دعوة رئيس الوقف الشيعي لقتل المسيحيين.. هل تعجل بتقسيم العراق؟
الإثنين 15/مايو/2017 - 12:46 م
طباعة
جاء تسريب فيديو لـرئيس «الوقف الشيعي» علاء الموسوي، في درس ديني عن أحكام الجهاد، ووجوب القتال لإدخال اليهود والنصارى في الدين الإسلام، لتضع رجال الدين الشيعة في ورطة، كما تأتي بعد أيام من مطالب رؤساء لكنائس بحماية دولية حكم ذاتي لمسيحي العراق في مناطق سهل نينوي، وسط تكهنات ان الفيديو لم يسرب صدف، فيما اتهم الموسوي بالـوجهة الشيعي لـ"داعش".
الموسوي يدعو لقتل المسيحيين:
وقال في محاضرة منشورة على موقع «يوتيوب»، إنه «لا بد من قتال كفار أهل الكتاب من اليهود والنصارى لإدخالهم في الإسلام، وإما يقاتلون أو يعطون الجزية، ويلحق بهم المجوس والصابئة».
ولم يكن عسيراً على كثيرين الربط بين الفظائع التي تعرض لها المسيحيون والإيزيديون على يد تنظيم داعش في الموصل وسنجار من سبي ومصادرة الأموال بعد عام 2014. وبين موقف الموسوي من المسيحيين وغيرهم.
ورد رئيس ديوان الوقف الشيعي، علاء الموسوي، على الانتقادات الواسعة التي وجهت له بعد انتشار مقطع فيديو له اعتبر "تكفيرًا للمسيحيين والصابئة وتحريضًا على قتلهم ما لم يدفعوا الجزية"، مشيرًا إلى أن "الوقف المسيحي متفهم لتوضيحي وأحذر من إثارة أتباع داعش للفتنة".
وقال الموسوي، في تصريح صحفي: "نحن في بداية الأمر أوضحنا المسألة بما يكفي للإيضاح والفهم لديوان الوقف المسيحي، وأرسلنا وفدًا رسميًا يحمل التوضيح إلى رئيس ديوان الوقف المسيحي وسلم بيده ولمس منه تقبلًا وتفهمًا كبيرًا للموضوع".
وأضاف: "ألحقنا ذلك الإيضاح بمقطع مسجل أوضحنا فيه ملابسات المسألة، وأن الحديث فقهي نظري اختصاصي وجاء ضمن درس تم طرحه قبل 3 سنوات في أحد مساجد النجف الإشرف وكان درسًا نظريًا ولم يكن بصدد التوجيه العملي إزاء أي فئة من فئات المجتمع".
وأضاف الموسوي، "أما من يصر على توسعة رقعة الفتنة فسيكشف عن حقيقته بأنه ممن يريد أن يثير الفتنة"، لافتًا إلى أنه: "قلنا في المقطع المسجل إننا متيقنون مما وصلنا إليه من جهود مشتركة مع دواوين الأوقاف في العراق، وما حصل في مؤتمر الفاتيكان حيث وقعت ورقة واحدة وهذا الإنجاز لا يرضي داعش وأتباعها ومن يدعمها في الداخل والخارج".
وأشار رئيس الوقف الشيعي، إلى أن "اليد الخبيثة التي ارادت توسيع الفتنة وإلقاء الخوف لدى المسيحيين هي داعش ومن يلحق بها في العراق وخارج العراق"، متابعًا: "للأسف الإستهداف لم يكن لي شخصيًا وانما لنفس الإسلام فالبعض تجاسر على أحكام الإسلام وحرمة الدين".
وقال الوقف الشيعي العراقي في بيان إن حديث الموسوي ورد في سياق محاضرة دينية ألقاها قبل 3 سنوات أمام طلبة علوم دينية. ولم يكن عسيراً على كثيرين الربط بين الفظائع التي تعرض لها المسيحيون والإيزيديون على يد تنظيم داعش في الموصل وسنجار من سبي ومصادرة الأموال بعد عام 2014. وبين موقف الموسوي من المسيحيين وغيرهم.
رد مسيحي العراق:
من جانبه رد بطريرك بابل للكلدان في العراق والعالم، مار لويس رافايل ساكو، في بيان أمس، على رئيس ديوان «الوقف الشيعي»، قائلا: «من المؤلم جداً أن يطلع علينا بين فينة وأخرى، خطيب جامع أو عالم دين بكلام تحريضي أو فيلم يبث عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يخص المسيحيين واليهود والصابئة ويصفهم بالكفار، كما يروج تنظيما داعش والقاعدة، كأساس للتعامل معهم، فإما اعتناق الإسلام أو دفع الجزية أو القتل».
واعتبر بطريرك بابل للكلدان أن «هذه الخطابات والعقليات لا تخدم الإسلام، إنما ترفع الجدران بين البشر وتقسمهم وترسخ الإسلاموفوبيا وتفكك اللحمة الوطنية وتقوض السلام وتنتهك الحريات وحقوق الإنسان». ودعا المرجعيات الدينية إلى «تبني نهج الاعتدال والانفتاح ومنع هذه الخطابات التي تروج للكراهية والتمييز».
كما دعا بطريرك بابل للكلدان الحكومة العراقية إلى «فرض القانون والعمل على احترام عقيدة كل إنسان».
الموسوي أمام القضاء:
ورفعت 180 عائلة مسيحية في بغداد، السبت الماضي، دعوى قضائية ضد رئيس ديوان الوقف الشيعي، اثر انتشار مقطع فيديو من خطبة سابقة له يدعو فيه الى "تكفير المسيحيين والمندائيين وشن الجهاد ضدهم"، محملة إياه "مسؤولية ما يحدث الى ابناء المكون المسيحي لأنه المكون الأصيل في عراقنا الجريح.
وقالت العوائل المسيحية انه "نحن العوائل المسيحية في بغداد نقدم شكوى حول تصريح رئيس ديوان الوقف الشيعي علاء الموسوي، اضافة الى وظيفته من خلال تصريحاته الطائفية التي تمت بشق الصف واللحمة الوطنية والسلم الاجتماعي بين ابناء ومكونات الشعب العراقي، في كافة اديانه واطيافه".
وأضافت العوائل في شكواها "وفي حالة تعرض العوائل المسيحية في بغداد والمحافظات إلى أذى أو ترحيل قسري، نحمل السيد علاء الموسوي مسؤولية ما يحدث الى ابناء المكون المسيحي لأنه المكون الأصيل في عراقنا الجريح". وتشير الوثيقة الى ان العوائل المشتكية وعددها 180 عائلة تبدأ بالتسلسل رقم (1) عائلة دريد حنا وتنتهي بالتسلسل (180) عائلة باسل ايشو رشو. وقال الموسوي في الفيديو المسرب "إنه يجب قتال اليهود والنصارى لإرغامهم على الدخول في الدين الإسلامي .. كما يجب قتال الصائبة والمجوس".
واعتبرت العوائل المسيحية أن «تصريحاته الطائفية تهدد بشق الصف واللحمة الوطنية والسلم الاجتماعي بين أبناء الشعب العراقي ومكوناته». وحملته مسؤولية «أي أذى أو ترحيل قسري» قد يتعرض لهما المسيحيون في بغداد.
من جهته دعا النائب المسيحي جوزيف صليوا رئيس الوزراء بمحاسبة رئيس ديوان الوقف الشيعي علاء الموسوي لتبنيه الخطاب الديني المتطرف. وقال صليوا في بيان له ان " ما تحدث به الموسوي يعبر عن توجه مقارب لما اقترفه داعش الارهابي بحق ابناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري والارمني (المسيحي)"، ماضيا الى القول "ندعوه الى الاعتذار عن هذه التصريحات كونها تقوض جهود القوى السياسية الداعية الى العيش المشترك بين ابناء الشعب العراقي رغم اختلاف مذاهبهم واديانهم وقومياتهم وانتماءاتهم الفكرية".
وطالب صليوا المرجعية الدينية في النجف بـ"التدخل لمنع خطب الكراهية والتمييز وان تثبت لنا مرة أخرى انها تحترم التعددية في صفوف الشعب العراقي، اذ لا ننسى موقف المرجع السيستاني الذي هنأ ابناء شعبنا المسيحي في اعياد الميلاد ورأس السنة". ودعا رئيس الوزراء الى "محاسبة رئيس ديوان الوقف الشيعي اضافة الى من يتبنى الخطاب الديني المتطرف وتطبيق مواد الدستور التي تساوي بين العراقيين". ولم تعلق المرجعية الدينية في النجف على تصريحات رئيس الوقف الشيعي، بيد أن ممثل السيستاني عبدالمهدي الكربلائي أكد في خطبة الجمعة أن التنوع الديني والاثني في العراق عنصر قوة وليس عامل ضعف في المجتمع العراقي، وهو رد غير مباشر على تصريحات الموسوي ، اذ تتحاشى مرجعية النجف أن تزج بنفسها في نزاعات وصراعات سياسية ودينية.
رفض مثقفي وسياسيو العراق:
من حدة الاستياء الذي يتواصل بوتيرة متصاعدة خلال الأيام الثلاثة الماضية، إذ كتب رئيس تحرير جريدة «الصباح» السابق فلاح المشعل عبر صفحته الشخصية في «فيسبوك»، أن الموسوي «يدعو إلى محاربة المسيحيين وإقامة حرب صليبية داخل العراق، والأجدر برئيس الوزراء حيدر العبادي إقالته فوراً بتهمة التحريض على الإرهاب».
فيما كتب الصحافي شمخي جبر: «داعشي شيعي، هذا الحديث تحريض على قتل المسيحيين وأتباع الأديان الأخرى، يجب محاكمة هذا الرجل».
وكانت «كتلة الوركاء الديمقراطية» النيابية دعت، الجمعة الماضي، الموسوي إلى الاعتذار عن تصريحه، معتبرة ما قاله «مقاربا» لما اقترفه تنظيم داعش بحق غير المسلمين. وقال رئيس الكتلة النائب جوزيف صليوا في بيان إن تصريحات الموسوي خلفت «ردود فعل حزينة لدى أبناء شعبنا من المكون المسيحي الذين نعتهم بالكفار، كونه يمثل مؤسسة دستورية وقانونية».
واتهم الأمين العام لحركة «بابليون» المشاركة في «الحشد الشعبي»، ريان الكلداني في بيان، رئيس «الوقف الشيعي» بـ«بث الكراهية» ضد المسيحيين، ودعا المرجعية الدينية إلى «التدخل لمنع خطابات التمييز».
واتهم الأمين العام لحركة بابليون، رئيس ديوان الوقف الشيعي ببث الكراهية ضد المسيحيين، مستنكرا وصف الموسوي للمسيحيين والصابئة بالكفار ولفت إلى أنها "تنسجم تماما مع ما يطرحه تنظيم داعش".
حكم ذاتي للمسيحيين:
تاتي تصريحا الوقف الشيعي، لتزيد من مخافو مسيحي العراق وتشدد من مطالبهم بحكم ذاتي في منطاق سهل نينوي.
فقد أكد رؤساء الكنائس المسيحية العراقية في الموصل وسهل نينوى،اليوم الجمعة، وجود مخاوف من العودة ثانية إلى مدنهم وبلدات سهل نينوى التي مضى على تحريرها أربعة أشهر، وطالبوا بأن تكون مناطق سهل نينوى تحت حماية دولية أممية وتتمتع بحكم ذاتي.
وقال رؤساء الكنائس في بيان لهم، إن "التاريخ يؤكد أن المسيحيين هم سكان العراق الأصليين الذين ساهموا في بناء حضارته وفي الدفاع عنه كلما اشتدت الأزمات به جنبا إلى جنب مع باقي المكونات الشعب العراقي، ولم يشكك في وطنيتنا وانتمائنا إلى هذا الوطن"، مبينا أنه "من هذا المنطلق نحن حريصون على مواصلة الحياة في البلد والمشاركة في بنائه والنهوض به ثانية ليعود سالما معافى".
وأضاف البيان أن "الأرقام المخيفة التي وصل اليها اعداد شعبنا بسبب الهجرة إلى خارج البلاد والتي كان سببها التهجير القسري التي حصل لنا بعد احتلال داعش لمناطقنا التاريخية في سهل نينوى والموصل وارتكابه لابشع الجرائم بحقنا ترقى إلى جرائم الإبادة الجماعية وما سبق السياسات الخاطئة التي ارتكبتها الحكومات السابقة والحالية بحق المسحيين وخاصة في المناطق التي يشكل المسيحيون أكثرية فيها".
وأوضح البيان أن "لدنيا مخاوف من العودة ثانية إلى مدننا وبلدات سهل نينوى التي مضى على تحريرها اربعة أشهر مما يجعلنا كرؤساء كنائس في الموصل وسهل نينوى ومن موقع المسؤوليتنا الدينية والتاريخية والوطنية نحن أمام خيارين اما العودة والعيش بكرامة وأمان في مدننا وبلداتنا أو الاستمرار نزيف الهجرة فينا حتى نصل إلى اليوم الذي يفرغ العراق من مكونه الاصلي المسحيين، لافتا إلى أن "ذلك يشكل خسارة عظيمة لهذا البلد ومسئولية تاريخية يتحملها الجميع".
وطالب البيان بـ"ضمان الأمن والحماية للبلدات المسيحية في سهل نينوى كمنطقة أمنة وبمراقبة دولية الأمم المتحدة وتحييدها وإبعادها عن دائرة الصراعات والنزاعات ".
وأشار البيان، أن "من حق المكون المسيحي أن يعطى حق في تواجده بمناطق سهل نينوى باختيار شكل الحكم الإداري وحكم ذاتي أو محافظة مع المكونات الاخرى وفق الدستور والقانون وعلى أساس تعداد 1957 باعتباره الأدق والمعتمد في سجلات الدولة العراقية وخصوصا أن هذه المناطق كانت خالية من كافة اشكال التغيير الديموغرافي والتهجير القسري انذاك مع ضمان وحدة اراضي سهل نينوى بعد تجزئتها".
يذكر أن عشرات المسيحيين كانوا تعرضوا للتهجير والنزوح على خلفية سيطرة تنظيم "داعش" على نينوى في العاشر من يونيو٢٠١٤ ومناطقهم ذات الغالبية المسيحية، حيث هاجرا المئات منهم إلى أمريكا واستراليا ودول أوروبية بحثا عن الأمن والسلام.
المشهد العراقي:
يري مراقبون أن تسريب فيديو لـرئيس «الوقف الشيعي» يدعو فيه لوجوب القتال لإدخال اليهود والنصارى في الدين الإسلام، لم يكن صدفه او مصادفة بل هو ياتي بعد ايام من مطالب رؤساء لكنائس بحماية دولية حكم ذاتي لمسيحي العراق في مناطق سهل نينوي، وهو ما يشير الي وجود قوي سياسية عراقية أو اقليمية او دولية تسعي الي استمرار الصراع العراق، وصب الزيت علي النار ليستمر في حرق العراق وتقطيعه.
الدعوة لحكم ذاتي ثم تسريب فيديو لرئيس الوقف الشيعي، مع استمرار الحرب ضد "داعش" وسط اشتباكات كلامية بين حكومة كردستان العراق والحكومة المركزية في بغداد يشير الي أن العراق مقبل علي خرطية جديدة تضع لمساتها الاخير، فهل تعجل دعوة رئيس الوقف الشيعي لقتل المسيحيين بتقسيم العراق؟.