خلافات بين الدول الأعضاء بقوة المهام المشتركة: أزمة جديدة في مواجهة الإرهاب بحوض بحيرة تشاد

في خطوة مفاجئة، أعلنت النيجر عن تعليق مشاركتها في قوة المهام المشتركة المتعددة الجنسيات التي تأسست عام 1994 لمكافحة انعدام الأمن في منطقة حوض بحيرة تشاد.
هذا القرار يأتي في وقت حساس، حيث تواجه المنطقة تهديدات مستمرة من الجماعات الإرهابية، أبرزها جماعة بوكو حرام.
بالإضافة إلى ذلك، هددت تشاد بالانسحاب من القوة في نوفمبر 2024، مما يعكس التوترات المتزايدة بين الدول الأعضاء في القوة ويعقد من جهود مكافحة الإرهاب في المنطقة.
تأسيس قوة المهام المشتركة المتعددة الجنسيات
في عام 1994، أنشأت لجنة حوض بحيرة تشاد قوة المهام المشتركة المتعددة الجنسيات لمكافحة تهديدات الإرهاب في المنطقة، حيث انضمت خمس دول هي الكاميرون وتشاد والنيجر ونيجيريا وبنين.
كانت القوة تمثل خطوة هامة نحو تعزيز التعاون الإقليمي لمكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن عبر الحدود الوطنية، خاصة في ظل المخاوف المتزايدة من تزايد نشاط جماعات مثل بوكو حرام.
تعزيز القوة في مواجهة تهديدات بوكو حرام
على الرغم من التحديات الداخلية والتوترات بين الدول الأعضاء، تم إعادة تنشيط قوة المهام المشتركة في عام 2014 بعد تصاعد الهجمات الإرهابية التي شنتها جماعة بوكو حرام.
القوة استهدفت بشكل رئيسي محاربة بوكو حرام، التي كانت قد سيطرت على مناطق واسعة في شمال شرق نيجيريا وهددت البلدان المجاورة مثل تشاد والكاميرون.
وفي هذا السياق، تمكنت القوة من تحقيق نجاحات كبيرة في تعطيل عمليات الجماعة الإرهابية، بما في ذلك تدمير قواعدها وتأمين المناطق المحتلة.
التحديات المستمرة والتهديدات
على الرغم من النجاح النسبي، لا تزال جماعة بوكو حرام تحتفظ بقدرة كبيرة على التأثير في المنطقة. فقد أظهرت الجماعة مرونة لافتة، وتستمر في شن الهجمات في مناطق مختلفة من دول حوض بحيرة تشاد.
بيانات معهد دراسات الأمن تشير إلى وقوع العديد من الهجمات المميتة في أواخر عام 2024، حيث تعرضت نيجيريا، النيجر، تشاد، والكاميرون لهجمات متواصلة من الجماعة.
في أكتوبر 2024، تعرض الجيش التشادي لعدة هجمات من بوكو حرام أسفرت عن مقتل أكثر من 40 جنديا، مما أثار غضب السلطات التشادية.
في هذا السياق، أطلقت تشاد عملية هاسكانيت الخاصة لملاحقة الإرهابيين، ولكنها أعربت عن استيائها من عدم تقديم الدعم الكافي من الدول الأعضاء الأخرى في قوة المهام المشتركة.
تزايد التوترات: تعليق النيجر وتهديد تشاد بالانسحاب
في أعقاب الانقلاب الذي وقع في النيجر في يوليو 2023، أعلنت النيجر تعليق مشاركتها في قوة المهام المشتركة المتعددة الجنسيات.
كما هددت تشاد في نوفمبر 2024 بالانسحاب من القوة في ظل الشعور بأن الدعم الإقليمي لم يكن كافيا لمواجهة التهديدات المستمرة في منطقة بحيرة تشاد.
هذه التهديدات بالانسحاب تعكس التوترات الداخلية بين الدول الأعضاء وتسلط الضوء على هشاشة التعاون الإقليمي.
التحديات الهيكلية والمالية
تواجه قوة المهام المشتركة المتعددة الجنسيات تحديات عدة تشمل نقص المعدات والموارد اللازمة للانتشار الفعال في المناطق المعقدة مثل الجزر والمستنقعات، فضلا عن الصعوبات في مكافحة العبوات الناسفة والتفجيرات الانتحارية التي تستخدمها الجماعات الإرهابية.
كما أن التمويل الكافي والقدرة على تنسيق العمليات العسكرية بين الدول الأعضاء يشكلان عائقا كبيرا أمام تنفيذ المهمات بشكل فعال.
الحاجة إلى استراتيجية شاملة
يتعين على دول حوض بحيرة تشاد أن تعمل معا لمواجهة هذه التحديات بشكل شامل. يجب تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في القوة وتوجيه مزيد من الجهود لمكافحة الإرهاب وتحقيق الاستقرار في المنطقة.
كما يجب أن تستثمر الدول بشكل أكبر في استراتيجيات تنموية لزيادة التكامل الإقليمي وتعزيز أمن الحدود، إلى جانب تحسين القدرة على إدارة الموارد المائية بشكل مستدام.
الدعم الدولي
وفي هذا السياق، يجب على المجتمع الدولي تقديم دعم أكبر لقوة المهام المشتركة المتعددة الجنسيات، سواء من خلال تقديم المساعدات الفنية أو التمويل اللازم لتعزيز قدرات القوة على مواجهة التهديدات الإرهابية.
إضعاف هذه القوة سيزيد من خطر التطرف العنيف في المنطقة، مما يهدد استقرار الدول الأعضاء وأمن المنطقة ككل.
مع تزايد التحديات الداخلية والتهديدات الأمنية المستمرة من جماعات مثل بوكو حرام، تواجه قوة المهام المشتركة المتعددة الجنسيات أزمة حقيقية قد تؤثر على مستقبل أمن حوض بحيرة تشاد.
يتعين على الدول الأعضاء في اللجنة بذل مزيد من الجهود لتسوية الخلافات، وتعزيز التنسيق الإقليمي، والحفاظ على استقرار المنطقة في مواجهة التهديدات العابرة للحدود.