تقرير امريكي يحذر من 9000 داعشي مسجون لدي "قوات سوريا الديمقراطية"

الثلاثاء 27/مايو/2025 - 02:13 م
طباعة تقرير امريكي يحذر روبير الفارس
 
نجح تنظيم "داعش"، لأول مرة منذ سقوط نظام الأسد، في استهداف السلطات السورية الجديدة، عبر هجوم بسيارة مفخخة استهدف مركزاً أمنياً في بلدة ميدان الشرقية في 18  مايو الجاري، أسفر عن مقتل خمسة أشخاص. وسواء كان الهجوم مقصوداً أم لا، فقد تزامن مع تطورات مهمة أخرى في الملف السوري. وقد وقع الهجوم بعد يوم واحد من اشتباك القوات الحكومية مع خلية تابعة لتنظيم "داعش" في حلب في أول كمين من نوعه منذ مارس، وأقل من أسبوع على  لقاء ترامب بالرئيس الشرع  في الرياض، إضافة إلى أنه جاء عقب بدء انسحاب القوات الأمريكية من سوريا في منتصف أبريل. وعلى الرغم من أن وجود تنظيم "داعش" على المحلي لم يعد بالقوة التي كان عليها سابقاً، إلا أن المؤشرات تُظهر استمرار التهديد بدرجة لا يمكن تجاهلها.حول الحادث كتب الدكتور هارون ي. زيلين تقرير في معهد واشنطن لسياسات الشرق الادني
جاء فيه ان تنظيم "داعش" واصل نشاطه كحركة تمرد محدودة النطاق في ظل الحكومة السورية الجديدة التي تولت السلطة في ديسمبر. وفى الخامس عشر من مايو، أعلن التنظيم مسؤوليته عن تنفيذ ثلاثة وثلاثون هجوماً خلال عام 2025. فمن ناحية، إذا استمرت هذه الوتيرة المنخفضة تاريخياً، فسينتج عنها 89 هجوماً فقط خلال العام بأكمله - وهو رقم كبير بطبيعة الحال، لكنه يُعد الأدنى منذ دخول التنظيم إلى سوريا عام 2013. ومن ناحية أخرى، سُجل ارتفاع ملحوظ في عدد الهجمان منذ أبريل، حين بدأت الولايات المتحدة بتقليص وجود قواتها من 2000 إلى نحو 700 جندي. ولا يزال من المبكر تحديد ما إذا كان ذلك محض مصادفة، كما أن حجم القوات الحالي لا يقل عن ذلك الذي حافظت عليه واشنطن قبل تعزيز انتشارها في أنحاء الشرق الأوسط خلال حرب غزة. ومع ذلك، ارتفع متوسط عدد الهجمات التي أعلن تنظيم "داعش" مسؤوليته عنها من نحو خمسة هجمات شهرياً في النصف الأول من العام إلى 14 هجوماً شهرياً منذ بدء الانسحاب.
وقال التقرير ان موقع هذه الحوادث  يحمل دلالة مهمة أيضاً، فوقعت جميعها في مناطق تخضع لسيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" ذات القيادة الكردية، والمدعومة من قبل الولايات المتحدة، والتي تخوض عملية  لم تكتمل بعد لدمج قواتها مع في الجيش السوري، حتى مع انسحاب الولايات المتحدة. وليس مستغرباً أن يسعى تنظيم "داعش" إلى استغلال هذا الوضع، انسجاماً مع نهجه التقليدي في ملء أو زعزعة الاستقرار في أي فراغ، مهما كان محدوداً. ويمثل استهداف مدينة الميادين - الواقعة في أراضٍ تخضع لسيطرة الحكومة على الضفة المقابلة لنهر الفرات، خارج نطاق نفوذ "قوات سوريا الديمقراطية" - تصعيداً لافتاً على المستويين الرمزي والميداني.
في غضون ذلك، تواصل السلطات الجديدة في دمشق المعركة   التي تخوضها ضد تنظيم "داعش" منذ سنوات - على ساحة القتال باعتبارها جماعة جهادية منشقة تحت اسم "جبهة النصرة" ثم "هيئة تحرير الشام" منذ عام 2013، ومن خلال نهج المواجهة القانونية بعد إنشاء كيان حكم مستقل في محافظة إدلب عام 2017، وعلى جميع الجبهات منذ الإطاحة بنظام الأسد العام الماضي. فعلى سبيل المثال، في 11 يناير، أحبطت السلطات السورية مخططاً لتنظيم "داعش" يهدف إلى إثارة التوترات الطائفية عبر تفجير ضريح السيدة زينب الشيعي في ضواحي دمشق.  وذكرت تقارير ان الولايات المتحدة الامريكية قدمت معلومات استخباراتية عن هذا المخطط، في اختبار مبكر للتعاون الثنائي في مجال مكافحة الإرهاب. ووفقاً لوزارة الداخلية،  اعترف المشتبه بهم أيضاً بأنهم كانوا يخططون لتنفيذ هجوم بسيارة مفخخة ضد كنيسة في بلدة معلولا في يوم رأس السنة الجديدة، واغتيال الرئيس الشرع إذا زار السيدة زينب بعد الهجوم الفاشل.
في 15فبراير، اعتقلت السلطات السورية أبو الحارث العراقي، أحد قادة "داعش" في ما يسمى بـ"ولاية العراق"، الذي ساهموا في تنظيم مؤامرة السيدة زينب الفاشلة. وكان قد شارك سابقاً في اغتيال زعيم "هيئة تحرير الشام" أبو مريم القحطاني في أبريل 2024. كما اعتقلت مديرية الأمن العام خلايا تابعة لتنظيم "داعش" في محافظة درعا هذا العام في بلدة النعيمة في 18 فبراير وبلدة الصنمين في 6 مارس.
حتى الأيام القليلة الماضية، بدا الوضع العام داخل الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة هادئاً نسبياً. لكن خلال عملية مداهمة في حلب بتاريخ 17 مايو، فجر أحد عناصر تنظيم "داعش" نفسه، وأُعُتقل أربعة آخرون، وقُتل ثلاثة من أفراد الحكومة. ولقي المزيد من أفراد قوات الأمن حتفهم في تفجير بلدة الميادين في اليوم التالي. من جانبها، شنت "قوات سوريا الديمقراطية" حوالي ثلاثين عملية اعتقال هذا العام ضد خلايا تنظيم "داعش" في الشرق، وهو عدد أقل من الأعوام السابقة، لكنه لا يزال مرتفعاً.
تسلط كل هذه الاتجاهات الضوء على حقيقة أن عمليات تنظيم "داعش"، رغم تراجعها الكبير، لا تزال قادرة على إحداث اضطرابات كبيرة، لا سيما خلال الفترة الانتقالية الحساسة التي تمر بها سوريا. وبالتالي، فإن الولايات المتحدة لديها أسباب أكثر من أي وقت مضى لعدم سحب قواتها بالكامل من سوريا لحين استكمال السلطات الجديدة دمج "قوات سوريا الديمقراطية" وتأسيس حملة مكافحة تنظيم "داعش" على أسس أكثر استدامة. ويتطلب هذا حث الأكراد ودمشق على المضي قدماً في الاتفاق القائم الذي ينص على أن تتولى الحكومة المركزية السيطرة على كامل محافظة دير الزور، معقل تنظيم "داعش". وبذلك، سيتم إنشاء إدارة واحدة في المحافظة، مما يمنع التنظيم من استغلال الفجوات بين منطقتي السيطرة، وهي نقطة ضعف لعبت على الأرجح دوراً في الهجوم الناجح الذي وقع.
كما أن عدم اكتمال الاندماج الإداري في الشمال الشرقي يزيد من خطر أن يحاول تنظيم "داعش" مرة أخرى تحرير 9000 مقاتل مسجون وآلاف آخرين من أفراد أسرهم وأنصارهم المحتجزين في مرافق احتجاز "قوات سوريا الديمقراطية "  وبعضهم من الرعايا الأجانب. ويمكن لواشنطن المساعدة في الحد من هذا الخطر من خلال مواصلة الضغط على الدول لإعادة مواطنيها المحتجزين. ومما يعقد هذه المشكلة، أن نشرة "داعش" الإخبارية "النبأ" الصادرة الأسبوع الماضي لم تكتفِ بدعوة المقاتلين الأجانب إلى سوريا، بل حثت أيضاً مقاتلي "هيئة تحرير الشام" غير الراضين عن سياسات الحكومة الجديدة على الانشقاق، وهو نداء يتكرر كثيراً وقد يكون له تأثير إضافي حالياً مع تصاعد الضغط الأمريكي  لطرد جميع الافراد. باختصار، على الرغم من الضعف الحالي لتنظيم "داعش" من الناحية التاريخية، فإن استبعاد الخطر الذي يشكله التنظيم سيكون خطأً، كما أن اتخاذ أي قرارات سياسية أمريكية على المدى القريب بناءً على هذا الافتراض سيكون خطأً أيضاً.

شارك