ذكر بيان صادر عن الجيش الفلبيني، أمس الجمعة، أن اشتباك
وقع في مدينة "باتيكول" الواقعة بجزيرة "سولو".
وأشار البيان إلى أن قوات الجيش اشتبكت مع نحو 80 مسلحًا
من جماعة أبو سياف في بلدة باتيكول الجبلية بسولو في معركة شرسة لكنها قصيرة أسفرت
عن مقتل ثلاثة جنود وأربعة مسلحين وجرح العديد من الجانبين.
وينتمي المتمردون إلى فصيل من جماعة أبو سياف بقيادة هاجان سوادجان المتحالف
مع تنظيم داعش، يشار إلى أن سوادجان هو المشتبه به الرئيسي في تفجير كاتدرائية تابعة
للروم الكاثوليك خلال قداس، ما أسفر عن مقتل 23 شخصا معظمهم من الكنائس واثنين من المهاجمين
الانتحاريين في 27 يناير 2019 في جولو عاصمة سولو.
وتجدر الإشارة إلى أن الفلبين تعد من أكثر الدول غير الإسلامية التى نمت فيها حركات الجهاد الإسلامي منذ أكثر من ثلاثين سنة، وكان يقود هذة الموجة مجموعة من العلماء المسلمين الفلبينيين وتتلمذ على أيديهم العديد من الطلبة الذين شكلوا فيما بعد أجنحة التيار الإسلامى هناك.
النشأة
لا يمكن فهم تطور ظاهرة الأصولية الإسلامية العنيفة في جنوب شرق آسيا بشكل عام والفلبين بشكل خاص بمعزل عن الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي سادت مناطق تركز الأقليات والمجتمعات الإسلامية في تلك المنطقة، وينطبق ذلك بشكل خاص على الحركات الأصولية الجهادية التحررية أو الانفصالية التي تسعى إلى تأسيس دولة إسلامية مستقلة على إقليم معين داخل الدولة (حركة أبو سياف).
يؤكد على ذلك أن الصراع بين تلك الحركات والنظم السياسية الآسيوية قد بدأ كصراع اقتصادي- اجتماعي في الأساس وليس صراعًا دينيًا عقيديًا، وإن كان قد أخذ بعدًا دينيًا في مرحلة لاحقة، ولكن يبقى المدخل الاقتصادي- الاجتماعي هو المدخل الأهم لتسوية هذا الصراع.
تشكل جماعة "أبو سياف" تجسيدا لتلك الحالة حيث يعتبر تاريخ الأقلية الإسلامية في جنوب الفلبين مثالاً صارخًا لصراع الأقلية العرقية لسكان هذا الإقليم مع الأغلبية المسيحية الكاثوليكية؛ بسبب أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية المتردية، ولم يدخل الإسلام كعامل رئيس في هذا الصراع إلا في مرحلة تالية كوعاء رابط لسكان هذا الإقليم.
كما جاءت حركة أبو سياف- كإطار تنظيمي- تجسيدًا للأيديولوجية القومية والدينية والنزعة الانفصالية لسكان الإقليم، وجاء رفع شعار الانفصال وتأسيس دولة إسلامية في جنوب الفلبين ليمثل خلاصا من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والعرقية لسكان الإقليم من وجهة نظرهم.
منذ دخول الإسلام الفليبين في أوائل القرن الخامس عشر على يد التجار العرب عبر شبه القارة الهندية، دخلت المسيحية الفلبين في منتصف القرن السادس عشر على يد الاستعمار الإسباني (1571)، أي بعد دخول الإسلام بأكثر من قرنين. وبينما تحول معظم سكان الأقاليم الشمالية إلى المسيحية- تمسك سكان الأقاليم الجنوبية بالإسلام، وهم الذين يتركزون في مناطق محددة خاصة في منطقة «مورو» في الجنوب ويبلغعددهم «7 ملايين مسلم» على مساحة تقدر بـ110 آلاف كم. وتشمل جزر ميندانا وباسيلان وصولو وطاوي وطالي، مما جعل الإسبان يطلقون عليهم الـ "مورو". فى ظل تمسكهم بالدين الإسلامي طوال العقود الثلاثة للاستعمار الإسباني حتى مجيء الاستعمار الأمريكي بعد هزيمة إسبانيا في الحرب الأمريكية- الإسبانية في عام 1898.
وقد أدت خبرة المرحلة الاستعمارية إلى تعميق الفجوة الاقتصادية والاجتماعية بين أقاليم الفيليبين، فقد كانت المناطق الشمالية، خاصة منطقة لوزون، هي وجهة الحملات الاستعمارية؛ مما أدى إلى تأثر تلك المناطق بعمليات التحديث والأفكار العصرية والقيم الغربية التي جاءت مع الاستعمار، وتحول الغرب في إدراك سكان تلك المناطق إلى النموذج الذي يجب أن تسير عليه عملية التحول الاقتصادي والاجتماعي، كما ظلت القيم الغربية هي القيم المرجعية لهؤلاء السكان. وعلى العكس، ظلت المناطق الجنوبية بعيدة نسبيًا عن تلك التحولات، وظلت أكثر ارتباطا بأوضاعها وقيمها وثقافاتها المحلية التقليدية.
ورغم محاولة الولايات المتحدة دمج هؤلاء السكان في النسيج الاجتماعي إلا أنها لم تنجح في تحقيق هذا الهدف؛ لأسباب عدة، منها ضعف تلك السياسة، وتعمق الشعور بالاختلاف لدى سكان تلك الأقاليم خلال العقود الثلاثة للاستعمار الإسباني نتيجة الممارسات الاستعمارية خلال تلك الفترة، بالإضافة إلى طبيعة التكوين الجغرافي للدولة الفلبينية واتساع الفواصل المائية والحواجز الطبيعية التي أعاقت عملية التفاعل الاقتصادي والاجتماعي بين الأقاليم الفلبينية تحت تأثير تواضع وسائل الاتصال خلال تلك المرحلة.
وقد أدت تلك العوامل إلى تطور جنوب الفليبين اقتصاديًا واجتماعيًا وديموغرافيًا بمعزل عن سكان الأقاليم الشمالية ذات الأغلبية الكاثوليكية. وقد عمق من هذه الفجوة نجاح سكان الجنوب في الدمج بين الثقافة والتقاليد المحلية والإسلام ورفضهم التعاطي مع فكرة المواطنة التي طرحتها السياسات الاستعمارية والتي وضعت الأقلية الإسلامية في مرتبة ثانية.
هذا كما أنه لم يحدث تحول جوهري في أوضاع الأقلية الإسلامية في الجنوب بعد الاستقلال. فقد لجأت الحكومة الفلبينية بعد الاستقلال إلى تطبيق بعض السياسات للقضاء على حالة التهميش والانقسام تلك، إلا أنها جاءت في بعض الحالات بنتائج عكسية، فقد حاولت الحكومة الفلبينية بعد الاستقلال التمييز داخل المناطق ذات الأغلبية الإسلامية بين تيار نخبوي أيد التعاون مع الحكومة المركزية في الشمال، وآخر راديكالي (شعبوي) رفض هذا التعاون، إلا أن هذا التمييز فشل في توسيع نفوذ التيار النخبوي بسبب ما أقدمت عليه الحكومة في أواخر الخمسينيات من تشجيع سكان الشمال على الهجرة والتوطن في الجنوب خاصة داخل مينداناو. وكان من المتوقع أن تؤدي سياسة التوطين إلى القضاء على حالة التطابق بين خطوط الانقسام الديني والاقتصادي والاجتماعي في الجنوب، إلا إنها أدت إلى العكس، وتحول السكان المسلمون في الجنوب مع أواخر عقد الستينيات إلى أقلية داخل مناطق شكلت تاريخيًا مواطنهم الأصلية، وذلك نتيجة سياسات الدعم الاقتصادي والمادي التي حصل عليها المهاجرون الكاثوليك في تلك المناطق، بالإضافة إلى نمط توطنهم الذي تميز بالتركز في مدن ومناطق وتجمعات زراعية محددة حصلت على الدعم الاقتصادي والمادي من الحكومة.
وارتبطت عملية التوطين تلك بظهور النزاعات حول الأراضي الزراعية، واتسمت عملية إدارتها بدرجة كبيرة من التمييز ضد السكان الأصليين. وهكذا، أدت تلك السياسة إلى تعميق الشعور بالانعزال والتهميش الاقتصادي والاجتماعي لدى السكان المسلمين في مواجهة المستوطنين الكاثوليك، والنظر إلى تلك العملية باعتبارها حالة من الاستيطان المسيحي للمناطق الإسلامية، خاصة في ظل الحضور المكثف لرموز ومؤسسات الدولة داخل تلك المناطق، بالإضافة إلى رفض الحكومة التعاطي الإيجابي مع المطالب الخاصة بالحكم الذاتي حفاظا على الطابع المركزي للدولة.
وقد أدت تلك التطورات مع بداية عقد الستينيات إلى ظهور عدد من الحركات ذات الأيديولوجيا الوطنية للدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لمسلمي الجنوب، وهي الحركات التي استطاعت جماعة أبوسياف توظيفها فيما بعد. وقد أطلقت تلك الحركات على نفسها المورو Moros. وكان أبرز تلك الحركات الجبهة الوطنية لتحرير مورو Moro National Liberation التي ظهرت أواخر الستينيات.
وفي خطوة أكثر تقدمًا، أدى نشوب حرب أهلية بين المسلمين والمسيحيين في الجنوب في أوائل السبعينيات بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمورو هنا ، إضافة إلى فشل اتفاق طرابلس الذي تم توقيعه في 1976 بين الجبهة والحكومة الفلبينية، إلى ظهور جناح أكثر تشددًا داخل الجبهة الوطنية رأى أن القضية المحورية هي قضية الدين والهوية الإسلامية وليست الأرض في ذاتها، وانتهى الأمر إلى الانفصال عن الجبهة الأم في عام 1977 بقيادة هاشم سلامات وتشكيل "الجبهة الإسلامية لتحرير مورو" والتي اتفقت مع "الجبهة الوطنية لتحرير مورو" فيما يتعلق بقضية الاستقلال، ولكنها أعطت الأهمية الرئيسية للدين الإسلامي كأساس للدولة وهدف الاستقلال. وهكذا، جاء تأسيس "الجبهة الإسلامية لتحرير مورو" ليضفي بعدًا إسلاميًا على قضية صراع الأقلية الإسلامية في جنوب الفليبين ضد التهميش الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.
وفي عام 1991 انشقت جماعة أبو سياف عن "جبهة الوطنية" في جنوبي الفلبين. نتيجة لما تقوم به الحكومات الفلبينية المتعاقبة من اضطهاد للمسلمين فى الفلبين وقتل وتشريد ونفى أغلب القادة بها، وبعد مهادنة "الجبهة الإسلامية" بقيادة نور ميسواري، للحكومة الفلبينية اشتعل غضب المجاهدين هناك ليبايعوا "أبو سياف" لقيادتهم، لتظهر الحركة الإسلامية المسلحة في الفلبين تحت اسم جماعة "أبو سياف".
ويلخص أبو سياف نشأة الجماعة بقوله: "لم نكن نفكر في بداية الأمر أن ننشئ أي حركة أو جبهة خشية من التفرق؛ لأننا في البداية كنا نريد أن ننضم إما إلى "الجبهة الإسلامية" أو "الجبهة الوطنية" ولكن عندما التقينا ببعض الإخوة في "الجبهة الإسلامية" لم نُعجب بهم؛ لأننا رأينا أن هناك أعدادا بلا نهاية، وهناك كمية كبيرة من الأسلحة، لكن هناك ركود وسكون أيضًا، وعندما التقينا بـ"الجبهة الوطنية" وجدناها هي الأخرى لا تمتثل بأوامر الإسلام، فكثير من الإخوة لا يؤدون الواجبات الدينية، حيث تجد الواحد يقاتل كجندي لكنه في نفس الوقت يهدم دينه؛ لأنه تارك للصلاة، وعند ذلك علمنا بأن "الجبهة الإسلامية" أو "الجبهة الوطنية" لا تستطيع أن تقوم بالواجب المطلوب، فتشاورنا فيما بيننا وكونا هذه الحركة، وسميناها بـ"الحركة الإسلامية" بكل بساطة.
لتشكل جماعة أبو سياف فيما بعد أكبر الجماعات الجهادية الانفصالية المسلحة بعد انشقاقها عن جبهة التحرير الوطنية "مورو" عام 1991 في جنوبي الفلبين، والأكثر استخدامًا للعنف لتحقيق مطلب الاستقلال عن مانيلا. ويعتمد نشاط الجماعة على الاغتيال والخطف؛ إذ ينسب إليها التورط في عدد من الهجمات الإرهابية منها تفجير المنشآت المدنية والعسكرية والبنيات الأساسية المحلية كالمطارات وعبارات الركاب، وخطف المسئولين المحليين والسياح الأجانب، وقتل الرهائن المحليين والأجانب.
وبعد مقتل "أبو سياف" في 18 ديسمبر عام 1998 انقسمت الجماعة إلى ثلاث مجموعات:
الأولى مجموعة يقودها«راودلان»: وهي الأكبر، والثانية مجموعة يقودها «قذافي جنجلاني»: وهي الأقل، ولكن تتميز بوجود قائد بارز فيها هو «أبو السبايا» وهو الرجل القوي، وتطلق الجماعتان اسم «أبو سياف» على نفسها.
أما المجموعة الثالثة: فهي مجموعة "روبوت" تدعي المجوعتين الأوليين أنها قامت بيد الاستخبارات العسكرية في الجيش الفليبيني حيث كونت مجموعة تطلق على نفسها كذلك «مجموعة أبو سياف» ويقودها شخص اسمه غالب، ويشتهر باسم «روبوت».
ومن أهم مركزها في جزيرتي باسيلان وسولو قبالة مينداناو. وبدأت الجماعة بشن هجمات صغيرة تستهدف الكنائس الكاثوليكية وبعثات التبشير والراهبات، لكنها سرعان ما تحولت إلى الهجمات الكبيرة وعمليات خطف شخصيات مهمة وقتل الأجانب بما في ذلك تنفيذ عملية خطف في منتجع ماليزي عام 2000.
وبعد حملات الحكومة عليها اضطرت إلى المشاركة في عملية السلام بين الحكومة وجبهة مورو للمطالبة بدولة إسلامية مستقلة، ولكن لا زالت تقوم بأعمالها المسلحة والعنيفة.
وهناك علاقة وطيدة بين جماعة أبو سياف والتظيمات الجهادية في العالم، وبدأت هذه العلاقة عبر الطلاب الدارسين والعمال من المنتمين إلى الجماعة في الشرق الأوسط، الذين كونوا علاقات مع المجاهدين العرب أثناء التدريب والقتال في أفغانستان.
إذ كان القائد أبو سياف يُرسل مجموعاته إلى معسكرات التدريب، كما طلب من بعض الجماعات أن ترسل له مدربين، وبالفعل فقد أرسل له عدد من المدربين والخبراء، وقاموا برفع مستوى الكفاءة القتالية لمجموعاته، وقد قبضت الحكومة الفلبينية على عدد من المجاهدين العرب في الفلبين، وسلمتهم للولايات المتحدة الأمريكية.
ولجماعة أبو سياف صلات تربطها بتنظيم القاعدة وبالجماعة الإسلامية. فقد تولى هذان التنظيمان تدريب أعضاء الجماعة على حرب العصابات والقيام بالعمليات العسكرية وصناعة القنابل. وفي العام 1991 أنشأ محمد جمال خليفة زوج أخت أسامة بن لادن مكتبًا فرعيًا تابعًا لهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية في الفلبين، وسخره لنقل الأموال لجماعة أبو سياف لتسديد تكاليف التدريب والأسلحة.
وفي شهادة محمد منتصر «رئيس لجنة الدعوة والإرشاد» في جبهة مورو عن تأسيس جماعة "أبو سياف" يقول: «تأسست هذه الجماعة عام 1991 على يد عبد الرزاق جنجلاني «المكنى بأبي سياف» وهذا الرجل من شعب مورو عاش في ليبيا ودرس العلوم الإسلامية هناك.. وعقب عودته إلى البلاد أعلن عن تأسيس هذه الجماعة، وأنه يسعى لتحقيق مطالب وحقوق المسلمين في الاستقلال، وفي أحد الأيام كان أحد القساوسة يلقي محاضرة في مدينة جامبونجا الجنوبية وشحنها بالهجوم على المسلمين، فانتظره أبو سياف، وعند خروجه قام بقتله وفر هارباً، ثم أعلن بعدها أنه أبو سياف وأنه أسس جماعة باسمه وقد أعجب بعض الشباب المتحمس بأسلوبه وانضموا إليه، ومنذ ذلك الوقت وهذه الجماعة تعمل وفق رؤيتها.. ومنها الاختطاف.
وعن أبرز مبادئهم يقول: «.. تدور مبادئهم حول اتباع كافة الطرق التي تلحق الأذى بالعدو ومنها الخطف وعدم جواز دخول النصارى إلى المناطق التي يعيشون فيها، كما قاموا باختطاف أولاد بعض القساوسة.. وجماعة أبو سياف- وهم محدودو العدد- يتركزون فقط في جزيرة باسيلان مسقط رأس مؤسس الجماعة ومجال التعاون بيننا يكون فقط عن طريق مجاهدينا المقتربين من أماكن وجودهم، ويدور حول الأسلوب الصحيح والأفضل الذي أقره الإسلام في الجهاد ضد الأعداء وهو ما ندعوهم دائماً لاتباعه؛ حتى لا تتشوه صورة ومعاني الجهاد الإسلامي الصحيح.
وعن أسلوب الاختطاف الذي تقوم به جماعة أبو سياف قال: «موقفنا واضح ومعلوم من هذه المسألة، نحن لا نقرها ولا نعترف بشرعيتها، وسبيلنا في الجهاد موجه ضد المحتل فقط".
وهم يقولون إننا نخطف القساوسة وأبناء القساوسة الذين جاءوا إلى جزيرة مندناو؛ لأن هؤلاء جاءوا لمساعدة الحكومة لإخراج الناس عن الإسلام، وكذلك نحن نخطف التجار وأبناء التجار الذين جاءوا لسرقة ثروات جزيرة مندناو من أيدي المسلمين وتوطين النصارى كأيد عاملة في الجنوب، ولا يمكن لنا أن نضغط على هؤلاء لترك مشاريعهم الهدامة ضد الإسلام والمسلمين إلا بهذه الطريقة، وذلك بإرهابهم وخطف أبنائهم وزعزة أمنهم؛ ليتركوا المنطقة.
وعند سؤاله: هل جماعة أبو سياف تُحرك من قبل الحكومة الفلبينية لضرب جبهة تحرير مورو الإسلامية؟ أكد على أنه لا يمكن للحكومة أن تفعل هذا أبداً، لا يوجد أي اتصال بين الحكومة وبينهم.
المرتكزات الفكرية
لا تعتبر جماعة أبو سياف جماعة فكرية بالشكل المتعارف عليه، فليس لها شيوخ أو منظرون أو منهج ديني معين، وإنما اعتمدت على العمل السياسي والجهادي منذ بدايتها، فالدعوة ثانوية والجهاد أساسي لديها وبكافة الطرق المجرمة دوليًا ومن أهم مرتكزات الجماعة الفكرية:
1- تعليم المسلمين في مناطقهم الدين الإسلامي مع الجهاد ضد من تصفهم بالنصارى المدعومين من الدولة ضدهم.
2- إنشاء دولة إسلامية غربي جزيرة مندناو جنوبي الفلبين، حيث تقطن هذه الجزيرة أغلبية من السكان المسلمين.
أهم القيادات
أبو سياف
أبو سياف هو أشهر الشخصيات في الجماعة وهو لقب مؤسسها واسمه الحقيقى هو عبد الرزاق أبو بكر الجنجلاني، وينتمي لقبيلة التاسوك، وهو من مسلمي جنوب الفلبين من جزيرة باسيلان في جنوب جزيرة "ميندناو" جنوبي الفلبين وهي عبارة عن جزيرة كبيرة منعزلة، فيها أكثرية مسلمة، ولكنها تعاني من اضطهاد السلطة الحاكمة هناك.
ولد أبو سياف في 1959 لأب مسلم ولأم مسيحية، واستطاع والده أن يحصل له على منحة دراسية، إلى ليبيا لدراسة اللغة العربية وعلومها، في مدارسها، واستطاع الحصول على المركز الأول بين أقرانه، ثم ذهب إلى الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية لإكمال دراسته الجامعية فيها، إلا أنه وبسبب معادلة شهادته لم يقبل في الجامعة الإسلامية، ولم يتمكن إلا من دراسة اللغة العربية في معهد اللغة في جامعة أم القرى فدرس الدبلوم لمدة سنة واحدة في جامعة أم القرى، ثم ذهب إلى ليبيا، ثم التحق بالمجاهدين الأفغان وأنشأ بعدها الجماعة.
وتقابل أبو سياف بعد ذهابه إلى مكة المكرمة مع أحد قادة الجهاد الأفغاني وعرض عليه التدريب، وفعلاً رتب القائد الأفغاني الذهاب إلى أفغانستان، وذهب إلى هناك ومعه مجموعة من الطلاب للجهاد، وتدرب على فنون القتال ووطد علاقته بالمجاهدين العرب أثناء التدريب والقتال في أفغانستان، ثم عادوا إلى الفلبين، ولم تعجبه طريقة جبهة "مورو" فانشق عنها ليكون جماعته عام 1991 في جنوبي الفلبين، وقام بإعداد المجموعات الجهادية، واتخذ له قاعدة في غابات في منطقه جزيرة باسيلان في جنوب جزيرة ميندناو جنوب الفلبين، وهي عبارة عن جزيرة كبيرة منعزلة فيها أكثرية مسلمة، للتأهيل والتدريب.
وجه أبو سياف مشاعر المحطين به إلى العداء للمسيحين القادمين من الشمال؛ لأن المسلمين هناك يعانون من اضطهادهم، والذين دفعت بهم الحكومة وساعدتهم لتغيير الخارطة السكانية في الجنوب المسلم، وأن الحكومة حرضتهم على قتل المسلمين وسلب أراضيهم، بل كونت منهم جماعات مسلحة لتحقيق هذا المطلب، ومن ذلك جماعة الفئران وجماعة الأخطبوط.
وقد ساعد موقع الجزيرة المستقل ومشاعر العداء تلك بين المسلمين والمسيحيين في باسيلان، على تأسيس جماعته المستقلة، ونشط في أوساط الشباب هناك.
وكان أبو سياف مجتهداً في الدعوة رغم انشغاله بتدبير شئون الجماعة العسكرية، إلا أنه كثيراً ما يلقي الدروس في المساجد وخاصة في جزيرة بسيلان، وفي يوم 18 ديسمبر عام 1998 كان يخطب في أحد مساجد قرية لاميتان بجزيرة باسيلان، وعلمت بوجوده القوات البحرية فطوقت المسجد، وبدأت بقصفه وإطلاق النار عليه، وحدث اشتباك مع الشرطة الفلبينية في قرية لاميتان بجزيرة باسيلان، ثم حاصرته الشرطة بقرية في "زامبوانجا" والتي كان يختبئ بها هو ومن معه، ولم تعلم الشرطة الفلبينية بأن من قتلته هو أبو سياف حتى أعلن المجاهدون استشهاده. وحل محله بعد ستة أشهر أخوه الأصغر قذافي جنجلاني الذي قُتل في مواجهة بالأسلحة مع القوات المسلحة الفلبينية، فأصبح رادولان ساهيرون زعيما للجماعة.. وسجن أخوه الثالث هكتور بتهم القتل والخطف.
غالب أندانغ
يشتهر باسم "روبوت" وهو مؤسس إحدى مجموعات "أبو سياف" التي انقسمت بعد مقتله، ويقال: إنها أسست بدعم من الاستخبارات العسكرية في الجيش الفلبيني.
قذافي جنجلاني
بعد مقتل القائد "أبو سياف" تولى قذافي جنجلاني قيادة الجماعة، وتعد مجموعته أقل مجموعات الجماعة، ولكن تتميز بوجود قائد بارز فيها هو «أبو السبايا» والذي قتل في معركة بحرية في يونيو 2002، وقتل جنجلاني في مواجهة بالأسلحة مع القوات المسلحة الفلبينية.
رادولان ساهيرون
يعد رادولان ساهيرون قائد أكبر المجموعات في جماعة "أبو سياف"، ويتوزع المئات من مجاهديها في جزر باسيلان، سولو وتاوي تاوي، لكن نشاطهم يصل إلى مانيلا.
اسنيلون هابيلون
وهو من قيادات الجماعة البارزة وموجود في باسيلان ومطلوب من السلطات الأمريكية
أومبرا جومديل
وهو من قيادات الجماعة البارزين، ومعروف باسم "أبو بولا" والموجود في جولو والبدر باراد.
أهم العمليات الإرهابية
رغم أن جماعة أبو سياف هي أصغر الجماعات الإسلامية في جنوب الفلبين فإنها الأكثر استخدامًا للعنف لتحقيق مطلب الاستقلال عن مانيلا. ويعتمد نشاط الجماعة على الاغتيال والخطف.
كما تورطت جماعة أبو سياف في عدد من الهجمات الإرهابية منها تفجير المنشآت المدنية والعسكرية والبنيات الأساسية المحلية كالمطارات وعبارات الركاب؛ وخطف المسئولين المحليين والسياح الأجانب؛ وضرب أعناق الرهائن المحليين والأجانب؛ وابتزاز رجال الشركات والأعمال المحليين والأجانب، ومن ذلك على سبيل المثال ما يلي:
• ينسب للجماعة عدة عمليات، منها هجوم كبير للجماعة عام 1995، عندما أغارت على بلدة إيبيل في جزيرة مندناو.
• في أبريل 2000، قامت عصابة تابعة للجماعة باختطاف 21 شخصًا من منتجع ماليزي للاستجمام.
• وفي مايو 2001، قام أعضاء الجماعة باختطاف ثلاثة مواطنين أمريكيين و17 فلبينيًا من منتجع في بلاوان بالفلبين. وأقدم هؤلاء فيما بعد على قتل العديد من الرهائن.
• وفي 27 فبراير 2004، قام أعضاء الجماعة بتفجير عبارة للركاب في خليج مانيلا، فقتلوا 116 شخصًا.
• وفي 14 فبراير 2005، قام أعضاء الجماعة بعمليات تفجير متزامنة في مدن مانيلا، وجنيرال سانتوس، ودافاو، قتل فيها ثمانية أشخاص على الأقل وأصيب 150 آخرون.
• وفي عام 2006، انتقلت مجموعة الجنجلاني القيادية في جماعة "أبو سياف" إلى سولو، وهناك تكاتف أفرادها مع مؤيدي الجماعة من الأهالي المحليين فآووا من فروا من إندونيسيا من أعضاء الجماعة الإسلامية.
• وفي يوليه 2007، قاتلت جماعة "أبو سياف" وجبهة تحرير مورو الإسلامية أفرادًا من جيش الفلبين في جزيرة باسيلان، فقتلوا 14 شخصًا.
• وفي نوفمبر 2007، انفجرت قنبلة مدسوسة في دراجة نارية خارج مبنى المجلس التشريعي للفلبين، فأودت بحياة أحد نواب المجلس وثلاثة موظفين. وعلى الرغم من عدم صدور أي إعلان قاطع عن ضلوع جهة بعينها في الحادث، فقد ألقي القبض على ثلاثة مشتبهين من أعضاء الجماعة أثناء غارة على أحد المخابئ في وقت لاحق.
• وفي فبراير 2008 أحرقت جماعة أبو سياف سفينة قبالة مانيلا؛ مما أدى إلى مقتل نحو 100 شخص.
• وفي يناير 2009، قامت الجماعة باختطاف ثلاثة عمال تابعين للصليب الأحمر الدولي في مقاطعة سولو، واحتجزوا أحد الرهائن لمدة ستة أشهر.
• وفي مطلع 2012 خُطف لورنزو فينسيغيرا وهو سويسري في السابعة والأربعين من عمره ، وإيولد هورن وهو هولندي في الثانية والخمسين في جزيرة تاوي الصغيرة في الأرخبيل.
• وفي 12 يونيو 2012 خطف الصحفى الأردني الذي يعمل في قناة العربية بكر عطياني، وتمكنمن الهرب في ديسمبر 2013 وكان معه تقنيان
فلبينيان تم الإفراج عنهما في فبراير 2013، وعطياني هو مدير مكتب العربية في جنوب شرق آسيا.
• وفي مارس 2013 أطلقت جماعة أبو سياف سراح رهينة أسترالي يدعى رودويل في مدينة باغاديان كانت قد احتجزته لأكثر من 15 شهرًا بعدما اختطفته من منزله.. وبث الخاطفون خلال فترة احتجاز الرهينة أربع تسجيلات مصورة له للتأكيد على أنه لا يزال على قيد الحياة، وقد طالبوا بمليوني دولار كفدية للإفراج عنه.
ذراع داعش في جنوب شرق آسيا
بعد أربعة أعوام من القصف الجويّ المدعوم من جانب الولايات
المتّحدة والقتال البرّي الذي يقوم عليه مقاتلو الميليشيّات الكرديّة والشّيعيّة. استطاعت الجماعة،
وفي سياق لا يبشّر بالهزيمة، الانتشار في أماكن أخرى. فكانت جزيرة مينداناو، في جنوب
الفلبين، الملاذ للمتمرّدين بسبب طبيعتها البرّيّة الكثيفة وضعف الوجود الشّرطيّ، الأمر
الذي سهل من اجتذاب داعش مجموعة من المقاتلين الجهاديّين.
يشار إلى أن الجماعة قامت في البداية بحملة كبيرة لتجنيد
الأتباع في جنوب الفلبين، في عام 2016، حيث عملت على نشر مقاطع فيديو على الإنترنت
لإغراء المقاتلين الّذين لم يتمكّنوا من الّلحاق بالخلافة المزعومة في العراق وسوريا.
ويقول مسؤولون في الأجهزة الأمنية إنّ مئات المقاتلين تدفّقوا من مناطق بعيدة مثل الشّيشان
والصّومال واليمن.
وفي العام التّالي، استولى المقاتلون الّذين تعهّدوا
بالولاء لداعش على مدينة مراوي، في مينداناو. وبحلول الوقت الّذي انتشر فيه الجيش بعد
خمسة أشهر، كانت أكبر مدينة ذات أغلبيّة مسلمة في البلاد قد صارت تحت الأنقاض. وقُتل
ما لا يقلّ عن 900 من المتمرّدين، بما في ذلك مقاتلون أجانب وكذلك إنسيلون هابيلون،
أمير داعش في شرق آسيا، وهكذا، أعلن الرّئيس الفلبيني دوتيرت انتصاره على داعش، لكن
انتصاره على ما يبدو لم يردع الموالين للتّنظيم من إعادة تجميع صفوفهم.
للمزيد حول جبهة " مورو" الإسلامية.. التحرر الوطني على الطريقة الإخوانية.. اضغط هناللمزيد حول "داعش" تتبنى تفجير كاتدرائية "جولو" الفلبينية ردًا على استفتاء قانون "بانجسامورو".. اضغط هنا