الاخوان وتنظيمها الدولي وترامب.. من الذي سينتصر؟
الأحد 05/فبراير/2017 - 12:46 م
طباعة
منذ ظهور ترامب على الساحة السياسية وتصريحاته المناهضة تارة للإسلام وتارة اخرى للجماعات الاسلامية وعلى رأسها داعش وجماعة الاخوان، هناك تغيرات كثيرة حدثت على مستوى الجماعة وتنظيمها الدولي في مواجهة تصريحات ترامب ومحاولة ادارته الجديدة للبيت الابيض وضع الجماعة على قائمة المنظمات الارهابية مما دفع ببعض كيانات الجماعة وقيادتها اما للانسحاب من التنظيم الدولي او الى تقديم خطاب معتدل على الاقل على المستوى الخارجي.
وقد سلّط تقريرٌ لوكالة "فوكس نيوز" الأمريكية الضوء على حالة الانقسام في صفوف النخبة الأمريكية بشأن تصنيف الإدارة الأمريكية جماعة الإخوان "إرهابية".
وقال التقرير إن إدارة ترامب قد تُعلن في القريب العاجل جماعة الإخوان المسلمين "تنظيمًا إرهابيًا"، وهي الخطوة التي ستحدُّ بشكل كبير من نطاقها العالمي، وقد يحدث بالرغم من إصرار الجماعة على سلمية نواياها. وكان ترامب نفسه ناقدًا لنهج أوباما تجاه الإخوان المسلمين، واقترح السيناتور "تد كروز" -عن ولاية تكساس- مشروع قانون إعلان جماعة الإخوان المسلمين "إرهابية".
وفي حال تصنيف الإخوان "جماعة إرهابية" فإن تمويل الجماعة سيكون عملًا إجراميًا، وسيتم حظر البنوك التي تقوم بالتعامل معها، وسيُمنع داعمو الجماعة حول العالم والعديد من الدول، بما في ذلك الدول الإسلامية، من الوصول إلى الولايات المتحدة؛ وسيصبح من السهل ترحيل المهاجرين العاملين مع التنظيم.
وفي الوقت الذي يتهم فيه الداعية الشيعي محمد الحاج حسن -مؤسس تحالف المسلمين الأمريكيين- بالإرهاب، ومباركة الداعية السني اللبناني حسن مريب حملة قمع السلطات المصرية ضد الإخوان، يُصر رئيس الجماعة في لبنان محمد حكمت وليد على النهج السلمي للجماعة وعدم استناد مشروع "كروز" على حقائق.
ويشير التقرير إلى تصنيف السعودية والإمارات الإخوان "جماعة إرهابية" عام 2014م، كجزء من حملة واسعة لاحتواء الإسلام المتطرف. وخلال جلسة استماع تعيينه في المنصب، ذكر وزير الداخلية الأمريكي "ركس تلرسون" الجماعة في نفس السياق الذي تحدث فيه عن القاعدة، عندما قال: "وكلاء الإسلام المتطرف مثل القاعدة والإخوان المسلمين وعناصر بعينها داخل إيران".
وبالعودة إلى عام 2012م، انتقد دونالد ترامب السياسة الودودة للرئيس الأمريكي أوباما تجاه الإخوان بما يزيد على 20 تغريدة على موقع تويتر.
ويضيف التقرير أن العديد من خبراء السياسة الخارجية الأمريكية حذروا من تصنيف الإخوان جماعة إرهابية. ويقول أنتوني كوردسمان، الذي عمل مستشارًا لوزارة الدفاع: "يجب أن تكون حريصًا جدًا جدًا للتأكد من عدم إطلاق لفظ إرهابي على أي شخص تراه".
ويقول دوج باندو، كبير باحثي معهد "كاتو": "في الوقت الذي تورط فيه أشخاص ومجموعات مرتبطون بجماعة الإخوان المسلمين في عمليات إرهابية على مدار عقود؛ إلا أن الإخوان المسلمين لم تتهم مطلقًا في محاولات الهجوم على الولايات المتحدة".
عصام تليمة، عضو جماعة الإخوان المسلمين
وعلى صعيد آخر فقد شن عصام تليمة، عضو جماعة الإخوان المسلمين، هجومًا على التنظيم الدولي للجماعة، واصفًا إياه بالوبال الكبير، ومطالبًا بوقفتين: الأولى تكون عن التنظيم الدولي، والثانية عن جدوى وأهمية وجوده، متسائلاً: "هل له وجود حقيقي، أم أنه سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء؟ وهل هو كيان وهمي؟ وهل له نفع يذكر، أم أنه كيان ضرره أكبر من نفعه؟، في المقابل رأى الدكتور محمد سودان قيادي الإخوان أن هناك ما يؤمن بفكر الجماعة في أكثر من 84 دولة، مستبعدًا فكرة فك التنظيم ومعلنًا رفضها لها. وأوضح تليمة في مقال له بعنوان "اتحاد المنظمات الإسلامية وسراب التنظيم الدولي للإخوان" أن التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، بمثابة عباءة غير حقيقية ترتديها الجماعة وتصيبها بعداوات لا داعي لها، ويجعل الحكومات والأنظمة تنظر لها نظرة أكبر من حجمها وهو ما يتسبب لها في ضرر بالغ، انطلاقًا من هذه المواقف وبخاصة بعد أحداث 3 يوليو. وأكد تليمة أن التنظيم كان حلمًا أشبه بخيال لا أثر له على الواقع، مضيفًا: "حتى الهدف الذي وضع لأجله وهو التنسيق بين الأقطار في مواقفها، فقد أصبح شكليًا، فترى الموقف ونقيضه من الإخوان في بلدين يصدر الموقف فيهما عن الإخوان المسلمين، هذا يشرق وذاك يغرب"، كما أصبح وجود هذا الكيان الشكلي يمثل عبئًا على بعض الأقطار التي يتواجد فيها الإخوان بشكل قوي، وبخاصة دول الخليج، التي توحي هذه الفكرة بوجود بيعتين للأفراد بيعة لحاكمه، وبيعة أخرى وولاء لفرد خارج بلاده. واستشهد بإخوان الكويت الذين فكوا الارتباط بالتنظيم الدولي بعد غزو العراق؛ لأنهم رأوا أن الحفاظ على الدعوة بغير لافتة التنظيم الدولي هو الأهم، والأنفع والأجدى للجميع، وعدم الوقوف على شكليات تنظيمية لا تفيد بشيء، بل تفسد علاقة الحركة الإسلامية بالدول التي تعيش فيها، وتوالى بعد ذلك دول أخرى قامت بما قام به إخوان الكويت- حسب قوله. ولفت تليمة إلى أن التنظيم لم ينجح في أي قضية ترفع على النظام، ولا على السيسي، أو محاصرته عالميًا، بل عهد بالملف لأشخاص لا خبرة لهم بالأمر، ولا علاقة لهم به. لكن في المقابل يرى الدكتور، محمد سودان، أمين لجنة العلاقات الخارجية بحزب "الحرية والعدالة، والقيادي بجماعة الإخوان المسلمين، أن كلمة تنظيم ليست في محلها، لكنه –التنظيم- كيان أخوي يجمع بين شخصيات موجودة عدة دول بالعالم يجمع بينهم اعتناقهم فكر الإخوان ويتشاورن فيما بينهم في مصير وأيديولوجية الجماعة والمشاكل التي تواجه كلاً منهم في بلاده ومحاولة تبادل الخبرات والأفكار. وأضاف سودان في تصريح خاص لـ"المصريون"، أن هناك ما يؤمن بفكر الجماعة في أكثر من 84 دولة على مستوى العالم، وأصحاب الأيديولوجية الواحدة يتجمعون كلما التقوا في أي مكان بالعالم. بدوره قال خالد الزعفراني، القيادي المنشق عن جماعة الإخوان، والخبير في شأن الإسلام السياسي، إن هناك انقسامات بين جماعات الإخوان الدولية بسبب بعض السياسات الخاطئة التي تنتهجها تلك الجماعات. وأضاف الزعفراني أن هناك فروقًا شاسعة بين إخوان مصر وتنظيم الإخوان الدولي، مشيرًا إلى أن هناك اتهامات تلاحق الجماعة في مصر بتعطيل الإنتاج مما زاد كراهية الشعب للجماعة.
مختار نوح، القيادي السابق بجماعة الإخوان
وحول فك الارتباط بين اتحاد المنظمات الاسلامية في اوروبا والتنظيم الدولي قال مختار نوح، القيادي السابق بجماعة الإخوان، إن الجماعة وتنظيمها الدولي أوقفا تمامًا إمداد اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا بالأموال، وهو ما دفعه إلى اتخاذ قرار بالانفصال تمامًا عن الإخوان، موضحًا أن الأزمة المالية للجماعة حاليًا ما دفعها لوقف التمويل عن اتحاد المنظمات الإسلامية.
وأضاف القيادي السابق بجماعة الإخوان، أن تعارض المصالح بين الإخوان واتحاد المنظمات الإسلامية ظهر منذ أن أبعد الاتحاد يوسف القرضاوي عنه، لأن شعبيته قلت كثيرًا داخل الفصائل الإسلامية في عدد من الدول العربية، بالإضافة إلى انقطاع التمويل وهو ما أدى لانفصال الاتحاد عن الإخوان بشكل نهائي.
وتحاول الجماعة وتنظيمها الدولي الاستفادة قدر الامكان من وجود تنظيم الدولة "داعش" ومن الحرب عليه بتقديم خطاب معتدل خاصة في الغرب الاوروبي حيث تسعى الجماعة إلى الاستفادة من الحملات الأمنية على شبكات تنظيم داعش والمتعاطفين معه في الغرب، وذلك بتوسيع نفوذها بين الجالية المسلمة، وخاصة تسريع الاستقطاب بين اللاجئين الجدد، من جهة، وتجنب الضغط القادم من أميركا مع بداية حكم الرئيس دونالد ترامب عبر خطاب الاعتدال من جهة ثانية.
يأتي هذا في وقت بدأت فيه دول غربية تشعر بالقلق من تمدد الجماعة بين الجالية، ومن شبكاتها المالية واستثماراتها، فضلا عن أفكارها المتشددة.
ورصدت هيئة حماية الدستور الألمانية (الاستخبارات الداخلية) بقلق تزايدا ملحوظا في نفوذ جماعة الإخوان المسلمين داخل ولاية سكسونيا شرقي ألمانيا.
وأعلن رئيس الهيئة المحلي بولاية سكسونيا جورديان ماير بلات أن جماعة الإخوان المسلمين استغلت عبر منظمات مثل الجمعية الثقافية “ملتقى سكسونيا” نقص دور العبادة للمسلمين الذين قدموا إلى سكسونيا كلاجئين، لتوسيع هياكلها ونشر تصوّرها عن الإسلام السياسي.
وذكر ماير بلات أن هيئة حماية الدستور يساورها قلق إزاء هذا التطور بسبب رفض الجماعة لقيم رئيسية في النظام الديمقراطي مثل الحرية الدينية أو المساواة.
وأشار إلى أنه يجرى حاليا شراء مبان على نحو كبير لتأسيس مساجد أو ملتقيات للمسلمين، موضحا أن هذا يحدث بشكل مكثف في مدن لايبتسيج وريزا ومايسن وبيرنا ودريسدن وباوتسن وجورليتس.
وأضاف رئيس الاستخبارات الداخلية أن الجماعة لا تنقصها الأموال اللازمة لذلك، وقال “إنهم يتوسعون في الولاية بأموال طائلة ويشترون عقارات”. وذكر ماير بلات أن المسلمين يترددون على دور العبادة هذه، وأضاف “الكثير منهم لا يعلم على الإطلاق على ما يبدو لمن تنتمي هذه المساجد”، مشيرا إلى أن الإخوان يحاولون على ما يبدو “التقدم في هذا الفراغ سعيا للاحتكار”.
واعتبر خبراء في الإسلام السياسي أن الجماعة دأبت خلال تجاربها في أوروبا منذ الستينات والسبعينات من القرن الماضي على ملء الفراغ الذي تتركه جماعات أخرى، والتركيز على الخدمات الاجتماعية والدعوية لاستقطاب المسلمين، مع إقناع السلطات بأن نشاطها لا يتناقض مع ثقافة البلاد وقوانينها.
وأشار الخبراء إلى أن دولا كثيرة مازالت مخدوعة، وإلى الآن، في طبيعة الحركة رغم صدور تقارير بعضها من جهات رسمية غربية تعتبر أن الجماعة توفر الأرضية الفكرية والتنظيمية للتشدّد الديني الذي يجتاح أوروبا.
ومن الواضح، هنا، أن ماير بلات نفسه رغم تعبيره عن القلق من أنشطة الجماعة، ما زال يعتقد أن نشاطها ليس له علاقة بالسلفية أو الإرهاب الإسلاموي، وقال “الأمر بعيد عن الجهادية.. هدف الإخوان المسلمين هو نشر الشريعة في ألمانيا”.
ونفت الجمعية الثقافية “ملتقى سكسونيا” تلك الاتهامات، حيث قال العضو المؤسس للجمعية محمد فيلنرويتر “إننا نتبنى إسلاما غير سياسي. نحن نؤيد مئة بالمئة مبادئ الديمقراطية”.
وذكر فيلنرويتر أن من بين أعضاء المنظمة ممثلين عن الإسلام المحافظ والتقدمي، وقال “إننا نقف في المنتصف”.
واعترف فيلنرويتر بأن جمعيته في سكسونيا تبحث عن عقارات في المناطق الريفية على وجه الخصوص لتأسيس مساجد ومراكز ثقافية هناك.
وتصف الجمعية الخيرية نفسها على موقعها الإلكتروني بأنها “ملتقى متعدد الثقافات لكافة الأفراد بصرف النظر عن عرقهم أو جنسيتهم أو دينهم أو لغتهم”، وتهدف إلى “الربط بين الألمان والمهاجرين على المستوى المحلي والإقليمي، والمساهمة الفعالة في تعايش مشترك أفضل وأكثر سلمية”.
ولاحظ الخبراء أن جمعيات مختلفة كانت عضوا تابعا للجمعيات والمراكز الإسلامية في أوروبا المرتبطة بالإخوان بدأت تعلن انفصالها عن الجماعة وتنظيمها الدولي، لافتين إلى أن الهدف من ذلك هو التحسب لحظر الجماعة في الولايات المتحدة مثلما أعلن عن ذلك مستشارون للرئيس دونالد ترامب.
وأعلن منذ أيام قليلة اتحاد المنظمات الإسلامية بأوروبا، الذي يمثل أكثر من 50 بلدا، انفصاله عن التنظيم الدولي للإخوان، وينتظر أن تلجأ المنظمات والهيئات والمدارس المرتبطة بالجماعة إلى هذه الحيلة للتهرب من أيّ مساءلة قانونية بعد الحظر المرتقب للجماعة الأمّ.