في ظل الصراعات السياسية.. النفط الليبي بين تحديات التوزيع وفرص الاستثمار
تعد صناعة النفط في ليبيا من أهم مصادر الدخل الوطني والعائدات المالية للحكومة، إذ تمتلك ليبيا إحتياطيات هائلة من النفط تجعلها من الدول الرائدة في إنتاج النفط على المستوى العالمي ومع ذلك، فإن هذا القطاع يواجه تحديات عديدة تهدد استقراره ونموه المستقبلي.
ومن بين التحديات الرئيسية التي تواجه صناعة النفط في ليبيا، تأتي التوترات السياسية والصراعات المسلحة التي تؤثر سلبًا على عمليات الإنتاج والتصدير، كما تعاني البنية التحتية للصناعة من قلة الاستثمار والصيانة، مما يؤدي إلى تراجع كفاءة الإنتاج وزيادة التكاليف، وقرر حرس المنشآت النفطية في غرب ليبيا إعادة فتح مصفاة الزاوية ومجمع مليته النفطي بعد اجتماع مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس عبدالحميد الدبيبة، في خطوة تهدف إلى استئناف الإنتاج النفطي وضمان استمرارية العائدات النفطية للدولة.
وأصدر منتسبو الحرس بيانين متلفزين ومنفصلين أمام مصفاة الزاوية ومجمع مليته غرب طرابلس يعلنون فيه إعادة الفتح بعد فترة من الإغلاق، مطالبين في الوقت نفسه الحكومة بصرف المستحقات المالية المتأخرة لصالحهم.
فيما قرر الدبيبة تحديد مرتبات منتسبي جهاز حرس المنشآت النفطية وفقاً لجدول المرتبات الموحد لمنتسبي الجيش الليبي، دون إبداء تعليق على قرار إغلاق المنشآت النفطية.
يُذكر أن ليبيا تنتج مليون برميل من النفط الخام يومياً، لكن تعرضت مؤسساتها النفطية لعدة اختراقات خلال السنوات الأخيرة مما أدى في بعض الأحيان إلى توقف مؤقت للإنتاج وتعطيل العائدات النفطية.
وفي خطوة غير مسبوقة، أعلن حرس المنشآت النفطية في ليبيا إغلاق كافة الحقول النفطية في البلاد احتجاجاً على تجاهل الحكومة لمطالبهم وعدم استجابتها للاتفاقيات الموقعة بين الطرفين، مما أثار مخاوف من تداعيات مالية واقتصادية خطيرة.
يعد إغلاق المواقع النفطية في ليبيا ظاهرة مكررة، خاصة في مناطق الجنوب الغنية بالنفط، وذلك بسبب الاحتجاجات المتزايدة على ظروف العيش والصراع السياسي المستمر حول الثروة النفطية.
ومن اللافت أن هذا الإغلاق جاء من جهاز حرس المنشآت النفطية الذي سبق واعتبر في بيان سابق أن أي محاولة لإغلاق الحقول النفطية تعتبر "عملاً ضد المصلحة العامة للدولة والمواطنين".
في سياق متصل، أعلنت حكومة الدبيبة توقف تصدير النفط خلال الحرب على قطاع غزة، وهو قرار يعتبر استجابة للضغوط السياسية من بعض القوى المتورطة في الصراع الليبي.
تأتي
هذه الأحداث في ظل استمرار النزاع السياسي والصراع على السلطة والثروة في
ليبيا، مما يعكس الوضع العام للبلاد الذي لا يزال مستقراً.
ومنذ الإطاحة بنظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011، شهدت ليبيا حالة من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، مما أثر بشكل كبير على قطاع النفط، الذي يعتبر مصدر الدخل الرئيسي للبلاد.
وعلى الرغم من التطورات الإيجابية في قطاع الطاقة، فإن التحديات السياسية والاقتصادية المستمرة تشكل عائقاً أمام تحقيق الاستقرار الشامل والازدهار في البلاد.
بالتالي، يتطلب الوضع الحالي تعاوناً دولياً وتشجيعاً للاستثمارات الأجنبية المستدامة في قطاع الطاقة الليبي، بالإضافة إلى جهود حكومية رامية لتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد، وتعزيز الحوكمة الرشيدة في إدارة الموارد النفطية.