في ظل مساعي الحشد للمشاركة.. الانتخابات العراقية بين الصندوق والبندقية
الخميس 11/مايو/2017 - 02:35 م
طباعة
مبكرا بدأت تحركات التيار الصدري لمواجهة اي دور للحشد الشعبي في الانتخابات العراقية المقبلة، مع وجود نية من قيادت الحشد بالمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة وهو ما يؤثر علي المستقبل السياسي للدولة العراقية، في وقت خرجت تصأكيدات سابق من رئيس الوزراء حيد العبادي بعدم مشاركة الحشد الشعبي في الانتخابات وسط مخاوف من لعب الحشد دور في المشاركة الانتخابية.
تحركات الصدر:
وقد اجرى زعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر، أمس الأربعاء، لقاء سرياً برئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي.
وكشف نائب مقرب من رئيس الوزراء العراقي، أن الصدر طلب تأجيل الانتخابات المحلية لحين إيجاد حلّ لمشاركة الحشد الشعبي في الانتخابات، مشيراً إلى خشية زعيم التيار من ذهاب أصوات الحشد إلى أطراف يخاصمها، وفقاً لما ذكرته صحيفة "المدى" العراقية.
وأضافت المصادر، أن اللقاء استمر ساعة كاملة وبشكل سري، مؤكداً أن الطرفين ركزا على بحث مواضيع مهمة في مقدمتها عمليات تحرير الموصل، ودمج الحشد الشعبي بالقوات الأمنية.
وأكد النائب العراقي المقرب من العبادي أن الصدر طرح إمكانية تأجيل الانتخابات المحلية ودمجها بالانتخابات البرلمانية ليتسنى للحكومة معالجة وتنظيم اقتراع الحشد الشعبي الخاص من أجل إبعاده عن التأثيرات الحزبية والسياسية، مشيراً إلى "وجود أطراف سياسية تتخوف من تصويت فصائل الحشد لكتل وشخصيات سياسية معروفة".
من جهته قال عضو كتلة الأحرار، النائب العراقي رياض غالي، إن "الحراك الأخير الذي يقوم به زعيم التيار الصدري هو محاولة لإصلاح الأوضاع التي يمر بها العراق، وإجهاض المخططات الخارجية التي تسعى لإضعاف الدولة العراقية".
وأضاف غالي، أن "انتخابات مجالس المحافظات سيتم دمجها مع انتخابات مجلس النواب في العام المقبل"، مؤكداً أن "الصدر يسعى عبر هذه اللقاءات الأخيرة لشرح وتنفيذ برنامجه الإصلاحي وملاحقة الفاسدين"، مشيراً إلى تأكيد الصدر على "ضرورة ذوبان الحشد في الأجهزة الأمنية".
واليوم الخميس، أعلنت أطراف مقربة من الصدر عزمه طرح برنامجه في مؤتمر صحفي، لكنها لم تكشف عن تفاصيله.
ودعا الصدر أمس الأربعاء، إلى "طرد العناصر الخاطفة والمجرمة من الحشد الشعبي من تنظيماته وإلا عزل كل الجهة من الحشد إذا كانت تنتمي إليه".
وقال الصدر، إن "عمليات الخطف التي تحدث الآن ما هي إلا النزر القليل مما سيحدث في المستقبل، أعني ما بعد بسط الحكومة سيطرتها على المناطق المغتصبة"، في إشارة منه للمناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش الإرهابي.
الحشد في الانتخابات:
فيما يبدو ان فصائل الحشد الشعبي، حسمت أمرها وقررت المشاركة في العملية السياسية، وبدأت مفاوضات سرية لعقد التحالفات استعدادا للانتخابات، ولكنها لن تكون موحدة، فتنظيم داعش الذي جمعهم معا، حلت بدلاً عنه السياسة لتفرقهم.
وفي 27 براير 2017، اكد قيس الخزعلي الامين العام لحركة عصائب اهل الحق المقربة من ايران، الاثنين، ان الحشد الشعبي كما حضر في المعارك سوف يحضر بالسياسة ويقضي على الفساد.
وقال الخزعلي في كلمة له خلال مهرجان أهل البيت الذي اقيم في محافظة كربلاء، إن "الحشد الشعبي مؤسسة عسكرية قانونية والدستور يكفل ذلك، وهو في
هذه الساعة مشارك في معركة الساحل الايمن وتلعفر، والانتصارات الان مستمرة رغم رفض مشاركته في المعركة".
واضاف ان "المجتمعين في جنيف يسعون لإلغاء الحشد الشعبي وقلقون منه"، مشيرا الى ان "الحشد الشعبي باق ويتمدد ولن يلغى ابداً".
وبين ان "الحشد كما حضر في المعارك سوف يحضر بالسياسة ويقضي على الفساد"، لافتا الى انه "مثلما سحقنا رؤوس الدواعش سوف نسحق رؤوس السياسيين الذين خذلوا وباعوا ارض الوطن، وسنطردهم من العراق".
وتابع الخزعلي، في كلمته، ان "الحشد سيحافظ على الامن والاستقرار ويرفع اقتصاد البلد".
واعتبرت مراقبون سياسيون أن التصريحات التي كشف بها زعيم أحد الفصائل الشيعية عن نية الحشد الشعبي المشاركة في الانتخابات المقبلة؛ مؤشر علي مخطط الحشد في الحياة السياسية العراقية.
قوات الحشد الشعبي التي اكتسبت شعبية كبيرة بين الشيعة، وتمكنت من فرض نفوذها على مناطق جغرافية واسعة يسعى قادتها اليوم لاستثمار هذه العوامل من أجل المشاركة في الانتخابات المقبلة، وتطمح لاستثمار السخط الشعبي على الأحزاب الشيعية التقليدية من أجل الحصول على مناصب سياسية، ولكن تكتيكات السياسة تختلف كثيرا عن تكتيكات الحرب.
والحشد الشعبي كيان عسكري يشرف عليه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، ويتألف من فصائل مسلحة متعددة، تأسس بعد سيطرة تنظيم الدولة على ثلث أراضي البلاد في يونيو 2014، وبعد فتوى الجهاد الكفائي التي أطلقها المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني.
صراع واختلافات فصائل الحشد:
ورغموجود تحركات منقبل فصائل الحشد الشعبي ، للمشارة في الانتخابات البرلمانية، الا انه يبدو هناك رافضون لهذا التحرك، فقد قوات سرايا السلام التابعة لمقتدى الصدر رفضت وجود دور لقيادات الحشد في الانتخابات وخاصة المحسوبة علي ايران ورئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، واختارت المشاركة في قائمة خاصة بها ضمن مشروع سياسي جديد يسعى للتقارب مع الحركات المدنية والعلمانية التي تقود التظاهرات المناهضة للحكومة العراقية منذ أشهر، وساهم التحالف بين المدنيين مع مئات الآلاف من اتباع التيار الصدري في زيادة الضغط على الحكومة وأصبحت التظاهرات أقوى من أي وقت مضى.
والشيء نفسه حصل للفصائل المسلحة التابعة للمجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم، وهي سرايا عاشوراء، وسرايا أنصار العقيدة، ولواء المنتظر، وسرايا الجهاد والبناء، التي اختارت الدخول في قائمة خاصة بها لدعم فصيلها السياسي ائتلاف المواطن.
وفي شأن الفصائل الشيعية القريبة لإيران والموالية عقائديا للمرشد الإيراني علي خامنئي، وهي عصائب أهل الحق، والنجباء، وكتائب حزب الله، ورساليون، وجند الإمام، تقول المصادر إنها قررت التحالف مع رئيس الوزراء السابق نوري المالكي القريب من إيران والساعي بقوة للعودة إلى الحكم مجددا في الانتخابات المقبلة.
ويحاول المالكي منذ أشهر ترتيب أوضاعه الانتخابية مستغلا القاعدة الجماهيرية والنفوذ السياسي والأمني الذي يتمتع به من أجل العودة إلى رئاسة الوزراء، وأول الخطوات كانت نجاحه من استمالة الفصائل الشيعية الموالية لإيران إلى جانبه، كما أن الدعم السياسي الإيراني للمالكي يمثل أحد أبرز العوامل الأساسية لحملته الانتخابية المقبلة.
رفض المرجعية الشيعية:
ولكن المرجع الشيعي الأعلى السيد ايه الله علي السيستاني، صاحب فتوى الجهاد الشهيرة ضد داعش، والتي أوجدت مئات الآلاف من المتطوعين للقتال فكان له رأي آخر، إذ رفض مشاركة الفصائل الشيعية في السياسة، وأغلق أبوابه أمام وفود شخصيات شيعية سعت للحصول على موافقته، وأكثر من ذلك فإن القوات الشيعية التي شكلها السيستاني وهي "فرقة العباس القتالية" أعلنت عدم مشاركتها في العمل السياسي.
ويقول جابر المحمداوي، وهو رجل دين مستقل يعمل في تدريس المذهب الشيعي في النجف، إن "السيستاني ضد مشاركة الحشد الشعبي في السياسة، كما أنه لم يتحمس كثيرا على إقرار الأحزاب الشيعية قانون الحشد في مجلس النواب ليصبح قوة رسمية، بل كان يسعى إلى إنهاء قوات الحشد وتحويل عناصرها إلى وظائف مدنية".
الموقف القانوني:
والي جانب رفض المرجعية الشيعية الموافقة علي مشاركة الحشد الشعبي في العراق وهو ما يقضي علي اي دور لها في اللعبة السياسية العراقية، هناك مأزق قانوني يهددمخططات قادة الحشد لدخول الانتخابات البرلمانية العراقية.
المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، أعلنت في بيان رسمي حازم أن "هيئة الحشد الشعبي مؤسسة عسكرية لها ارتباط أمني بالأجهزة الأمنية، وقانون الأحزاب السياسية رقم (36) لسنة 2015 الذي شرعه مجلس النواب وصادقت عليه رئاسة الجمهورية يمنع تسجيل أي كيان سياسي له تشكيلات عسكرية".
واضافت مفوضية الانتخابات في العراق في بيان نشر على موقعها الالكتروني إن "هيئة الحشد الشعبي مؤسسة عسكرية لها ارتباط امني بالاجهزة الامنية وان قانون الاحزاب السياسية (الذي اقر عام 2015) يحظر تسجيل اي كيان سياسي متخذاً شكل التنظيمات العسكرية او شبه العسكرية كما لا يجوز الارتباط بأية قوة عسكرية".
و قالت مفوضية الانتخابات إن الحشد الشعبي يعد "مؤسسة امنية" لا يمكن تسجيله كياناً سياسياً مشاركاً في الانتخابات المقبلة.
وردت المفوضية على التساؤلات بشأن تسجيل الحشد الشعبي كيانا سياسيا في سجلاتها بالقول إنه لم يسجل اي كيان بهذا الاسم "كون القانون يحظر ذلك".
الحكومة تؤكد عدم مشاركة الحشد:
الرد كان حاسما من رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، برفض مشاركة الحشد الشعبي في الانتخابات البرلمانية، حيث أكد أن الحشد الشعبي، الذي يخوض حاليا معارك عنيفة مع تنظيم "داعش"، لن يسمح له في شكله الحالي بالمشاركة في الانتخابات البرلمانية في العراق.
وقال العبادي، في كلمة ألقاها خلال مراسم افتتاح اجتماع التحالف الدولي ضد "داعش" بمشاركة وزراء خارجية جميع الدول الـ68 الأعضاء فيه، في 22 مارس 2017 : "هناك متطوعون من أبناء الشعب العراقي شاركوا في القتال من مختلف المحافظات تحت قيادة قواتنا الأمنية من أجل طرد الدواعش... وقام مجلس النواب العراقي بتشريع قانون الحشد الشعبي الذي يضعه تحت قيادة الدولة والقائد العام للقوات المسلحة، وتنطبق عليه الأنظمة العسكرية العراقية".
وجاء في خطاب العبادي أيضا: "لا يجوز أن تخلط السياسة بالجانب العسكري هذا أمر مهم لأننا مقبلون على انتخابات محلية وبرلمانية ولا ينبغي لفئات سياسية تحمل السلاح أن تشارك في الانتخابات"... توجد ضرورة لفصل السلاح عن العمل السياسي"... "لا يجوز أن يكون السلاح خارج إطار الدولة"... "بحسب الدستور العراقي لا وجود لأي جماعات مسلحة خارج إطار الدولة".. "من يحملون السلاح خارج إطار الدولة يعتبرون خارجين عن القانون وسنواجههم"... "قانون الحشد الشعبي يأتي بهؤلاء الذين قاتلوا بشجاعة وبسالة وضحوا بأنفسهم من أجل الدفاع عن العراقيين ليكونوا ضمن هذه المنظومة تحت القيادة العراقية".
يذكر أن مجلس النواب العراقي صوت، في الـ26 نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2016، على قانون هيئة الحشد الشعبي، فيما أكد العبادي في وقت لاحق أن القانون يمنع انتشار السلاح خارج إطار الدولة.
المشهد العراقي:
وجود تحركات مبكرة من قبل قوي شيعية عراقية من اجل من تمشاركة الحشد اشلعبين يشير الي أن هناك خريطة من التحالفات السياسية التي تشكل توجهات سياسة مختلفة بما يقق مصلح هذه التحالقات والتي قد يدفع العراق الثمن، مع انتهاء الحرب ضد تتنظيم "داعش" الارهابي، الشيء المؤكد أن الانتخابات المقبلة في العراق ستكون الأصعب والأخطر في البلاد منذ 2003، إذ أن الصراع السياسي قد يتحول من صانديق الاتراع الي الاحتراب الأهلي وخاصة في رقعة الشيعة من العراق العربي.