انهيارات "داعش" في تلعفر تُعجل بالتحديات المستقبلية للعراق
السبت 26/أغسطس/2017 - 07:33 م
طباعة
في تطور ميداني جديد، يدخل في إطار الجهود التي يبذلها الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي في مجال المجهود العسكري الذي يستهدف تحرير المناطق والمدن العراقية من سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي، أعلنت القوات العراقية، اليوم السبت 26 أغسطس استعادة السيطرة على مركز مدينة تلعفر وقلعتها التاريخية الواقعة وسط هذه المدينة في يومها السابع من بدء الهجوم على واحد من آخر معاقل المتطرفين في العراق، فيما بدأ وزيرا الدفاع والخارجية الفرنسية زيارة العراق لبحث القتال ضد التنظيم الإرهابي، والعمل على إعادة الإعمار.
ويعكس الانهيار السريع لداعش في مدينة تلعفر أخر معاقله في العراق تساؤلات عديدة، بينها مصير التنظيم الإرهابي في العراق، خاصة أنه كان يسيطر على مساحات شاسعة من الأراضي العراقية، وكذلك هل تسبب هزيمة التنظيم في الموصل في انهيار دفاعات التنظيم أم أنه قرر الانسحاب والاكتفاء بالتركيز في معركة الرقة.
وأمام العراق تحدٍ لا يقل خطورة عن المعارك التي خاضها بشكل مباشر مع التنظيم، إذ أن القوات العراقية أمام تحد يتمثل في كيفية مواجهة العمليات التي من الممكن ان تكون شاكلة الذئاب المنفردة التي سيقوم بها عناصر "داعش" الذين قرروا الاختباء بين سكان واهالي الموصل، في وقت تحتاج العراق فيه لنحو تريليون دولار كلفة لإعادة إعمارها،
ولا تقارن مدينة تلعفر بالموصل من الناحية الرمزية ولا من حيث المساحة، لكن استعادتها تمثل ضربة كبيرة للمتطرفين في العراق وسوريا، لأنها ستقطع بحسب السلطات العراقية والتحالف الدولي، الطريق على طرق امدادهم بين العراق وسوريا، وقد فر القسم الأكبر من أهالي تلعفر بعد سيطرة الجهاديين عليها في 2014، وكانت المدينة تضم 200 ألف نسمة غالبيتهم من الشيعة التركمان.
القوات العراقية كانت قد أطلقت معركة تحرير تلعفر فجر الأحد الماضي بعد أكثر من شهر من طرد التنظيم من الموصل، ثاني مدن العراق، إثر تسعة أشهر من المعارك الدامية، وخلال سبعة أيام فقط أعلن جهاز مكافحة الإرهاب الذي دخل مركز المدينة من المحور الجنوبي انتهاء مهامه القتالية، فيما أعلنت الشرطة الاتحادية التي تتولى المحور الشمالي الغربي مع الحشد الشعبي انتهاء مهامها القتالية كذلك.
قائد عمليات "قادمون يا تلعفر" الفريق قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يار الله، قال إن قوات مكافحة الإرهاب حررت حي القلعة وبساتين تلعفر وترفع العلم العراقي أعلى بناية القلعة، فيما توشك القوات العراقية المتقدمة من كل المحاور الانتهاء من معركة تلعفر بعد استعادة معظم أحياء بشكل سريع بضمنها قلعة تلعفر التاريخية، لكن الفريق يارا الله أكد أن العمليات العسكرية مستمرة لحين اكمال ناحية العياضية والمناطق المحيطة.
وتقع ناحية العياضية على بعد 15 كلم شمال مدينة تلعفر وإليها انسحب معظم عناصر التنظيم أمام تقدم القوات العراقية وفصائل الحشد الشعبي التي تقاتل إلى جانبها بمساندة جوية من التحالف الدولي بقيادة أميركية.
وردد القادة العسكريون في الجبهة أن استعادة السيطرة على تلعفر ستكون أسرع بكثير من الموصل، ووعدوا بإمكانية الاحتفال بالنصر قبل عيد الأضحى الذي يحتفل به العراق في الثاني من سبتمبر.
إلى ذلك، قال وزير الخارجية الفرنسي جون ايف لورديان في مؤتمر صحافي عقده مع نظيره في بغداد هي مرحلة انتقالية بين الحرب التي تقترب من نهايتها، وبداية عمليات الاستقرار والإعمار في العراق، ووصل الوزيران الفرنسيان مساء الجمعة إلى العاصمة العراقية وسيلتقيان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ومسؤولين عراقيين آخرين إضافة إلى رئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني في أربيل (شمال)، وقد سبقهما وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس الثلاثاء الذي عبر بدوره عن دعمه للقوات العراقية.
وتنوي فرنسا التي تشارك في التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، المضي في هذا الدعم العسكري لاستعادة آخر الجيوب التي يتحصن بها المتطرفون، في الحويجة الواقعة شمال البلاد، والمناطق الواقعة على الخط الحدودي مع سوريا.
وقالت فلورانس بارلي في المؤتمر الصحافي طالما أن عدونا المشترك لم يستأصل، فإن مشاركة فرنسا ستتواصل، في إشارة إلى الضربات الجوية والقصف المدفعي الذي تقوم به القوات الفرنسية لاسناد القوات العراقية، وترغب فرنسا أيضاً في المشاركة في إعادة إعمار العراق.
وسيبحث الوزيران موضوع المقاتلين الفرنسيين ضمن تنظيم الدولة الإسلامية الذين وقعوا بيد القوات العراقية وهم بأعداد قليلة جداً، بحسب مصدر دبلوماسي ، فيما تقول باريس، أن البالغين سيحاكمون مع نسائهم، بتهمة الإرهاب أمام المحاكم العراقية، لكن الأطفال يجب أن يستفيدوا من برامج التاهيل الاجتماعي في فرنسا.
ووفقاً لاحصائية للسلطات الفرنسية لا يزال نحو 600 إلى 700 مواطن فرنسي في العراق وسوريا، ويقدر مقتل نحو 300 مواطن فرنسي منذ عام 2014 في معارك مع الجماعات المتطرفة.