رغم سيطرة "داعش".. هل يحسم جامع "النوري" معركة الموصل؟
الخميس 01/يونيو/2017 - 06:38 م
طباعة
تواصل القوات العراقية في شهرها الثامن، معركتها النهائية لتحرير مدينة الموصل بالكامل من قبضة التنظيم الإرهابي" داعش" والذي بات علي وشك الانتهاء تمامًا، وقال سكان الموصل إن مقاتلي داعش أغلقوا الشوارع المحيطة بجامع النوري الكبير في الموصل استعدادا على ما يبدو للمواجهة النهائية في المعركة من أجل معقلهم الكبير الأخير بالعراق.
وأعلنت القوات العراقية المدعومة من قوات التحالف الدولي غرب الموصل، اليوم الخميس 1 يونيو 2017، استعدادها لبدء المعركة الحاسمة لاستعادة الجامع النوري الكبير بمدينة الموصل العراقية، وهو أحد المعالم والمناطق التي لا تزال تحت سيطرة تنظيم داعش الإرهابي بالجانب الغربي من المدينة.
ومن المعروف أن مسجد النوري هو الذي أعلن منه زعيم التنظيم الإرهابي أبو بكر البغدادي إقامة الخلافة في الموصل وأول مكان شهد خطبة البغدادي، وتعد استعادة الجامع النوري الكبير، نقطة تحول في مسار المعركة لصالح الجيش العراقي، نظرًا لأهمية الجامع التاريخية وموقعه الاستراتيجي، فضلًا عن أن الجامع هو آخر المناطق التي يبسط داعش سيطرته عليها بالموصل منذ عامين.
ويستمر تقدم الجيش العراقي ناحية الأحياء الخمسة " الزنجيلي، الشفاء، الصحة، باب سنجار، والمستشفى الجمهوري" بالإضافة إلى أجزاء من المدينة القديمة والجامع النوري الكبير، ما يشير لاقتراب موعد حسم المعركة لصالح القوات العراقية المكونة من قوات مكافحة الإرهاب وقوات الشرطة الاتحادية، وقوات البشمركة، وعناصر الحشد الشعبي.
وشاهد سكان عشرات المقاتلين يتخذون مواقعهم في الساعات الثماني والأربعين الماضية حول المسجد الأثري الذي أعلن منه أبو بكر البغدادي زعيم التنظيم المتشدد قيام دولة "خلافة" في يوليو 2014.
وترفرف راية الدولة الإسلامية السوداء فوق المسجد منذ سيطر التنظيم على الموصل واستولوا على مساحات من الأراضي في العراق وسوريا في يونيو 2014.
منظمة الأمم المتحدة، أعلنت من قبل أن ما يصل إلى 200 ألف شخص ما زالوا يعيشون في ظروف سيئة خلف خطوط داعش في الموصل في ظل تناقص إمدادات الغذاء والمياه والأدوية بالإضافة لصعوبة الوصول إلى المستشفيات.
وأصبح جامع النوري الكبير محورا رمزيا للحملة إذ يقول قادة عراقيون في أحاديث خاصة إنهم يأملون استعادته خلال شهر رمضان.
والمئذنة ليست عمودية على المبنى المقام فوق تربة رطبة وهي معرضة لخطر شديد لأنها لم تجدد منذ عام 1970. وتوصف المئذنة بالحدباء.
وقال السكان إن في الأيام القليلة الماضية أمر المتشددون عشرات الأسر بمغادرة منطقة الزنجيلي لينتقلوا إلى المدينة القديمة حتى لا يفروا صوب القوات العراقية التي تحاول التقدم من الجانب الشرقي.
ومنذ 9 قرون.. تأسس الجامع النوري على ثلاث سنوات على يد نور الدين زنكي، مؤسس الدولة الزنكية، حيث قرر زنكي إنشاء جامع ثاني بالموصل، بعد إعلان المصليين العراقيين عن غضبهم من ضيق الجامع الأموي أول الجوامع التي تأسست بالمدينة، ليأمر ببدء البناء والتشييد لمعمار الجامع عام 1173.
وفي عهد سيف الدين غازي الثاني حاكم الموصل وقتها، اتجه زنكي إلى المدينة وبسط نفوذه عليها، وشرع في إجراء عدة إصلاحات معمارية وتوسعات في معالمها، ليستكمل عملية بناء الجامع النوري الكبير، الذي منح المنطقة المحيطة به نفس الاسم حتى يومنا هذا.
ويبدو أن التاريخ يعيد نفسه، فحالة الدمار والتخريب التي شهدها الجامع النوري الأثري التاريخي على يد عناصر داعش الإرهابي بعد سيطرته على الموصل في يونيو 2014، تشبه كثيرًا أثار الدمار التي خلفها احتلال المغول للمدينة نفسها في القرن الـ 13، وتعرض الجامع ومئذنته الشهيرة المعروفة باسم المنارة المحدبة نحو الشرق والتي يصل طولها لـ 45 م، لتخريب ودمار كبير على مدار العصور.
وتعد المئذنة الحدباء هي الجزء الوحيد الباقي من المعمار الأصلي للجامع، وتتميز المئذنة بهندسة معمارية تجمع بين المعار الآسيوي والمعماري الإيراني، وتتشابه مع أكثر من منارة بجوامع في أربيل وسنجار وماردين، حيث تمثيل عن الزاوية القائمة بعدة أقدام، رغم بنائها بشكل مستقيم وسليم من البداية.
واستعادت القوات الحكومية العراقية بدعم من الولايات المتحدة شرق الموصل في يناير الماضي، وبدأت حملة جديدة يوم السبت لاستعادة الجيب المتبقي في قبضة المتشددين بغرب الموصل ويتكون من منطقة المدينة القديمة حيث يقع المسجد وثلاث مناطق متاخمة له بالإضافة إلى الضفة الغربية لنهر دجلة.
وسيمثل سقوط المدينة فعليا نهاية النصف الواقع في العراق مما تسمى دولة الخلافة بينما تحاصر قوات كردية في سوريا مدعومة بضربات جوية أميركية مقاتلي داعش في مدينة الرقة معقل التنظيم هناك.