الشيخ محمود عاشور.. الإخوان والسلفيون وجهان لعملة واحدة
الثلاثاء 13/يونيو/2017 - 03:57 م
طباعة
قال محمود عاشور، وكيل الأزهر السابق في حواره مع جريدة صوت الأمة: إن الدين الإسلامي يعمل على التوحيد بين المسلمين وليس فرقتهم، وأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، هو أول من وطد الوحدة الوطنية بين المسلمين واليهود والنصارى والمجوس، فور هجرته إلى المدينة المنورة، وأن الخلاف بين الإمام على بن أبى طالب ومعاوية بن أبى سفيان، هو أساس تفرقة المسلمين وتشعبهم إلى فرق عدة. وأكد عاشور أن «داعش» جماعة تشوه الإسلام، لكن على الرغم من ذلك لا يمكن تكفيرهم إعمالا بحديث النبي «من قال لا الله إلا الله فقد دخل الجنة».
وحول سؤاله عن تعدد الفرق والمذاهب الإسلامية وهل يعد هذا التعدد سببًا جوهريًا في ما وصل إليه المسلمون من فرقة قال: قال تعالى في كتابه الكريم: «وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون»، ولذلك فإن النبي عندما هاجر إلى المدينة جمع الناس على كلمة واحدة، حيث كان فيها الأنصار الذين أسلموا من أهل المدينة، والمهاجرون الذين هاجروا مع النبي من مكة، ولو أن النبي تركهم لانقسموا إلى حزبين، واحد للمهاجرين وآخر للأنصار، ولذلك فإن أول ما اهتم به النبي الإخاء بين المهاجرين والأنصار لتوحيد أمته وجبهته في الجهاد الشاق، من خلال مجموعة موحدة وليست متفرقة، كما أن الرسول أول من وطد الوحدة الوطنية في العالم بالحب والتواصل بين جميع الديانات الموجودة في المدينة ومنهم النصارى واليهود والمجوس والمشركون، فعقد معهم عهدًا ينص على أن لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين، وفي حالة الاعتداء على المدينة يهب الجميع للدفاع عنها، لذلك يجب على المسلمين الاقتداء بسلوك النبي للتوحيد وليس للفرقة كما يحدث الآن.
وعن أسباب تفرق المسلمين بعد وفاة النبي قال الشيخ عاشور: الخلاف بين الإمام على رضى الله عنه، وبين معاوية بن أبى سفيان، وهو خلاف سياسي على الحكم وليس دينيًا، هو بداية الفرقة بين المسلمين، أدت إلى الفتنة والتفرقة بين المسلمين من خلال عدة فرق، منهم الشيعة أنصار الإمام على، والمعتزلة الذين اعتزلوا المجتمع بالبعد عن جميع الفرق الإسلامية، والخوارج الذين كفروا الجميع وخرجوا على الإسلام، وهذا كان في صدر الإسلام ما أدى إلى استفحال وتعدد الفرق الإسلامية بين الأمويين والعباسيين والأيوبيين والفاطميين، وبالتالي زادت الفرقة بين السنة والشيعة الذين زادوا تفرقًا من خلال فرق عديدة يكفر بعضها بعضًا، ما أدى إلى انقسام السنة إلى عدة فرق منها الجماعات الإسلامية، التكفير والهجرة، والجهاد، وشباب محمد، والناجون من النار. وكذلك جماعة الشيعة التي انقسمت إلى الظاهرية، والباطنية، والاثني عشرية، والإمامية، وبالتالي زيادة الفرقة بين المسلمين حتى المساجد يتم تصنيفها لمساجد سُنية وأخرى شيعية.
أما عن تكفير السنة للشيعة قال: لا يمكن تكفير الشيعة، إعمالا بقول النبي: من قال لا الله إلا الله دخل الجنة»، وقد استدرك سيدنا أبو ذر الغفاري على النبي قائلا: «وإن زنا وإن سرق يا رسول الله؟ فقال النبي: وإن زنا وإن سرق».
وقد قال تعالى: (إن الذين آمنوا والنصارى واليهود والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة)، ولذلك يجب التقريب بين الفرق الإسلامية المختلفة بدلا من التفرقة، حيث أن الدين الإسلامي يجمع ولا يفرق أبداً، ولذلك لا خطورة من تواجد الشيعة في مصر للتقريب بينهم وبين أهل السنة.
وعن رؤيته للفرق المختلفة من الإسماعيلية والقديانية والبهرة والبهائية والأحمدية قال: كل هذه الفرق منحرفة وخارجة على دين الإسلام، فبعضهم قصر في تطبيق القرآن الكريم والسنة، إما باختيار إله غير الله الأحد الصمد، أو باختيار نبي آخر، كما أنهم يسيرون على خطى بعيدة تمامًا عن الإسلام، ومثال ذلك البهائيون الذين اعتبروا «البهاء» إلهًا لهم، كما أن قبلتهم تتجه إلى عكا، واختاروا كتابًا بديلا عن القرآن، وبذلك خرجوا عن الإسلام تمامًا.
وعن رفض الأزهر تكفير داعش قال الشيخ عاشور: داعش جماعة أنشئت لتشويه الدين الإسلامي على وجه التحديد، ولتخريب الشرق الأوسط وتقسيمه إلى دويلات بأيدي أمريكا، وهذا ما اعترف به الرئيس الأمريكي ترامب ونسبه إلى أوباما، ومثال على ذلك ما حدث في العراق وسوريا وليبيا واليمن، لتظل إسرائيل الدولة القوية في المنطقة بهدف تشويه الإسلام أمام العالم وتصويره على أنه دين يدمر ويخرب ويقتل الأبرياء بأيدي المسلمين.
وعدم موافقة الأزهر على تكفيرهم لأنهم يقولون لا الله إلا الله وهذا بنص حديث رسول الله، ولذلك لا يمكن تكفيرهم، فإذا بدأنا بالتكفير لكفر المسلمون بعضهم بعضًا، وأصبحنا مثل البهائيين الذين يكفرون علماء الأزهر.
وعن اتهام الأزهر بالضعف أمام العديد من القضايا الفكرية قال: الأزهر مؤسسة دينية لها شأنها مثل جميع المؤسسات التي تعتريها فترات ضعف وقوة، ولكنه قائم بدوره، والأزهر يساير التحول المجتمعي مثله كحال التعليم في كل الفترات، كما أن ترك الدولة- في فترة ما-العديد من القنوات الدينية المتشددة لتطلق أفكارها وتبث سمومها على الناس ليزدادوا تشددًا من خلال نشر خرافات باسم الدين، أدى إلى أن فئة كبيرة من الشعب صدقتهم واعتنقت أفكارهم لفترات طويلة، وقد تعرضت- بشكل شخصي- لموقف غريب يعبر عن فكر متطرف من «الإخوان» أثناء فترة حكمهم، ففي أحد الأعياد وقبل إلقاء الخطبة كان المسجد يوزع البالونات على الأطفال ابتهاجًا بالعيد، وفوجئت بأحد المتشددين من المصلين الملتحين يهاجمني قائلا: «لم يكن النبي يوزع البالونات في الأعياد، وما يحدث يعد بدعة» وطالبني بمنع توزيعها فورًا فسألته: ما الوسيلة التي ركبها ليصل إلى المسجد؟ فقال: جئت بسيارتي. فقلت له: عليك أن تكسرها لأن النبي لم يركب سيارة وإنما كان يركب الناقة! ومن ثم فهذه النوعية من الفكر المتشدد منتشرة بشدة في المجتمع وبأشكال متعددة، ولكى نقضى على هذا الفكر نحتاج وقتًا طويلاً، لأنه ما زال منتشرًا ومنه تحريم الاحتفال بعيد الأم والاحتفال بالإسراء والمعراج. والأزهر مؤسسة علمية وليس جهة عقوبة لمعتنقي هذه الأفكار المتشددة وإنما مسئولية الدولة من خلال تطبيق القانون، والأزهر حينما تصدى لأفكار إسلام البحيري اتهم من الإعلام بأنه ضد الثقافة والفكر والتنوير والتطوير، ولذلك لا بد للإعلام من مساعدتنا بدلا من مهاجمتنا وإعاقة مسيرة الأزهريين.
وحول الفكر السلفي وكونه أشد تطرفًا من الإخوان قال: الإخوان والسلفيون فكر واحد مع اختلاف المسميات، ولا أعرف السبب في تصنيف الإخوان جماعة إرهابية من الدولة، بينما تترك السلفيين يرتعون بأفكارهم المتطرفة، ومن ثم منحهم مقاعد في البرلمان!
وعن امكانية توحيد الفرق الإسلامية مرة أخرى قال عاشور: لن يتوحدوا أبدًا بسبب السياسة التى فرقتهم، ولدينا مؤتمر الحج الذى يجتمع فيه 4 ملايين مسلم كل عام، فإذا استغللنا هذا المؤتمر من خلال اجتماع جميع القيادات الإسلامية للتكامل مع بعضنا بعضًا، لاستطعنا توحيد الصفوف من خلال استثمار ثروات العالم الإسلامى لصالحه.