تحرير 263 مهاجرًا في ليبيا.. ضربة أمنية لشبكات تهريب البشر

الخميس 30/يناير/2025 - 12:22 م
طباعة تحرير 263 مهاجرًا أميرة الشريف
 
في عملية أمنية نوعية، أعلنت السلطات الليبية، عن تحرير 263 مهاجرًا غير شرعي من جنسيات أفريقية كانوا محتجزين في ظروف إنسانية وصحية متردية على يد تشكيل عصابي متخصص في تهريب البشر وابتزاز ذويهم عبر طلب فدية مالية لقاء إطلاق سراحهم.
وأوضح جهاز البحث الجنائي الليبي، فرع الواحات، في بيان رسمي، أنه تم تنفيذ مداهمة دقيقة لمزرعة تقع في بلدية إجخرة بشرق البلاد، ما أسفر عن إلقاء القبض على شخصين من أفراد العصابة، أحدهما مالك المزرعة التي كانت تستخدم كمركز احتجاز غير شرعي للمهاجرين، مؤكدا  استمرار الجهود الأمنية لتعقب بقية أفراد التشكيل العصابي وضبطهم.
وذكر البيان أن المهاجرين المحرَّرين ينحدرون من دول أفريقية عدة، أبرزها إريتريا والصومال وإثيوبيا، وكان بعضهم محتجزًا منذ ثمانية أشهر في ظروف بالغة القسوة. 
وكشفت التحقيقات الأولية أن العصابة كانت تطالب أسر المحتجزين بدفع فدية مالية تتراوح بين 10 آلاف و17 ألف دولار للإفراج عنهم، ما يشير إلى حجم الانتهاكات التي تعرضوا لها.
وتُعد ليبيا نقطة عبور رئيسية للمهاجرين غير الشرعيين القادمين من دول أفريقيا جنوب الصحراء في محاولاتهم للوصول إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط.
 ونتيجة للاضطرابات السياسية والانفلات الأمني الذي تعيشه البلاد منذ عام 2011، باتت ليبيا بيئة خصبة لنشاطات التهريب والاتجار بالبشر، حيث تستغل العصابات الإجرامية حالة الفوضى لجني أرباح طائلة على حساب معاناة المهاجرين.
وتواجه السلطات الليبية تحديات كبيرة في التعامل مع هذه الظاهرة، حيث تعاني الأجهزة الأمنية من نقص في الإمكانيات اللوجستية، فضلًا عن الانقسام السياسي الذي يعيق جهود مكافحة الجريمة المنظمة. 
وعلى الرغم من المحاولات المستمرة لمكافحة تهريب البشر، لا تزال هذه الشبكات تنشط في عدة مناطق، خصوصًا في الجنوب الصحراوي والساحل الشمالي، حيث تُستخدم المزارع والمخازن كمراكز احتجاز سرية.
تسعى المنظمات الدولية، مثل المنظمة الدولية للهجرة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إلى تقديم الدعم للسلطات الليبية في التصدي لعمليات تهريب البشر وإنقاذ المهاجرين من الاستغلال. 
ومع ذلك، يواجه العاملون في المجال الإنساني صعوبات كبيرة في الوصول إلى المهاجرين المحتجزين في مراكز سرية تديرها عصابات التهريب.
من جانبها، تبذل دول الاتحاد الأوروبي جهودًا حثيثة للحد من تدفق المهاجرين عبر السواحل الليبية، وذلك من خلال دعم حرس السواحل الليبي وبرامج إعادة المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية، إلا أن هذه الجهود تصطدم بانتقادات حقوقية، إذ يُتهم بعض حرس السواحل الليبيين بالتورط في انتهاكات ضد المهاجرين، بما في ذلك الاحتجاز التعسفي وسوء المعاملة.
يروي المهاجرون الناجون من قبضة المهربين شهادات صادمة عن الانتهاكات التي تعرضوا لها خلال احتجازهم، بما في ذلك التعذيب وسوء التغذية والعمل القسري.
 وتُشير التقارير الحقوقية إلى أن بعض المهاجرين المحتجزين يُجبرون على التواصل مع عائلاتهم عبر مكالمات هاتفية لإجبار ذويهم على دفع الفدية المطلوبة.
ويعاني العديد من الناجين من صدمات نفسية حادة نتيجة التجارب القاسية التي مروا بها، ما يستدعي تقديم دعم نفسي وطبي عاجل لهم.
 وفي ظل غياب منظومة حماية فعالة، يظل المهاجرون عرضة لمخاطر الاحتجاز القسري والاستغلال في ليبيا.
في ظل هذه التطورات، تتزايد المطالبات بضرورة تكثيف الجهود الأمنية لملاحقة عصابات التهريب وتقديم أفرادها إلى العدالة، فضلًا عن تعزيز التعاون الإقليمي والدولي لمواجهة هذه الظاهرة.
 كما يدعو الخبراء إلى ضرورة تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في بلدان المهاجرين الأصلية للحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية من جذورها.
ويبقى ملف الهجرة غير الشرعية في ليبيا أحد أكثر القضايا تعقيدًا، حيث يتداخل فيه العامل الأمني مع الأبعاد الإنسانية والسياسية، مما يستوجب حلولًا شاملة تأخذ في الاعتبار حقوق المهاجرين وسلامتهم، إلى جانب جهود ضبط الحدود ومكافحة الجريمة المنظمة.

شارك