الانتخابات التشريعية في الجزائر.. بين تحدي الحكومة ورهان الإسلاميون
الثلاثاء 02/مايو/2017 - 02:31 م
طباعة
يتوجه الناخبون الجزائريون بعد غدً الخميس 4 مايو 2017 إلى صناديق الاقتراع للمشاركة في انتخابات تشريعية، ينتظر أن يحافظ فيها حزب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وحلفاؤه على الأغلبية.
في ضوء ذلك، قامت الحكومة بحملة واسعة عبر وسائل الإعلام وفي المساحات الإعلانية للدعوة إلى التصويت تحت شعار "سمع صوتك" من أجل "الحفاظ على أمن واستقرار البلاد"، كما طلبت من الأئمة في المساجد حث المصلين على مشاركة كثيفة في الانتخابات.
ويبدو حزب جبهة التحرير الوطني الذي يرأسه بوتفليقة في طريقه للحفاظ على الأكثرية مع حليفه في الحكومة التجمع الوطني الديموقراطي، حزب مدير ديوان الرئاسة ورئيس الوزراء الاسبق أحمد اويحيى.
ولدي الإسلاميون قدرة على الحشد والاستقطاب، في أحزابهم الانتخابات بصفوف متفرقة، لكن في الساحة أيضا أطراف إسلامية غير مشاركة في العملية الانتخابية وأخرى مقاطعة لها، الترشّح بقوائم موّحدة إراده تحالف حركة مجتمع السلم المنضوي تحت لوائه كلاً من حركة "مجتمع السلم" الذراع الأقوى للإسلاميين في البلاد تحت قيادة الدكتور عبد الرزّاق مقري، وحركة التغيير والدعوة الابن العائد إلى حضن والده تحت زعامة عبد المجيد مناصرة، بالإضافة إلى تحالف المسمى الإتحاد، الذي جمع بين أضلاعه كلا من حركة النهضة وحركة البناء وحزب العدالة والتنمية استثناء في هذه الانتخابات.
ويشكل النواب الاسلاميون حاليا أكبر قوة معارضة في البرلمان المنتهية ولايته حوالي 60 نائبا، ويشاركون في الانتخابات بتحالفين يضم أحدهما ثلاثة أحزاب هي العدالة والبناء، والنهضة، ويضم الآخر حزبين هما حركة مجتمع السلم وجبهة التغيير.
ووفق ما ذكرت بوابة الحركات في تقريرها السابق، ففي أواخر التسعينات وأوائل الألفية الجديدة، اعتُبرت مشاركة "حركة مجتمع السلم" في الحكومة تعاوناً ضرورياً وتصالحياً، إلا أنها سرعان ما تحولت إلى مفهوم لاستئثار الدولة ومنذ ذلك الحين، تضاءل الدعم الشعبي الذي كانت تحظى به الحركة على خلفية فضائح متعلقة بقضايا فساد وبتصورات أن الحركة باتت انتهازية وفقدت التقوى بالإضافة إلى حقائب وزارية غير فعالة وجمود تشريعي.
وظلّت معايير نحناح للمشاركة السياسية غامضة، مما حدّ من مدى إدماج "حركة مجتمع السلم" في مؤسسات الدولة وتأثيرها الديني. وبقيت النقاشات الداخلية حول هذه المواضيع عالقة في ظل قيادة نحناح، مما مهدت الطريق إلى حدوث انقسامات في الحركة بعد وفاته.
وبالنسبة إلى الكثير من الجزائريين، إن "الهيئة التي تدير شؤون الدولة"، أي الشبكة الغامضة من "السلطة" العسكرية والاستخبارية والسياسية والتجارية التي تمسك بزمام الأمور في الحكومة الجزائرية، هي التي عزّزت هذه الاحتدامات الإسلامية، فقد تسبّب تطفّلها في تأجيج الانقسامات، وأدّى إلى تزايد الأحزاب الإسلامية الصغيرة التي انشقّت عن "حركة مجتمع السلم"، مما أفاد النظام عبر إضعاف "حركة مجتمع السلم" وفروعها على حد سواء، وسرعان ما أصبحت هذه المجموعة المتزايدة من الأحزاب الإسلامية تمثّل كافة الاختلالات الواسعة النطاق التي تعاني منها السياسة الجزائرية، سواء تمثلت في نزعتها الإقليمية، أو القبلية، أو في الانشقاقات التي تنم عن الغرور في صفوف الحزب الواحد، أو في فضائح الفساد أو في الشبكات الزبائنية الواسعة الانتشار التي زادت من ثروات قياديي الحركة وأفقدتهم ثقة الشعب.
وبالنسبة إلى معظم الشعب الجزائري، ليس هناك فارق إيديولوجي بين مختلف الأحزاب والفصائل الإسلامية وهي تفتقر إلى بعض البرامج السياسية المحددة. فالتناحر والاقتتال الداخلي بينها قد شتتّا القاعدة الناخبة الإسلامية، لصالح الدولة ذاتها التي تدّعي هذه الحركات أنها مناهضة لها.
وعُرضت إعادة تشكيل التحالفات الانتخابية التي أُعلن عنها في يناير الماضي كخطوات نحو التوحيد، إلا أنها في الواقع تعزّز التنافر، ولا تزال أحزاب "حركة مجتمع السلم" اليتيمة مُعارضة بشدة، مما دفعها إلى الانضمام إلى الكتل الانتخابية المعارضة.
ويبدو أن الائتلافين الجديدين للإسلاميين هما محاولات يائسة لاستعادة الأصوات في الانتخابات والحصول على نسبة 5 بالمئة من الأصوات التي تخولهم الحصول على مقاعد نيابية في "المجلس الشعبي الوطني"، أو مجلس النواب (الغرفة السفلى في البرلمان)، إلا أن هناك أمل ضئيل يحدو الصحف الجزائرية في حصول أي حركة إسلامية، حتى إذا شكّلت كتلاً انتخابية موحّدة، على عدد كافٍ من الأصوات، نظراً لأنها شهدت هبوطاً مستمراً في معدلات الأصوات التي حصلت عليها في جولات الانتخابات الأخيرة.
فلم يحصل "الائتلاف الأخضر" الذي يضمّ الكتلة الانتخابية السابقة لـ "حركة مجتمع السلم" بالإضافة إلى حركتين صغيرتين تابعتين لجاب الله - في عام 2012 سوى على 49 مقعداً من مقاعد المجلس الأربعمائة واثنين وستين، بينما حازت "حركة مجتمع السلم"، التي كانت تخوض الانتخابات بمفردها عام 2007، على 52 مقعداً.
وجاءت "حركة مجتمع السلم" في المرتبة الثانية في انتخابات عام 1997، إذ حصلت على 69 من أصل 389 مقعداً، وتفوّقت حتى على حزب "جبهة التحرير الوطني"، التابع للحكومة، الذي جاء في المركز الثالث.
ويراهن الإسلاميون علي هذه الفرصة السانحة للعمل على تحقيق أهدافهم في البلاد، فلا تزال مؤسساتهم الموجّهة غير السياسية التابعة للدولة قوية، وهي تقوم بإرسال الشبان بشكل دوري لكي يحتلوا مراكز القيادة في الحركة.
وعلى الرغم من الاقتتال الداخلي والتراجع الانتخابي، لم تتعرض بعد الأحزاب الإسلامية الجزائرية للضربة القاضية، وإن كان من المستبعد فوزها في الانتخابات بعد غد، يبقى أن نرى كم من الوقت سيستغرق لهذه الأحزاب لكي تحاول إعادة بناء قاعدتها وإعادة تشكيل نفسها عبر ضمّ رفاق جدد وغرباء.
ويشارك في الانتخابات حوإلى ألف قائمة ويبلغ عدد الناخبين المسجلين 23 مليونا ناخبا من 40 مليونا هو عدد سكان البلاد، نسبة 45% منهم نساء، بحسب ما أعلنت الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات.
وتجري الانتخابات في وقت يبقى بوتفليقة (80 سنة) منذ خمس سنوات شبه غائب عن الأحداث العلنية، بسبب تعرضه لجلطة دماغية أقعدته وأضعفت قدرته على الكلام، وكان وعد في آخر خطاب له بإجراء إصلاحات سياسية وبتسليم المشعل للشباب.
ويتشكل البرلمان الجزائري من غرفتين، المجلس الشعبي الوطني ويضم 462 نائبا يتم انتخابهم كل خمس سنوات بالاقتراع السري والمباشر في دورة واحدة، ومجلس الامة الذي يتم اختيار أعضائه بالاقتراع غير المباشر بالنسبة للثلثين، بينما يعين رئيس الجمهورية الثلث الأخير.
ورفع شباب جزائري مقطع فيديو ينادي بمقاطعة الانتخابات، حيث حصل على أكثر من مليوني مشاهدة في أقل من ثلاثة ايام، كما يندد الشريط بعدم وفاء الحكومة بوعودها في الصحة والسكن والتعليم، ما يؤشر باحتمالية المقاطعة.