تقرير مرصد الازهر عن أحوال اللاجئين في إسبانيا
الأربعاء 29/مارس/2017 - 12:53 م
طباعة
استمرارا لدور وحدات الرصد باللغات الاجنبية لأوضاع الاسلام والمسلمين في العالم قامت وحدة الرصد باللغة الإسبانية بمرصد الأزهر بتسليط الضوء على واحدة من أكبر الأزمات التي فرضت نفسها على الساحة الدولية؛ حيث تتناول الوحدة في تقريرها الصادر اليوم الأربعاء 29 مارس 2017، أحوال اللاجئين في إسبانيا، تلك الدولة التي تُظهر تباطؤاً رسمياً في التفاعل مع الأزمة، بينما كما سنرى على الصعيد المجتمعي، نجد بعض المبادرات التي تحاول التخفيف من معاناة اللاجئين.
لقد أظهرت التدفقات الكبيرة والمستمرة للاجئين إلى الدول الأوروبية أن المجتمع الدولي لم يعالج هذه المشكلة على النحو الصحيح.
لهذا يشير التقرير السنوي الرابع عشر الصادر عن المفوضية الإسبانية لإغاثة اللاجئين CEAR -والذي يحلل أوضاع اللاجئين في الاتحاد الأوروبي وخاصة في إسبانيا- إلى أنه منذ نهاية عام 2014 فإن هناك ما يقرب من 60 مليون لاجئ نزحوا من بلادهم بسبب الحروب وانتهاكات حقوق الإنسان بحثاً عن مأوى في مكان آخر، وهو أعلى عدد للنازحين منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
وبسبب تفاقم الصراع السوري، فقد أُجبر قرابة 5 ملايين على الفرار من بلادهم للبحث عن مكان آمن في القارة الأوروبية، واضطُر هؤلاء إلى المخاطرة بحياتهم من خلال عبور المتوسط في قوارب متهالكة، وواجهوا الموت في عرض البحر، ولقي الآلاف منهم مصرعه خلال عامي 2015 و 2016. وعلى الرغم من صورة الجثة للطفل" إيلان كردي" على الشاطئ والتي أبكت العالم وهزّت ضمير المجتمع الدولي، وكذلك على الرغم من اتفاقيات القادة الأوروبيين لنقل وتوطين 180 ألف لاجئ؛ إلا أنها ذهبت أدراج الرياح، بسبب غياب كثير من مبادئ التضامن واحترام حقوق الإنسان بين الدول الأوروبية.
وتحت عنوان إسبانيا وطلبات اللجوء قال التقرير انه وصل 1.321.600 من طالبي اللجوء خلال عام 2015 إلى 28 دولة في الاتحاد الأوروبي، وتجدر الإشارة إلى أن غالبية طالبي اللجوء يحملون الجنسية السورية يليهم الأفغان ثم العراقيون.
وفي هذا الإطار أشارت وزيرة العمل الإسبانية، "فاطمة بانيث" إلى إن إسبانيا استقبلت 43 ألفاً من طالبي اللجوء خلال العامين الأخيرين.
أعداد المتقدمين للحصول على الحماية الدولية وطلبات اللجوء في إسبانيا
ويؤكد التقرير انه في هذا الإطار، أشارت المفوضية الإسبانية لإغاثة اللاجئين أنه بين عامي 2008 و2013 سُجلت فقط خمسة طلبات للحصول على اللجوء من المتسللين إلى الموانئ الإسبانية على متن السفن. كذلك أعلنت المفوضية أن إسبانيا رفضت 7 من كل 10 طلبات اللجوء خلال عام 2015، وقالت "إستريّا جالاْن" الأمين العام للمفوضية إن تسجيل ما يقرب من 15 ألف طلب لجوء في إسبانيا يمثل "زيادة كبيرة" مقارنة بعام 2014. هذا وتعتبر مدينة "مليلية" أكثر المدن استقبالاً لطلبات اللجوء، حيث استقبلت حوالي 60%.
ووفقاً للبيانات الرسمية فإن العدد الأكبر من طلبات اللجوء في إسبانيا هم من السوريون 5724، يليهم الأوكرانيون 3440 ثم الفلسطينيون 809، وتبلغ نسبة عدد المتقدمين من الرجال 63٪ ومن النساء 37٪. وأفادت المفوضية أنه خلال 2015 حصل 220 شخص على تصريح اللجوء، وكان هذا العدد قد بلغ 384 شخصًا في عام 2014. وقد مُنحت الحماية المؤقتة لقرابة 800 شخص خلال 2015 ولعدد آخر بلغ 1.199 في عام 2014. وتري المفوضية الإسبانية أن هناك قصوراً تجاه تقديم الحماية للاجئين من البلدان الأفريقية، على الرغم من الصراعات وانتهاكات حقوق الإنسان التي ضربت مناطق شاسعة في القارة.
أعداد طالبي اللجوء لإسبانيا خلال 2015
الجدير بالذكر أنه خلال عام 2016، استقبلت إسبانيا 898 لاجئًا من أصل حصتها المقررة والمقدرة بـ17337 لاجئ حتى نهاية عام 2017. ويبلغ إجمالي اللاجئين السوريين الذين استقبلتهم إسبانيا 717 لاجئًا، وفي بداية عام 2017 وصل العدد إلى 1100 لاجئاً، وقد وصل هذا العدد حتى مارس الحالي إلى 1167. وقد انتقدت المفوضية الإسبانية التباطؤ الشديد للحكومة، وصرّح مسئولون بالمفوضية أنه إذا استمر استقبال اللاجئين على هذه الوتيرة فإن إسبانيا سيلزمها 43 عامًا لاستقبال حصتها المتفق عليها خلال 2016 و2017.
عدد طالبي اللجوء من السوريين لإسبانيا من عام 2006 حتى 2015
وتحت عنوان اللاجئون والصراع السياسي الداخلي يقول التقرير يبدو أن الأطراف السياسية في إسبانيا تستغل أزمة اللاجئين للعب بها كورقة سياسية، حيث أرسلت مقاطعة قطلونية -ذات الحكم الذاتي والتي تقوم بها مظاهرات للانفصال عن الحكومة المركزية الإسبانية- إلى المفوضية الأوروبية تعلن رغبتها في استقبال 4500 لاجئٍ. وقد رحّبت المفوضية الأوروبية بموقف قطلونية وطالبت الحكومة الإسبانية بدعم الموقف الذي اتخذته المقاطعة. من جانبها، أعلنت نائبة رئيس الوزراء في الحكومة الإسبانية الانتقالية "سورايا ساينث دى سانتاماريا" اعتراضها حيث قالت: "إن مقاطعة ذات حكم ذاتي تريد أن تكون هي حل المشكلة، وهذا مستحيل". من جانبها، صرّحت عمدة بلدية برشلونة "أدا كولاو" بأن هذا الأمر مثير للغضب، وأضافت أن المدينة مستعدة لاستقبال اللاجئين بأذرع مفتوحة، وقالت متهكمة: "خلال الصيف سنتوجه إلى الشاطئ للسباحة وهو نفس الشاطئ الذي يموت فيه الناس لأن أوروبا لا تُؤمن لهم مَمرّاً آمنا"، وأعربت عن أسفها من عدم تنفيذ الاتفاقية التي تقضي بتخصيص 10 مليون يورو للإنفاق على عائلات اللاجئين، وأضافت أن ذلك لم يعدو كونه حبراً على ورق. وتقود "كولاو" حملة تهدف إلى الضغط على الحكومة الإسبانية للسماح باستقبال مزيد من اللاجئين.
وقد قالت "ميرسي كونيسا" رئيسة المجلس الإقليمي في برشلونة إنه "من المعيب" أن تستقبل إسبانيا هذا العدد الضئيل، وطالبت المفوضية الأوروبية بأن تفرض عقوبات على الدول التي لا تفي بتعهداتها في استقبال اللاجئين. على صعيد متصل، طالب "ألبرتو فرنانديز" رئيس الحزب الشعبي PP في مدينة برشلونة، من "أدا كولاو" عدم تسييس محنة اللاجئين، في إشارة إلى تصريحاتها في الفاتيكان التي تنتقد موقف الدولة الإسبانية والمجتمع الدولي بالتقصير في حق اللاجئين. وفي ذات السياق.
وفي تقرير عن اللاجئين لمنظمة "أوكسفام" الخيرية، نُشر مؤخراً، أوضح أن البلدان الثرية استقبلت فقط لم تستقبل سوى 3% من الخمسة ملايين لاجئ السوريين، في حين أنه من المفترض أن يتم توطين 10% على الأقل. وأشارت المنظمة إلى تقاعس إسبانيا الشديد في التعامل مع هذا الملف، حيث استقبلت إسبانيا 4% من إجمالي 17 ألف لاجئ كان من المفترض استقبالهم؛ وذلك نظراً للافتقار إلى إرادة سياسية حقيقية حسبما أرجع التقرير. وقد أورد التقرير ثمان دول يتعين عليهم تغيير سياستهم في هذا الملف وهي ألمانيا وأستراليا وكندا وإسبانيا والولايات المتحدة الأمريكية وهولندا والمملكة المتحدة وروسيا، وخلُص إلى أن بعض هذه البلدان بها مجموعة من الضوابط الأمنية والسياسية تزيد من العدائية ضد اللاجئين وتؤخر استقبال اللاجئين السوريين. وفيما يخص إسبانيا، أوضح "خوسيه ماريا بيرا" مدير منظمة "أوكسفام" أن إسبانيا لا تمتلك إرادة سياسية حقيقية في التعامل مع اللاجئين، كما أن الحكومة تتعامل مع اللاجئين بطريقة غير مسئولة وغير إنسانية في ذات الوقت، وأضاف أن أرقام اللاجئين التي استقبلتهم إسبانيا أو منحتهم فُرصاً للتعليم وإعادة التأهيل والمنح هي أرقام مُثيرة للسخرية.
أما عن المجتمع المدني والجهود الشعبية وأزمة اللاجئين حسب التقرير فقدأعربت العديد من الإدارات المحلية والإقليمية، بالإضافة إلى جزء كبير من المجتمع الإسباني عن رغبتها في المساهمة في استقبال اللاجئين بالتعاون مع المنظمات الاجتماعية المدافعة عن حقوق اللاجئين.
• وفي هذا السياق، أعلنت بلدية مدريد في سبتمبر الماضي أنها وافقت على إطلاق خطة للرعاية الشاملة لشؤون اللاجئين، بهدف التنسيق مع الحكومة المركزية والاتحاد الأوروبي، واتخاذ التدابير اللازمة لرعايتهم، مثل إنشاء مكتب خدمة لإيجار الأماكن غير المستخدمة، وتوفير الرعاية الشاملة والعمل وبرامج التدريب والرعاية النفسية والاجتماعية والأنشطة الثقافية للاجئين، وتعزيز تعلم اللغة الإسبانية من أجل الاندماج بسهولة مع المجتمع الإسباني. وفي نفس الوقت وافق المجلس المحلي في مدريد على ميزانية 10 ملايين يورو لمساعدة اللاجئين.
• وفي إقليم قطلونية، هناك مبادرات من جانب المجلس المحلي بعنوان “Ciutat Refugi” (مدينة اللاجئين)، وأخرى من جانب صندوق التعاون القطلوني بعنوان monlocalrefugi#، (مأوى اللاجئين)؛ حيث تهدف تلك المبادرات إلى التخطيط لاستقبالهم وتوفير الخدمات اللازمة لهم. كان إقليم قطلونية قد خصّص أماكن تسع لاستقبال 1250 لاجئ، بينما تم استقبال 451 فقط؛ الأمر الذي يعني وجود حوالي 800 مكان شاغر حتى الآن وهو ما يمثل حوالي 64% من إجمالي عدد الأماكن المخصصة للجوء، وفي انتظار أن توافق الحكومة على استقبال المزيد.
• على جانب آخر، نظم 60 من أعضاء المجالس المحلية في إقليم قطلونية وقفة تضامنية مع اللاجئين في عدد من المدن القطلونية في فعالية تهدف إلى دعم استقبال اللاجئين وانتقاد أداء الحكومة في تعاطيها مع هذا الملف. جاء هذا الحدث من أجل استنهاض المجتمع المدني للمشاركة في تظاهرة حاشدة بالمدينة؛ لإبداء اعتراض المجتمع ككل على أداء الحكومة "المخزي" في هذا الملف. وبالفعل احتشدت تظاهرة ضخمة، تُعد الأكبر من نوعها في أوروبا فيما يخص دعم اللاجئين، حيث احتشد مئات الآلاف من المشاركين -500 ألف على أقصى تقدير- من مختلف المجالات والمعتقدات الدينية بمدينة برشلونة الإسبانية ورفعوا لافتات مكتوب على بعضها "كفى تذرعا، فلنستضفهم الآن"، وسارت المجموعات الحاشدة في مختلف الشوارع بمشاركة مجموعة من أعضاء مجالس البلدية.
• وأكدت عمدة المدينة أن برشلونة تعود لدورها المعهود ليس كعاصمة لإقليم قطلونية فقط؛ بل بتضامنها والتزامها بالدفاع عن حقوق الإنسان. وقال المتظاهرون إن الحكومة لم تفِ بتعهدها الذي قطعته عام 2015 بالسماح لأكثر من 17 ألف لاجئ بالدخول إلى إسبانيا خلال عامين، ومنذ ذلك الحين، لم تستقبل البلاد سوى نسبة قليلة من هذا العدد. وعلى نفس الشاكلة، احتشد الآلاف من أصحاب الجنسيات المختلفة في مدينة "مايوركا" الإسبانية لحث الحكومة على استقبال اللاجئين وقالوا إن "مايوركا تريد استضافة اللاجئين"، كما كُتب على بعض اللافتات: "أهلا باللاجئين" "مايوركا ترحب بهم".
• وفي إطار المبادرات الفاعلة، أعلنت كلية طب الفم والأسنان في برشلونة عن قيامها بحمله تطوعية لرعاية اللاجئين بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية مثل "منظمة أطباء أسنان بلا حدود"، حيث قامت مجموعة من أطباء الأسنان خلال فبراير 2017 بالذهاب إلى مخيمات اللاجئين في اليونان؛ بهدف تقديم الرعاية الصحية لهم كجزء من المشروع الإنساني الذى دعا إليه الأطباء والذي يخدم حوالي 4000 لاجئ في العام. وأوضح عميد الكلية أنه رغم احتواء مُخيمات اللاجئين على رعاية طبية إلا إنها ليست على الوجه المطلوب.
• كما استقبلت جمعية مساعدة اللاجئين في بلدية "قصرآش" -أو "كاثيرس"- الإسبانية نحو أربعة أطنان من المساعدات الغذائية ضمن حملتها لجمع معونات إنسانية لمساعدة اللاجئين باليونان منذ أيام، وذلك من خلال 30 متطوعاً، علاوةً على الجمعيات والمنظمات والشركات والبلديات والمحلات التجارية والمدارس والكليات والمؤسسات الاجتماعية والنقابات والهيئات الأخرى التي قررت المشاركة في هذه المبادرة، ومن المقرر أن تنُقل جميع المواد الغذائية إلى ميناء برشلونة وتخزينها لحين إرسالها إلى المستودع المركزي في أثينا.
• كما توجد مبادرات في المجالات الأدبية والفنية في إطار الاهتمام بهذه القضية؛ حيث كان للمجال الكتابي والقصصي دورٌ مهمٌ في التمهيد لدمج اللاجئين مجتمعياً. فقد نشر كل من "كارلوس سبوتورنو" وهو مصور صحفي، و"جييرمو أبريل" ويعمل مراسلاً صحفياً قصة مصورة تحت عنوان "الصدع"، عَرَضَا من خلالها مأساة آلاف اللاجئين الذين يبحثون عن منفذ للدخول إلى أوروبا. وتحكي القصة أحداثاً وقعت بالفعل شاهدها هذان الصحفيان أثناء ممارسة عملهما على الحدود. كما تشتمل القصة على مقابلات مع مجموعة من اللاجئين الذين زحفوا إلى مدينة "مليلية" يروون من خلالها المصاعب التي واجهتهم.
• وفنيًا، شارك حوالي 50 فناناً في حفلٍ موسيقيٍ ضخم بأحد مسارح مدينة برشلونة بحضور 15 ألف مشاهد دعماً لقضية اللاجئين ولمطالبة الحكومة باتخاذ التدابير اللازمة في أسرع وقت لاستقبالهم. وقد وُضعت السلطات والمسئولين بالحكومة الإسبانية في مواجهة مباشرة مع الفنانين والصحفيين والحقوقيين ومختلف الشرائح المجتمعية الأخرى التي شاركت في هذا الحفل في إطار حملة "منازلنا منازلكم" لدعم اللاجئين. وقد خُصصت إيرادات هذا الحفل للمنظمات التي تعمل بشكلٍ مباشرٍ على إيواء اللاجئين وتقديم المساعدات لهم. كما اهتمت جامعة الملك "كارلوس الثالث" بمدريد بتقديم عرضين مسرحيين بشأن أزمة اللاجئين الذين يعيشون في أوروبا على المسرح الجامعي. تحكي المسرحية الأولى قصة امرأة شابة من اللاجئين وهي عاملة نظافة في سلسلة فنادق كبرى. أما المسرحية الثانية فتروي قصة أحد اللاجئين الذي فقَدَ ذاكرته ويعاني اضطرابات نفسية من الصدمة.
• أما عن إقليم الباسك، فقد صرّح رئيس الحكومة هناك "إينييجو أوركولو" بأن الإقليم يبذل جهداً كبيراً بهدف زيادة دعم اللاجئين بحيث يتسنى استقبال المزيد منهم. وفي بلنسية، وافق المجلس المحلي للمدينة في 25 سبتمبر 2015 على مباردة València Ciutat Refugi# "بلنسية مدينة للاجئين". هذا بالإضافة إلى التعاون على مستوى الأفراد والمشاركات المادية للمساعدة في استقبال اللاجئين. من جانبه اتُهم نائبُ رئيس البلدية الحكومةَ المركزية بالسلبية وعدم الوفاء بالتزامات الاتحاد الأوروبي في رعاية اللاجئين. وتعمل المفوضية الإسبانية بالتعاون مع الشركات على البحث عن عمل دائم للاجئين، بالإضافة إلى تدريبهم وتنمية مهاراتهم للحصول على فرصة عمل.
• يأتي ذلك فيما صرّح "جوان ريبو"، عمدة بلنسية -في اجتماعٍ لعدد من رؤساء بلديات مدن أوروبية في الفاتيكان بخصوص أزمة اللاجئين تحت عنوان (أوروبا: اللاجئون إخواننا)- بأن مدينته لا تتحرك بفعالية فيما يخص مساعدة اللاجئين ومد يد العون؛ نظراً لما تفرضه الحكومة الإسبانية من قيود فيما يخص هذا الملف. وأضاف أن البلدية على استعداد لأن ترسل قاربًا لجلب اللاجئين من اليونان لكن الحكومة الإسبانية لا تسمح بعبور الحدود. وشدّد على صدق نوايا مدينته في مساعدة اللاجئين والدفاع عنهم، وأوضح أنه يرى أن الحكومات والاتحاد الأوروبي يُقدمون أطروحات لا تفيد على الإطلاق في حل هذه الأزمة الإنسانية.
• وفي مبادرة هي الأولى من نوعها، دَشّنت شركة الهواتف الإسبانيةTelefónica صفحة على موقع الإنترنت openspain.es باللغات العربية والإنجليزية بالإضافة إلى الإسبانية لمد يد العون إلى الاجئين الموجودين في إسبانيا والقادمين إليها. وقد دخلت هذه الصفحة حيز التنفيذ حيث تحتوي على بيانات مفيدة للاجئين، ومعلومات إرشادية حول أماكن الإيواء الخاصة بهم والإجراءات القانونية التي ينبغي عليهم اتخاذها وما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات، فضلاً عن معلومات خاصة بالمستشفيات والمواصلات العامة والتعليم وما إلى ذلك من بيانات تساعدهم على الاندماج السريع والآمن داخل المجتمع الإسباني. يُذكر أن هذه الصفحة لاقت دعماً قوياً من وزارة العمل والتأمين الاجتماعي في إسبانيا. ورياضياً، تبرّع لاعب الكرة الإسباني الشهير "تشافي إرناندث" باليخت الخاص من أجل المساعدة في إنقاذ اللاجئين في البحر المتوسط لمنظمة "الأذرع المفتوحة" Open Arms الخيرية التي عرضته للبيع بالمزاد العلني. كانت المنظمة الخيرية قد بدأت رحلاتها على متن سفينة "أسترال" التي يبلغ طولها 30 متراً في عمليات إنقاذ وعلاج اللاجئين المعرضين للغرق، ومنذ بداية عملها نجحت في إنقاذ 300 شخص قُبالة الشواطئ الليبيبة في البحر المتوسط.
• كذلك قامت مجموعة إسبانية من الباحثين المخترعين بإعداد برنامج باستخدام الواقع الافتراضي بما يسمح للمستخدم أن يعيش حياة اللاجئ لإكسابه خبرات حول ما يعانيه اللاجئ وما يلاقيه من أزمات، وبه جانب ترفيهي كما لو كان الشخص لاجئاً بالفعل. وحصد هذا المشروع جائزة في "المسابقة الأوروبية للابتكار المجتمعي 2016. وفي هذا الصدد، أوضحت المجموعة أن المشروع يهدف إلى تبادل قصص اللاجئين والمهاجرين في جميع أنحاء أوروبا في مختلف البيئات التعليمية والمكتبات والمؤسسات الثقافية الأخرى، وذلك من خلال الواقع الافتراضي. هذا وتجدر الإشارة إلى أن هذا المشروع ومعه مشروعان آخران قد حصدوا جوائز هذه المسابقة الأوروبية من بين 1095 مرشحاً من 36 دولة.
• وقد أقامت وزارة التربية والتعليم والثقافة والرياضة الإسبانية دورةً لتدريب المعلمين بمختلف المراحل التعليمية -تحت رعاية "المركز الأوروبي الدولي للتأهيل" بالتعاون مع "تجمع مساعدة اللاجئين في سرقسطة" وهي الجهة المسؤولة عن العروض والأنشطة المختلفة وتطويرها خلال هذه الدورة- بعنوان: "التضامن المدني واللاجئين" تهدف إلى تعليم الطلاب قِيَم العدالة والتضامن وشرح مأساة اللاجئين ومعاناتهم، وتنمية قدرات المعلمين على شرح مثل هذه القضايا الإنسانية وتوصيلها للطلاب بمختلف أعمارهم والمساهمة في إزكاء الوعي والتضامن المجتمعي مع القضايا الحساسة واستشعار حالات عدم المساواة والظلم. كذلك منحت جامعة "كاميلو خوسيه ثيلا" في مدريد 10 لاجئين ممن يجيدون الإسبانية والإنجليزية منحة للدراسة في الجامعة في مجالات متعددة.
• وفي مدينة "ألكالا دي إينارس" احتفلت مبادرة "مرحبًا باللاجئين" بمرور العام الأول على انطلاقها، وذلك من خلال مجموعة من الفعاليات؛ حيث تمت الإشارة إلى أن وضع اللاجئين لم يتحسن وأن هناك من يفرون من الحرب والقتال، كما أن تزايد القصف يتبعه تزايد في أعداد الضحايا، بينما لا يزال اللاجئون بلا مأوى ويلقون حتفهم في أوروبا. وطالب المجتمعون بما طالبوا به من قبل في العام الماضي، وهو ضرورة فتح الحدود وإنشاء ممرات آمنة للمهاجرين وذلك لمنع تزايد عدد الموتى منهم. وفي مبادرة طيبة من "أوجستين ياماس" ممثل الشباب في بلدية "لوركا"، وبالتعاون مع بعض المراكز والمنظمات الحقوقية الإسبانية، قُدّم مشروعٌ تعليميٌ تحت اسم "منطقة التعلم" هدف تعليم المهاجرين واللاجئين اللغة والعمل على دمجهم مع بقية أفراد المجتمع تحقيقاً للتعايش السلمي ولتأسيس مجتمعٍ متسقٍ ومتماسك. وأوضح "ياماس" أن هذا المشروع يسعى إلى سرعة دمج مَن هاجَرَ من بلاده -سواءً بسبب الفقر أو الحروب والصراعات الدائرة- وتعليمه اللغة والمهارات الأساسية لمساعدته على تجاوز هذه الأزمة، خاصةً إذا كان من المسلمين.
• كما رحّب رجال الدين في إسبانيا باستقبال اللاجئين، حيث دعا أسقف بلنسية "أنطونيو كانيثارس"، إلى التضامن مع المهاجرين واللاجئين، وأنه لا بُد من إنشاء مجتمع جديد يتفهم أزمة الفارّين من بلدانهم بحثاً عن وضع أفضل للعدالة. وأضاف أن البلدان تستقبل مهاجرين دائماً ولكن ما يحدث الآن مختلف، فهؤلاء هم لاجئون تركوا بلدانهم وديارهم ولا بُد من مساعدتهم، وأكد قائلاً "إننا جميعاً عباد الله ولا توجد فروق بين مختلف الشعوب". وتعتبر هذه التصريحات إيجابية للغاية من جانب الأسقف والذي كانت له تصريحات مغايرة تماماً العام الماضي كانت أثارت جدلاً واسعاً، وذلك حين وصف اللاجئين بأنهم "حصان طروادة" ورأى أنهم في غاية الخطورة على أوروبا عامة وعلى إسبانيا على وجه الخصوص. تجدُر الإشارة إلى تصريحه الذي قال فيه حرفياً أن اللاجئين "ليسوا جميعاً بالقمح النظيف" في إشارة منه إلى إمكانية تسلل عناصر متطرفة بين اللاجئين، ولكنه سرعان ما اعتذر عن هذه التصريحات.
كما اضاف القرير انه بسبب تداول كلمة "لاجئ" في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي وبين العامة على نطاق واسع، بعد نزوح مئات آلاف من الحرب في سوريا بحثا عن الأمن والمستقبل الأفضل، أعلنت إحدى المؤسسات الإسبانية (Fundéu) وهي مؤسسة تهتم باستخدام اللغة الإسبانية في وسائل الاتصال اختيارها كلمة العام في إسبانيا وهي كلمة "لاجئ". على صعيد متصل، نشر مرصد الأزهر مؤخراً تقريراً أعدته وحدة الرصد باللغة الإسبانية لكتاب مهم صدر مؤخراً في إسبانيا يحمل عنوان "اسمي لاجيء"، باعتباره كتابًا يطرح فكرةً غير مطروقة ويتناول هذه الأزمة من زاوية جديدة، حيث نشرت دارUOC الإسبانية في نهاية نوفمبر2016 هذا الكتاب للصحفيتين الأرجنتينية "إيرينى لـ. سابيو" والإسبانية "لتيثيا ألبارث ريجيرا" . وترجع أهمية الكتاب إلى أنه يثير قضية التسمية السياسية وما يتبعها من حقوق قد تترتب عليها؛ فمن المعروف أن كلمة "مهاجر" تختلف كثيرًا عن كلمة "لاجئ"، حيث يتمتع من يحصل على المسمى الأول بكثير من الحقوق السياسية والقانونية وغيرها، بينما لا يمكن للاجئ أن يطالب بكثير من هذه الحقوق، وتستطيع الدولة التي تستقبل اللاجئ أن تسلبه هذه الصفة في أي وقت وأن تقوم بطرده دون سابق إنذار.
وفي خاتمة التقرير أشاد مرصد الأزهر بفعاليات ومبادرات المجتمع المدني التي تتعدد أشكالها من تبرعات ومساعدات وتخصيص أماكن أو تطوع ببذل الجهد أو احتجاجات أو حفلات موسيقية أو كتيبات قصصية بهدف دعم اللاجئين ومد يد العون لهم، كما أنه من الإيجابي تنوع أشكال الدعم من المجتمع المدني للاجئين مما يعكس حرصهم على دعم اللاجئين مادياً ومعنوياً. ويرى مرصد الأزهر أن هناك هوة كبيرة بين الموقف الرسمي والشعبي في التعامل مع أزمة اللاجئين، وذلك يعكس بالطبع إن كانت هناك إرادة حقيقية لدى الجهات المعنية في الوفاء بالتزاماتها طبقاً للاتفاقيات المبرمة في هذا الشأن.