وثائق أبوت آباد تكشف المزيد من الأسرار عن بن لادن وشخصيته
الخميس 16/نوفمبر/2017 - 02:15 م
طباعة
كشفت المدونة الخاصة بمذكرات زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، المكتوبة بخط اليد، في 230 صفحة، التي نشرتها وكالة الاستخبارات الأميركية مؤخرا، ضمن وثائق "أبوت آباد"، عن معلومات وجوانب خفية مثيرة لشخصية "ابن لادن"، واعتماده في تسيير التنظيم، وتحليل الأحداث السياسية الجارية، على مجرد رؤى منامية له أو أحد من أتباعه، إلى حد تصديق أنه بذاته "القحطاني اليماني"، الذي يسبق ظهور "المهدي المنتظر"، ويمهد له، ضمن علامات الساعة.
"العربية نت" قدمت تقرير مفصل ، و قراءةً وفحصاً وتحليلا لمحتواها، وتبين أنها ليست "مذكرات" بالمعنى الشائع.. بل مجرد "مفكرة فوائد عامة"، أهداها "ابن لادن" لإحدى بناته، مُجاراةً للثقافة السائدة في زمن "الصحوة"، إذ كان يتم تزويد الشباب والفتيان الصغار، بمفكرة ورقية لتدوين الأفكار والفوائد التي يسمعونها من شيوخهم، ولا تتقيد بدرس أو موضوع محدد.
ويبين من "المفكرة"، أن كاتبها هو ابنته "مريم" من زوجته "سهام صابر"، وجرى تدوينها خلال "جلسات الأسرة" مع الأب (زعيم القاعدة)، والتي عبر فيها خلال حواراته مع زوجاته وأبنائه، عن انطباعاته وآرائه، وكلها تدور حول "الثورات"، وأحوال تنظيم القاعدة، كما أن جميع ما ورد بها، هو مسودة لما سيتم كتابته من رسائل كان الأبرز منها "بيان الثورات" و"خطاب العشرية"، بمناسبة مضي 10 سنوات على تفجير برجي التجارة العالمي في الولايات المتحدة.
آخر ما جمع بن لادن مع أسرته
"المفكرة"، وجميع ما دون فيها، مقتصر على عام واحد 1432 هجري، وهو العام الذي شهد مقتل فيه بن لادن يوم 11 من شهر مايو عام 2011م، وتُسَجِل آخر ما جمع زعيم القاعدة بأبنائه وزوجاته المرافقين له في مخبأه، الذين شهدوا نهايته ولحظاته الأخيرة، صريعا بعدة طلقات نارية، انهت حياته وقد كان المطلوب الأول على قوائم الإرهاب الأميركية والدولية.
صراع اللحظات الأخيرة بالمخبأ
عودة إلى الليلة الأخيرة لابن لادن، كان هو برفقة 11 من أبنائه وثلاث من زوجاته، الزوجة الثانية خيرية صابر (أم حمزة)، وسهام صابر (أم خالد)، والزوجة الأخيرة أمل السادة.. مع بداية الهجوم الأميركي على المخبأ، هرعت زوجته سهام للطابق السفلي مع ابنها خالد 22 عاما، الذي قُتل على يد قناص، فيما اختبأت شقيقتاه مريم وسمية، بالشرفة قبل أن يجلبهما الجنود، للإرشاد عن والدهما زعيم القاعدة، وأصيبت أمل السادة بغرفة بن لادن في ساقها بعيار ناري، فيما صعد الباقين للاختباء بالطابق العلوي، بتوجيه من بن لادن نفسه.
سكرتيرة لكتابة الرسائل و"الجزيرة"
كان اسم "خالد"، متكرر الحضور في المدونة، مع كل سؤال منه لوالده، وكذا أم حمزة، وشقيقته "سمية"، التي تصغُره، وتُعد "سكرتيرة" زعيم القاعدة، لكتابة رسائله، لقيادات التنظيم، والرسائل الصوتية والمرئية، التي كان يتم بثها، عبر شاشة "الجزيرة" القطرية، ووفقا لما كُتب، فإن "بن لادن"، تحدث عن "ضعف التنظيم" عما كان عليه في قندهار، متعللا، بالقصف المتكرر، والقيود، ومحدودية الطاقات، وكثرة القتلى، ومشيرا إلى أن "غياب الكوادر الواعية الكبيرة، يؤخر الأمور".
إعداد أنجاله والحديث عن قتلة السادات
تُظهر المفكرة، سعي "بن لادن"، إلى إعداد نجله حمزة (الذي كان قد زاره في مخبأه بأبوت اباد، بعد خروجه من إيران ليقيم ليلة واحدة فقط)، وأخيه خالد، ليكونا متحدثين رسميين لتنظيم القاعدة، بشرط التهيئة الجيدة.. "ابن لادن"، في موضع آخر، قال، إنه نبه خالد وسيفعل مع حمزة، بأهمية أن يكون الظهور متقن، وأن تكون الكلمات محكمة المعنى، وفي إشارة إلى أهمية "العامل الزمني" في الرسائل الموجهة، استدل، بأن عبود وأخوه طارق الزمر، هم أبطال غيابهم 30 سنة، إذ الغياب الطويل يُضعف التفاعل مع الناس.. ومعلوم أن عبود وبن عمه طارق الزمر قياديين بالجماعة الإسلامية بمصر، وسجنا على خلفية المشاركة باغتيال الرئيس المصري أنور السادات، وأفرج عنهما عام 2011م، بقرار من المجلس العسكري الحاكم في مصر آنذاك، ثم هربا من مصر، بعد فض اعتصام رابعة، في أغسطس 2013م، متنقلين ما بين تركيا وقطر.
الرؤى والأحلام وأردوغان
الرؤى والأحلام، كانت من أهم وسائل زعيم القاعدة، لبث الأمل في نفوس أبنائه وزوجاته، مؤكدا لهم أن الثورات المندلعة بالمنطقة حينها، هي بداية تحقق الرؤى والمنامات "المبشرة"، ومنها ما كان من رؤيا الناس، وأخرى لابنه خالد، مبشرة بالثورة في تونس، وغيرها لعبد المجيد الزنداني، و"أهل عامر وأصحابه"، ورؤيا لإحدى بناته ظهر فيها والدهم مع "رجب طيب أروغان، وبحسب تفسير "بن لادن" لهذه الرؤيا الأخيرة، فهي تشير إلى احتمال ازدياد الانفراج في رجب من عام 1432، أو أن يقوم "أردوغان"، بأعمال طيبة.
رؤيا أبو بلال وزعيم القاعدة
لم يكتف زعيم القاعدة، بالرؤى، كمبشرات، بل اتخذها مرجعا لقراراته، واستند عليها في تحليل المعطيات السياسية، ومن أكثر الأحلام دهشة، ما نسبه بن لادن، عن قناعة وتصديق، إلى عبد الوكيل (أبو بلال)، أحد عناصر تنظيم القاعدة، من شمال السودان، بأن الأخير سرد "رؤياه"، لابن لادن في اجتماع معه في كابل، وملخصها، أن زعيم القاعدة، هو نفسه "القحطاني"، المُمَهد لظهور المهدي.. في هذا الموضع شرح بن لادن، ما يتعلق بالمهدي المنتظر، بأن القحطاني هو الذي سيمهد للمهدي، الذي يأتي آخر الزمان، مع نزول المسيح عليه الصلاة والسلام لقتال الدجال، وهذا من علامات الساعة، ويبقى المهدي سبع سنوات، يكون الروم فيها، هم أكثر أهل الأرض.. أضاف "بن لادن"، بأن هناك كتبا خرجت قبل سبتمبر، تؤكد، "أنني القحطاني، ولم أعرف إلا من الناس".
ابن لادن والقحطاني اليماني
يُشار في هذا السياق، إلى تداول منظري تنظيم القاعدة ومؤيديه لعدد من المقاطع عبر موقع الـ"يوتيوب"، والمنتديات الراديكالية، رؤيا لأسامة بن لادن نفسه، مفادها أنه هو "القحطاني" اليماني، الذي يسبق ظهور المهدي.. ومن المفارقات أنه وعلى الرغم من اهتمام "زعيم تنظيم القاعدة"، البالغ طوال الأشهر الأخيرة من حياته بمتابعة كافة مجريات الأحداث، في تونس وليبيا ومصر وسوريا واليمن والبحرين والسعودية، مستشرفا ملامح النصر لتنظيمه، فإن قتله في مخبأه بعد سنوات من الملاحقة الدولية، كان مقدمة بنود ما سمي بـ "الربيع العربي"، ويبدو مما هو مدون، أنه لم يتبادر إلى ذهنه أن يكون هو أول ضحاياه.
يُذكر، أن سهام صابر والدة "مريم كاتبة المفكرة"، هي أيضا والدة خالد وسمية و"خديجة" الابنة الكبرى لابن لادن، التي أقامت لفترة في إيران مع أبنائها بعد أحداث الـ 11 من سبتمبر، إلى جانب خيرية إحدى زوجات بن لادن، كما أن خديجة ابنته الكبرى توفيت لاحقا، في وزيرستان وهي تلد توأما، توفي أحدهما، وأصيبت الأخرى بمرض شديد.