"مصطفى عبد الرازق ...الشيخ الأديب" ...في كتاب جديد

الثلاثاء 25/نوفمبر/2025 - 12:10 ص
طباعة مصطفى عبد الرازق روبير الفارس
 
أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب العدد الخامس عشر من سلسلة عقول في موسمها الثاني، بعنوان «مصطفى عبد الرازق.. الشيخ الأديب»، للباحث محمود عبده سالم، وهو عمل يسعى إلى إعادة تقديم واحدة من أبرز الشخصيات الفكرية والدينية في مصر الحديثة: الشيخ مصطفى عبد الرازق، شيخ الأزهر الأسبق ورائد الفلسفة الإسلامية المعاصرة. محتوى الكتاب وعرضه يركّز الكتاب على قراءة فكرية وإنسانية لمسيرة الشيخ، جامعًا بين البعد العلمي العميق والسيرة الشخصية التي تُظهر ملامح رجل استثنائي في تكوينه وثقافته وسلوكه. ويستعيد المؤلف بدايات الشيخ كما رآها طه حسين، الذي سجّل في مذكراته صورة شاب أزهري لم يتجاوز العشرين من عمره، صوته دافئ، وحديثه رقيق، ووقاره يسبق سنه بكثير. ترك هذا الانطباع العميق أثرًا في نفس طه حسين، حتى وصفه بأنه صاحب سكينة وهدوء يملآن المكان. ويمضي الكتاب ليكشف التوافق بين شهادة طه حسين وشهادة شقيقه الشيخ علي عبد الرازق، الذي أكّد أن مصطفى يشبه والدهما في الطباع والرزانة والخلق الكريم. ويرى المؤلف أن هذا التكوين الأسري والثقافي كان مفتاحًا لشخصية جمعت بين أصالة التكوين الأزهري والانفتاح على الفكر الحديث، وهو ما سيظهر لاحقًا في مشروعه الفلسفي. ويعرض المؤلف رحلة الشيخ في العلم والحياة، منذ نشأته في أسرة مصرية ذات مكانة اجتماعية وثقافية، مرورًا بتكوينه الأزهري، ثم انفتاحه على الفلسفة والعلوم الحديثة أثناء دراسته في أوروبا. ويبرز الكتاب اهتمامه العميق بتراث الفلسفة الإسلامية وإسهامه في تجديدها عبر طرح رؤية توفّق بين الإيمان والعقل، وبين المعارف الحديثة والعلوم الدينية. ويتوقف الكتاب عند محطات مهمة في حياة الشيخ، من بينها لقاؤه بالروائي نجيب محفوظ، الذي حمل عنه ذكريات لا تُنسى. فقد استقبله الشيخ بحفاوة بالغة ظنًا منه أنه شاب مسيحي مولع بالمعرفة، ثم زادت مودته له بعدما عرف هويته، وظل محفوظ مشدودًا إلى تواضعه وبصيرته. ويتناول العمل أيضًا مسيرته المهنية الثرية: من عمله بوزارة الحقانية، إلى منبر الجامعة المصرية أستاذًا للفلسفة، ثم وزارة الأوقاف، وصولًا إلى منصب شيخ الأزهر الذي تولاه حتى وفاته عام 1947. ويؤكد المؤلف أن إعادة طباعة أعمال الشيخ ضمن مشروع «إحياء كنوز التراث» دفعت إلى قراءة جديدة لإنتاجه الفكري، فبرزت لغة رشيقة وفكر فلسفي نيّر يستحقان التقديم للأجيال الجديدة. الكتاب، في محصلته، يقدم شخصية فكرية وإنسانية جمعت بين الفلسفة والدين، وبين الأصالة والتجديد، وبين الوقار ودفء الإنسان المثقف. السيرة الذاتية المختصرة للشيخ مصطفى عبد الرازق الاسم: مصطفى عبد الرازق الميلاد: 1885 – محافظة المنيا، مصر الوفاة: 1947 – القاهرة يُعد الشيخ مصطفى عبد الرازق أحد أبرز رموز التجديد الديني والفكري في مصر الحديثة، وأول شيخ للأزهر يأتي من خلفية أكاديمية وفلسفية معاصرة. النشأة والتعليم: وُلد في أسرة مثقفة وذات تأثير سياسي وديني. التحق بالأزهر الشريف، وتلقى علومه على يد كبار العلماء، ثم غادر إلى فرنسا حيث درس الفلسفة واللغة الفرنسية، وتأثر بالمناهج الحديثة في البحث والتفكير. الإسهام الفكري: يُعد من أوائل من أعادوا قراءة التراث الفلسفي الإسلامي بروح علمية حديثة، وركزت كتاباته على إبراز الجوانب العقلية في الإسلام ومحاولة مواءمتها مع الفكر الإنساني المعاصر. من أشهر كتبه: تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية، والإسلام وأصول الحكم (مراجعة وتحقيق). المسار المهني: عمل في وزارة الحقانية، ثم في الجامعة المصرية أستاذًا للفلسفة الإسلامية، قبل أن يتولى وزارة الأوقاف. وفي عام 1945 أصبح شيخًا للأزهر، مسهمًا في تطوير مناهجه وإصلاح خطابه. السمات الشخصية: عُرف بالوقار، والهدوء، والخلق الرفيع، وتواضع العلماء، وهي صفات أشاد بها معاصروه من أمثال طه حسين ونجيب محفوظ. ترك الشيخ مصطفى عبد الرازق إرثًا فكريًا عميقًا يجعل الكتاب الجديد «مصطفى عبد الرازق.. الشيخ الأديب» إضافة مهمة لإعادة قراءة مشروعه وتجربته التي ما تزال تلهم الباحثين حتى اليوم.

شارك