مع نقص التمويل .. تساؤلات حول مستقبل حزب الله
الثلاثاء 02/مايو/2017 - 11:55 ص
طباعة
حالة من الانهيارالمادي يعيشها حزب الله اللبناني، مع بقاء العقوبات الامريكية والغربية علي ايران والحزب، وهو ما شكل تهديدا لموارد الحزب الاقتصادية في ظل المراقبة الشديد لحكومات الغربية والإقليمية لنشاطات حزب الله مع تورطه في عدة حروب اهلية وفقا لمنظور الايراني.
أزمات مالية
فقد سلطت صحيفة "دي فيلت" الألمانية، السبت 30 ابريل، الضوء على أزمات حزب الله اللبناني, مشيرة إلى أن التنظيم يشهد أزمات مالية, بالإضافة إلى تناقص الأعداد البشرية والأدوات العسكرية في الحزب بصورة ملحوظة مؤخرًا، ما ينبئ بقرب نهايته، في المستقبل القريب.
وأرجعت الصحيفة الأزمة المالية التي يمر بها حزب الله في لبنان إلى سببين, الأول أن التنظيم يحارب على جبهات عدة، في حين أن موارده تقلصت نتيجة العقوبات الأمريكية المفروضة عليه إلى درجة أنه أصبح مهددًا بالإفلاس, أما السبب الثاني، فيتمثل في أن رجال الأعمال الشيعة الذين دأبوا على تمويل حزب الله، أصبحوا متخوفين من العقوبات الأمريكية، إذا واصلوا تقديم دعمهم لهذا التنظيم, فتراجعوا عن دعمهم له.
وأوضحت الصحيفة أن حزب الله ينفق أغلب أمواله لدعم قواته على الأراضي السورية، حيث يقاتل التنظيم هناك بأوامر إيران, مشيرة إلى أن حوالي 20 ألف جندي يتواجدون على أرض المعركة هناك, في المقابل يتقاضى هؤلاء الجنود، "منحة خطر" شهرية تقدر بحوالي 1200 دولار, إلى جانب ذلك يتم تقديم مبالغ طائلة لصالح آلاف الجرحى وأهالي 1500 مقاتل قتلوا في الحرب, كما أن عناصر آخرين تابعون لحزب الله متورطون في الحرب في العراق واليمن.
وأكدت الصحيفة أن إيران هي الداعم المالي الأول والأكبر لحزب الله, مشيرة إلى تصريح حسن نصر الله, حيث قال: إن "أموالنا تأتي من الجهة ذاتها التي تزودنا بالصواريخ التي تمثل أكبر تهديد بالنسبة لإسرائيل", متابعًا: "أن مصادرنا المالية وميزانية التنظيم جميعها من طهران"، لافتة النظر إلى أن ارتفاع نفقات الحرب في سوريا أرهقت إيران التي أصبحت عاجزة عن تقديم المزيد من الدعم المالي لفائدة حزب الله في الوقت الحالي, فلجأ التنظيم إلى أخذ الأموال بالقوة من رجال الأعمال الشيعيين, كما قاموا بزراعة حقول الماريجوانا.
وفي هذا الصدد، أفاد الرئيس السابق لقسم العمليات في إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية، مايكل براون، خلال السنة الماضية، بأن "حزب الله تمكن من خلق مفهوم جديد لغسيل الأموال بشكل أكثر تطورًا".
وأضاف "براون" أن "حزب الله يتمتع بشبكة علاقات دولية بشكل يفوق إمكانيات تنظيم الدولة وتنظيم القاعدة، حيث يساعد هذا التنظيم عصابات المخدرات على تهريب أطنان من الكوكايين من أمريكا الجنوبية إلى أوروبا" .
وعلى صعيد تناقص الأعداد البشرية للتنظيم, أبرز أن زعيم التنظيم حسن نصر الله، أمر بتصفية القائد العسكري مصطفى بدر الدين، في السنة الماضية, والذي كان يقود القوات العسكرية لتنظيم في سوريا, نظرًا لأنه أصبح يشكل مصدر تهديد بالنسبة له, مضيفة أنه لم يكن القائد العسكري الوحيد الذي لقي حتفه على خلفية الصراع على السلطة في صلب التنظيم، فقد لقي ضباط آخرون حتفهم بسبب انتقادهم لنصر الله.
ونوهت الصحيفة بأنه لتجنب الإفلاس المتوقع للحزب، عمدت قيادة حزب الله إلى استخدام أساليب أخرى لتجنب ذلك, مثل إقالة العديد من الموظفين، واسترجاع أموال المساعدات الاجتماعية، إلى جانب مصادرة أملاك العناصر الذين قتلوا على غرار الجنرال مصطفى بدر الدين.
وذكرت الصحيفة أن حزب الله لم يتردد في مصادرة ممتلكات "بدر الدين"، على الرغم من أن معظم مصادر أمواله مشبوهة وهو ما كان ينكره التنظيم عليه، في حين أجبر قياديون آخرون على بيع ممتلكاتهم, برغم من أنه يمتلك ثروة تصل إلى 250 مليون دولار لوحده, وفي المقابل، يبدو أن "نصر الله" متخوف من حدوث ثورة ضده في صلب منظمته.
عقوبات امريكية:
وفي يونيو 2016 اعلنت الإدارة الأميركية أن الحزب "في أسوأ حالة مالية منذ عقود" بعد سنوات عديدة من العقوبات التي استهدفته، إلا أن الهدف المنشود سيتركز على شل الحزب مالياً، إن كان عبر إجراءات أقسى أو عبر الضغط على الممول الإيراني والتعاون مع الحلفاء في أوروبا. وهذا ما ذكره آدم زوبين، وكيل وزارة الخزانة بالإنابة لشؤون الإرهاب والجرائم المالية، قبل جلسة استماع في الكونجرس، مضيفاً أن أميركا ستعمل مع شركائها الدوليين، لإفلاس الحزب".
التشريع الذي سنه الكونجرس في عام 2015، والمعروف بقانون منع المصارف من التعامل مع الحزب، أدى إلى عملية تطهير في النظام المصرفي اللبناني.
ومطلع مايو 2016 عمم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قرارا على المصارف والمؤسسات المالية وسائر المؤسسات الخاضعة لرقابة مصرف لبنان يتعلّق بأصول التعامل مع القانون رقم 2297 الصادر عن الكونجرس الأميركي الذي يستهدف "حزب الله"، بالإضافة الى أنظمته التطبيقيّة.
ويشكل منع "حزب الله" من الاعتماد على المصارف في لبنان، بالنسبة إلى أميركا، فرصة مهمة لإضعاف قدرته المالية. ولكنها لا ترى أنها كافية لتعطله في وقت قريب. فالحزب الي "يتعاظم خطره" بالنسبة إلى أميركا، هو شركة فرعية مملوكة بالكامل لإيران، تستطيع أن تتلقى المساعدات المالية بطرق مختلفة. ويتم التركيز في الصحافة الأميركية على تحذير وكيل الأمين العام للأمم المتحدة تيري رود لارسن الصادر مؤخراً عن تورط "حزب الله" في الحرب السورية وبأجزاء أخرى من الشرق الأوسط. ما يولد مخاطر امتداد التوترات الطائفية في لبنان وخارجه. ودعوته المجتمع الدولي إلى نزع سلاح "حزب الله" وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1559 الذي صدر في عام 2004، ولم ينفذ. ما يعني وجود مبرر للتضامن الدولي ضد الحزب.
وتعمل واشنطن لإقناع الحلفاء في أوروبا باتخاذ خطوات مشتركة ضد الحزب، ولا سيما ألمانيا القوة الإقتصادية الأولى في أوروبا. ويأتي ذلك بعد نشر صحف ألمانيّة تقارير تفيد بأن برلين موطن لنحو 250 من أعضاء الحزب النشطين، وأن عدد أعضائه هناك يُقدر بنحو 950، قد يقومون بعمليات ضد إسرائيليين في حال نشوب أي نزاع. وتشير تلك التقارير إلى أن بعض المحسوبين على الحزب، يتلقون مبالغ كبيرة من المال من مجلس شيوخ برلين والحكومة المحلية والحكومة الاتحادية لتمويل مشروع خاص باللاجئين، قد يستخدمون هذا التمويل لأغراض تزعزع استقرار ألمانيا.
وفي 21 أبريل 2017وضعت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هايلي، إيران و «حزب الله» على رأس قائمة الأولويات التي على مجلس الأمن أن يتصدى لها في الشرق الأوسط، محذرة من أن واشنطن «ستتصرف» ضد أعمالهم التي تدعم تفشي الإرهاب في المنطقة.
ووصفت هايلي أعمال إيران و «حزب الله» بأنها «إرهابية ومستمرة منذ عقود، وتدعم وحشية الأسد، بما في ذلك قتل المدنيين، إضافة إلى تدريب الميليشيات القاتلة في العراق ودعم الحوثيين في اليمن».
تراجع دعم إيران:
وعقب الاتفاق النووي بين ايران والقوي الكبري، وفي محاولة لتفادي العقوبات مع الاوضاع الاقتصادية الصعبة في الجمهورية الاسلامية، خفضت إيران تمويل الحزب بنسبة 40% خلال العام 2015، وفقاً لمكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي.
وفي 12 فبراير 2017، ذكرت صحيفة الوطن السعودي، ان هناك ضعف في تمويل ايران لحزب الله، الدعم الإيراني، لافته الي أن إحدى الغارات الإسرائيلية استهدفت قافلة لحزب الله في سورية كانت تنقل ملايين الدولارات للحزب، فزاد هذا الأمر من سوء الأوضاع الاقتصادية التي يعانيها الحزب بشكل عام، حيث كانت تحمل القافلة التي قصفت من قبل إسرائيل، أكثر من 500 مليون دولار أميركي، واحترقت بالكامل ولم يصل منها شيء إلى الحزب في لبنان.
وأكد مصدر لحصيفة الوطن، أن حزب الله أرسل وفدا إلى إيران لمناقشة موضوع الميزانية، وطلب زيادة الدعم نتيجة للعجز المالي، فكان الرد الإيراني للوفد: "قوموا ببيع سيارات المسؤولين الفارهة وقصورهم الفخمة، وسدوا العجز الذي تعانون منه"، نحن قدمنا لكم الدعم لتحقيق أرضية خصبة لمشروع الدولة الإسلامية ولم نقدم الدعم لزيادة أرصدتكم في البنوك وترفيه أبنائكم ونسائكم، بينما شعبنا يعاني بمجمله من ضائقة مالية كبيرة نتيجة الحصار الاقتصادي والعقوبات الدولية والتهديدات المستمرة لنا.
لقد اتجه حزب الله في هذه الأيام إلى الشارع واضعا صناديق صفراء عليها صور قتلاه في سورية ومن قتلوا سابقا في حروبه مع الإسرائيلي، وبدأ يشحذ الأموال من المواطنين، ولكن اللافت في كل هذا أن همة جمهوره قد خفتت ولم يستطع الحزب تحقيق أي مكاسب، فيما يبدو أنها حالة من التململ داخل بيئته من حربه في سورية التي أفرغت جيوب آلاف المناصرين له الذين تضرروا من المقاطعة الخليجية لزيارة لبنان، وتسببت بطرد العشرات من اللبنانيين المؤيدين له والعاملين في دول الخليج، بالإضافة إلى العقوبات الأميركية على رجال أعمال لبنانيين شيعة يقيمون في لبنان أو في أفريقيا أو جنوب أميركا حرمتهم حتى من أرصدتهم في البنوك الأجنبية.
تمويل غير شرعي:
ولحزب الله عددا من العمليات من التمويلات الغير شرعية او المشبوه، في مدقمتها تجارة المخدرات، ففي سبتمبر 2012، كشف عضو بارز في اللجنة المالية بمجلس النواب الأميركي أن 30 في المئة من مداخيل حزب الله في لبنان هي عائدات تهريب وتصنيع وبيع المخدرات.
وفي أبريل 2011، نشرت صحيفة "دير شبيغل" الألمانية تقارير أكدت تمويل حزب الله عملياته من تجارة المخدرات في أوروبا.
وكانت سلطات الجمارك والشرطة الجنائية والاستخبارات في ألمانيا ألقت القبض على شخصين من عائلة لبنانية تعيش في مدينة شباير هربوا مبالغ كبيرة من عوائد تجارة الكوكايين في أوروبا إلى لبنان عبر مطار فرانكفورت وقاموا بتسليمها لشخص على علاقة وثيقة بالدوائر العليا بحزب الله وزعيمه حسن نصر الله.
وفي عام 2011، ظهر تاجر المخدرات الكولومبي وليد مقلد على شاشة التلفزيون الكولومبي يتحدث عن إنتاج المخدرات وترويجها كمهنة امتهنها أعضاء حزب الله في فنزويلا، بالتعاون مع مجموعات شبه عسكرية أخرى كمنظمة الفارك FARC الكولومبية المعارضة وبتسهيلات من أطراف في النظام هناك.وتقوم مجموعات منظمة حكومياً من أجهزة أمنية إيرانية، وفق النائب الأميركي، بتأمين نقلها إلى لبنان جواً أو بحراً أو براً وتسليمها إلى شعبة أمنية خاصة من مسؤولين في الحزب، ليتم تهريبها إلى أوروبا وإفريقيا والولايات المتحدة عبر أميركا اللاتينية والمكسيك.
وفي 2009، أعلنت السلطات الهولندية القبض على خلية مكونة من 17 فرداً ينتمون لشبكة دولية لتجارة المخدرات على صلة بحزب الله. وأعلنت السلطات اشتباهها في أن هذه الخلية متورطة في الاتجار بنحو 2000 كلغ من الكوكايين خلال عام واحد.
وفي العام ذاته في شهر أكتوبر، ألقت السلطات الألمانية القبض على لبنانيين متهمين بتهريب أموال إلى لبنان ناتجة عن تجارة المخدرات. ووفقاً لما نشرته حينها مجلة "دير شبيغيل".
فقد كشفت التحقيقات عن تلقي الشخصين تدريبات خاصة في قواعد عسكرية تابعة لحزب الله في لبنان.
في 2008، ألقت السلطات الأميركية القبض على فايد بيضون المعروف بـ"ميغال غارسيا" في مطار ميامي الدولي. ووفقاً للسلطات الأميركية، فإن بيضون قد اعتقل لاتهامه بالضلوع في تجارة الكوكايين أيضا لصالح حزب الله.
وفي أواخر 2006، أدرجت السلطات الأميركية صبحي فياض على قوائم الإرهاب، باعتباره أحد أهم الناشطين التابعين لحزب الله في منطقة الحدود الثلاثية بين الأرجنتين والبرازيل وباراغواي، واتهمت السلطات الأميركية فياض بتورطه في تجارة المخدرات مع آخرين لصالح حزب الله منذ 1995.
وفي يونيو 2005 ،ألقت الشرطة الإكوادورية القبض على شبكة تهريب مخدرات، على رأسها اللبناني راضي زعيتر، الذي يدير مطعما في العاصمة كويتو. وبحسب تحقيقات السلطات هناك، فإن عصابة زعيتر تمول حزب الله بـ70 في المئة من أرباحها من تجارة المخدرات.
مستقبل الحزب :
بعد أكثر من 30 عامًا على تأسيسه، أصبح حزب الله الرقم الأصعب في لبنان، ولاعبًا رئيسيًا على الساحة السياسية والعسكرية في المنطقة. وخلال تلك الفترة دخل حزب الله حروبًا عديدة، رسمية وغير رسمية.
والآن، بعد أن أصبح لحزب الله فروع في بلدان أخرى غير لبنان. وبعد الأحداث السورية وبروز اسم حزب الله كطرف مهم ومؤثر في مجرى المعارك هناك كداعم أساسي للنظام السوري؛ بات السؤال أكثر إلحاحًا الي اين يتجه حزب الله وهل حان موحد نزع الحزب من سلاحه ليعود حزب جماهري عادي او موت الحزب بالبطئ؟