الجيش اللبناني يوقف القتال ضد "داعش".. وتساؤلات عن دور حزب الله
الأحد 27/أغسطس/2017 - 12:22 م
طباعة
اعلن الجيش اللبناني الاحد وقفا لاطلاق النار في حملته على تنظيم الدولة الاسلامية في شرق البلاد قرب الحدود مع سوريا، لافساح المجال للمفاوضات المتعلقة بجنود مخطوفين منذ 2014.
وقف القتال
اعلن الجيش اللبناني الاحد وقفا لاطلاق النار في حملته على تنظيم "داعش" في شرق البلاد قرب الحدود مع سوريا، لافساح المجال للمفاوضات المتعلقة بجنود مخطوفين منذ 2014ن بعد رضخ أمير “داعش” في الجرود، عبدالله الجربان الملقّب بـ”أبو السوس” لشروط الجيش اللبناني.
ومن المتوقع ان يتم تكليف مدير عام الأمن العام اللبناني، اللواء عباس ابراهيم التفاوض معهم للحصول منهم على معلومات عن الجنود المختطفين، ولذلك أعلن الجيش وقف النار افساحا في المجال أمام حصول اللواء ابراهيم على معلومات عن العسكريين المختطفين.
وكان الجيش اللبناني بدأ حملته ضد جهاديي التنظيم المتحصنين في جرود رأس بعلبك والقاع بشرق لبنان في 19 اغسطس.
واعلنت قيادة الجيش في بيان عن "وقف لاطلاق النار اعتبارا من الساعة 07:00 (04:00 ت غ) من الاحد "افساحا للمجال امام المرحلة الاخيرة للمفاوضات المتعلقة بمصير العسكريين المختطفين" التسعة المحتجزين لدى تنظيم الدولة الاسلامية على الارجح.
والجنود التسعة جزء من مجموعة من ثلاثين عسكريا لبنانيا احتجزوا من قبل جبهة النصرة وتنظيم "داعش" بعد معارك عنيفة شهدتها بلدة عرسال في 2014.
وافرج عن 16 من هؤلاء العسكريين في 2015 بعد أن أعدمت جبهة النصرة أربعة منهم وتوفي خامس متاثرا باصابته. ولا يزال تسعة عسكريين مخطوفين لدى تنظيم الدولة الاسلامية من دون توافر معلومات عنهم.
بالتزامن مع حملة الجيش اللبناني، في المقابل أعلن الإعلام الحربي التابع لحزب الله وقف إطلاق نار بعد استسلام عناصر داعش، ليتم الإعلان إثر ذلك عن بنود اتفاق شامل لإنهاء المعركة في القلمون الغربي.
في هذا السياق توجه عناصر من حزب الله إلى القلمون الغربي وذلك للكشف عن مصير العسكريين المخطوفين والذي هو جزء من الاتفاق، على أن يقوم الشق الثاني منه على تسليم داعش للحزب أربعة جثامين له وأسير.
هذا وينص الاتفاق كذلك من جهة داعش على خروجهم من الجرود إلى الأراضي السورية باتجاه دير الزور، مع التشديد أنّ هذا لن يتم قبل الالتزام بشروط الاتفاق وأهمها مصير العسكريين المخطوفين.
وبحسب مصادر صحافية لم يتم تأكيدها وتمّ تداولها منذ عدة أيام، فإنّ العسكريين قد استشهدوا منذ مدة زمنية والحزب سيتسلم 8 جثامين، ليسلمها إلى الجيش اللبناني، على أن يكشف مصير الجثمان التاسع فيما بعد.
يذكر أنّ معلومات قد أشارت سابقاً إلى انضمام أحد العسكريين المخطوفين إلى تنظيم داعش غير أنّه ما من جهة رسمية قد أكدت هذا الأمر.
وفيما تتردد هذه المعلومات أعلن اللواء عباس ابراهيم في حديث لـ”المستقبل” أنّ ملف العسكريين المخطوفين سيقفل اليوم، ليتجه الأهالي إلى ساحة رياض الصلح في ظلّ غياب أي معلومات صادرة عن جهات رسمية حيث أكّدوا أنّهم قد حاولوا الاتصال بعدة جهات منذ إعلان وقف إطلاق النار ولكن دون أي نتيجة.
يذكر أنّ عناصر الجيش المخطوفين لدى داعش هم: المعاون ابراهيم مغيط عريف، علي المصري، العريف مصطفى وهبي، سيف ذبيان، محمد يوسف، خالد مقبل حسن، حسين محمود عمار، علي الحاج حسن.
هذا وشهدت معركة “فجر الجرود” سجالات عديدة لاسيما من جهة إصرار حزب الله على التسيق القائم بينه وبين الجيشين السوري واللبناني، الأمر الذي عمدت مديرية التوجيه إلى نفيه جملة وتفصيلاً عدّة مرات مؤكدة أنّ المؤسسة العسكرية تخوض هذه المعركة دون أي شريك.
وأشارت المعلومات المتوافرة أن يبدأ الجيش اللبناني بتنفيذ المرحلة الرابعة، التي يعتقد أنها ستكون الأخيرة، من عملية "فجر الجرود" في حالة فشل لتفاوض مع "داعش"، وبعدما يكون استكمل جميع استعداداته اللوجيستية المطلوبة، وبما يمكنه من تحرير الـ20 كيلومتر مربع الباقية التي لا يزال يسيطر عليه داعش، حيث يقدر عدد عناصره في هذه البقعة بنحو 200 مقاتل.
دور حزب الله:
فيما أكّد أمين عام حزب الله، حسن نصرالله، في خطابه الأخير أنّ النظام السوري على استعداد لتقديم المساعدة في هذا الملف، على أن يكون التنسيق علني مع الطرف اللبناني وليس من تحت الطاولة على حد تعبير نصرالله.
ليطرح هذا الكلام تساؤلات عديدة من قيادات 14 آذار أبرزها من رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع والنائب عقاب صقر والنائب السابق فارس سعيد، الذين اعتبروا أنّ هناك محاولة لابتزاز الدولة اللبنانية بورقة العسكريين من قبل حزب الله والنظام السوري.
ويقول مصدر سياسي بارز لـ"الحياة" إن الطريقة التي طرح فيها السيد نصر الله مطلبه "استفزازية"، تدل على أنه لا يريد للأمر أن يحصل، وهو كان يمكنه أن يستمزج رأي السلطة اللبنانية أو قيادة الجيش في الأمر بعيداً من الأضواء، خصوصاً من الزاوية التي برر فيها تكراره طلب التواصل مع الحكومة السورية، وهي معرفة مصير العسكريين اللبنانيين المخطوفين لدى التنظيم الإرهابي. وكان سيحصل على الجواب نفسه المعروف بأن لا تفاوض قبل معرفة مصير العسكريين المخطوفين، من دون أن يحرج الجيش اللبناني أو حكومة بلاده.
ويضيف المصدر: "ما كشفه السيد نصر الله هو أنه بدأ التفاوض مع "داعش" بعد أن تواصل مع الحكومة السورية التي وافقت معه على هذا التفاوض. وبإصراره على أن يطلب لبنان "التنسيق العلني" مع الحكومة السورية، يهدف إلى حمل الجانب اللبناني الرسمي على تفويض جديد له وللجانب السوري في عملية تجرى لأغراض غير الأغراض المعلنة. فهناك تقديرات بأن القيادة السورية تسعى إلى الإفادة من رغبة قادة "داعش" في القلمون الغربي، حيث انحصر إرهابيو التنظيم بين فكي الكماشة السورية بالتعاون مع "حزب الله"، واللبنانية بفعل عمليات الجيش اللبناني الناجحة، من أجل مساومة المسلحين على السماح لهم بالانتقال إلى مكان ما داخل الأراضي السورية (سواء دير الزور أو غيرها)، وإخلاء سبيل مقاتلين للتنظيم استسلموا للحزب خلال قتال الأيام الماضية في القلمون، مقابل الإفراج عن جنود سوريين لدى التنظيم الإرهابي، فيما تشير معلومات أخرى إلى أن "حزب الله" يهتم بالتفاوض لغرض الإفراج عن مقاتل له احتجز لدى التنظيم وكذلك جثث بعض مقاتليه، إضافة إلى تحرير مسؤول عسكري إيراني يعتقد أن "داعش" أسره.
ويسأل المصدر: لماذا الالتفاف على هذه العملية بجر لبنان إلى تفويض النظام السوري بالتفاوض، في وقت هو فوض "حزب الله" بذلك؟ ما حاجته إلى هذا التفويض طالما لديه الموافقة السورية؟ ولماذا إقحام الجانب اللبناني في مفاوضات تتجاوز هدف العسكريين اللبنانيين المخطوفين، في ظل تكهنات بأن الجانب السوري لا يرى ضرراً في نقل مسلحي "داعش" إلى دير الزور لأنه يأمل بأن يؤدي ذلك إلى اقتتال بينهم وبين الفصائل السورية المعارضة الأخرى كما جاء في بعض مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً أن هناك من يعتبر أن للنظام السوري "حصة" في بعض المجموعات "الداعشية".
ويقول المصدر السياسي نفسه أن "حزب الله" ينتقل في تبرير طلب التنسيق العلني مع الحكومة السورية بين حجة وأخرى، لفرض الأمر على السلطة اللبنانية. وهو بدأ بحجة البحث في إعادة النازحين السوريين، لكن هذه الحجة عادت فانطفأت، ثم أتى بحجة زيارة الوزراء دمشق للبحث في تصدير منتجات لبنانية، لكن لم يفلح في انتزاع خطوة التواصل بين الحكومتين، ثم الآن بحجة موضوع وطني وسيادي وإنساني هو كشف مصير العسكريين المخطوفين، وإحراج الجيش اللبناني.
ويلفت المصدر إلى أن "حزب الله" منزعج من مسألتين: الأولى زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري إلى رأس بعلبك وعرسال التي تكرس دور الدولة في تحرير الجرود من الإرهابيين، تمهيداً لإمساك الحدود الشرقية كما قال في تصريحاته، مشدداً على "دور الدولة وحدها في المهمات الأمنية". وهي زيارة أتت بعد الالتفاف العارم حول دور الجيش، قياساً باقتصار التأييد للعملية التي خاضها الحزب في جرود عرسال على فئات معينة.
والثانية هي أن عملية الجيش تصدرت وسائل الإعلام، لأنه أثبت في معركة "فجر الجرود" قدرة قتالية وكفاءة عاليتين، واحترافاً أثار الإعجاب الخارجي، بأسلحة جديدة خصوصاً المدفعية والطيران التي استخدمت بدقة عالية، ما دفع بعض القوى إلى اعتبار فاعليته إسقاطاً لتبريرات إبقاء سلاح المقاومة خارج سيطرة الدولة. هذا فضلاً عن أن معركة الحزب في جرود عرسال انتهت بالتفاوض مع المسلحين، والذي كان بدأ قبل العمليات العسكرية.
وذكر المصدر السياسي البارز أن قيادة الجيش أصرت على خوضه المعركة لوحده من دون مشاركة أي تنظيم مسلح معه في منطقة عملياته، ومن دون تنسيق مع الجيش السوري، لأن الأصول تقضي بأن يعتمد خططه وأسلوب المؤسسة العسكرية في تنسيق تحرك وحداتها وتحديد أهدافها ومراحلها. ويقول المصدر أن قيادة الجيش رأت أنه إذا كان الحزب والجيش السوري يريدان تنفيذ عمليتهما من الجانب السوري فهذا شأنهما والجيش اللبناني يقوم بعملياته الخاصة. ويشير المصدر إلى أن انزعاج الحزب المفترض ظهر في اتهامه السفارة الأميركية في بيروت بالضغط على وسائل إعلام، لعدم ذكر دور الحزب من الجانب السوري وفي مواقف المعلقين الموالين له على الشاشات التي قللت من شأن التسليح الأميركي للجيش لإقداره على خوض المعركة.