عقوبات أمريكية جديدة تطال كبار ممولي "حزب الله" في طهران وبيروت

الأحد 18/مايو/2025 - 11:55 ص
طباعة عقوبات أمريكية جديدة فاطمة عبدالغني
 
في خطوة جديدة ضمن استراتيجية الضغط القصوى على إيران ووكلائها، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، عبر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC)، عن فرض عقوبات على شبكة مالية واسعة تدعم "حزب الله" اللبناني المدعوم إيرانيًا، وتأتي هذه الخطوة في وقت حساس يعيد فيه الحزب ترتيب أوراقه المالية والتنظيمية بعد خسائر تكبّدها في أعقاب الصراع العسكري مع إسرائيل.
أهداف العقوبات: تجفيف منابع التمويل
ركزت العقوبات الجديدة على أربعة أفراد رئيسيين يتولون أدوارًا حيوية في تمويل "حزب الله"، اثنان منهم يشغلان مواقع قيادية بارزة، بينما الآخران يقدّمان تسهيلات مالية حيوية من داخل إيران ولبنان، هؤلاء الأفراد مسؤولون عن تنسيق تحويلات مالية بمبالغ ضخمة للحزب تشمل تبرعات خارجية وتمويلًا إيرانيًا مباشرًا، بالإضافة إلى إدارة الأموال الخاصة بعمليات الحزب وأنشطته عبر فروعه في مختلف أنحاء العالم بما في ذلك أفريقيا ونيجيريا.
الرسالة السياسية والأمنية:
أوضح مايكل فولكندر نائب وزير الخزانة الأمريكية، أن هذه الإجراءات تأتي في إطار "مواصلة الضغط الاقتصادي على الكيانات والشخصيات المرتبطة بالإرهاب الإيراني"، وأكد أن الحزب لا يزال يعتمد على شبكة معقدة من الوسطاء الماليين، سواء داخل إيران أو في دول مثل لبنان ونيجيريا، مما يتطلب استجابة أمريكية صارمة ومستمرة.
الشخصيات المستهدفة بالعقوبات
1. معين دقيق العاملي (لبناني مقيم في إيران)
يُعد العاملي ممثلًا بارزًا لحزب الله في مدينة قم الإيرانية، وله ارتباطات قوية مع كبار مسؤولي الحزب منذ عام 2001، ويقوم بتنسيق تسليم الأموال من إيران إلى لبنان، حيث تتولى شخصيات مثل جهاد العلمي (الذي تم تجميد أصوله أيضًا) توزيع التمويل على وحدات الحزب، الجدير بالذكر أن العاملي نسق تحويل 50 ألف دولار إلى لبنان خلال حرب غزة 2023-2024 لدعم حركات موالية.
2. جهاد العلمي (لبناني)
مسؤول مالي بارز في حزب الله، مرتبط مباشرة بمكتب الأمين العام الراحل حسن نصر الله، ويتولى مسؤولية توزيع الأموال القادمة من إيران عبر قنوات العاملي وغيرها، ما يجعله عنصرًا محوريًا في البنية المالية للحزب داخل لبنان.
3. فادي نعمة (لبناني)
محاسب وشريك تجاري للقيادي المالي الكبير إبراهيم علي ضاهر، الذي سبق وتم فرض عقوبات عليه في مايو 2021، ويمتلك حصة في شركة Auditors for Accounting and Auditing، التي تقدم خدمات مالية لحزب الله، وتُعد واجهة تمويلية أساسية لعملياته.
4. حسن عبد الله نعمة (لبناني)
قيادي مالي في حزب الله يُشرف على تدفقات مالية بملايين الدولارات من وإلى أفريقيا، بما في ذلك تحويلات مباشرة إلى "الحركة الإسلامية النيجيرية" الموالية للحزب، ويمتلك شبكة علاقات وثيقة مع الصف القيادي الأول داخل الحزب، ويُعد حلقة وصل محورية بين الحزب وشبكاته الخارجية.
الإطار القانوني: 
جاءت هذه العقوبات ضمن الأمر التنفيذي 13224 المعدّل، الذي يُخوّل الحكومة الأمريكية بتجميد أصول الأفراد والكيانات التي تقدم دعمًا ماديًا أو ماليًا للمنظمات الإرهابية المصنفة مثل "حزب الله"، الذي تم تصنيفه كـ "إرهابي عالمي بشكل خاص" منذ أكتوبر 2001.
كما تُعزّز هذه الخطوة تنفيذ مذكرة الأمن القومي الرئاسية رقم 2 (NSPM-2)، والتي تنص على استراتيجية "الضغط الأقصى" ضد إيران وأذرعها المسلحة في الشرق الأوسط.
وختامًا، تمثل هذه العقوبات الأمريكية ضربة نوعية لشبكة تمويل حزب الله، إذ تستهدف الأفراد الذين يشكلون الحلقة الوسيطة بين إيران والحزب، ومع تركيز الجهد الأمريكي على العمليات المالية بدلاً من المواجهة العسكرية المباشرة، فإن هذه الاستراتيجية تهدف إلى خنق الحزب ماليًا وإضعاف قدراته على التوسع أو التخطيط لعمليات إقليمية.
ويرى مراقبون أن التنسيق بين الخزانة الأمريكية وأجهزتها الاستخباراتية نجح في رصد تحركات وتدفقات مالية كانت تمر عبر قنوات سرية، بعضها بواجهات قانونية (مثل شركات محاسبة) والآخر عبر شخصيات مقيمة في إيران، ما يُعد مؤشرًا على دقة العمل الاستخباراتي الأمريكي وقدرته على كشف أخطر شبكات تمويل الإرهاب العابر للحدود.

شارك