مع حرب التصريحات ضد امريكا.. ايران بين قبضة المتشددين وثورة الاصلاحيين
الأربعاء 08/فبراير/2017 - 12:43 م
طباعة
حالة من الحرب الكلامية بين إيران وامريكا، تعيد للاذهان التصريحات التي كانت يطلقها الإيرانيون في عهد مؤسس الجمهورية الإسلامية آيه الله الموسوي الخميني، ضد الولايات المتحدة باعتبارها الشيطان الأكبر، فيما كان تلميذه هاشمي رفسنجاني يدير صفقات شراء السلاح من أمريكا واسرائيل خلال ثمانينيات القرن الماضي، اليوم تصريحات متصاعدة بين امريكا وايران، وسيطرة المحافظين علي مقاليد الأمور مع ثورة مكتومة للإصلاحيين تهدد الاستقرار في جمهورية الخميني.
خامنئي يهاجم ترامب
في أول رد له على تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإيران عقب تجربتها الصاروخية البالستية قال مرشد الثورة الإيرانية ايه الله علي خامنئي إن الشعب الإيراني "سيرد على ترامب في 22 بهمن - ذكرى الثورة الاسلامية وإطاحة بالشاه- وسيكشف له عن موقفه في مواجهة تهديداته".
قال خامنئي -خلال لقاء مع ضباط القوى الجوية الإيرانية في طهران- إن الشعب الإيراني سيرد على تهديدات ترمب خلال ذكرى الثورة الإيرانية في العاشر من فبراير الجاري، وسيعبرون عن موقفهم بشأنها.
وتابع خامنئي قائلا إنه "يجب توجيه الشكر للرئيس الأميركي الجديد لأنه أظهر الوجه الحقيقي لأميركا، ولأنه فضح ما كانت إيران تتحدث عنه لعقود من فساد سياسي وأخلاقي واقتصادي فيها".
من جهته، ساند الرئيس الإيراني حسن روحاني دعوة خامنئي الإيرانيين للاحتشاد في أرجاء البلاد يوم الجمعة "لإظهار روابطهم التي لا يمكن أن تنفصم بالزعيم الأعلى والجمهورية الإسلامية."
كما اعتبر روحاني، من جهة أخرى، أن الاتفاق النووي الموقع بين إيران ومجموعة دولِ خمسة زائد واحد يمكن أن يشكل أرضية لمحادثات مستقبلية بشأن قضايا المنطقة.
رد امريكي قاسي
من جانبه جدد البيت الأبيض مساء الثلاثاء تحذيره لإيران، داعياً المرشد الأعلى علي خامنئي إلى إدراك وجود رئيس جديد مختلف في المكتب البيضاوي، مشددا على احتفاظ الرئيس ترمب باتخاذ القرارات المناسبة.
وأكد المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر الثلاثاء أنه يتوجب على "المرشد الإيراني أن يدرك أن رئيسا جديدا تولى السلطة" في أميركا. واعتبر أن التجربة الصاروخية الإيرانية ليست خرقا للاتفاق النووي لكنها تنتهك روح الاتفاق.
وأضاف المتحدث باسم البيت الأبيض أن الرئيس دونالد ترمب "سيتخذ ما يراه مناسبا من القرارات بشأن إيران"، فـ"الرئيس ترمب لن يجلس ويسمح لإيران بمواصلة انتهاكاتها الواضحة"، معتبراً أن "إيران تخدع نفسها إذا لم تدرك أن هناك قيادة جديدة في الولايات المتحدة".
وفي سياق آخر، أعاد شون سبايسر التأكيد على أنه "لا توجد رغبة لإضافة دول جديدة لقائمة حظر السفر المؤقت".
وكان ترمب قال في تغريدة على موقع تويتر الجمعة إن "إيران تلعب بالنار"، مضيفا أن الإيرانيين لا يقدّرون كم كان سلفه باراك أوباما طيبا معهم، مؤكدا أنه لن يكون مثله.
كما قال ترمب الخميس إن كل الخيارات مطروحة على الطاولة بالنسبة لإيران، ورد على صحفيين سألوه عما إذا كان يستبعد الخيار العسكري، قائلا "لا شيء مستبعدا".
وفي لقاء تلفزيوني قبل يومين، وصف ترمب إيران بأنها "الدولة الإرهابية الأولى" في العالم، مكررا بذلك الوصف الذي استخدمه وزير الدفاع جيمس ماتيس قبل أيام في تصريحات له بالعاصمة اليابانية طوكيو.
كما حذر مايك بنيس نائب الرئيس الأميركي إيران في مقابلة أمس الأول الأحد من "اختبار حزم إدارة ترمب".
كما توقعت صحيفة وول ستريت جورنال، في مقال لرئيس تحرير مكتبها بواشنطن العاصمة غيرالد سيب، أياما متوترة بين أميركا وإيران.
ويقول سيب كان على إيران أن تفهم أن اختبارها الأخير للصاروخ البالستي لن يكون مجرد اختبار لصاروخ، بل سيمتد ليختبر الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب نفسه، لافتا الانتباه إلى ما قاله ترمب السبت الماضي من أن إيران تبدي تجاهلا تاما لأميركا وأن العقوبات ضدها قد بدأت للتو.
وأشار الكاتب إلى أن ما قامت به إيران لا جديد فيه، لأنها ظلت طوال فترات الحكم لستة رؤساء أميركيين شوكة في خاصرة الولايات المتحدة، وأن ترمب ليس إلا الرئيس الأميركي السابع في هذه القصة.
واضاف أن إدارة ترمب ستجد طريقا لتحدي إيران في دعمها للتنظيمات "الإرهابية" ومحاولتها للسيطرة على المنطقة، وإن البنتاجون سيجد إمكانية لشن عمليات عسكرية في المنطقة، وإن الجمهوريين في الكونجرس متحمسون لفرض عقوبات على إيران لسلوكها خارج الاتفاق النووي.
اتساع نفوذ المتشددين:
الامور علي أرض الواقع تتغير كثير، فقد زاد المتشددون من قبضتهم علي مقاليد الأمور في ايران قبل الانتخابات الرئاسية الايرانية في مايو المقبل.
ورأت تقارير أجنبية ان ارتفاع النبرة الأمريكة ضد إيران يزيد من فرص المتشددين في السيطرة علي إيرن، ويضعف موقف الاصلاحيين(المعتدلين) فقد توقعت صحيفة وول ستريت جورنال، في مقال لرئيس تحرير مكتبها بواشنطن العاصمة غيرالد سيب، أن المواجهة الايرانية مع أميركا ستصب في مصلحة المتشددين داخل الجمهورية الاسلامية، لأنهم سيستخدمونها لتأكيد حجتهم القائلة بعدم الوثوق في أميركا، وأن ذلك مهم للغاية لهم في هذا الوقت مع قرب الانتخابات المقبلة، وأن لديهم العديد من الأسلحة مثل إطلاق عمليات "إرهابية"، ورعاية مزيد من الهجمات على الجنود الأميركيين في العراق والضغط على الحكومة العراقية لخفض تعاونها مع واشنطن.
ويري مراقبون أن المتشددين الإيرانيين، يواصلون القمع في ظل الحرب الكلامية بين ترامب وخامنئي، وبالتالي ممارسة مزيد من التقييد في إيران، لكنها بكل تأكيد لن تكون سهلة لنظام إيران، سياسيًا، ولا اقتصاديًا، ولا عسكريًا.
ويواصل المحافظين تضييق الخناق علي الاصلاحيين قبل موقعة الانتخابات الرئاسية الايرانية فقد اعتقلت أجهزة المخابرات الإيرانية الناشط السياسي مهدي خزعلي نجل لمرجع إيراني شهير مقرب من مرشد الثورة علي خامنئين وذلك عقب إطلاقه دعوات دعا خلالها المواطنين إلى الامتناع عن الخروج إلى الشوارع في الذكرى 39 لانتصار الثورة الإيرانية في 11 فبراير،وهجومه علي قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري قاسم سليماني
وقد اعتقلت المخابرات الإيرانية ا خزعلي أثناء تواجده في مكتبه في دار نشر خاصة معروفة باسم "انتشارات حيّان" في العاصمة طهران.
ومهدى خزعلي طبيب انضم إلى صفوف الحركة الإصلاحية منذ الانتفاضة الخضراء عام 2009، وأصبح مشهوراً بتصريحاته النارية المنتقدة لأقطاب النظام الإيراني واستشراء الفساد في أجهزة الدولة، وكذلك ضد التدخل الإيراني في سوريا.
كما تواصل ايران وضع الرئيس الايراني الاسبق محمد خاتمي، وزعيم الاصلاحيين وقائد الثورة الخضراء في 2009 مير حسين موسوي ورئيس البرلماتن الايراني الاسبق الاصلاحي مهدي كروبي، تحت للإقامة الجبرية منذ 5 سنوات والذين يصفهم خامنئي بـ "رموز الفتنة".
وفي وقت سابق أعلن المتحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية، غلام حسين محسني ايجئى، أن هناك قراراً من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني بفرض الحظر على الرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي، وذلك رداً على تصريحات للرئيس الإيراني حسن روحاني، قال فيها إن الحظر على خاتمي "غير قانوني".
وكان خامنئي قد رفض عدة طلبات من خاتمي للقائه خلال السنوات الماضية عن طريق رفسنجاني وحسن خميني والرئيس روحاني، وأصر على أنه "ما لم يبتعد خاتمي عن رموز الفتنة (موسوي وكروبي) فلن يسمح له بالعودة للسلطة".
المشهد الايراني:
مراقبون يري ان اتساع قبضة المحافظين علي يد جمهورية الخميني، يزيد من غضب الشباب والاصلاحيين، قد تتوجه الأمور الي ثورة مكتومة بين اطكياف الشباب الياراني الطامح الي الحرية والانفتاح علي العالم الاخر عقب سنوات من العقوبات والانغلاق، وهو ما قد يكون سياسية أمريكية في التغلل داخل ايران عبر استخدام اخطاء المتشددين القمعية في اسقاط النظام الايراني من الداخل مع الاوضاع المتردية لصحة المرشد الأعلي علي خامنئي.. فهل سيسقط المحافظين جمهورية الخميني بأخطائهم تجاه المجتمع الايراني؟