بعد سقوط موكوكوري.. تاردو بيد حركة الشباب مجددًا في نكسة أمنية جديدة

في تطور ميداني
يعكس تصاعد التوترات الأمنية، أعلنت حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة، يوم
الأحد، سيطرتها الكاملة على قرية تاردو الاستراتيجية في إقليم هيران وسط الصومال،
وذلك بعد معارك عنيفة مع قوات الجيش الصومالي وميليشيا قبيلة المعاويسلي المحلية.
وكانت تاردو قد
خرجت سابقًا من قبضة الجماعة في سبتمبر 2022، بعد حملة عسكرية قادها الجيش
الصومالي بدعم من عشائر محلية. غير أن استعادتها من قبل المسلحين تمثل نكسة
ميدانية واضحة للجهود الحكومية، وتعزز نفوذ الحركة في مناطق التماس الحيوية.
مكاسب متتالية
لحركة الشباب
تأتي سيطرة
الحركة على تاردو بعد أيام فقط من استيلائها على موكوكوري، وهي نقطة عبور مهمة في
الإقليم، ويمنح هذا التقدم المسلحين ميزة استراتيجية في ربط خطوط الإمداد وتوسيع
نطاق عملياتهم.
وتُظهر هذه
التطورات مدى استفادة الجماعة من ضعف التنسيق بين القوات الحكومية والميليشيات
المحلية، خاصة في ظل غياب الدعم المركزي الكافي للعناصر العشائرية التي قاتلت ضد
التنظيم في السنوات الأخيرة.
غياب الرد
الرسمي... وتحركات محدودة
وحتى لحظة إعداد
التقرير، لم يصدر أي رد رسمي من الحكومة الصومالية أو من وزارة الدفاع بشأن خسارة
القريتين. في المقابل، أفادت مصادر محلية من بلدة محاس بوصول تعزيزات مسلحة من
إقليم جلجدود المجاور إلى مشارف المنطقة المتوترة، دون الإعلان عن خطط واضحة لهجوم
مضاد أو عملية استعادة للمواقع.
أهمية المواقع
الاستراتيجية
تُعد تاردو
وموكوكوري من المحاور الأساسية في الصراع مع حركة الشباب، نظرًا لموقعهما على خطوط
الإمداد بين محاس، وياسومان، وأدن يابال، وزاوو غادييد، وجلالقسي، بحسب الجنرال
محمد تهليل بيهي، القائد السابق للقوات البرية الصومالية، الذي اعتبر أن السيطرة
عليهما تتيح "هيمنة لوجستية كاملة على إقليم هيران".
وقال بيهي:"هدف حركة الشباب لم يعد مجرد السيطرة
على الأرض، بل هو كسر إرادة مقاتلي ماكاويسلي، الذين أثبتوا خلال السنوات الماضية
قدرة استثنائية على الصمود دون دعم رسمي".
وضع إنساني هش
الاشتباكات
الأخيرة تسببت في موجات نزوح جديدة بين السكان، مع انقطاع المساعدات وتراجع
الخدمات الأساسية. وأفادت تقارير ميدانية بوجود انهيار في الأوضاع الإنسانية في
القرى المتأثرة، وسط غياب فعّال للمنظمات الإغاثية، وتعذر وصول الفرق الطبية.
ويؤكد محللون أن
الفراغ الأمني وتراجع الدعم الحكومي للميليشيات العشائرية يمثل ثغرة خطيرة، يمكن
أن تستغلها الجماعة المسلحة لتوسيع نفوذها أكثر، ما لم تتم إعادة هيكلة هذه
الميليشيات وتزويدها بالدعم اللوجستي والسياسي.
خلفية النزاع:
أزمة بلا نهاية
تخوض الحكومة
الصومالية منذ سنوات حربًا شاقة ضد حركة الشباب، بمساعدة قوات الاتحاد الإفريقي (ATMIS) وبعض الميليشيات القبلية. ومع ذلك، لا
تزال الجماعة تحتفظ بموطئ قدم واسع في الريف، وتنفذ هجمات نوعية في العاصمة مقديشو
ومدن أخرى.
وتشير التطورات
الأخيرة إلى تصاعد جديد في ميزان القوى في وسط البلاد، ما يضع تحديات إضافية أمام
الحكومة في سعيها لإحكام السيطرة، خاصة في ظل تعقيدات العملية السياسية وهشاشة
البنية الأمنية.
وتُظهر سيطرة
حركة الشباب على قرى رئيسية في وسط الصومال عمق المأزق الأمني الذي تعاني منه
البلاد، وحاجة الحكومة العاجلة إلى خطة عسكرية واضحة وتعاون مؤسسي مع القوى
المحلية. فبدون إعادة تنظيم صفوف الدفاع الشعبي وتقديم الدعم السياسي والعسكري
الحقيقي، قد تجد الحكومة نفسها أمام واقع أمني يتدهور تدريجيًا، ويُهدد بتقويض ما
تحقق من مكاسب خلال السنوات الأخيرة.