بدء معركة الرقة بالرغم من الانتقادات التركية لواشنطن.. وموسكو تواصل ملاحقة الارهابيين
الأحد 04/يونيو/2017 - 05:08 م
طباعة
انطلاق معركة الرقة بدعم أمريكي غربي
مع انطلاق معركة الرقة واستمرار الانتقادات التركية للموقف الأمريكي من الأكراد، رصدت تقارير أن هناك خطة ايرانية للعمل على إعادة هضبة الجولان إلى سيطرة دمشق، وبالرغم من أن الولايات المتحدة تحاول فرض السيطرة على المقاتلين في هذه المنطقة، الا أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ربما يكتفي باستخدام "الورقة الكردية" لحل مهام تكتيكية مثل تحرير الرقة واستراتيجية، باستخدام الورقة نفسها، للتأثير على الوضع في سوريا وتركيا والعراق.
من جانبه أعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم أن معركة انتزاع مدينة الرقة السورية من قبضة تنظيم "داعش" بدأت، مضيفا أن الولايات المتحدة أبلغت أنقرة بذلك، موضحا أن بلاده لا تؤيد الطريقة التي بدأت بها الولايات المتحدة الأمريكية حملة الرقة.
أشار إلى أن واشنطن أبلغت أنقرة بأن اعتمادها على مسلحي قوات سوريا الديمقراطية للقيام بهذه العملية لم يكن اختياريا إنما ضرورة فرضتها الظروف، مضيفا بقوله "استراتيجيتنا التي لا تتغير، هي أننا لن نتهاون في ضرب أي منظمة إرهابية تهدد أمننا وسلامتنا سواء كانت هذه المنظمة داخل حدود بلادنا أو خارجها".
ويري محللون أن إعلان يلدريم يتناقض مع تصريحات "قوات سوريا الديمقراطية" والتي أكدت، أنها ستبدأ "خلال أيام" معركة السيطرة على مدينة الرقة.
يأتى ذلك فى الوقت الذى أكد فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه في حال تعرض بلاده لأي تهديد من شمال سوريا، ستتصرف وتتحرك بنفسها للرد على التهديد، على غرار ما فعلته في "عملية درع الفرات".
حشود لملاحقة عناصر داعش
وتطرق الرئيس التركي إلى الحديث عن استعانة الأمريكيين بحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري في تحرير مدينة الرقة السورية من تنظيم "داعش"، حيث قال أردوغان: "قلنا للأمريكيين عليكم أن تعلموا أنه حال قدوم تهديد لبلادنا من شمال سوريا، لن نبحث الأمر مع أحد، وسنصدر قرارنا بأنفسنا، وسنتحرك كما فعلنا في جرابلس والراعي ومدينة الباب في إشارة إلى عملية درع الفرات".
نوه أردوغان إلى أن عملية "درع الفرات" كانت ضد تنظيم "داعش"، إلا أنها وجدت أمامها عناصر حزب "ب ي د" وذراعه المسلح "وحدات حماية الشعب" الكردية ، مؤكدا أنهم لم يضعوا بعد نقطة انتهاء عملية درع الفرات، في إشارة إلى إمكانية تكرار السيناريو ذاته في سوريا.
يذكر أن تركيا أطلقت يوم 24 أغسطس 2016، "عملية درع الفرات" العسكرية، التي نفذتها بمشاركة القوات البرية والدبابات وسلاح المدفعية، بغطاء من سلاح الجو التركي، وبالتعاون مع مسلحي "الجيش السوري الحر" وفصائل متحالفة معه من المعارضة السورية، من أجل تطهير كامل المنطقة السورية الحدودية مع تركيا من "جميع الإرهابيين" وطردهم نحو عمق سوريا، وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حينها، أن هدف عملية "درع الفرات" يكمن في تحرير أراض مساحتها 5000 كم مربع وإقامة منطقة آمنة للنازحين واللاجئين السوريين فيها.
من ناحية أخري استعاد الجيش السوري سيطرته على بلدة مسكنة الاستراتيجية في ريف حلب الشرقي، وعدد من البلدات، فيما قصفت وحدات أخرى من الجيش بسلاحي الجو والمدفعية نقاطا لتنظيم داعش في دير الزور، والاشارة إلى أن وحدات من الجيش تمكنت من التقدم في ريف حلب الشرقي "وأعادت الأمن والاستقرار إلى ناحية مسكنة الاستراتيجية وعدد من البلدات والمصالح المهمة منها سمومة والعزيزية".
عمليات مكثفة للجيش السوري
وكشفت تقارير أن وحدات الجيش استعادت خلال عملياتها مولدات الكهرباء الضخمة الخاصة بمحطة ضخ مياه الخفسة والإذاعة والمحطتين الثانية والثالثة لضخ المياه.
يأتي ذلك بعد تمكن الجيش السوري من استعادة السيطرة على منطقة واسعة في البادية السورية تبلغ مساحتها 1400 كيلومتر مربع، كما استعاد الجيش، خلال الأسبوع الأخير، السيطرة على 22 قرية ومزرعة بريف حلب الجنوب شرقي، وتمكن من القضاء على أكثر من 1200 إرهابي من "داعش"، إضافة إلى تدمير 12 مقر قيادة و101 آلية و4 دبابات و7 مدافع هاون.
وعلى صعيد كشف مركز حميميم الروسي للمصالحة في سوريا، إن جهوده أثمرت عن انضمام نحو 1500 بلدة سورية إلى الهدنة، وأوضح ألكسندر فومين، نائب وزير الدفاع الروسي، في كلمة ألقاها في مؤتمر حول الأمن في آسيا والمحيط الهادئ، أن "العملية الناجحة لتحرير حلب قوضت قدرات الإرهابيين"، مؤكد أن "الأولوية تتمثل في تعزيز وقف الأعمال القتالية، لخلق ظروف للتفاعل السياسي بين جميع الأطراف المتقاتلة".
قال فومين، إن بلاده تولي اهتماما خاصا للجانب الإنساني في سوريا، مشيرا إلى أنه يتم إيصال وتوزيع شحنات من المساعدات الإنسانية على السكان يوميا، كما تم تفكيك العبوات الناسفة في شرق حلب، ونزع الألغام من مساحة تقدر بأكثر من ألف هكتار في مدينة تدمر.
أضاف نائب الوزير الروسي أن بلاده تقدم خدمات طبية للسكان المدنيين بسوريا، حيث قدمت العلاج لأكثر من 22 ألف سوري.
سوريا الديمقراطية تسبب ازمة لواشنطن
ويري محللون أن كلا من روسيا وتركيا وإيران وسوريا، إضافة إلى المعارضة السورية السلمية، اتفقت أثناء مفاوضات أستانا الأخيرة، على إنشاء "مناطق خفض التوتر" في بعض الأراضي السورية التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة في الوقت الحالي، والحديث يدور عن مناطق في محافظات إدلب واللاذقية وحمص ودرعا، حيث يفترض إحلال نظام الهدنة فيها، والمحافظة على الوضع القائم حتى انتهاء الحرب الأهلية في البلاد، ومن المفترض أيضا أن تضمن قوات أجنبية نظام الهدنة في تلك المناطق، الا أن تنفيذ هذه الخطة يثير تساؤلات عدة، وخاصة ما يخص تبعية القوات التي ستراقب الوضع في "مناطق خفض التوتر" وتضمن نظام وقف إطلاق النار هناك.
فى حين يري البعض أن أنقرة تسعى لفرض نفوذها في الأراضي السورية التي تسيطر عليها، وذلك عن طريق أذرع اقتصادية-اجتماعية. وفي حال دخول القوات التركية إلى هناك من أجل ضمان الأمن، فلن يغادر الأتراك تلك الأراضي أبدا، وهذه المخاوف لا أساس لها، لأن تركيا في الوقت الحالي تعاني عزلة دولية، وقد تدهورت علاقاتها مع أوروبا، ولديها مشكلات مع الولايات المتحدة بسبب "المسألة الكردية".
من جانبه قال يفورك ميرزايان الأستاذ في قسم العلوم السياسية بجامعة موسكو المالية أن روسيا هي الدولة العظمى الوحيدة التي تقيم مع تركيا علاقات عملية جيدة، ولا مصلحة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الإساءة إلى هذه العلاقات، وبالإضافة إلى ذلك، فاحتلال جزء من الأراضي السورية من قبل تركيا سيؤدي إلى نزاع بين أردوغان وعدد من البلدان العربية التي لا تريد أن تكون داخل مناطق النفوذ التركي ولذلك، فلن يقوم أردوغان بالاستيلاء على شمال سوريا، وسوف يغادرها عندما يقترحون عليه "التعويض المقبول".
شدد على أن إسرائيل تعارض أي وجود إيراني في مناطق سوريا الجنوبية، وفي محيط مرتفعات الجولان. فتل أبيب ترى أن طهران ستبدأ، بعد انتهاء الحرب الأهلية في سوريا، العمل على إعادة هضبة الجولان إلى سيطرة دمشق، معتبرا أنه بالرغم من أن الولايات المتحدة تحاول فرض السيطرة على المقاتلين في هذه المنطقة، الا أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ربما يكتفي باستخدام "الورقة الكردية" لحل مهام تكتيكية مثل تحرير الرقة واستراتيجية، باستخدام الورقة نفسها، للتأثير على الوضع في سوريا وتركيا والعراق.
أكد أن موسكو قد تحصل على أفغانستان ثانية في سوريا. إلا أن روسيا منذ تدخلها في سوريا تكتفي بتوجيه ضربات جوية، وتقديم مساعدات عسكرية، وطبية، وغيرها من المساعدات، كما ان موسكو مهتمة، في الوقت الحالي، بتحرير الأراضي السورية الشرقية من تنظيم "داعش" الإرهابي. وأما الجيش السوري فلا يستطيع خوض القتال في الجبهتين الشرقية مع "داعش"، والوسطى مع المعارضة المسلحة، في الوقت نفسه.
وتتلخص الأولوية في القضاء على "داعش". ولذلك، فلا بد من التوصل إلى هدنة مع المعارضة السورية في مناطق وسط البلاد، الأمر الذي سيتيح فرصة لسلاح الجو الروسي والجيش السوري لتركيز الجهود على محاربة مسلحي "داعش". وأما بعد هزيمتهم، فمن الممكن العودة إلى حل مشكلة الموجودين في "مناطق خفض التوتر".، بعد أن استغل الجيش السوري نظام وقف إطلاق النار، ويتقدم إلى مدينة الطبقة، ويعد هجوما بالقرب من تدمر في اتجاه دير الزور، ويمشط المناطق الجنوبية من البلاد.
نوه إلى انه في حال التوصل إلى اتفاقية بشأن وجود قوات أجنبية في وسط سوريا بغية ضمان الأمن هناك، فمسألة عودة تلك الأراضي إلى سيطرة دمشق بالقوة ستكون صعبة جدا. ولذلك، فالتسوية السياسية هي الخيار الأكثر احتمالا، إلا أن موسكومهتمة بتحقيق نصر مزدوج، عسكري ودبلوماسي، على حد سواء، حيث تستطيع روسيا أن تُظهر في سوريا قدرتها على تحقيق الانتصار في الحرب، وتحقيق السلام، مع الأخذ بعين الاعتبار مصالح جميع الأطراف المعنية، وذلك سيعني أنها تعمل كدولة عظمى حقيقية، وكأحد المراكز المحورية في عالم متعدد الأقطاب.