خطاب زعيم طالبان .. هل ينجح في تحسين العلاقات مع المجتمع الدولي؟
الجمعة 28/مارس/2025 - 06:30 ص
طباعة

في رسالة بمناسبة عيد الفطر، أكد زعيم طالبان، هيبة الله أخوندزاده، رغبة الجماعة في إقامة علاقات قوية مع العالم الإسلامي تقوم على مبدأ "الأخوة الإسلامية"، إلى جانب علاقات "جيدة ومفيدة" مع الدول الأخرى، وفقًا لمبادئ الجماعة.
ودعا أخوندزاده المجتمع الدولي إلى احترام معتقدات الشعب الأفغاني، وعدم التدخل في شؤون البلاد الداخلية، مشددًا على أهمية الاستقرار والأمن والتقدم. كما أعرب عن دعمه لأداء وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، متجاهلاً الانتقادات الموجهة إليها بشأن انتهاكات حقوق الإنسان، واعتبر أن عملها يهدف إلى منع الفساد وتحقيق الإصلاح الاجتماعي.
وأضاف أن جهود هذه الوزارة ساهمت في تقليل "مستوى الشر"، مشجعًا إدارات طالبان والمواطنين على التعاون مع مفتشيها للقضاء على الفساد. ومع ذلك، تتهم منظمات حقوق الإنسان هذه الوزارة بانتهاكات واسعة، لا سيما ضد النساء والفتيات، كما تواجه اتهامات باحتجاز الأفراد تعسفيًا ومضايقة النساء في الأماكن العامة.
وفي جزء آخر من رسالته، دعا زعيم طالبان إلى وحدة الصف بين الجماعة والشعب الأفغاني، مشيرًا إلى أن البلاد شهدت سنوات طويلة من الصراعات والحروب، ولكنها أصبحت الآن تتمتع بالاستقرار. وأكد أن الوضع الأمني أصبح مضمونًا، مستذكرًا المعاناة التي عاشها الأفغان خلال العقود الماضية، حيث كانت البلاد تشهد عمليات قصف واعتقالات، في حين أن الوضع الراهن، وفقًا له، يمثل تحولًا نحو الأمن والازدهار.
كما شدد على أن طالبان تعمل على تحسين الأوضاع الاقتصادية عبر إطلاق مشاريع تنموية، داعيًا علماء الدين إلى شرح قوانين الجماعة، خاصة فيما يتعلق بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحثّهم على تعزيز التزام المجتمع بهذه القوانين.
ورغم دعوته إلى إقامة علاقات جيدة مع العالم، لم يبدِ زعيم طالبان أي استعداد لقبول الشروط الدولية لتطبيع العلاقات، مثل رفع القيود المفروضة على النساء وتشكيل حكومة شاملة. ويُذكر أن طالبان فرضت قيودًا صارمة على حقوق النساء والفتيات، بينما تُوصف حكومتها بأنها تفتقر إلى التنوع العرقي واللغوي والديني.
ويبدو من خلال لغة خطاب زعيم طالبان تمسكه بالأطر المفاهيمية واللغوية التي تعبر عن أيدولوجيا الحركة، حيث إنه يلجأ إلى توظيف اللغة الدينية لتعزيز شرعية حكم طالبان، مثل الإشارة إلى "الأخوة الإسلامية" و"نعمة الأمن"، إضافة إلى توظيف مصطلحات مثل "إصلاح الناس" و"منع الفساد" لتبرير سياسات الجماعة المثيرة للجدل.
ويحاول زعيم طالبان في خطابه التأكيد على أن حكومة طالبان نجحت في تحقيق الاستقلالية والسيادة الوطنية، ورفض التدخل الأجنبي، و تقديم طالبان كحامية للأمن والاستقرار بعد سنوات من الحرب، فضلا عن محاولة تحسين صورة وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر رغم الانتقادات الواسعة.
واللافت في خطاب زعيم طالبان الأخير، وهو التأكيد على ضرورة تحسين العلاقات مع المجتمع الدولي أو العالم الخارجي، وذلك على الرغم من تمسك الحركة بسياسات تثير استياء المجتمع الدولي، في ظل الرفض للشروط الدولية، مثل حقوق المرأة وتمثيل شامل في الحكومة.
ويبدو من خلال خطاب زعيم طالبان أنه ليس لديه أية استعدادات لتقديم أي تنازلات أو تغيير في السياسات التي تنتهجها الحركة لتحسين العلاقات مع المجتمع الدولي، لكنه يريد من المجتمع الدولي أن يتقبل الحركة كما هي وأن يتقبل سياساتها وإن كانت تخالف قناعات العالم الذي يريد أن يندمج فيه.
وفي ظل الانتقادات المستمرة من جانب المجتمع الدولي لسياسات طالبان، لايبدو أن هناك إمكانية للتوافق، في ظل تجاهل الحركة لكل المطالبات المتهلقة بحقوق الإنسان ورفع القيود التي تم فرضها على المرأة الأفغانية خاصة فيما يتعلق بالتعليم، إضافة إلى ملف الحريات الذي يشهد مزيدًا من التضييق.
وقد خلا الخطاب الذي ألقاه زعيم طالبان من اي رسائل طمأنة للمجتمع الدولي بشأن الملفات الخلافية، كما أنه بم يقدم ايضًا رسائل طمأنة للداخل رغم الاعتراضات المستمرة على القيود المفروضة، لكن الخطاب ركز فقط على استحسان السياسات الحالية لترسيخ حكم طالبان مهما كانت تتسبب في غضب شعبي.
كما أن خطاب زعيم طالبان يؤسس لقاعدة تبدو راسخة لديه، والتي تتمثل في أن اي علاقات تقيمها طالبان سواء مع الدول الإسلامية أو الدول الأخرى سوف تكون وفقا لـ"مبادئ الجماعة"، وهو الأمر الذي يشير إلى أن دعوة التقارب وتحسين العلاقات مع المجتمع الدولي لن يتوفر لها مايجعلها قابلة للتنفيذ ن جانب الحركة.