مخيون: السياسة لعبة نعرف كيف نلعبها.. لذلك انتقلنا من دعم "الإخوان" إلى دعم "السيسي"
الثلاثاء 06/أكتوبر/2015 - 05:12 م
طباعة
كثيرًا ما تخرج تصريحات من قيادات بحزب "النور" أو "الدعوة السلفية" لا تمت للواقع بصلة، خاصة إذا بدا لهذه القيادات أنَّ شعبيتها بدأت تتآكل أو تنقص، خصوصًا هذه الأيام ونحن على أبواب انتخابات برلمانية يطمع كل منهما في أن يكون له أغلبية أو أكثرية فيها، وفي محاولة لحفظ ماء الوجه، قرر الدكتور يونس مخيون، رئيس حزب النور، خوض لعبة جديدة قد تعوض الكثير من خسائر حزبه خلال المرحلة المقبلة، وهو ما دعاه لأن يقول في تصريحات خاصة لـ«البوابة»: «إن الرئيس عبدالفتاح السيسي، يسير بخطى إسلامية نحو محاربة الفساد المتفشي في جميع الأجهزة التنفيذية بالدولة، وإنه يحكم البلاد بالشريعة الإسلامية، وهو ما توقعه الحزب عندما قرر دعمه في الانتخابات الرئاسية السابقة».
فهل الشريعة الإسلامية التي يتبناها حزب النور ويقول إن الرئيس السيسي يحكم بها تعترف بالديموقراطية؟ ألم تصرح قيادات من الحزب والدعوة السلفية بأن الديموقراطية مذهب كفري- على حد قولهم- وما زالت تلك الآراء منشورة على موقع الدعوة السلفية "أنا سلفي"، مَرةً على لسان ياسر برهامي وأخرى على لسان عبد المنعم الشحات، وغيرهما من قيادات الدعوة والحزب؟
أم أن حزب النور يريد أن يتخلى عن معتقداته الإيمانية في سبيل الوصول إلى البرلمان المصري؟ وإن كان يمارس تلك الممارسات البراجماتية في سبيل الوصول إلى البرلمان كيف يأمن له الشعب المصري؟ أم أنهم يستخفون بنا؟
الدكتور يونس مخيون
كما أضاف مخيون أن الحزب يؤيد الرئيس في القرارات التي يتخذها شكلًا ومضمونًا؛ لأن ذلك يأتي من إطار الشريعة، مشيرًا إلى أن الحزب لعب الدور الأكبر في الإطاحة بجماعة الإخوان المسلمين من الحكم، وأن حركة تمرد كان لها الدور الأصغر في ذلك، قائلاً: «لولا تأييد النور السلفي لـ"تمرد" ما خرجت الجماهير للمناداة بسقوط الإخوان».
ولا يستطيع أحد أن يعلق على هذا الجزء من خطاب مخيون إلا أن يصفه بالتبجح والكذب، فالجميع يعلم من ساند تمرد، وكيف أن الأحزاب المدنية ومجموعات الشباب عملت مع مجموعة تمرد ليل نهار في سبيل الوصول إلى تلك اللحظة الحاسمة في 30 يونيو و3 يوليو، وأن دور حزب النور والدعوة السلفية لم يكن ظاهرًا سوى في المشهد الأخير في 3 يوليو، فليتخلص مخيون وحزبه ودعوته السلفية من ذلك الوهم وليعلم أن الكذب حرام شرعًا، وأن السياسة لا تنجيه من الحساب وأن الضرورات لا تبيح الكذب والالتفاف على الحقائق، فالشعب المصري ليس بهذا الغباء الذي يتوهمه مخيون وحزبه ودعوته السلفية.
كما أشار «مخيون» إلى أنه يلتقى الرئيس بشكل دوري ليطلعه على شكاوى ومشكلات الشارع في جميع أنحاء الجمهورية، لافتًا إلى أن الرئيس يقوم بكتابة وتدوين كل ما يطلعه عليه، وبعدها يقوم بمراجعته للعمل على حله. وقال مخيون: «يجب خلط السياسة بالدين والشريعة؛ لأن ذلك من السنة النبوية».
للشيخ محمد رسلان
ونستعير هنا ردًّا للشيخ محمد رسلان على ادعاءات حزب النور والذي قال عنهم: "إن الدعوة السلفية وذراعها السياسي حزب النور، يغيرون الشريعة ويبدلون الدين ويأتون بأسانيد لأفعالهم ما أنزل الله بها من سلطان، والتصويت لهم في الانتخابات البرلمانية نقض للتوحيد، تبعًا لقولهم السابق بعدم جواز خوض الانتخابات البرلمانية والحكم بغير شرع الله."
فعن أي شريعة يتحدث حزب النور وعن أي دين؟
وفي إطار التناقض الشديد الذي تشهده فتاوى شيوخ الدعوة السلفية، التي تحرم وتحلل كل شيء، وكأنهم نصبوا أنفسهم رسل الله على الأرض وأحكامهم واجبة التنفيذ، وتتغير أحكامهم وفق مصالحهم الخاصة، أطلق "ياسر برهامي" أحد أقطاب الدعوة السلفية وحزب النور، الذي لم يهدأ يومًا بإصدار فتاوى شاذة تبعًا لأغراضه ومصالح حزبه، فتوى أخرى حرم خلالها الانتخابات البرلمانية بشكل عام، ومشاركة المرأة فيها بشكل خاص، تحت زعم أنها مفسدة للنفس وتضييع للوقت.
وجاءت فتواه متناقضة مع ما فعله حزب النور السلفي، والمحسوب عليه "برهامي"، إبان انتخابات برلمان 2012، فكانت المرأة متواجدة على قوائمهم الانتخابية وممثلة لعدة مناطق، ولم تخلُ قائمة للحزب من وجود امرأة واحدة على الأقل.
ياسر برهامي
وأكد فقهاء إسلاميون أنه لا صحة لفتوى "برهامي" ، فالمرأة لها حق العمل والمشاركة السياسية، وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم- يأخذ بمشورة السيدة عائشة رضي الله عنها، واصفين فتاوى حزب النور السلفي بأنها "متنطعة".
وقال أشرف سعد، العالم الأزهري، إنه لا صحة لما يروج له "برهامي" في أصل الدين، فوجود المرأة في البرلمان يشبه كل الأعمال في المجتمع التي تشارك فيها، مشيرًا إلى أنه ما يُحرم على المرأة فقط هو الخلافة ولا وجود للخلافة الآن، وأضاف أن حزب النور السلفي متأثر بالدعوة السلفية؛ لأنه خرج من رحمها وفتواها تؤثر بشكل كبير على الحزب، إلا أن الدخول في العملية السياسية يحتم عليه التخلي عن بعض المبادئ والمعتقدات.
وأشار إلى أن المرأة كانت موجودة على قوائمهم الانتخابية، وإن كانوا يخفون في قرارة أنفسهم فكرة إقصاء النساء، مؤكدًا أن خطورة السلفيين باتت أشد من خطورة الإخوان وهم أكثر "غباءً" منهم.
ورغم أن "تطبيق الشريعة الإسلامية" كان أهم مطلب من مطالب حزب النور من بداية انخراطه في العملية السياسية قبل تكوين الحزب خاصة قبيل الإعلان الدستوري في 19 مارس 2011، حيث كثفت الدعوة السلفية ملصقاتها في الشوارع تطالب بعدم المساس بالمادة الثانية من دستور 1971، وتوالت بعدها تصريحات حزب النور والدعوة السلفية حول أهمية تطبيق الشريعة الإسلامية، فقد صرح الشيخ ياسر برهامي، نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية، خلال مؤتمر «الملتقى النسائي الثالث للدعوة السلفية» بالإسكندرية، 9 مايو 2012، قائلًا: "إن الدكتور محمد سليم العوا هو الأكفأ لمنصب رئيس الجمهورية، لكن الدعوة لن تستطيع أن تصل به إلى الرئاسة، ولو كان الأمر بمعيار الكفاءة فقط فإن الشيخ عبدالمنعم الشحات أكفأ من كل المرشحين»، مشددًا على أن الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح لديه كفاءة، بدليل أنه ظل عضواً في مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين قرابة 25 عاماً، لكنه أوضح أنهم «سيتخذون موقفاً من أبو الفتوح إذا لم يسع لتطبيق الشريعة".
وفي 15 نوفمبر 2012، طالب الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية، وعضو الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية، أن يفي بوعده وأن يطبق شرع الله، كما وعد في برنامجه الانتخابي.
وقال "برهامي" خلال المؤتمر الجماهيري الحاشد لحزب النور بالغربية تحت عنوان "الشريعة والدستور" بحضور الدكتور السيد عفان وأحمد القطان والدكتور أحمد خليل خير الله، والشيخ مصطفى بدر رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية بالغربية، وحشد جماهيري هائل من أنصار حزب النور بالغربية: "يجب علينا توفير هذا المناخ له، حتى يتسنى له تطبيق شرع الله من خلال دستور يراعي شرع الله في كل بنوده ومواده وقوانينه، وتكوين برلمان شرعي نيابة عن الشعب يتقى الله في قراراته وتشريعاته"، مؤكداً أن حزب النور متمسك بتطبيق الشريعة الإسلامية لإيمانه الكامل أنه لا إصلاح لهذه الأمة إلا بصلاح الدين والعلاقة بين العبد وربه.
إلا أن حزب النور في كتابة برنامجه الانتخابي 2015 لم يتضمن تطبيق الشريعة الإسلامية؛ حيث كشف شعبان عبد العليم الثلاثاء 25 أغسطس 2015، عن أن الحزب لن يضع في برنامجه الانتخابي تطبيق الشريعة الإسلامية، معتبرًا ذلك نوعًا من المزايدة على المواطنين والدولة.
وفي +ممالاة واضحة للدولة ونظام حكمها للوصول الى البرلمان تابع مخيون حديثه قائلا: الأحزاب السياسية والتكتلات السياسية خاصةً الليبرالية المتواجدة على الساحة أول من طلبت الدعم من جماعات الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة إبان حكمهم للبلاد، وحاولت التنسيق معهم لحصد الكثير من المكاسب السياسية. مؤكدًا إقحام الحزبِ السياسةَ في الشريعةِ، وأنه يقوم بالرد على جميع المواقف التي تعرض لها قيادات الحزب بالكتاب والسنة، وأن هدفه من المشاركة في خارطة الطريق هو إنقاذ البلاد من الغرق في فوضى، ويسعى لأن يكوّن مجلس نواب معبرًا عن ملايين المصريين وليس مجلسًا لأصحاب الملايين.
وأوضح أن دستور ٢٠١٤ أفضل الدساتير التي حافظت على الهوية الإسلامية، وأن المجلس القادم هو من سيطبق تلك المواد. وقال إن رجال الجيش والشرطة بهم أشخاص يحافظون على الشريعة والدين أكثر من أعضاء حزب النور، لافتًا إلى أن مخطط تقسيم مصر لا يزال مستمرًا من جانب الغرب، وإذا سقطت مصر ستسقط باقي الدول العربية. واستطرد: مخطط الغرب يهدف إلى سرقة هوية الشباب، ودفع ٣٥ ألف شاب للحصول على الهوية الصهيونية.
كما تطرق مخيون للحديث عن الحكومة السابقة فقال: كان لا بد من رحيل حكومة المهندس إبراهيم محلب، بسبب الفساد الذي تفشى في جميع الجهات التنفيذية والرقابية والمحليات خلال الفترة الأخيرة وعدم مقدرة رئيس الوزراء التصدي لهؤلاء الفاسدين والقضاء على الفساد وتنفيذ تعليمات الرئيس عبد الفتاح السيسي. وأضاف رئيس النور السلفي أن الحزب أيد بشكل كامل قرار الرئيس في إقالة الحكومة وتشكيل حكومة جديدة برئاسة المهندس شريف إسماعيل، وأنه كان لا بد أن يكون ذلك القرار منذ فترة كبيرة، وأشار مخيون إلى أن محلب وشركاءه سوف يحاسبون أمام الله بسبب الفساد الذى اشتكى منه المواطنون ولم يقدر أحدهم على حله خلال الفترة الماضية، وأنه إذا استمر محلب في منصبه وجميع وزرائه كان سيؤدى إلى ثورة ثالثة بسبب ذلك الفساد، وتابع مخيون أن قائمة «في حب مصر» التي أعلنت عن خوضها الانتخابات البرلمانية القادمة تضم ٩٩ في المائة منها أعضاء بالحزب الوطني السابقين، والذين كانوا يتربعون على أمانات الحزب في جميع محافظات الجمهورية، فضلًا عن مطالباتهم العديد من الجهات الأمنية للوقوف بجانبهم وقيامهم بإقناع العديد من العناصر في محافظات الصعيد، خاصةً، بخوض ماراثون الانتخابات على قائمة في حب مصر.
شعبان عبد العليم
وأورد مخيون أنه لا بد من اختلاط السياسة بالدين والشريعة؛ لأن ذلك من السنة النبوية، وعن سؤاله عن سبب دعم النور السلفي للإخوان إبان حكمهم للبلاد، قال: كان لا بد للحزب أن يدعم الإخوان لفترة وجيزة لأن السياسة لعبة، والنور يعرف يلعبها جيدًا، وعندما عرفنا الإخوان جيدًا ومخططاتهم الفاسدة تجاه الوطن قررنا التكفير عن ذنوبنا ودعم الرئيس السيسي ودعم خارطة الطريق. موضحًا أن حزب النور لا يؤيد بشار الأسد فيما يحدث في سوريا من فوضى، وأن الحزب يطرح حلولًا أخرى للخروج من الأزمة، وهى الخروج الأمن لـ«بشار الأسد» من حقبة الحكم وعمل خارطة طريق للحكم في سوريا لعدم إسالة دماء جديدة في الأراضي السورية.
وأكد رئيس النور السلفي أن واقعة سقوط رافعة الحرم المكي في السعودية تؤكد أن هناك مخططات غربية تحاول العبث في المنطقة العربية، وأن هناك أيادي لها دور كبير فيما حدث في السعودية، خاصةً أن الواقعة حدثت في ذكرى سقوط البرج الأمريكي الذى أعلن تنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن عن مسئوليته عنه، فيما أعلن مخيون عن أن حزب النور السلفي هو حزب له أسس وقواعد دينية ولا ينتبه إلى ما يقال عن أنه لا بد من حل الحزب؛ لأنه على أسس دينية، قائلًا: «ما المشكلة أن يكون أعضاء وقيادات الحزب يعرفون الله وملتزمين دينياً».