في انتخابات عام 2024، أو دفع إسرائيل إلى وقف إطلاق النار ووقف التصعيد في الشرق الأوسط الذي تعتقد طهران أنه ليس لدى الرئيس بايدن أو الشعب الأمريكي الرغبة في تحمله.
ومع ذلك، كما يؤكد اندرو علي انه رهان محفوف بالمخاطر للغاية، ومن المرجح أن يأتي بنتائج عكسية عاجلاً، إن لم يكن آجلاً. إن ما يكرهه الشعب الأمريكي أكثر من الحروب التي لا نهاية لها هو الخروج من دولة منكّسي الرأس. ويتذكر الرئيس بايدن جيداً أن نسبة التأييد الشعبي له انخفضت بشكل حاد خلال الانسحاب الأمريكي الكارثي من أفغانستان من حوالي 60 في المائة إلى نحو 40 في المائة حالياً.
وقد تؤدي طبيعة الهجوم الفتاك إلى ظهور المزيد من الروايات التي تفيد بأن مساعدي بايدن يضغطون على نتنياهو لقبول عرض وقف إطلاق النار الحالي، الأمر الذي يزيد الضغط على بايدن في حزبه الديمقراطي لاتخاذ خيار صعب. ولكن من المرجح أيضاً أن يؤدي ذلك إلى زيادة الضغط على بايدن للرد بقوة أكبر ضد الوكلاء المدعومين من إيران في المنطقة، وهو ما فعله سلفه دونالد ترامب في مقتل قائد "فيلق القدس" التابع "للحرس الثوري الإيراني"، قاسم سليماني. ومن المرجح أن يتم الآن استخدام ردّ ترامب على العدوان الإيراني في المنطقة - على الرغم من توسُّع البرنامج النووي الإيراني - لإظهار فشل مساعي الرئيس بايدن لاحتواء إيران في المنطقة والتأكيد على أنه أصبح من الضروري الآن اتباع نهج جديد أكثر قوة للحفاظ على مكانة الولايات المتحدة وحلفائها في الشرق الأوسط وما يتخطاه.