موسكو والرياض ينسقان بشأن الوضع فى سوريا.. وتحذيرات من "خلافة افتراضية"

الخميس 05/أكتوبر/2017 - 09:11 م
طباعة موسكو والرياض ينسقان
 
تنسيق روسي سعودي
تنسيق روسي سعودي حول سوريا
سيطرت الأزمة السورية على المباحثات الجانبية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره السعودي الملك سلمان، فى الوقت الذى حذر فيه خبراء ومسؤولون من أن تنظيم "داعش"، الذي يتراجع في العراق وسوريا، سيعمل على إقامة "خلافة افتراضية" في الفضاء الإلكتروني يواصل من خلالها التواصل مع أنصاره وتجنيد الناشطين. 
من جانبه أكد وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، أن روسيا والسعودية متفقتان على أن محاربة الإرهاب تمثل أولوية بالنسبة للبلدين، مؤكدا عقب المحادثات بين الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، والعاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، إن الزعيمين ركزا، خلال اللقاء بينهما، على كل من سوريا والعراق وليبيا واليمن والأزمة الخليجية بالإضافة إلى التسوية الفلسطينية الإسرائيلية.
وصف لافروف المحادثات بين بوتين والملك سلمان بـ"الحوار الودي والمفصل الذي يقوم على الرغبة المشتركة لموسكو والرياض في تعزيز تعاون متبادل المنفعة في جميع المجالات بشكل ممنهج".، 
وأشار لافروف إلى أن بوتين والملك سلمان "أجريا تبادلا صريحا ومعمقا للآراء حول القضايا الأكثر أهمية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا"، مشددين على "ضرورة تجاوز حالات الأزمة في أسرع وقت ممكن عبر سبل سلمية وسياسية على أساس حوار وطني واسع وبالاعتماد على ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي".
أضاف لافروف أن الزعيمين اعتبرا من جديد، خلال تطرقهما إلى جميع قضايا المنطقة، أن الأولوية هي لمحاربة الإرهاب بشكل حازم، الأمر الذي تهدف إليه المبادرات، التي تطرحها روسيا والسعودية في الأمم المتحدة وعلى الساحة الدولية، منوها إلى أن الملك سلمان قيم ايجابيا، خلال محادثاته مع بوتين، الجهود المبذولة لتسوية الأزمة السورية في إطار منصة أستانا، فيما شدد بوتين على أن روسيا ترحب بجهود الرياض لتوحيد المعارضة السورية للمشاركة في المفاوضات.
معارك لا تنتهي
معارك لا تنتهي
بينما أكد وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، أن المباحثات بين بوتين والملك سلمان كانت "إيجابية وودية وبناءة جدا"، موضحا أن الجانبين بحثا قضايا اقتصادية وثقافية وسياسية والتحديات التي تواجهها المنطقة.
شدد الجبير على أن اللقاء شهد "تطابقا للآراء" حول المسائل التي تم التطرق إليها، لافتا إلى أن العلاقات السعودية الروسية "تطورت إلى أفق أفضل مما كانت عليه وأصبحت مميزة".، منوها على أن "هذا بسبب توجيهات قيادة البلدين وعمل الزملاء في كلا البلدين": مضيفا: "هناك حرص على رفع التبادل التجاري بين البلدين وتكثيف التشاور السياسي، هناك حرص على تكثيف التعاون الأمني لمواجهة الإرهاب والتطرف".
أكد وزير الخارجية السعودي أن الدولتين ملتزمتان بمبدأ عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، قائلا: "نتمسك باحترام سيادة الدول والقانون الدولي ومبدأ عدم التدخل".، كما أكد وزير الخارجية السعودي أن بلاده تعمل بشكل مكثف مع روسيا لتحقيق التسوية في سوريا وتبذل جهودا لتوحيد المعارضة السورية.
أضاف "نعمل مع روسيا عن قرب لتوحيد المعارضة السورية المعتدلة وتوسيع نطاقها لتستطيع دخول العملية السياسية في جنيف".، و"نؤيد مباحثات أستانا وأهمية الحفاظ على وحدة الأراضي السورية والمؤسسات السورية".، كما جدد الجبير موقف بلاده المؤيد لوحدة أراضي العراق وأهمية محاربة الإرهاب.
وفى سياق أخر أعلن المتحدث باسم الرئيس التركي ابراهيم كالين أن أنقرة مستعدة عسكريا لشن عملية ضد وحدات حماية الشعب الكردية في منطقة عفرين بريف حلب الشمالي في سوريا، وقال كالين "تركيا ستتدخل على الأرض إذا قررت أن هذه الإجراءات ضرورية لضمان أمنها، وقد استكملنا جميع الاستعدادات للعملية".
تجدر الإشارة إلى أن تركيا عززت بشكل ملحوظ خلال الأسابيع الماضية تواجدها العسكري في محافظة هاتاي عند الحدود مع سوريا.
وسبق أن أعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أن أنقرة تبحث مع روسيا وإيران إمكانية إنشاء منطقة جديدة لتخفيف التوتر في عفرين، وذلك بالتزامن مع أنباء عن استعدادات أنقرة لشن حملة عسكرية جديدة في ريف حلب الشمالي على غرار عملية "درع الفرات"، لكن هذه المرة ضد الأكراد السوريين.
فى حين اعتبرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر  أن القتال المستعر في عدة مناطق في سوريا حاليا، هو أسوأ قتال منذ معركة شرق حلب العام الماضي، وقد أدى إلى سقوط مئات الضحايا المدنيين، قالت اللجنة أن هناك أنباء عن أضرار لحقت بنحو عشرة مستشفيات في الأيام الـ10 الأخيرة، مما حرم مئات الآلاف من الحصول على الرعاية الطبية، وعبّرت اللجنة عن قلقها إزاء الوضع من الرقة إلى إدلب مرورا بالغوطة الشرقية.
وقالت ماريان غاسر، رئيسة بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا :"على مدى الأسبوعين الماضيين، شهدنا زيادة مقلقة في العمليات العسكرية المرتبطة بمستويات مرتفعة من الضحايا المدنيين، وينقل زملائي قصصاً مروعة مثل عائلة تضم 13 فرداً فرت من مدينة دير الزور لتفقد عشرة من أفرادها في ضربات جوية وانفجار عبوات ناسفة على الطريق".
يأتى ذلك فى الوقت الذى حذر فيه خبراء ومسؤولون من أن تنظيم "داعش"، الذي يتراجع في العراق وسوريا، سيعمل على إقامة "خلافة افتراضية" في الفضاء الإلكتروني يواصل من خلالها التواصل مع أنصاره وتجنيد الناشطين، وتمت الاشارة إلى أن اجتثاث التنظيم من كل الزوايا الخفية لشبكة الإنترنت، حيث لا يزال يطلق دعايته ويحض مؤيديه على التحرك، سيكون أصعب بكثير من العمليات العسكرية في التي تشهدها الموصل والرقة.
وحذر الجنرال الأميركي جوزف فوتل، في مطلع العام 2017، وفي نص بعنوان "الخلافة الافتراضية"، من أن "القضاء على تنظيم داعش على أرض المعركة لن يكون كافياً".
مساعدات من الصليب
مساعدات من الصليب الأحمر لسوريا
كتب فوتل "حتى بعد هزيمة قاسية في العراق وسوريا، فان التنظيم سيجد ملجأ في العالم الافتراضي وخلافة افتراضية تمكنه من مواصلة تنسيق الاعتداءات والإيحاء بها"، مضيفا أن ذلك "سيتيح له أيضاً الاستمرار في حشد المؤيدين إلى أن يصبح قادراً على إعادة الاستيلاء على أراض".
وقال خبراء إن تقهقر التنظيم وخسارته قسم كبير من الأراضي، التي كان يسيطر عليها في العراق وسورية أثر على قدرته على التواصل عبر الإنترنت، إذ تراجعت كمية ونوعية المضمون الذي ينشره بالمقارنة مع الأشهر الأخيرة، من دون أن يختفي.
ولم تتوقف وسائل إعلام التنظيم عن البث وتبني الاعتداءات والحض على تنفيذ هجمات، وهي تدعو مؤيدي الخلافة، أياً كانوا، وأكثر من أي وقت مضى، إلى التحرك، وتمدهم بنصائح وشروحات لتنفيذ اعتداءات قاتلة.
وأعد الباحث والأكاديمي المتخصص في دراسة البنية التحتية واستراتيجية التوعية لدى تنظيم "داعش" تشارلي وينتر، تقريرا لمركز "كويليام" البريطاني للأبحاث بعنوان "الخلافة الافتراضية" في العام 2015، حلل فيه الاستراتيجية الدعائية للتنظيم.
وقال وينتر "من الواضح أن حضوره العقائدي والفكري سيزداد أهمية في الأشهر والسنوات المقبلة"، مضيفاً أن "التنظيم يسعى منذ الآن إلى التركيز على أن فكرة الخلافة أهم من وجودها الفعلي".
وتحت ضغط السلطات الحكومية، اتخذ مزودو الخدمات وعمالقة الإنترنت في العالم إجراءات وتدابير لعرقلة استخدام التنظيم الشبكة العالمية لغايات الدعاية والإدارة، إلا أن الباحثين الفرنسيين لوران بيندنر ورافايل غلوك اعتبرا أنه "رغم تكثيف رقابة السلطات والرقابة على شبكات التواصل الاجتماعي، فإن التنظيم أبدى قدرة كبيرة على الصمود بالنظر إلى مرونته وقدرته على التأقلم إزاء حذف مضامين متشددة على الإنترنت".

شارك