الذباب الإلكترونى والإخوان.. استراتيجية جديدة لتقويض الاستقرار فى مصر

الإثنين 28/أكتوبر/2024 - 02:05 ص
طباعة الذباب الإلكترونى
 
فى العصر الرقمى الذى نعيشه، أصبح الذباب الإلكترونى إحدى أخطر الأدوات التى تُستخدم للتلاعب بالرأى العام وتوجيه العقول. وبينما بدأت شبكات التواصل الاجتماعى كمنصات للتواصل الحر وتبادل الأفكار، وجدت بعض الجماعات، مثل جماعة الإخوان المسلمين، فى هذه المنصات فرصة ذهبية لتعزيز أجندتها عبر ما يُعرف بـ"مزارع الذباب الإلكتروني".
تعتمد هذه الشبكات على حسابات وهمية تعمل بتناغم لنشر الشائعات والأخبار المضللة، وزرع الشكوك حول قرارات الدولة المصرية، وتشويه سمعة الشخصيات العامة، ما يُحدث تأثيرًا واضحًا على ثقة الشعب فى المؤسسات ويزيد من الفُرقة داخل المجتمع.
ورغم تأثيراتها المدمرة، بدأت الدولة المصرية بالتصدى لهذا الخطر عبر استراتيجيات توعية وتعزيز للإعلام الرسمي، بجانب إجراءات قانونية وتقنية تهدف للحد من انتشار هذه الحسابات الوهمية، ليبقى السؤال: هل تنجح هذه الجهود فى مواجهة هذا التهديد الصامت؟
مزارع الذباب الالكترونى
"مزارع الذباب الإلكتروني" هو مصطلح يُستخدم للإشارة إلى مجموعات أو شبكات منظمة تعمل على نشر المعلومات المضللة والدعاية السياسية أو الاجتماعية على الإنترنت، وغالبًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
يُطلق عليها اسم "الذباب الإلكتروني" لأن هذه الحسابات المزيفة تعمل بشكل يشبه أسراب الذباب التى تهاجم بشكل مكثف لإيصال رسائل معينة أو نشر معلومات مضللة، سواء لدعم قضايا معينة أو لمهاجمة جهات وأشخاص بعينهم.
خصائص مزارع الذباب الإلكترونى
تتكون هذه الشبكات من عدد كبير من الحسابات المزيفة، يتم إدارتها من قبل أفراد أو جهات معينة.
تَعمَل هذه الحسابات بتناغم لنشر نفس الرسائل والمحتوى، بحيث يظهر وكأنه صادر من عدد كبير من الأشخاص. تُستخدم هذه الشبكات لشن هجمات على شخصيات عامة، أو لخلق رأى عام معين. تتعمد نشر أخبار كاذبة أو مضللة لخدمة أجندة معينة. تهدف إلى توجيه أو تضليل الرأى العام عن طريق المبالغة أو الترويج لأخبار محددة.
كيفية عملها
تستخدم هذه المزارع تقنيات مثل الروبوتات (البوتات) أو الأدوات البرمجية التى تسهم فى التحكم بعدد كبير من الحسابات المزيفة، مما يجعل عملية نشر الرسائل تتم بشكل سريع وعلى نطاق واسع. ويُشرف على هذه الأنشطة أشخاص ذوو مهارات فى تقنيات المعلومات، ويمكنهم استخدام برامج متطورة لضمان عدم اكتشافها.
أهداف مزارع الذباب الإلكترونى
التأثير على نتائج الانتخابات أو لتشكيل صورة معينة عن سياسيين.
الترويج التجارى لمنتجات أو مهاجمة منتجات منافسة.
التحكم فى السرد الإعلامى للسيطرة على التوجهات العامة حول أحداث معينة أو موضوعات حساسة.
ولهذا فمن المهم توعية المستخدمين حول كيفية التعامل مع مثل هذه الشبكات وتطوير القدرة على تمييز المعلومات الحقيقية من المضللة.
شباب الإخوان الإلكتروني
جماعة الإخوان المسلمين، كغيرها من الجماعات التى تسعى للتأثير على الرأى العام، تلجأ إلى استخدام مزارع الذباب الإلكترونى كأداة فعالة لنشر رسائلها وتوجيه الرأى العام، خاصة فى بيئة مثل الإنترنت حيث يمكن إيصال الرسائل بسرعة وعلى نطاق واسع.
وتركز الجماعة على الاستفادة من هذه التقنيات فى توجيه الرأى العام المصرى من خلال عدة استراتيجيات:
١) نشر الإشاعات والمعلومات المضللة:
تستخدم الجماعة حسابات وهمية لنشر الأخبار المضللة والإشاعات حول الحكومة المصرية والسياسات العامة، بهدف زرع الشكوك والتشكيك فى جهود الدولة.
تعتمد أحيانًا على تضخيم أحداث معينة، مثل الأخطاء الحكومية أو الأزمات الاقتصادية، لتبدو الأمور أكثر سوءًا مما هى عليه فى الواقع، مما يُؤثر على ثقة المواطنين بالحكومة.
٢) استهداف شخصيات عامة وإعلامية:
تتبع الجماعة سياسة الهجوم على الشخصيات الإعلامية أو السياسية التى تُنتقدها أو تناهض أجندتها، باستخدام حسابات كثيرة تتحد فى نشر رسائل موحدة لهدم مصداقية هذه الشخصيات.
يستغلون مزارع الذباب الإلكترونى لخلق انطباع بأن الرأى العام المصرى يتفق معهم فى انتقاد هذه الشخصيات.
٣) الترويج لأجندة الجماعة:
تُستغل هذه الشبكات لنشر الرسائل التى تدعم رؤية وأفكار الجماعة، وترويج أن حلولهم هى الأفضل لمشاكل البلد.
يتم استغلال مواقع التواصل الاجتماعى للترويج لمبادرات أو شخصيات تابعة للجماعة، مع التركيز على تحسين صورتها كبديل سياسي.
٤) التلاعب فى الأحداث الجارية:
عند وقوع أحداث كبيرة أو أزمات (مثل التظاهرات أو القرارات الاقتصادية)، تعمل حسابات الذباب الإلكترونى على توجيه النقاشات العامة تجاه رؤية الجماعة، ومحاولة توجيه الناس للنظر إلى الأحداث من زاوية معينة تعزز من موقف الجماعة وتضعف الموقف الرسمي.
٥) التلاعب فى نتائج استطلاعات الرأي:
أحيانًا، يتم استخدام الذباب الإلكترونى للتلاعب فى استطلاعات الرأى على الإنترنت التى تتناول قضايا حساسة، وذلك عبر التصويت المكثف لتوجيه النتائج بحيث تعكس توجهات الجماعة.
٦) التواجد فى المجتمعات الإلكترونية:
يعتمدون على خلق مجموعات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعى التى تجمع المهتمين بقضايا معينة، حيث يتم نشر رسائل داعمة لأفكارهم، ومع الوقت تتسرب هذه الرسائل بشكل غير مباشر إلى المتابعين.
أهداف هذه الاستراتيجيات
تسعى جماعة الإخوان المسلمين من خلال هذه الأنشطة إلى التأثير على استقرار النظام الحاكم فى مصر، وتحفيز الرأى العام ضد سياسات الحكومة، مع الإيحاء بأن الجماعة هى الخيار الأمثل لمستقبل البلاد.
استخدام جماعة الإخوان لمزارع الذباب الإلكترونى له تأثيرات سلبية على الشعب والدولة المصرية، ويؤدى إلى تحديات متعددة على الصعيدين الاجتماعى والسياسي. وفى المقابل، تعتمد الدولة على عدة استراتيجيات لمواجهة هذا التهديد.
أثر هذا على الشعب والدولة المصرية:
١) زيادة الفُرقة والاستقطاب المجتمعى:
يُساهم نشر الإشاعات والمعلومات المضللة فى تقسيم الشعب، حيث تتفاقم النزاعات بين مؤيدى الحكومة ومعارضيها، مما يزيد من الاستقطاب داخل المجتمع ويضعف الوحدة الوطنية.
قد تنشأ حالة من عدم الثقة بين فئات الشعب، ما يُضعف النسيج الاجتماعى ويجعل المجتمع أكثر عُرضة للتأثيرات الخارجية.
٢) التأثير على الاستقرار السياسى والاقتصادى:
تنتشر الشائعات حول الوضع الاقتصادى والأمنى فى مصر بهدف زعزعة الثقة فى الدولة، مما يُسبب قلقًا عامًّا ويُضعف الثقة بين الحكومة والشعب.
يؤدى هذا إلى تعطيل بعض مشاريع التنمية، وتأثير سلبى على استثمارات القطاع الخاص والسياحة، ما قد يؤثر سلبًا على الاقتصاد.
٣) زرع الشك وعدم الثقة فى الإعلام الرسمي:
يُستخدم الذباب الإلكترونى لتشويه سمعة الإعلام الرسمى والرسائل الحكومية، مما يدفع بعض الأفراد للجوء إلى مصادر غير موثوقة بحثًا عن معلومات بديلة.
هذا يخلق بيئة إعلامية مضطربة ويجعل من الصعب على الشعب التمييز بين الأخبار الحقيقية والمضللة.
٤) التشكيك فى جهود الدولة ومشاريعها:
تعمل الجماعة على نشر أفكار تقلل من قيمة مشاريع التنمية الوطنية، ما قد يُثنى المواطنين عن دعمها ويُضعف الروح الوطنية اللازمة للنجاح فى هذه المشاريع.
كيفية مواجهة الدولة والمجتمع لمزارع الذباب الإلكتروني؟:
١) التوعية الإعلامية:
يجب على الدولة تعزيز حملات التوعية لتوضيح خطورة الذباب الإلكترونى وكيفية عمله، وتثقيف المواطنين حول كيفية التمييز بين المعلومات الحقيقية والمضللة.
يتم تشجيع الأفراد على الاعتماد على المصادر الرسمية للمعلومات وعدم الانسياق وراء الأخبار التى لا مصدر لها أو غير موثوقة.
٢) تعزيز دور الإعلام الرسمى والمستقل:
تعزيز الإعلام الوطنى ليصبح أكثر شفافية ومصداقية فى نقل الأخبار، مما يجعل من الصعب على الشائعات التأثير فى الرأى العام.
تشجيع الصحافة المستقلة والمحايدة التى تُساهم فى خلق بيئة إعلامية متوازنة.
٣) التشريعات والقوانين:
تطوير قوانين تجرّم نشر الأخبار الكاذبة وإدارة حسابات وهمية، مع فرض عقوبات صارمة على من يثبت تورطهم فى نشر الشائعات.
التعاون مع شركات التواصل الاجتماعى لتحديد وإغلاق الحسابات المزيفة التى تُمارس هذه الأنشطة.
٤) تطوير قدرات تقنية للمراقبة والرد:
تستثمر الدولة فى تطوير تقنيات لرصد الذباب الإلكترونى وتحليل نشاطه فى الوقت الحقيقي، والتعرف على الحسابات الوهمية وإيقافها.
بناء فريق متخصص للرد بشكل سريع على الشائعات وتوضيح الحقائق فور انتشار أى أخبار كاذبة.
٥) تنمية مهارات التفكير النقدى لدى الأفراد:
من المهم أن يتعلم المواطنون كيفية تحليل الأخبار بشكل نقدى وتجنب الوقوع فى فخاخ التضليل. يمكن تحقيق ذلك عبر إدخال مواد تعليمية فى المدارس والجامعات تهدف إلى تعزيز التفكير النقدى والوعى المعلوماتي.
٦) التعاون الدولي:
يمكن للدولة التعاون مع دول أخرى لمكافحة ظاهرة الذباب الإلكتروني، خاصة مع تزايد تهديد الشبكات العالمية التى تسعى للتأثير على السياسات المحلية.

شارك