تقرير المبادرة المصرية حول تهجير الاسر المصرية من سيناء
الأربعاء 17/مايو/2017 - 12:44 م
طباعة
افة حارة النسيان هذه الجملة صادقة لحد بعيد في وصف المصريين وقد كررها اديب نوبل الكبير نجيب محفوظ في رواية اولاد حارتنا ويبدو اننا نسيا بالفعل ماساة الاسر المهجرة من العريش علي اثر قتل وتهديدات داعش لهما فاصدرت هذه الاسر بيان جاء تحت عنوان من الأسر المصرية المسيحية المهجرين من محافظة شمال سيناء إلي محافظة بورسعيد
نحن اسر العريش المهجرة ببورسعيد منذ شهر فبراير الماضى ، ونعيش داخل غرف صغيرة بمعسكر الشباب ومبنى الاغاثة ، نمر بمأساة ولا نجد من يستمع صوتنا من المسئولين ومحافظ بورسعيد ، فمنذ بداية الازمة وتوجهنا الى محافظة الاسماعيلية ومع زيادة توافد الاسر فتحت محافظة بورسعيد بابها لنا ورحب المحافظ باستقبالنا ، ووعد بتقديم الدعم والمساندة مثل ما فعلت محافظة الاسماعيلية .
ولكن مع مرور الوقت ظلت 28 اسرة تعيش فى معسكر الشباب والاغاثة ، ورغم مرور ثلاثة شهور لم نجد اى اهتمام من قبل الحكومة والمسئولين بمحافظة بورسعيد ، بعد ان اكد المحافظ صراحة عدم وجود وحدات سكنية لنقل الاسر من معسكر الشباب لها ، وعدم توفير فرص عمل للعمال والمهنيين ، وهو ما اضطر الى الشهيد نبيل صابر العودة للعريش بعد ان ضاق به الحال وهو يعيش داخل غرفة ضيقه بمعسكر الشباب واسرته دون اى خصوصية أو عمل ليتم قتله بالعريش لتكون رسالة لاى قبطى يفكر العودة مرة اخرى.
ونحن نوجه رسالتنا الى الى رئيس الحكومة " اين الوعود والاهتمام الذى ظهر فى بداية الازمة والتأكيد على رعاية الاسر وتسكينها ،وهل يستمر وضعنا داخل غرف صغيرة بمعسكر الشباب ، وهل الاهتمام يظهر فقط عندما يسلط الاعلام الضوء على الازمة ثم يختفى المسئولين تماما عن استكمال واجبهم نحو مواطنين مصريين لهم حقوق ، بعد تشريدنا من منازلنا وترك اعمالنا ، ولا نجد الان سوى الدعم من الكنيسة والتى تقوم بدور هو دور الدولة نحو مواطنين مصريين .
ونؤكد اننا سوف نظل ندافع حقوقنا حتى لو اضطرينا سفر كل الاسر الى القاهرة والوقوف امام قصر الاتحادية حتى لقاء الرئيس السيسى الذى سبق واعطى تعليمات مباشرة بتذليل اى عقبات امام الاسر ، ونحن نقدر الدور الذى قامت به المحافظات الاخرى تجاه الاسر مثل الاسماعيلية واسيوط والغربية والشرقية وحل مشكلاتهم ولكن تظل محافظة بورسعيد ماساة. ولقد عقد محافظ بورسعيد اجتماعا مع الاسر وصرف لهم 1500 جنيها اعانة ولا ندري كيف يستمر الوضع هكذا ومن ناحية اخري
قرر وزيرالأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، صرف مساعدة عاجلة قدرها ألف جنيه لكل أسرة مسيحية من أهالى العريش المسكنين بالإسماعيلية وعددهم نحو 120 أسرة، على أن يكون الصرف عاجلا يوم الخميس القادم.
وقالت وزارة الاوقاف في بيان لها، إن القرار يأتى إيمانًا، بالأخوة الوطنية وما يحتمه علينا الواجب والضمير الوطنى والإنسانى والوقوف صفًا واحدًا إلى جانب بعضنا البعض، ولا سيما في أوقات الشدائد والأزمات، بوازع وطنى وإنسانى محض لا تفرقة فيه على الإطلاق على أساس الدين أو اللون أو العرق أو الجنس
وقائع موت معلن
حول الواقع المؤلم الذى حدث ومازال يحدث لاقباط العريش اصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تقريرا حمل عنوان رواية ماركيز " وقائع موت معلن" ليتحول الخيال الي واقع حيث شهدت مصر وقائع موت معلن في شهر فبراير الماضي ، كان القتلة والضحايا فيها من لحم ودم ولم ينتموا إلى واقع سحريٍّ ما. لم يألُ القتلة من الاخوان وداعش في حالتنا جهدًا في الإعلان الصريح عن نيتهم لقتل الاقباط. ولم يكترث الجميع لهذا اﻹعلان إما استهانةً وإما خوفًا أو فشلًا، أو عن قناعةٍ بأن الأمر لا يعنيهم. والنتيجة الحتمية في الواقع، كما في الرواية، كانت تنفيذ القتلة تهديداتهم في وضح النهار وعلى رؤوس الأشهاد.
يُوثِّق هذا التقرير الوقائع المعلنة لاستهداف أقباط محافظة شمال سيناء بأشكال مختلفة من الترهيب بدءًا من منع ممارسة الشعائر الدينية وحرق الكنائس والاعتداء على الممتلكات والخطف مقابل الفدية ووصولًا إلى التهجير القسري والقتل على الهوية على مدار السنوات الست الماضية وحتى الأسابيع الأخيرة من شهر فبراير 2017. ويحاول أن يضع الحدث الأخير في سياقه الأوسع المتسم بتنامي العنف الطائفي بأشكاله المختلفة، وتنامي نفوذ الجماعات الإسلامية المتطرفة المسلحة في شمال سيناء، والفشل الرسمي في توفير الحماية اللازمة المقرَّة دستوريًّا وقانونيًّا ودوليًّا للأقباط الذين يواجهون هذا التهديد المباشر على الرغم من توفر سبل تلك الحماية في مكنة أجهزة الدولة.
ويخلص توثيق تلك الوقائع إلى ثلاثة استنتاجات رئيسية:
اولا أن ما حدث في فبراير الماضي لا يمكن وصفه سواء بالمعايير القانونية والدستورية المصرية، أو بالمعايير الدولية التي قبلت بها الدولة ورفعتها إلى مرتبة النصوص القانونية الملزمة، إلا كتهجير قسري مارسته جماعات مسلحة أو شبه مسلحة ضد جماعة متجانسة دينيًّا بهدف إجلائها من موطنها. ولا يمكن التهوين من شأنه واعتباره مجرد مغادرة طوعية أو حالة نزوح جماعي هربًا من نزاع مسلح.
ثانيا أن ممارسة التهجير القسري ليست حدثًا استثنائيًّا في سياق مناخ التوتر الطائفي السائد في مصر بقدر ما كانت ممارسة شائعة تسامحت معها، بل وتواطأت معها، أجهزة الدولة الأمنية والمحلية، في الكثير من الأحيان عبر إقراراها أو إشرافها على جلسات الصلح العرفية التي كانت تعقد لتسوية أغلبية النزاعات الطائفية، التي كانت ممارسة التهجير مكوِّنًا رئيسيًّا من مقرراتها.
ثالثا أن تعامل الأجهزة الأمنية والمحلية مع تلك الأزمة قد فشل في الوفاء بالتزاماتها الدستورية والقانونية والدولية بحماية الحقوق الأساسية للمواطنين المصريين في تلك المنطقة وعلى رأسها الحق في الحياة والحق في الملكية وعدم التهجير القسري، مع الأخذ في الاعتبار المدى الزمني الطويل الذي تطورت عبره الأحداث والذي كان من المفترض أن يسمح بالتنبؤ والتخطيط الفعال للتدخل بهدف توفير الحماية، ومع الأخذ كذلك في الاعتبار حقيقة الانتشار الأمني والعسكري الكثيف في المنطقة.
اعتمد التقرير في توثيقه على عدد من الزيارات الميدانية التي قام بها باحثو المبادرة المصرية إلى مدينة اﻹسماعيلية وتمكنوا على إثرها من جمع مجموعة كبيرة ومتنوعة من شهادات المهجرين وذويهم وبعض المسئولين الدينيين والتنفيذيين. كما اعتمد كذلك على البحث التاريخي الكمي والكيفي في وقائع العنف الطائفي، الذي قامت به المبادرة المصرية للحقوق الشخصية على مدار الأعوام الستة الماضية ونشرت مخرجاته في عدد من تقاريرها ودراساتها.
وينقسم التقرير إلى خمسة أجزاء رئيسية بخلاف التوصيات والملاحق. يتناول الجزء الأول خلفية تاريخية عن تطور أحداث العنف الطائفي في مصر منذ الخامس والعشرين من يناير 2011 ورصدًا لأنماطها الرئيسية، مع التركيز على دور جلسات الصلح العرفية وما يرتبط بها من ممارسة التهجير كآلية غير قانونية لتسوية تلك النزاعات. ويتناول الجزء الثاني الواقع الأمني والسياسي والاجتماعي في شمال سيناء، التي كانت مسرحًا للعديد من التطورات الأمنية خلال نفس الفترة على خلفية الصراع المسلح الممتد بين الدولة وعدد من الفصائل الإرهابية، وانعكاسات هذا الوضع الأمني على حياة أقباط المنطقة. أما الجزء الثالث فيشمل قراءة في أحداث القتل والتهجير القسري التي جرت وقائعها في فبراير الماضي. ويستعرض الجزء الرابع مواقف الفاعلين الرسميين الأساسية من أجهزة أمنية ومحلية وتنفيذية أخرى. وأخيرًا، يقدم الجزء الخامس رصدًا لأهم الانتهاكات التي تعرض لها أقباط شمال سيناء خلال هذه الأزمة. ويختتم التقرير كما أسلفنا بعدد من التوصيات العاجلة بهدف تأمين الأسر القبطية المهجَّرة والحفاظ على ممتلكاتهم والعمل على عودتهم إلى ديارهم وضمان تعقب الجناة بما لا يخل بضمانات المحاكمة العادلة وغيرها من الحقوق الأساسية للمواطنين.
يشمل التقرير كذلك أربعة ملاحق: الأول يتناول بالشرح منهجية التقرير المستخدمة في جمع الشهادات وتوثيقها، الثاني يشمل ملخصًا بكافة حالات التهجير التي وثقها التقرير، الثالث يشمل نص الشهادات التي جمعها باحثو المبادرة من المهجرين وذويهم، والرابع يشمل استعراضًا عن نشأة الجماعات المسلحة في سيناء وتطور أهدافها وتكتيكاتها.