لماذا غاب وكلاء إيران عن الهجوم المباشر على إسرائيل؟
الثلاثاء 17/يونيو/2025 - 05:10 م
طباعة

شهدت الساعات الماضية تطورا مهما في الصراع الإقليمي عندما شنت إسرائيل هجمات واسعة النطاق على إيران حملة اسم "الأسد الصاعد" استهدفت منشآت نووية وقيادات عسكرية عليا، وفي رد الفعل الإيراني الذي حمل اسم "الوعد الصادق 3"، لاحظ المراقبون غيابا ملفتا لما يعرف بوكلاء إيران الإقليميين - حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، والميليشيات العراقية - عن المشاركة الفعلية في الرد الإيراني على إسرائيل.
يشير الخبراء إلى أن محور المقاومة لم يعد يعمل كنظام هرمي مركزي تحت السيطرة الإيرانية المباشرة، بل تطور ليصبح "شبكة لامركزية ومرنة ذات مصالح وهويات مستقلة، وتتمتع بقدر أكبر من الاستقلالية"، هذا التحول نحو اللامركزية تسارع بعد اغتيال قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس "يناير 2020"، وتوسع أكثر بعد أحداث طوفان الأقصى.
تشير التقارير إلى أن استراتيجية قاسم سليماني التي اعتمدت على "إنشاء كيانات تحت-دولتية ودعمها واستخدامها بالتحالف فيما بينها" قد تعرضت لضربات قاسية، فقدان قادة الصف الأول في مختلف فروع المحور أضعف من قدرة إيران على التنسيق المباشر مع وكلائها.
ضربات وكلاء إيران
اتخذ حزب الله موقفا واضحا من خلال عدم المبادرة بمهاجمة إسرائيل ردا على الضربات الإيرانية، كما صرح مصدر مسؤول في الحزب لوكالة رويترز، هذا الموقف يعكس عدة عوامل حيث تعرض حزب الله لضربات إسرائيلية مدمرة أدت إلى "تآكل القدرات الاستراتيجية لحزب الله" وفقدان قيادات مهمة.
وفقدان الدعم اللوجستي وذلك بعد سقوط نظام الأسد في سوريا، فقدر خسر حزب الله ممرا حيويا لتهريب الأسلحة الإيرانية، ويركز الحزب على ترتيب أوضاعه الداخلية بعد الخسائر الكبيرة التي تكبدها.
كما شهدت الميليشيات العراقية تراجعا ملحوظا في نشاطها ضد إسرائيل، حيث "خفضت الميليشيات العراقية بالفعل من هجماتها ضد إسرائيل" قبل التحذير الإسرائيلي في نوفمبر 2024.
وتعددت الأسباب حول غياب المليشيا العراقية، والتي توصلت إلى اتفاق مع الحكومة العراقية لوقف الهجمات على إسرائيل "بهدف تجنب زعزعة استقرار العراق.
أيضا شكلت التهديدات الإسرائيلية المباشرة للحكومة العراقية بتحميلها مسؤولية هجمات الميليشيات، سببا في غياب المليشيات العراقية عن المشاركة في الهجوم الإيراني على إسرائيل.
ورغم إطلاق الحوثيين صاروخا تجاه إسرائيل في أعقاب الهجمات الإسرائيلية على إيران، إلا أن مشاركتهم بقيت محدودة ورمزية.
إعادة تقييم استراتيجية إيران
يشير غياب الوكلاء إلى تحول جوهري في الاستراتيجية الإيرانية من "حزام النار" التقليدي إلى نهج أكثر اعتمادا على القدرات الذاتية
ويعكس ذلك ضعف السيطرة المركزية وفقدان إيران لقدرتها على التنسيق المباشر مع شبكة وكلائها.
ويقول الباحث المتخصص في شؤون الأمن القومي الإيراني، فراس إلياس، إن قرار إيران بعدم إشراك وكلائها في المنطقة في الصراع الحالي مع إسرائيل يعكس رغبة طهران في عدم توسيع دائرة المواجهة، والإبقاء على حالة الثنائية في الصراع.
وأوضح إلياس أن تشغيل إيران لأطرافها لن يغير المعادلة الاستراتيجية التي فرضتها إسرائيل حتى الآن، لا سيما في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه حلفاء إيران في لبنان والعراق، ما يجعل من الصعب عليهم التصعيد بشكل مؤثر في الوقت الراهن.
وأشار الباحث إلى أن إيران تدرك أن تحريك حلفائها قد يؤدي إلى انخراط مباشر للولايات المتحدة في الصراع، ما يعني تحول الدعم الأمريكي لإسرائيل من غير مباشر إلى دعم مباشر، وهو سيناريو لا ترغب طهران في حدوثه لأنه سيدخل الولايات المتحدة في مواجهة مع المجتمع الدولي.
وأضاف إلياس أن إشراك الوكلاء قد يشكل تهديدا أكبر من كونه فرصة لإيران، لكنه استدرك أن هذا التصور غير مطلق، وقد تلجأ طهران لاستخدام وكلائها في حال وصول الأزمة إلى نقطة اللاعودة في المراحل المقبلة.
مستقبل محور المقاومة
وفي تعليقه يرى رئيس حزب "سربستي كردستان"، عارف باوه جاني، أن محور المقاومة يواجه "تحديا وجوديا" بعد سلسلة الضربات التي تعرض لها التطورات الأخيرة تشير إلى انهيار التماسك التقليدي للمحور مع تزايد استقلالية كل فرع.
ويضيف أن حزب الله يعيش حالة ضعف بعد الضربات التي تلاقها الحزب واغتيال قيادات الصف الأول والثاني وعلى رأسهم الأمين العام للحزب حسن نصرالله، وأيضا سقوط نظام بشار الأسد الذي كان يشكل دعما كبيرا للحزب وحلقة وصل مع إيران والمليشيات العراقية، وهو ما ياجعل دخله نهاية لوجود الحزب في لبنان مع مساعي الحكومة اللبنانية اتباع سياسة النأي عن النفس بعد توقيع اتفاق وقف اطلاق النار.
وتابع اما المليشيات العراقية فقد وجدت أنه المشاركة تشكل نهاية لها بعد توافق واتفاق الائتلاف الشيعي في الحكومة على العراقية على اتباع سياسة النأي عن النفس، بعد اتفاق مع المليشيات وهو ما التزمته به هذه المليشيات لـ 3 أسباب الأول التأكد من أي مشاركة سوف تعني نهاية هذه المليشيات ومصالحها في العراق، السبب الثاني أن العراقيين لن يسمحوا لهم بتعريض بلادهم لأي استنزاف وحرب جديدة، الثالث اغتيال القيادة العسكرية للحرس الثوي والجيش الإيراني كانت رسالة حاسمة لهم.
أما على الحوثيين فأنه شاركوا مشاركة رمزية ولكن ليس بمقدورهم أكثر من ذلك بعد الاتفاق الأخير مع إدارة ترامب أي أن المليشيات وجدت نفسها كل يبحث عن حماية نفسه.
ويقول المحلل السياسي اللبناني علي يحيى تعتبر إيران إن الحرب التي أعلنت ضدها معركة وطنية تهدف لسلبها المعرفة التي كافحت ولمدة عقود لنيلها وتوطينها وحمايتها، فهي تعتبر أنها تمتلك المشروعية القانونية بحق الدفاع عن النفس بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، وتمتلك القدرة للرد والردع وإعادة الاعتبار لها امام نفسها وهويتها وشعبها وحلفائها والعالم، وهو ما نجحت به نسبيا بعد استيعاب الضربة الأولى والمبادرة بالرد.
وأضاف يحيى أنه لكن بحال توسعت المعركة فكل الاحتمالات مفتوحة، وحينها يمكن لحزب الله اللبناني أن يذهب لبناء قواعد ردعية جديدة مع "إسرائيل" بعد أشهر من الصمت، وقد تفتح جبهات أخرى سواء من العراق وجنوب سوريا، أو غيرها.