أزمة الهجرة غير النظامية في ليبيا تتصاعد وسط حملات أمنية لملاحقة شبكات التهريب
الأربعاء 29/يناير/2025 - 11:30 ص
طباعة

تشهد ليبيا تصاعدًا ملحوظًا في عمليات الهجرة غير النظامية، في ظل أوضاع أمنية متوترة وتحديات مستمرة تواجهها السلطات في مختلف المناطق.
وفي هذا السياق، أعلنت الأجهزة الأمنية في شرق ليبيا عن تفكيك شبكة متورطة في تنظيم عمليات الهجرة غير الشرعية نحو الشواطئ الأوروبية، ما يعكس استمرار الأنشطة الإجرامية التي تستغل هشاشة الوضع الأمني في البلاد.
ووفقًا لما أفاد به جهاز المباحث الجنائية في بنغازي، فقد تمكنت وحدة التحريات من إلقاء القبض على أربعة أشخاص يحملون إحدى الجنسيات العربية، بعد رصد ومتابعة دقيقة لنشاطهم.
وأظهرت التحقيقات أن هؤلاء الأشخاص كانوا على صلة بشبكات تهريب تعمل على تسهيل عبور المهاجرين من ليبيا إلى أوروبا عبر البحر، كما تبين أنهم مطلوبون لدى الإدارة العامة للعمليات الأمنية.
وبعد استكمال الإجراءات الأولية، تم تحويلهم إلى الجهات المختصة لاستكمال التحقيقات واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم.
في السياق ذاته، نفذت وزارة الداخلية التابعة لحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة عملية أمنية أسفرت عن ضبط شخصين متورطين في قضايا الهجرة غير النظامية وعمليات احتيال مرتبطة بها، أحدهما عراقي الجنسية والآخر ليبي.
وخلال التحقيقات، اعترف الموقوفان بتورطهما في هذه الأنشطة، وتمكنت السلطات من استعادة المبالغ المالية التي حصلوا عليها من ضحاياهم، قبل اتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.
التطورات الأخيرة تتزامن مع تصاعد عمليات الإنقاذ قبالة السواحل الليبية، حيث أعلنت المنظمة الدولية للهجرة عن إنقاذ 1313 مهاجرًا غير نظامي خلال الأسبوع الماضي، بينهم 160 امرأة وأكثر من 60 طفلًا، فيما تم انتشال جثتين لمهاجرين فقدوا حياتهم أثناء محاولتهم عبور البحر المتوسط.
وأشارت المنظمة إلى أن إجمالي عدد المهاجرين الذين تم إنقاذهم وإعادتهم إلى ليبيا منذ بداية العام الحالي بلغ 1806 أشخاص، بينما لقي 32 مهاجرًا مصرعهم خلال محاولات العبور.
وتواجه ليبيا تحديات أمنية معقدة فيما يتعلق بملف الهجرة غير النظامية، حيث تستغل شبكات التهريب حالة عدم الاستقرار والانقسام السياسي في البلاد لتكثيف أنشطتها.
وتؤكد السلطات الليبية أنها تعمل بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة على تنفيذ برامج لإعادة المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية عبر ما يُعرف ببرنامج "الهجرة الطوعية"، الذي ساهم منذ عام 2015 في إعادة أكثر من 80 ألف مهاجر إلى دولهم الأصلية.
ورغم هذه الجهود، لا يزال عدد كبير من المهاجرين محتجزين في مراكز رسمية وغير رسمية داخل ليبيا، حيث تشير التقديرات إلى وجود نحو 5000 مهاجر في مراكز احتجاز رسمية، بينما يظل العدد الفعلي غير معلوم بسبب انتشار مراكز احتجاز غير معلنة وسجون سرية تديرها جهات مختلفة.
ورغم الجهود الأمنية لمحاربة تهريب البشر، لا تزال التقارير الحقوقية تشير إلى استمرار الانتهاكات بحق المهاجرين، حيث يتعرضون لظروف احتجاز قاسية وسوء معاملة في بعض المراكز.
وتواجه السلطات الليبية ضغوطًا دولية متزايدة لمعالجة هذا الملف وسط دعوات لتعزيز الرقابة الأمنية، وتحسين الأوضاع الإنسانية داخل مراكز الإيواء، والعمل على تفكيك الشبكات الإجرامية التي تستغل معاناة المهاجرين لتحقيق مكاسب مالية.
في ظل هذه التطورات، يظل ملف الهجرة غير النظامية أحد التحديات الكبرى التي تواجه ليبيا، حيث يتطلب معالجة جذرية تتجاوز الحلول الأمنية لتشمل تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية في دول المصدر، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة تهريب البشر وحماية حقوق المهاجرين.