مطار صنعاء تحت القصف.. إسرائيل تضرب والحوثيون يتجاهلون التحذيرات
السبت 31/مايو/2025 - 11:47 ص
طباعة

في موجة جديدة من الضغوط العسكرية، دمرت إسرائيل في ضرباتها الجوية التاسعة طائرة مدنية كانت تشغّلها الجماعة الحوثية في اليمن، وذلك ردًا على تصاعد هجمات الحوثيين، والتي كانت وفقًا للإسرائيليين تندرج في سياق دعمهم للفلسطينيين في غزة.
الغارات الجوية التي شنها سلاح الجو الإسرائيلي أسفرت عن توقف العمل في مطار صنعاء الدولي، ما كان له تأثير بالغ على حركة السفر في اليمن، خصوصًا في ما يتعلق بتفويج الحجاج اليمنيين، حيث تم تعليق رحلات الطائرات التجارية في المطار حتى إشعار آخر.
وصرح وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بأن إسرائيل ستواصل تدمير البنى التحتية التابعة للحوثيين، بما في ذلك الموانئ والمطارات، مؤكدًا أن "مطار صنعاء سيُدمَّر مرارًا وتكرارًا".
على الجانب الآخر، قام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإلقاء اللوم على إيران في الهجمات التي نفذها الحوثيون، مشيرًا إلى أن هؤلاء "مجرد عَرَض مَرضي"، وأن إيران هي الجهة المسؤولة عن تسليح وتوجيه الحوثيين، هذه التصريحات تعكس بشكل كبير السياسة الإسرائيلية التي تضع المسؤولية في التعامل مع الحوثيين على طهران، مع التأكيد على أن الجماعة ليست سوى أداة في صراع إقليمي أوسع.
من جهة أخرى، أعرب وزير الأوقاف في الحكومة اليمنية، محمد بن عيضة شبيبة، عن استيائه من إصرار الحوثيين على رفض أي وساطة إقليمية قد تقترح نقل الطائرات إلى مطارات آمنة داخل أو خارج اليمن، وأضاف أن هذا الموقف يكشف عن "استخفاف" الحوثيين بأرواح المدنيين، خاصة الحجاج الذين تأثروا بشكل مباشر بتوقف الرحلات الجوية.
في المقابل، خرج زعيم جماعة الحوثي بتصريحات تصعيدية، مؤكدًا أن مثل هذه الضربات لن تُثني جماعته عن مواصلة هجماتها. واعتبر عبد الملك الحوثي الخسائر، بما في ذلك تدمير طائرات مدنية، "تضحيات مشرفة"، على حد تعبيره، في إطار ما وصفه بـ"المعركة المستمرة" ضد إسرائيل.
وفي خطاب يعكس نبرة تحدٍّ وتصعيد، توعّد الحوثي بأن المرحلة المقبلة ستشهد عمليات "أكثر فاعلية وتأثيراً" ضد إسرائيل، داعيًا أنصاره إلى مواصلة التظاهر والاحتشاد في صنعاء ومناطق نفوذ الجماعة، كرسالة دعم معنوي وتعبوي.
وفي السياق نفسه، أعلن المتحدث العسكري للجماعة، يحيى سريع، مساء الخميس 29 مايو، عن إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي استهدف مطار بن غوريون في تل أبيب، مدعيًا أنه أصاب هدفه وتسبب في حالة من الذعر أجبرت الملايين على الاحتماء في الملاجئ، غير أن الجيش الإسرائيلي أعلن اعتراض الصاروخ، نافياً تحقيقه لأي إصابات أو أضرار مباشرة.
ومن جانبها، وفي ظل هذا التصعيد المستمر حملت الحكومة اليمنية جماعة الحوثي المسؤولية الكاملة عن تدمير طائرات الخطوط الجوية اليمنية في مطار صنعاء، متهمة إياها بتجاهل التحذيرات المتكررة التي أطلقها الكابتن طيار ناصر محمود، رئيس الخطوط الجوية اليمنية، على الرغم من التحذيرات الصادرة عن محمود بضرورة نقل الطائرات إلى مطار عدن أو أي مطار خارجي من أجل الحفاظ عليها، إلا أن الجماعة الحوثية استمرت في رفض هذه التوجيهات، مما أدى في النهاية إلى تدمير الطائرات، بما في ذلك الطائرة الأخيرة التي دمرتها الضربات الجوية الإسرائيلية.
وفي تصريح له، قال وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني إن الحوثيين "رفضوا توجيهات رئيس الخطوط اليمنية بإخراج الطائرة الأخيرة"، مشيرًا إلى أن هذا الإصرار على تجاهل التحذيرات لم يكن مجرد إهمال، بل "جريمة متعمدة" تستهدف تدمير مقدرات اليمن.
وأضاف الإرياني في تغريدة على منصة "إكس" أن القيمة السوقية للطائرات الأربع التي تم تدميرها تقدر بحوالي 130 مليون دولار، حيث تقدر قيمة طائرة واحدة من طراز إيرباص 330 بنحو 40 مليون دولار، بينما تمثل الطائرات الأخرى الـ 90 مليون دولار المتبقية.
واعتبر الإرياني أن هذه الخسارة الفادحة تمثل ضربة كبيرة لشركة وطنية في بلد يعاني من حرب طاحنة، وتهدد قدرة الشعب اليمني على التطلع إلى المستقبل في ظل تدمير مقدراته.
وأكد الإرياني أن ما يحدث ليس مجرد إهمال أو تدبير عارض، بل هو "جريمة متعمدة" من قبل جماعة الحوثي التي تستمر في تحويل ما تبقى من الموارد اليمنية إلى رماد، محذرًا من أن المليشيا تستخدم مؤسسات الدولة، بما في ذلك المطارات والموانئ، لتحقيق أجندات إيرانية.
وفي هذا السياق، أضاف أن اليمن أصبح "مسرح عمليات للحرس الثوري الإيراني"، حيث يطلق الخبراء الإيرانيون الصواريخ من قلب العاصمة صنعاء، فيما يدفع الشعب اليمني الثمن باهظًا من الأرواح والممتلكات.
وزير الإعلام اليمني لم يكتفِ بهذا، بل أشار إلى أن بقاء الحوثيين في العاصمة صنعاء يشكل تهديدًا حقيقيًا لما تبقى من الدولة اليمنية، داعيًا كافة اليمنيين إلى إدراك خطورة الوضع، مؤكدًا أن "صمتنا يعني مزيدًا من الخراب" ومزيدًا من "الارتهان" للجماعة المدعومة من إيران.
وإذ تعود الأحداث إلى 6 مايو الماضي، حيث دمرت إسرائيل ثلاث طائرات كانت في مطار صنعاء، تبقى الأزمة في تصاعد مستمر في ظل هذه الضغوط العسكرية، استمرار الإغلاق للمطار الحيوي يعد خطوة غير مسبوقة من إسرائيل في إطار الحصار الجوي والبحري المفروض على مناطق سيطرة الحوثيين، مما يطرح تساؤلات عن مدى تأثير هذا التصعيد على الوضع الإنساني في اليمن، لا سيما في ظل الظروف المعقدة التي يعيشها الشعب اليمني من جراء الحرب المستمرة.
ويرى المراقبون أن هذه التحركات تعتبر جزءًا من سياق معقد يشمل العديد من الأطراف، حيث تجمع بين الأبعاد العسكرية والسياسية والإنسانية، وتزداد التوترات الإقليمية بين مختلف القوى المتورطة في هذه الحرب الطويلة.