تصاعد الانتقادات للقمع التركى.. والبرلمان الأوروبي يعلق ملف أنقرة
الخميس 06/يوليو/2017 - 06:16 م
طباعة
اردوغان ماض فى الاستبداد رغم الانتقادات
تصاعدت الانتقادات الحقوقية للسلطات التركية فى ضوء تزايد قمع المعارضة، واعتقال العشرات فى الفترة الأخيرة، وتفاقم الوضاع السياسية داخل البلاد نتيجة التشدد والاستبداد الذى تبديه الحكومة التركية تجاه المعارضة، واستمرار تصفية الحسابات مع حركة "خدمة" بزعم تورطها فى الانقلاب العسكري الفاشل العام الماضي، إلى جانب زيادة أعداد المشاركين فى مسيرة " من أجل العدالة" ضد الاستبداد الذى أقدم عليه الرئيس التركى رجب طيب اردوغان، وتماشاي مع هذه التطورات طلب البرلمان الأوروبي مجددا، اليوم تعليق مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي في حال اقراها الاصلاح الدستوري الذي يعزز صلاحيات الرئيس التركي.
يأتى ذلك فى الوقت الذى نددت فيه منظمة العفو الدولية باحتجاز مديرة مكتبها في تركيا، إلى جانب سبعة نشطاء آخرين من بينهم سويدي وألماني، كانوا مجتمعين بفندق بويوكادا الواقع بجزيرة قريبة من إسطنبول، وطالبت المنظمة بإطلاق سراحهم فورا، حيث قامت السلطات التركية بتوقيف مديرة مكتبها في تركيا مع ناشطين حقوقيين آخرين.
أوضحت المنظمة أن إيديل إيسر مديرة مكتبها في تركيا أوقفت مع سبعة ناشطين آخرين خلال مشاركتهم في "ورشة تدريب على الأمن الإلكتروني وإدارة البيانات" في جزيرة بويوكاداـ بينما لم تصدر الشرطة التركية أي تعليق ولا يزال سبب توقيف إيسر والناشطين مجهولا وأيضا مكان احتجازهم. وشدد سليل شيتي الأمين العام للمنظمة في البيان "نشعر بحزن وغضب شديدين لتوقيف مدافعين معروفين جدا عن حقوق الإنسان في تركيا من بينهم مديرة منظمة العفو الدولية في البلاد بهذا الشكل ودون أي سبب"؛ وتابع "لا بد من الإفراج عنهم فورا ودون شروط".
تأتي عمليات التوقيف بعد أقل من شهر على وضع مسؤول المنظمة في تركيا تانير كيليش قيد التوقيف الاحترازي بعد الاشتباه في علاقاته بحركة الداعية فتح الله جولن، حيث واعتُقل تانير كيليش في السابع من يونيو مع 22 محاميا آخرين في منطقة إزمير .
قمع بلا حدود
وتشتبه السلطات التركية في أن مسؤول منظمة العفو في تركيا استخدم على هاتفه في أغسطس 2014 تطبيق بايلوك المشفر للرسائل القصيرة الذي تقول السلطات انه يُستخدم من قبل أنصار غولن المقيم حاليا في الولايات المتحدة وتعتبره أنقرة مدبّر محاولة الانقلاب فى يوليو 2016.
من جانبها قالت جمعية حقوق الإنسان في تركيا إنها لم تكتشف الاعتقالات إلا صدفة وإنه لم يجر إبلاغ أسر النشطاء، واصفة تلك الإجراءات بأنها تعسفية وسط حالة مستمرة من الطوارئ كانت قد فُرضت العام الماضي، وذكرت صحيفة "جمهوريت" التركية أن الأشخاص الذين تم اعتقالهم في تلك المداهمة لم يتمكنوا من الاتصال بمحام، ويبدو أن هناك أمرا من السرية حول ذلك الحدث.
أشارت منظمة العفو أن كيليش متهم بـ"الانتماء إلى منظمة إرهابية" وهو اتهام اعتبرت انه "تزييف للعدالة يظهر التأثير المدمر للقمع الذي تُنفّذه السلطات التركية". ورفضت المنظمة الاتهام الموجه لكيليش، نافيةً أن يكون استخدم تطبيق بايلوك.
وتتهم الحكومة التركية أنصار غولن بأنهم تسللوا بطريقة منهجية إلى المؤسسات التركية طوال سنوات، وبخاصة إلى القضاء، لإقامة إدارة موازية تمهيدا للإطاحة بالحكومة. وينفي غولن، الحليف السابق لأردوغان، والمنفي في الولايات المتحدة منذ نهاية تسعينات القرن الماضي، نفيا قاطعا أي تورط في الانقلاب الفاشل الذي أسفر عن زهاء 150 قتيلا.
من ناحية أخرى عاد المصور الصحافي الفرنسي ماتياس دوباردون إلى فرنسا بعدما احتجز لشهر في تركيا اثر توقيفه أثناء تصويره تحقيقا في جنوب شرق البلاد، على ما أعلنت منظمة "مراسلون بلا حدود". وحطت طائرة دوباردون بعيد في مطار رواسي في باريس، حيث كان في استقباله مسؤولون فرنسيون بينهم المستشار الدبلوماسي للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على ما أوضح الأمين العام للمنظمة كريستيان دولوار.
يذكر ان السلطات التركية شنت بعد محاولة الانقلاب حملة اعتقالات استهدفت عشرات الآلاف من الموظفين الحكوميين المحسوبين على رجل الدين فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة، وانتقد البرلمان الأوروبي الاعتقالات التي استهدفت معارضي أردوغان، ودعا إلى تعليق محادثات تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، بعد أن أجري استفتاء مثير للجدل في أبريل لتعديل الدستور يؤسس لنظام رئاسي يقوض صلاحيات البرلمان، ولم تحقق تركيا إلا تقدما قليلا على طريق الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بسبب قلق دولي بشأن الحرية والعدل تحت حالة الطوارئ الحالية.
أوروبا تنتقد القمع التركى
من جانبه طلب البرلمان الأوروبي تعليق مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي في حال اقراها الاصلاح الدستوري الذي يعزز صلاحيات الرئيس التركي رجب طيب اردوغان.
وفي قرار غير ملزم اتُخذ بالغالبية وجه أعضاء البرلمان الأوروبي خلال جلسة عامة في ستراسبورج طلبهم هذا إلى كل من المفوضية الأوروبية والدول الاعضاء في الاتحاد الأوروبي التي يعود اليها اتخاذ قرار في هذا الشأن.وعبّر النواب عن املهم بأن يتم "رسميا تعليق مفاوضات انضمام تركيا، من دون انتظار تطبيقها لحزمة الاصلاحات الدستورية كما هي". وبموجب الإصلاح الذي تمت الموافقة عليه خلال استفتاء في ابريل، يُلغى منصب رئيس الوزراء التركي لصالح الرئيس الذي يمكنه اصدار المراسيم وله اليد الطولى على السلطة القضائية.
وأعرب النواب الأوروبيون على نطاق واسع عن قلقهم ازاء "تدهور سيادة القانون وحقوق الإنسان وحرية الإعلام ومكافحة الفساد" في تركيا. كما أدانوا تكرار الرئيس التركي عن الدعوة لإعادة فرض عقوبة الإعدام، خلافا لمعايير الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
مسيرة من اجل العدالة
ورغم ذلك عبّر البرلمان الأوروبي عن رغبته في "الحفاظ على حوار مفتوح وبناء" مع أنقرة، ولا سيما في مجالات الهجرة ومكافحة الإرهاب، وهو يعتزم ارسال "وفد خاص الى تركيا في الخريف من أجل احياء الحوار البرلماني".وقالت النائبة الهولندية الاشتراكية كاتي بيري "لا نؤيد وقف الحوار والتعاون مع أنقرة"، مضيفة "لكن اذا غضينا الطرف، نكون بذلك قد قوّضنا مصداقيتنا إلى حد كبير".
يذكر انه توترت العلاقات بين تركيا والأوروبيين بشكل كبير في الربيع بعد منع عدد من الوزراء الاتراك من تنظيم حملات في أوروبا لصالح الاستفتاء التركي على الاصلاح الدستوري.