تصاعد عمليات جيش العدل: تهديدات جديدة للأمن في شرق إيران
تفاصيل الهجمات
في الصباح الباكر، وبالتزامن مع الذكرى السنوية لمذبحة مسجد مكي، التي راح ضحيتها حوالي 100 مصلي بلوشي، شن جيش العدل هجومين متزامنين على قاعدتين تابعتين للحرس الثوري. استمرت الاشتباكات لمدة ساعتين، حيث تركزت الهجمات على مواقع الحرس الثوري وفوج الحدود في الميلين 81 و84 في منطقة تهلاب بمدينة ميرجاوه.
استخدمت خلال المعارك أسلحة شبه ثقيلة، بما في ذلك قذائف الهاون وقذائف الآر بي جي، ما أثار الذعر في المنطقة. وتم إرسال قوات عسكرية إضافية من وسط المدينة، مع تحليق طائرات استطلاع بدون طيار فوق مواقع النزاع.
تبني الهجمات
في بيان له، أعلن تنظيم جيش العدل مسؤوليته عن الهجمات، مشيرًا إلى استهداف مركز شرطة دوماغ في مدينة زاهدان. كما أشار البيان إلى أن وحدة القناصة التابعة للتنظيم تمكنت من مهاجمة القاعدة المركزية، ما أسفر عن إصابة اثنين من عناصر الأمن.
وجاء في الإعلان: "التقارير الواردة تفيد بأن القوات الإيرانية أطلقت النار بشكل عشوائي في مختلف الاتجاهات منذ بداية الاشتباكات". وحذر التنظيم القوات العسكرية من مغبة الاستمرار في قمع المظلومين، مشددًا على أن "أي عمل في هذا الاتجاه سيعاقب عليه".
ردود الفعل والأحداث اللاحقة
في صباح الأحد 29 سبتمبر، تعرض حاجز ناحية دوماغ لهجوم مسلح آخر، مما أدى إلى مقتل وإصابة عدد من القوات العسكرية. قائد شرطة زاهدان، شهبور فلاحي، أكد وقوع الحادث وأشار إلى نقل أحد الجنود المصابين إلى المركز الطبي.
كما أُعلن عن استهداف آليتين عسكريتين تابعتين لقوات مرصاد في منطقة مدينة راسك، مع تبني جيش العدل لهذه العمليات.
تحليل الوضع
يعتبر جيش العدل البلوشي من أبرز الجماعات المسلحة التي تنشط في شرق إيران، وتحديدًا في محافظة سيستان وبلوشستان. مع تزايد عملياتهم المسلحة في الأشهر الأخيرة، أصبح من الواضح أن هذه الجماعة تشكل تهديدًا كبيرًا للأمن والاستقرار في المنطقة.
شهدت السنوات الأخيرة تزايدًا ملحوظًا في نشاطات جيش العدل، حيث نفذت الجماعة هجمات منسقة على مواقع عسكرية وأمنية. آخر هذه العمليات كان الهجوم الذي أسفر عن مقتل النقيب أبو القاسم بيري، وهو أحد الضباط البارزين في قيادة الشرطة. هذه الهجمات تتزامن مع تصعيد تاريخي في التوترات الإقليمية، مما يشير إلى أن الجماعة تستغل الظروف الراهنة لزيادة نفوذها.
الأسباب والدوافع
تتعدد أسباب تصاعد نشاطات جيش العدل، أبرزها:
التهميش الاجتماعي والسياسي: تشعر الأقلية البلوشية بالتهميش على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، مما يدفع بعض أعضائها إلى الانضمام إلى الجماعات المسلحة كوسيلة للتعبير عن احتجاجاتهم.
الاستغلال السياسي: يعكس تزايد العمليات رغبة الجماعة في استغلال الأحداث الإقليمية، مثل الصراعات في سوريا والعراق، لتعزيز موقفها في الداخل الإيراني.
ردود الفعل على القمع: تعود بعض العمليات إلى ردود الفعل على القمع الأمني الممارس من قبل الدولة، خاصة في أعقاب ممارسات السلطات خلال الاحتجاجات أو الأحداث المأساوية مثل مذبحة مسجد مكي.
التأثيرات الأمنية
تزايد عمليات جيش العدل له تأثيرات سلبية على الوضع الأمني في المنطقة:
القلق العام: تساهم هذه العمليات في نشر حالة من الخوف والقلق بين السكان المحليين، مما يؤثر على حياتهم اليومية ويحد من الأنشطة الاقتصادية.
استنزاف الموارد الأمنية: تصاعد هذه الهجمات يجبر السلطات الإيرانية على تخصيص مزيد من الموارد لمواجهة التهديدات، مما قد يؤثر على قدرتها على الحفاظ على الأمن في مناطق أخرى.
التوترات العرقية: تعزز عمليات جيش العدل من الانقسامات العرقية، مما قد يؤدي إلى تصاعد النزاعات بين البلوش ومكونات المجتمع الأخرى، مثل الفرس.
يعتبر تنامي عمليات جيش العدل تحديًا كبيرًا للأمن في شرق إيران، ويعكس حالة من عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي. يتطلب هذا الوضع استجابة شاملة تأخذ في الاعتبار الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، بعيدًا عن الحلول الأمنية فقط. فالحل المستدام يتطلب معالجة الأسباب الجذرية للتوترات بدلاً من مجرد التعامل مع الأعراض.
وتعكس هذه الهجمات تصاعد التوترات والصراع بين الجماعات المسلحة والقوات الإيرانية في المنطقة، في وقت حساس يذكّر بمآسي سابقة. تتجه الأنظار الآن إلى التطورات المستقبلية في سيستان وبلوشستان وما قد تحمله من مزيد من العنف والتوترات.