"من أجل المسلمين".. واقع الإسلام في فرنسا وتراجع مؤشر التسامح
السبت 06/يونيو/2015 - 10:08 م
طباعة
اسم الكتاب- من أجل المسلمين
الكاتب – إيدوي بلينيل
المترجم – عبد اللطيف القرشي
الناشر – مجلة الدوحة قطر 2015
يقدم كتاب إيدوي بلينيل الكاتب الصحفي الفرنسي الشهير عملية تشريح للإسلاموفوبيا في فرنسا حيث عمد الي تحليل مواقف مختلف الاحزاب والهيئات والتيارات السياسية من مختلف الأطياف من أقصي اليمين إلي اليسار الثوري والراديكالي بفرنسا ليبرز كيف إنها انحازت بوعي أو بدونه لمواقف الجبهة الوطنية العنصرية فصارت تنتج الخطاب الإقصائي والتمييزي نفسه مع محاولة صبغه بصبغه التحليل الموضوعي والرصانة الفكرية والالتزام الاخلاقي .علما بان غايتها انتخابية فقط ولا تتجاوز الرغبة في استقطاب اصوات ناخبين وقعوا ضحية تخويف ممنهج عميقا في نموذج لخلق عدو حيث ظهرت بالمجتمع عنصرية ثقافية بحسب ملاحظة اللجنة الوطنية الاستشارية لحقوق الإنسان الفرنسية والتي كشفت عن مطالبات تريد اعتبار الإسلاموفوبيا كجزء من حرية الرأي والتعبير وعلى هذا الأساس، فإن مظاهر الكراهية المختلفة سواء ما كان منها ضد العقيدة الإسلامية ام ما كان منها ضد معتقديها لا يمكن أن تقع تحت طائلة القانون الجنائي وبمسايرة هذا المنطق الخطير فان اهانة سيدة محجبة ليس الا عملا نضاليا ضد ممارسة تعد شكلا من أشكال الاضطهاد الممارس في حق النساء .
مشكلة فرنسا
"هناك مشكلة مع الاسلام في فرنسا".. يقول إيدوي بلينيل من كثرة ما سمعت هذه المقولة – بدون ادنى اعتراض – في الشوارع ووسائل الإعلام والمواصلات و ...الخ وانت تتجول في فرنسا، الأمر الذي يؤكد على ان فرنسا تدخل في حرب ضد عقيدة معينة وتجعلها تتأقلم مع الاحكام المسبقة وتتعود على اللامبالاة باختصار تستأنس بالأسوأ، من كثرة ذلك قررت الشروع في كتابة هذا الكتاب كنوع من التطبيع الثقافي مع خطاب شبيه بذلك الذي كان يؤكد على وجود مشكلة يهودية في فرنسا قبل أن تقع الكارثة الاوربية، أردت التصدي من خلال الانحياز بعقلانية الي مواطنينا من اصول وثقافة او عقيدة اسلامية لمواجهة اولئك الذين يقدمونهم اكباش فداء لقلقنا وحيراتنا، ان الطبقات العليا التي هي تهمني هنا بحكم ان الهواجس المناهضة للأجنبي لا تتولد تلقائيا بل توجد وتصونها دائما هزائم اكثر اهمية، تتمثل في النكسات الفكرية والغريب ان اللجنة الوطنية الاستشارية لحقوق الانسان نفسها كشفت في عام 2014 عودة عنصرية فظة، بتصاعد شديد للأعمال المناهضة للمسلمين وليس من الصدفة في شيء ان يعرف المؤشر العام للتسامح داخل المجتمع الفرنسي الذي تقيسه اللجنة في تراجع مستمر ويفقد 12 نقطة خلال اربع سنوات، ان العنصرية وكراهية الاجنبي لا تتوالدان تلقائيا بل إنهما حصيلة لسياسة نستسلم لها.
وعليه يجب الجهر بالإدانة ليس فقط دافعا عن المسلمين بل دفاعا كذلك عن كل الاقليات التي يهددها هذا التعود على كراهية الاخر ويصمها بالعار ويضعفها ان جرائم معاداة السامية والاعتداءات الكارهة للزنوج
انا اتهم
فى عام 1898 تبني الاديب افرنس الشهير اميل زولا موقف الدفاع عن الضابط دريفوس الذي كان متهم بالتخابر زورا باعتباره يهوديا وهى تهمته الحقيقية وتحدى المناخ العفن وقتها بمقاله الشهير انى اتهم وهاهو ايدوي يكرر الاتهام مؤكدا ان الخلط بين جماعة بشرية باكملها بالانتماء او بالثقافة او بالعقيدة وتصرفات بعض الافراد الذين يحسبون انفسهم عليها او يتباهون بالانتماء اليها هو تمهيد للظلم والتزام الصمت امام خطابات كهذه هو تعويد للوعى على الاقصاء من خلال اضفاء الشرعية على التمييز واسباغ الاحترام على التشويش
الحيوية
الاعتراف بالأقليات يحقق حيوية ديمقراطية تتقبل تنوع افرادها وتعدد وضعياتها وثراء اختلافاتهم عن طريق احترام الاختلافات نبنى التماثل السامي الذي تنادى به المبادئ الحيوية
التي لم تستنزف ابدا مبادئ الحرية والمساواة والأخوة، واذا كان لابد من مرادف للديمقراطية فلعل الأنسب هو لفظ الانتقال رفض الحياة المحتومة والأماكن المقيدة والهويات المغلقة باختصار رفض المستقبل الجامد الانتقال بوصفه حركة اللقاءات والتبادلات وبكلمة واحدة العلاقات.
لقاء الآخر
مجدد يصبح الآخر مشكلة داخلية للثقافة الأوربية بشكل حقيقي مشكلة أخلاقية تعني كل واحد منهم.
يبقى أن الكتاب تحدث بانحياز شديد للمسلمين ولم يتحدث عن دورهم في استخدم اساليب حديثه او تطوير اساليب خطابهم الديني لتسهيل وصول صورتهم او فكرهم للغرب، وهذا الانحياز جعل الكاتب يتجاهل تماما اثر ظهور تنظيم "داعش" "المحسوب دعائيًا على الإسلام"، على تكريس صورة الإسلاموفوبيا على فرنسا أو أوربا ككل رغم ان الكتاب كما اكد المترجم صدر في فرنسا منذ 4 شهور فقط والتنظيم له أكثر من عام، وصدر عنه عشرات بل مئات الكتب، اتخذ الكتاب الروح والنمط الرومانسي، وابتعد عن تقديم المعالجة الواقعية التي تقدم حلولًا فعلية للمشكلة.