الحوثيون يحتفلون بـ"الولاية" على وقع الحرب الإيرانية – الإسرائيلية.. تعبئة وتجنيد واستنزاف للسكان

الإثنين 16/يونيو/2025 - 12:52 م
طباعة الحوثيون يحتفلون فاطمة عبدالغني
 
في أعقاب المواجهة العسكرية بين إيران وإسرائيل، التي تزامنت مع الاحتفالات السنوية لميليشيا الحوثي المدعومة إيرانيًا بما تسميه "يوم الولاية" أو "عيد الغدير"، استغلت الجماعة الأحداث المتسارعة لتكثيف فعالياتها الدعائية وتحشيد أتباعها تحت شعارات مذهبية موالية لإيران، وبذلت الجماعة جهوداً واسعة لدفع السكان إلى المشاركة في هذه الفعاليات، مستثمرة التوترات الإقليمية كأداة لتعبئة الجمهور واستقطاب أنصار جدد، واستعراض قوتها التنظيمية والبشرية، إضافة إلى فرض الجبايات المالية لتعزيز إيراداتها التي توجهها لإنفاق غير معلن، بعيداً عن حاجات السكان المعيشية.
وخلال الأيام الماضية، شهدت مناطق سيطرة الحوثيين احتفالات مكثفة اتسمت بالبذخ في التنظيم والإنفاق، رغم الأوضاع الاقتصادية المتدهورة التي يعيشها اليمنيون، واستخدمت الجماعة الألعاب النارية وشاشات العرض العملاقة والبث الحي للمواجهات بين إيران وإسرائيل، لتأجيج العاطفة الدينية والسياسية وتقديم نفسها كامتداد للنظام الإيراني في المنطقة، وخصصت ساحات عامة للتجمعات، وتكررت الإشارة إلى الرواية الإيرانية حول مجريات التصعيد العسكري، بما في ذلك تصوير الهجمات الحوثية والصاروخية الإيرانية على إسرائيل كـ"انتصارات" تدعم محور المقاومة.
وفي سياق فرض هذه الطقوس الطائفية، صرّح وزير الإعلام اليمني بأن "مليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لإيران تفرض في كل عام الاحتفال بما تسميه (يوم الولاية) في المناطق الخاضعة بالقوة لسيطرتها، في محاولة لشرعنة انقلابها على الدولة اليمنية، وترسيخ مفهوم الاصطفاء الإلهي لعبد الملك الحوثي وعصاباته".
 واعتبر الوزير اليمني أن هذا الاحتفال "يتناقض جذرياً مع القيم الوطنية والدينية والاجتماعية لليمنيين، ولا يعدو كونه مظهراً من مظاهر الانحراف العقدي"، مضيفاً أن هذه الطقوس تكشف حجم الهوة بين الميليشيا والشعب اليمني الذي يزداد رفضاً لهذا المشروع الكهنوتي كل يوم.
وقد استخدمت الجماعة الحوثية وسائل الترغيب والترهيب لحشد السكان، إذ وعدت المشاركين بوجبات ومكافآت مالية، وهددت المتغيبين باتهامات العمالة لإسرائيل والولايات المتحدة، مستغلة تصريحات إسرائيلية عن وجود جواسيس في اليمن كأداة لتخويف المعارضين، كما منحت مكافآت لمن ساهم في الحشد، وفتحت لهم أبواب التمكين المحلي عبر توزيع المساعدات أو الحصول على امتيازات اجتماعية.
رغم ذلك، واجهت الجماعة استجابة محدودة في بعض المناطق، خصوصاً القريبة من خطوط التماس مع القوات الحكومية، حيث سادت أجواء من السخرية والاستهجان تجاه الفعاليات والمشاركين فيه، وفي ظل حالة التجويع وقطع الرواتب التي تفرضها الجماعة منذ نحو تسع سنوات، أثار الإنفاق الهائل على الاحتفالات موجة سخط واسعة، لا سيما في أوساط الموظفين العموميين والتجار الذين أُجبروا على دفع إتاوات تحت مسميات مختلفة لتمويل الفعاليات، مثل نفقات "صيانة الطرق" و"تأمين الأسواق"، فيما خُصصت الجبايات الكبرى للشركات والمجموعات التجارية الكبرى.
وترى أصوات مراقبة أن إصرار الجماعة الحوثية على إحياء "يوم الولاية" بهذه الصورة هو دليل إضافي على الارتباط العضوي بينها وبين النظام الإيراني، وتأكيد على دورها كأداة إقليمية تهدف إلى تمزيق اليمن وتحويله إلى ساحة صراع بالوكالة، وبينما تواصل الجماعة تغطية الفعاليات على مدار الساعة عبر وسائل إعلامها، يزداد وعي السكان بطبيعة المشروع الحوثي القائم على التمييز والإقصاء باسم الدين، ويؤكدون تمسكهم بجمهوريتهم وهويتهم الوطنية، وحقهم في العيش تحت مظلة العدالة والمواطنة المتساوية  بعيداً عن الشعارات الطائفية والمقولات المستوردة من الفكر الخميني.

شارك