إيران تُحوِّل مناطق سيطرة الحوثي إلى ورشة صواريخ خلفية تهدد الأمن الإقليمي والدولي

السبت 28/يونيو/2025 - 11:29 ص
طباعة إيران تُحوِّل مناطق فاطمة عبدالغني
 
في ظل تصاعد التوترات الإقليمية وتعاظم التهديدات الأمنية في البحر الأحمر والخليج العربي، أطلق وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، تصريحاً لافتاً سلّط فيه الضوء على ما وصفه بـ"الوجه الحقيقي لمنظومة التصنيع العسكري الحوثية"، وذلك في أعقاب الضربات الصاروخية التي نفذها الحرس الثوري الإيراني ضد الأراضي المحتلة خلال ما عرف بـ"حرب الـ12 يوماً". 
الإرياني اعتبر أن هذه الضربات كشفت عن أبعاد خطيرة تتجاوز الاشتباك الإيراني-الإسرائيلي المباشر، مؤكداً أنها فضحت زيف الادعاءات الحوثية بشأن امتلاك قدرات تصنيع عسكري محلي، وأعادت تسليط الضوء على البصمات الإيرانية العميقة في إدارة المعارك من داخل الأراضي اليمنية.
التصريح جاء في توقيت حساس، يعيد فتح ملفات طالما طرحتها الحكومة اليمنية وتحالف دعم الشرعية، حول حقيقة الدعم الإيراني للحوثيين.
 وأشار الإرياني إلى أن الأنظمة الصاروخية التي استخدمها الحرس الثوري – من الباليستية إلى الفرط صوتية والطائرات المسيّرة الانتحارية – تماثل تماماً تلك التي استخدمتها مليشيا الحوثي في هجماتها منذ أواخر عام 2023 على دول الجوار، وعلى السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن، هذه المطابقة كما يرى الوزير تمثل دليلاً عملياً قاطعاً على أن ما يسمى بالقدرات التصنيعية الحوثية ليست سوى واجهة إعلامية تخفي وراءها حضوراً إيرانياً مباشراً مادياً وعقائدياً.
وأضاف الإرياني أن تكتيكات الحرس الثوري الإيراني – مثل الإغراق الصاروخي، وتعدد مسارات الهجوم، واستخدام الطائرات المسيرة على ارتفاع منخفض لتجاوز الرادارات – تنسجم كلياً مع ما دأبت المليشيات الحوثية على تنفيذه في هجماتها ضد أهداف إقليمية ودولية. 
وهذا، بحسب الوزير يؤكد بشكل قاطع أن الحوثيين لا ينفذون عملياتهم بشكل مستقل، بل يتلقون توجيهات مباشرة من خبراء الحرس الثوري المتواجدين على الأرض اليمنية وهو ما وثقته تقارير أممية متعددة.
وفي أخطر نقاط التصريح، حذر الإرياني من أن إيران وتحت ضغط الاستهدافات الدقيقة لمنشآتها العسكرية، قد تتجه لتوطين أجزاء من برنامجها الصاروخي والطائرات بدون طيار في مناطق سيطرة الحوثيين، خاصة في صعدة وحجة وأرياف صنعاء، وهو ما يجعل اليمن وفقاً له مرشحة للتحول إلى "ورشة خلفية" لتطوير الصناعات العسكرية الإيرانية، وقاعدة صاروخية متقدمة تهدد أمن الإقليم والملاحة العالمية.
هذا السيناريو المقلق في حال تحققه لا يعني فقط استمرار الحرب في اليمن، بل يهدد بتحويل البلاد إلى نقطة اشتعال دائمة في واحدة من أكثر الممرات البحرية حيوية في العالم، فالموقع الجغرافي اليمني على باب المندب يمنح أي جهة تسيطر عليه قدرة استراتيجية لتعطيل التجارة الدولية، وضرب استقرار أسواق الطاقة العالمية، وتوسيع رقعة الصراع الإيراني إلى جغرافيا أوسع من لبنان وسوريا والعراق.
ويرى مراقبون أن تصريح وزير الإعلام اليمني لا يأتي من فراغ، بل يستند إلى معطيات ميدانية وتقارير استخباراتية أكدت مراراً وجود دعم إيراني واسع النطاق للحوثيين، يشمل الخبرات، والمعدات، وتكنولوجيا الصواريخ والطائرات المسيّرة. 
ويتفق المراقبون على أن الحرب في اليمن خرجت منذ سنوات عن إطارها المحلي، وباتت جزءاً من صراع إقليمي أوسع، تُوظف فيه المليشيا الحوثية كذراع عملياتي لإيران في مواجهة خصومها.
كما يشير بعض المراقبين إلى أن التطابق في العقيدة القتالية والتكتيكات الميدانية بين الحوثيين والحرس الثوري لم يعد محل جدل، بل هو أمر موثق بالوقائع والنتائج الميدانية. 
ويرى هؤلاء أن إيران تستفيد من ساحة اليمن لعدة أهداف: استنزاف خصومها، تجريب منظوماتها العسكرية الجديدة، وتوسيع مجال نفوذها البحري من الخليج العربي إلى البحر الأحمر.
وفي الوقت الذي تدعو فيه الحكومة اليمنية والمجتمع الإقليمي إلى مواجهة هذا الخطر بصرامة، يرى المراقبون أن استمرار المجتمع الدولي في سياسة "الاحتواء" و"المقاربة الدبلوماسية البطيئة" يمنح إيران فرصة ذهبية لترسيخ وجود عسكري غير مباشر في اليمن، وهذا التهاون إن استمر قد يُفضي إلى واقع إقليمي أكثر هشاشة، ويهدد باندلاع مواجهات واسعة النطاق يصعب احتواؤها مستقبلاً.
إن ما يجري – كما يراه بعض المحللين – ليس مجرد حرب وكالة، بل مشروع استراتيجي لإعادة رسم خرائط النفوذ في المنطقة، تستخدم فيه إيران الحوثيين كحصان طروادة لتحقيق أهدافها دون أن تتحمل التبعات المباشرة، وهو ما يجعل من التصعيد الإيراني الأخير جرس إنذار لا ينبغي تجاهله، خصوصاً في ظل تكرار الهجمات على الممرات البحرية، وتوسع شبكة الأذرع المسلحة المدعومة من طهران في أكثر من ساحة عربية.
وختامًا يعكس تصريح وزير الإعلام اليمني عمق القلق الرسمي من تحول اليمن إلى امتداد مباشر للبنية العسكرية الإيرانية، وهو تحذير يتطلب من المجتمع الدولي إعادة النظر في نهجه حيال الملف اليمني، والانتقال من الاحتواء إلى المواجهة السياسية والأمنية الحازمة، لتجنيب اليمن والمنطقة مزيداً من التصعيد والانفجار.

شارك