تقرير أمريكي يقدم حل متوازن للحد من تهديد الملالي النووي ويقيد مدى صواريخها

الأحد 08/يونيو/2025 - 08:57 ص
طباعة تقرير أمريكي يقدم روبير الفارس
 
جدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب،، تحذيره لإيران من المضي في تخصيب اليورانيوم على أراضيها، مؤكدًا أن بلاده "لن تسمح بذلك".
وقال ترامب، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام أمريكية، إن "واشنطن ستضطر إلى اتخاذ إجراءات مختلفة في حال استمرت إيران في تخصيب اليورانيوم".
وأضاف ترامب: "لن يُخصّبوا.. وإذا خصّبوا، فسوف نضطر إلى التحرك واتخاذ اتجاه مغاير"، مشيرًا إلى "احتمال تبني سياسة بعيدة عن المفاوضات".
وشدد ترامب على أنه "لا يرغب في التصعيد، لكنه لن يتردد في اتخاذ الإجراءات اللازمة"، مبينًا أن "لن يكون لدينا خيار آخر.. لن نسمح بالتخصيب".
جاءت هذه التصريحات بعد يومين من رفض المرشد الإيراني علي خامنئي للمقترح الأمريكي الخاص بإنشاء ما يشبه "الكونسورتيوم الإقليمي" (تجمع دولتين أو أكثر في عمل مشترك) لإدارة تخصيب اليورانيوم، ما أثار تساؤلات حول مصير المفاوضات المزمعة بين البلدين.
وكان من المتوقع عقد الجولة السادسة من المفاوضات الأمريكية الإيرانية قريبًا، إلا أن خامنئي اعتبر أن المقترح الأمريكي يتعارض مع مصالح طهران.
وتُعد هذه القضية أحد أبرز نقاط الخلاف بين البلدين، فبينما تؤكد طهران على حقها في تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية، ترفض واشنطن ذلك بشكل قاطع، ما يزيد من تعقيد مسار المفاوضات الجارية.
وكشف تقرير لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الادني ان قدرات إيران، مقترنة بنواياها الأيديولوجية والجيوسياسية، تجعل القيود الصاروخية ضرورية في أي صفقة مستقبلية. أي اتفاقية تتفاوض عليها الولايات المتحدة وتعالج المواد والمنشآت النووية فقط دون معالجة أنظمة التوصيل المطلوبة غير كافية. رغم أن إدخال هذا العنصر سيكون صعباً دبلوماسياً، فإن تجاهله مرة أخرى سيثير صعوبات أمنية قومية أكثر هولاً مستقبلاً. وفقاً لذلك، ينبغي للمفاوضين الأمريكيين إعطاء الأولوية لقضية الصواريخ من خلال التركيز على ثلاث مناطق.
أولاً، ينبغي تجديد وتقوية القيود الأممية المنتهية الصلاحية، ووضع قيود جديدة لحظر جميع الاختبارات والتطوير ونقل التقنيات المتعلقة بالصواريخ الباليستية والانسيابية بعيدة المدى القادرة على حمل رؤوس نووية بشكل قابل للتحقق، كما تعرفها أنظمة عدم الانتشار الدولية الموجودة. هذا سيخلق معياراً مرجعياً قائماً على لغة أممية أوضح من قبل 2015 ويزيل الغموض الذي استغلته إيران مراراً.
يقدم "نظام مراقبة تقنية الصواريخ " (MTCR) خط أساس راسخ بمدى 300 كيلومتر وحمولة 500 كيلوجرام للصاروخ القادر على حمل رؤوس نووية. الصواريخ تحت هذا الحد تُعتبر تكتيكية؛ تلك التي تتجاوزه مخصصة لضرب أهداف استراتيجية، محتملاً برأس نووي. الصواريخ المطابقة لـ"نظام مراقبة تقنية الصواريخ" كافية تماماً لاحتياجات إيران الدفاعية المشروعة. لذلك، إذا كانت نوايا طهران دفاعية حقاً، ينبغي أن تكون مستعدة لإضفاء الطابع الرسمي على هذا الحد مقترناً بتهدئة إقليمية شاملة وإعادة تموضع كبيرة. هذا العتبة تعكس ليس فقط معياراً تقنياً، بل أيضاً حدود قائمة على النوايا بين توجه عسكري دفاعي وهجومي. أما بالنسبة لتدابير التحقق، فيمكن أن تكون "معاهدة القوى النووية متوسطة المدى " (INF) لعام 1987 م نموذجاً مفيداً.
ثانياً، يجب ربط وقف تطوير الصواريخ وضوابط التصدير بحوافز الصفقة النووية. ينبغي أن يتوقف تخفيف العقوبات على وقف إيران تطوير واختبار ونقل الصواريخ والطائرات المسيرة الهجومية بعيدة المدى أحادية الاتجاه فوق عتبة "نظام مراقبة تقنية الصواريخ"، مع إزالة قابلة للتحقق. ربط الامتثال بمكاسب ملموسة يرفع تكلفة التحدي ويحفز التفاوض. ينبغي لآلية مراقبة بقيادة الأمم المتحدة الإشراف على نقل الصواريخ، مدعومة بهيئة تقنية تجمع خبراء من "نظام مراقبة تقنية الصواريخ" ومكتب الأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح ومعهد الأمم المتحدة لبحوث نزع السلاح تحت تفويض من مجلس الأمن. أثبتت أنظمة مراقبة الأسلحة السابقة فعالية مثل هذه الآليات عندما تكون مدعومة بالموارد والدعم السياسي الملائمين.
المعاهدات السابقة ومدونات السلوك تقدم أيضاً دروساً عظيمة حول عناصر أساسية أخرى مثل إعلانات المخزونات/المواقع والتفتيش في الموقع والمراقبة عن بُعد وتتبع الأقمار الصناعية ومشاركة القياس عن بُعد والإخطار قبل الإطلاق.
ثالثاً، خلال أو بعد المحادثات الثنائية مع إيران، ينبغي لواشنطن أن تطلب من شركائها بدء حوار صاروخي إقليمي مع طهران. دول الخليج العربية وإسرائيل – أهداف إيران المباشرة – يجب أن يكون لها مدخل. اتفاق إقليمي يمكن أن يشمل إخطارات الاختبار وحدود النشر ووقف النقل إلى جهات فاعلة غير حكومية. تأطير هذه الخطوات كمكونات لحزمة أمنية إقليمية – وليس نزع سلاح أحادي – قد يجعلها أكثر قبولاً للقادة الإيرانيين. دعت طهران مراراً لحوار إقليمي وينبغي الضغط عليها لإعطاء مضمون لتلك البلاغة.
واختتم التقرير الذى كتبه الباحث الدكتور فرزين نديمي المتخصص في الشؤون الأمنية والدفاعية المتعلقة بإيران ومنطقة الخليج العربي بالتنبيه علي ان 
الصواريخ بعيدة المدى والطائرات المسيرة الهجومية محورية في وضعية التهديد الإيرانية، وتجاهلها مرة أخرى يضع المفاوضين الأمريكيين في خطر إبرام اتفاقية معيبة تزيل التهديد الذي يطرحه إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب لكنها تمكن طهران من توسيع وتطوير أنظمة توصيل خطيرة، أثبتت أنها أكثر من مستعدة لاستخدامها وانتشارها في السنوات الأخيرة. تصور إيران صواريخها غالباً كرموز للشرعية والنفوذ الاستراتيجي و"المقاومة" و"العدالة الإلهية"، تزرع هذه الرواية من خلال سنوات من الدعاية والحقائق المشوهة. الهالة المخلقة حول الموضوع مخصصة لحماية البرنامج من التمحيص الدولي والمساءلة والانتقاد المحليين، وقد نجحت حتى الآن. كسر تلك الدورة يتطلب مبادرة جريئة تهدف ليس فقط لفرض قيود، بل أيضاً تفكيك الأساطير. غالبية الإيرانيين يعرفون أن تصوير طهران للولايات المتحدة وإسرائيل كتهديدات للجمهورية الإسلامية دالة على الخيارات الاستراتيجية المضللة للنظام ذاته، مدفوعة أساساً بالمواقف الأيديولوجية والروايات الكاذبة.
واقترح التقرير حل متوازن يحد من التهديد النووي الإيراني ويقيد مدى صواريخها، مع السماح بالاحتفاظ بأنظمة قصيرة المدى (أي تحت 300 كيلومتر) للدفاع المشروع. بدون قيود صاروخية، أي "خطة عمل شاملة مشتركة جديدة" ستحمل العيب الرئيسي ذاته للسابقة. حان الوقت لإغلاق الثغرة الصاروخية وتأمين صفقة اكثر شمولية   ، والتي قد تفتح الطريق لحوار إقليمي مجدٍ مستقبلاً. في الواقع، اتفاقية جديدة تشمل الصواريخ بعيدة المدى ستكون خطوة نحو إعادة تعريف الاستقرار الإقليمي في القرن الحادي والعشرين، طمأنة حلفاء الولايات المتحدة، دعم قواعد عدم الانتشار، ودفع إيران نحو وضعية استراتيجية أكثر شفافية وأقل زعزعة للاستقرار

شارك