مدير برنامج الأبحاث التركية: الإسلام والإسلاموية ليسا "مفهومان" مترادفان وهناك توتر بينهما

الخميس 09/مارس/2017 - 02:08 م
طباعة مدير برنامج الأبحاث
 
مستقبل العديد من بلدان العالمومستقبل الغرب  سوف يحدد  من خلال المعركة بين المسلمين والإسلامويين. حيث يريد الإسلامويون تحويل المسلمين إلى فكرهم البغيض. ويعلم الله أن العالم يحتاج إلى المزيد من المسلمين وإلى عدد أقل من الإسلامويين.هذا هو محور تقرير مهما في جزئية خطيرة وهي الفرق بين الاسلام والاسلاموية  كتبه الباحث التركي الاصل الامريكي الاقامة سونر چاغاپتاي مدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن.
 وجاء فيه الفرق بين الاب والابن:
أنا شاكراً للسيد عمر عبد المطلب، والد الإنتحاري الذي فشل في محاولته تفجير طائرة ركاب يوم عيد الميلاد الأخير. ففي أواخر عام 2009، اتصل السيد عبد المطلب، المسلم الديانة، بالسلطات الأمريكية في بلده نيجيريا لتحذيرها من انزلاق ابنه إلى العقيدة الإسلامية. إن مبادرة السيد عبد المطلب المؤثرة هي مثال عن الصراع بين المسلمين والإسلامويين.
وفي حين أن الإسلام دين يدين به ما يقرب 1.4 مليار شخص، إلا أن الإسلاموية هي ليست شكلا من أشكال العقيدة الإسلامية أو تعبيراً عن التقوى الإسلامية، وإنما هي عبارة عن ايديولوجية سياسية تسعى لإستمداد شرعيتها من الإسلام. إن الإسلام، والإسلاموية ليسا [مفهومان] مترادفان، وهناك حتى توتر بين الإثنين، وقد تمثل ذلك في حالة الأب النيجيري المسلم الذي أحال ابنه الإسلاموي إلى السلطات.
إذا كان الإسلام هو الإيمان، فما هي الإسلاموية؟ إن أفضل وصف يمكن إطلاقه عليها هو "معاداة" الإيديولوجية، بمعنى أنها تُعرِّف نفسها فقط بمفهوم معارضة الأمور. أي أن الإسلاموية لا تقف مع الأمور بل ضدها.
وبالنسبة للمبتدئين، الإسلاموية هي معاداة السامية فيما يتعلق بتعزيز الرأي القائل بأن اليهود هم الشر. ولأن اليهود يعيشون في إسرائيل، فهي أيضاً معادية لإسرائيل، وهي كذلك معادية للولايات المتحدة بسبب نظرتها المشوهة عن دور اليهود في الولايات المتحدة. "اليهود هم الشر، وأنهم يحكمون أمريكا، ولذلك فإن أمريكا هي الشر" -- هذا هو شعار الفكر الإسلاموي.
الإسلاموية هي أيضاً معادية للمسيحية، ولها كذلك رأي محرف عن هذا الدين. وبما أن اليهود والمسيحيين يعيشون في الغرب، فالكثير من الإسلامويين يعادون الغرب. وبالمثل هم يعارضون الديمقراطية الليبرالية والعلمانية، إذ أن هاتان المؤسستان قد نشأتا في الغرب.
وما هو أكثر من ذلك، تميل الإسلاموية إلى أن تكون معادية للرأسمالية -- ويمكنك الآن تتبع المنطق -- لأن الرأسمالية وُلدت في الغرب. ويعتقد الكثيرون أيضاً أن "اليهود اخترعوا الرأسمالية"، وبالتالي يرون الرأسمالية بمثابة شر مضاعف. ومع ذلك، عندما يكسب الإسلاميون المال، فإنهم في كثير من الأحيان يلينون مواقفهم السلبية تجاه الرأسمالية، [في الوقت الذي كانت فيه] مناهضة الرأسمالية الرابط الدائمي المفسد في ايديولوجية الإسلامويين المتمثلة بالـ "معاداة".
ومن المفارقات، يعتبر الإسلامويون أن الشيوعية هي أيضاً شر -- "وقد اخترعها اليهود أيضاً". إن واقع الأمر بأن كارل ماركس، الذي كان أجداده يهود ولكنه ترعرع كبروتستانتي علماني، ليس له صلة بالموضوع بالنسبة للمتعصبين الإسلامويين الذين يجدون "يهود أشرار" في كل مكان. إن الإسلامويون يرون اليهودية في كل شيء لا يروق لهم سياسياً. فلنأخذ، على سبيل المثال، مصطفى كمال أتاتورك، الذي لم تكن له خلفية وتراث يهودي. إن الكثير من الإسلامويين، الذين لا يمكن أن يتصورون وجود مسلمين حقيقيين يشاطرون القيم الغربية، سوف يقولون بأنه يهودي خفي منتسب سراً إلى هذا الدين.
لذلك، فإن الإسلاموية هي ليست حول العقيدة الإسلامية، بل هي فكر بائس يشوه الدين والواقع لتتناسب مع برنامج الـ "معاداة" التي تتبعه هذه الإيديولوجية. ففي خريف عام 2009، في الحالة الأخيرة التي عكست هذا الإسلوب، شارك الإسلامويون الأتراك في جنازة "الخليفة" عثمان ارطغرل، وتباكوا على الخلافة باعتبارها المؤسسة المتميزة بمعاداتها للغرب، في الوقت الذي كان ارطغرل سليل السلاطين العثمانيين الذين أصبحوا غربيي العادات والطباع.
وبصورة زائفة، تصور هؤلاء الإسلامويون بأن عثمان -- الذي كان يحتسي الويسكي ويستمع لموسيقة فاغنر، المسلم الذي تطبع على العادات والتقاليد الغربية والذي كان مقيماً في الجانب الشرقي الأعلى من مدينة نيويورك -- هو الذي سيتزعم حملتهم الإسلاموية؛ وقد شاركوا في جنازته فقط للإحتفال بهذا الوهم.
ولكن ربما الأسوأ من ذلك كله، يشوه الإسلامويون النصوص الدينية الخاصة بهم لتتناسب مع برنامج الـ "معاداة" الذي يتبعونه. لننظر إلى الشروح المختلفة لكتاب المسلمين المقدس، القرآن الكريم. لقد كُتب القرآن الكريم في الأصل باللغة العربية الفصحى، وهي لغة غنية ومتطورة، تحتوي على عشرات الآلاف من الكلمات والمعاني الدقيقة، بالإضافة إلى الشعر المتدفق. إن أكثر من ثمانين في المائة من مسلمي العالم لا يتكلمون أو يقرأون اللغة العربية، لذلك كان يجب ترجمة الكتاب، الأمر الذي تطلب إضافة العديد من الشروح. وتختلف هذه الشروح تبعاً لطبعة النص. وفيما يتعلق بالإسلامويين، هذه هي بذور الكراهية.

لقد نشأتُ في تركيا، وقرأتُ القرآن الكريم مع الشروح التركية. وكانت المرة الأولى التي قرأت فيها القرآن الإسلاموي عندما كنت في السادسة والعشرين من عمري وأعيش في مدينة نيويورك. وخلال صلاتي في مسجد أمريكي، صادف وأن رأيت القرآن الكريم باللغة الإنجليزية من طباعة المملكة العربية السعودية، "المتعهد" الرئيسي للنصوص الإسلامية في جميع أنحاء العالم. وفي شروحه التي هي من صنع الإنسان، وعظ هذا القرآن بالعنف والكراهية تجاه اليهود والمسيحيين، والغرب والمؤسسات الغربية عموماً.
في تركيا، تقوم الإدارة العليا للشؤون الدينية للعقيدة الإسلامية "ديانت" بطبع المصاحف التي هي "حلال"، أي دون شروح كارهة وبغيضة من هذا القبيل. إن هذه المؤسسة هي جزء من بيروقراطية الحكومة العلمانية في تركيا، والتي من المفارقات، هي أمر واقع لا يخلو من عواقب حميدة. وتعزز "ديانت" الإسلام المتسامح وتصونه في تركيا/البلقان، وهو ما يفسر لماذا هناك أجيال من الأتراك ترعرعوا في تركيا ولكنهم نبذوا الإسلاموية. باستطاعة القرآن الحقيقي العمل بمثابة جدار حماية يحفظ أذهان المسلمين من الإسلامويين، وفي تركيا، فاز المسلمون حتى الآن ضد الإسلامويين.

شارك