تقرير حقوقي.. أكثر من 20 ألف انتهاك حوثي بحق أطفال اليمن خلال أربع سنوات
الإثنين 09/يونيو/2025 - 12:09 م
طباعة

كشفت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، في تقرير صادم، عن حجم الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها ميليشيات الحوثي بحق الطفولة في اليمن، خلال الفترة الممتدة من يونيو 2018 وحتى يوليو 2022، في سياق يعكس حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها الأطفال اليمنيون تحت سيطرة الجماعة المسلحة.
التقرير الذي أعدته الشبكة – وهي كيان غير حكومي يضم عدداً من المنظمات الحقوقية المحلية – وثّق بالأرقام عشرات الآلاف من حالات الانتهاك الممنهج، التي تمارسها جماعة الحوثي بشكل مباشر أو غير مباشر، ضد شريحة الأطفال، في ظل غياب أي التزام بالمعايير الإنسانية أو المواثيق الدولية.
ووفقاً للبيانات التي تضمنها التقرير، ارتكبت ميليشيات الحوثي 20977 واقعة انتهاك طالت الأطفال، توزعت بين عمليات القتل والتجنيد والإصابات والاختطاف والتشريد، وهو ما يكشف عن نمط متواصل من السلوك الإجرامي الذي يستهدف تقويض المستقبل الإنساني والاجتماعي في اليمن، وقد تسببت ممارسات الجماعة أيضاً في تهجير وتشريد ما لا يقل عن 43608 طفلاً، معظمهم فقدوا فرصهم في التعليم والاستقرار، ليجدوا أنفسهم ضحايا لدوامة العنف والفقر والحرمان، الأخطر من ذلك هو ما ورد في التقرير بشأن قيام الجماعة بتجنيد 12341 طفلاً تقل أعمارهم عن 14 عاماً، وهو رقم يؤشر إلى مدى استفحال ظاهرة تجنيد الأطفال، وسط تقارير تؤكد أن التجنيد يتم غالباً بالإكراه، وخاصة في المناطق القبلية، حيث تُمارس ضغوط ممنهجة على الأسر لدفع أطفالهم إلى الجبهات.
ولا تقتصر الانتهاكات على التجنيد فقط، بل تشمل أيضاً الزج بهؤلاء الأطفال إلى خطوط المواجهة الأولى، حيث وثق فريق الرصد التابع للشبكة مقتل 1716 طفلاً خلال المعارك التي شاركوا فيها ضمن صفوف الحوثيين، وهي أرقام تؤكد أن الجماعة لا تتردد في التضحية بالأطفال لأغراض عسكرية دعائية، بدليل تنظيمها لمواكب جنائزية علنية، وبثها في وسائل إعلامها، أما عدد الأطفال المجندين المصابين فقد بلغ 3114، بحسب ما تم التحقق منه عبر سجلات المستشفيات ومؤسسة رعاية الجرحى التابعة للجماعة، وهو ما يشير إلى تفشي هذه الظاهرة في معظم المحافظات التي تسيطر عليها الجماعة، بما في ذلك صنعاء وذمار والحديدة وحجة وإب وتعز والبيضاء.
كما وثق التقرير مقتل 1343 طفلاً، بينهم 31 رضيعاً، خارج جبهات القتال، إلى جانب جرح 1620 طفلاً، وإصابة 321 آخرين بإعاقات مستديمة، في حين تم اعتقال واختطاف 522 طفلاً، معظمهم بقصد ابتزاز أسرهم، ما يبرز بوضوح الطابع الإجرامي واللا إنساني لسياسات الحوثيين تجاه المدنيين والأطفال خصوصاً.
ولفت التقرير إلى أن عمليات غسل أدمغة الأطفال لا تقتصر على ساحات المعارك، بل تبدأ من المدارس والمساجد والمراكز الصيفية، حيث تُمارس الجماعة نوعاً من التعبئة الطائفية والعنصرية، بما يؤدي إلى تشويه الوعي المجتمعي لدى الأجيال القادمة.
وحذر التقرير الحقوقي من أن اليمن، في ظل استمرار الانقلاب الحوثي، على وشك أن يفقد جيلاً كاملاً من الأطفال، ما لم يتحرك المجتمع الدولي لإيقاف جرائم تجنيد الأطفال واستغلالهم، خصوصاً في ظل استخدام الجماعة للغذاء والدواء والتعليم كورقة ضغط على الأسر الفقيرة.
وأكد التقرير أن عمليات تجنيد الأطفال تمثل خرقاً فاضحاً للقانون الدولي الإنساني، وجريمة مكتملة الأركان تستهدف الفئات الأضعف في المجتمع اليمني، ما يستدعي استجابة فورية من الهيئات الدولية، وفي مقدمتها الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان.
ويرى المراقبون أن هذه الأرقام الموثقة لا تعكس فقط حجم الكارثة، بل تشير أيضاً إلى اتساع نطاق سياسة ممنهجة تتبعها جماعة الحوثي بهدف عسكرة المجتمع، وتدمير البنية الاجتماعية والنفسية للأجيال الجديدة، ويؤكد بعض المتخصصين في الشأن اليمني أن استمرار المجتمع الدولي في التعاطي مع الحوثيين كطرف سياسي شرعي، من دون محاسبتهم على هذه الجرائم، يعطي الجماعة ضوءاً أخضر للاستمرار في ممارساتها القمعية، كما يرون أن غياب آلية دولية رادعة يفتح الباب أمام تفاقم الكارثة، ويجعل من الطفولة اليمنية رهينة دائمة لحرب لا تراعي أي قيمة إنسانية أو قانونية، ولذلك، فإن مسؤولية إنقاذ الأطفال اليمنيين من هذه الانتهاكات باتت مسؤولية أخلاقية وقانونية ملحة، لا يجوز التساهل فيها أو تأجيلها.