أشبال الخلافة.. تقرير امريكي يطالب بالحذر واعادة تأهيل ابناء "داعش"
السبت 25/نوفمبر/2017 - 06:33 م
طباعة
في اقتراب تنظيم"داعش" علي لفظ انفاسه في سوريا والعراق، بات العائدون واشبال الخلافة عنوان مهم في المراكز البحثية المعنية برصد "الجهاد الاسلامي والترطف" وايضا في دوائر صنع القرار السياسي والعسكري في عدة عواصم عربية وغربية، وهو ما يشير إلي أهمية تتبعة صعود وانحسار "داعش" من أجل مواجهة أي تطور لنسخ جديدة وايضا أي حضور "داعشي" في أي مكان بالعالم .
وياتي "أشبال الخلافة" وهو مصطلح أطلقه تنظيم داعش مصطلح أطلقه تنظيم داعش على الأطفال دون الـ ١٨ سنة المجندين في صفوفه،، في مقدمة الملفات التي يواجها صانعو القرار من أجل كيفية التغلب علي هذه القنابل الموقوته في أي وقت والتي قد تكون ايضا نواة لتشكيل ارهابي جديد، او عدة خلايا وتنظيمات جهادية تحمل بصمة تنظيم "داعش" الارهابي بل وتكون تطورا مهمات في التنظيم.
وقد تقرير لمركز رفيق الحريري للشرق الأوسط هو مركز بحثي ضمن برامج المجلس الأطلنطي في واشنطن، "أشبال الخلافة" بنحو ٢٠٠٠ مجند قاصر، خضعوا لمعسكرات “شرعية” وعسكرية، دُربوا من خلالها على القتال بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، من قنص وتفكيك السلاح وتركيبه والاقتحام بالرصاص الحي، وعلى الأعمال اللوجستية المتمثلة بالتجسس لصالح التنظيم والحراسة والوقوف على الحواجز وأعمال السخرة. كما رباهم التنظيم على الأفكار المتطرفة وتكفير الغير، واستخدمهم في عمليات التجسس لصالحه والبحث عن معارضيه، وتم إظهارهم في العديد من الإصدارات المرئية التي بثها التنظيم، موجهاً رسالة إلى خصومه، أنّ الحربَ حربُ أجيال وسنين طوال، قد أعد لها أطفالاً جاهزين لتفجير أنفسهم والأخذ بثأر آبائهم متى سنحت الفرصة.
إن تنظيم داعش اليوم على حافة هزيمة عسكرية في سوريا، الرقة يتم تحريرها، ودير الزور هي المنطقة المتبقية كأخر ملاذ للتنظيم في سوريا. وفيما يُعتقد اليوم، بأنّ زوال سيطرة التنظيم عسكرياً سيكون تحريراً لمناطقه، إلا أنّ الخطر الكامن في من فر من عناصره نحو مناطق سيطرة مليشيا قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ومناطق سيطرة الجيش الحر وتركيا، إضافة إلى “أشبالهم” سيكون أشد فتكاً في المرحلة القادمة، والذين لن يكونوا مادة إعلامية استخدمها التنظيم فقط، بل قنابل موقوتة ومشروع انتحاريين جاهزين لتفجير أنفسهم متى طُلب منهم ذلك، فهؤلاء الأطفال المُدربون المنحوتين فكرياً كما يريد التنظيم، مرتبطون ارتباطا روحياً بمدربيهم ومع أمني التنظيم. روابطهم القوية تظل باقية مع عناصر التنظيم، ومهاراتهم تناسب بقوة العمليات العسكرية، الامر الذي سوف يمنعهم من إعادة الاندماج في المجتمع، هذا الانعزال سوف يجعلهم أكثر قرباً لتنظيم داعش.
أطفال مدربون
وفي الوقت الذي سيكون فيه أولئك الأطفال في محيط دُربوا على كراهيته، وتحولوا إلى صواعق حُملّت بكل أنواع التكفير والتوحش ضد من فيه، سيكون المحيط غير المُدرب على التعامل معهم، في خطر حقيقي مؤجل، يبث إليهم مشاعر الكراهية والنبذ في الوقت ذاته، ما يُعجل من تحولهم إلى أشخاص مستعدين نفسياً لارتكاب الجريمة، أو سيعيق عملية إعادة دمجهم في مجتمع ما بعد داعش على الأقل، وكون أنّ أولئك الأطفال قد فقدوا العواطف المكتسبة تراكمياً، نتيجة نشؤهم في بيئة صراع اتسمت بالراديكالية، وعدم اكتسابهم لمجموع المعارف البسيطة المحددة لأقرانهم، سيصعب على البيئة الجديدة الحاضنة لهم التعامل معهم.
ولما كان هؤلاء الأطفال شاهدين على عمليات التعذيب والقتل والجلد التي ارتكبها التنظيم، فضلاً عن أنهم أجبروا في بعض الحالات على المشاركة في ارتكاب هذه الفظائع، فهم اليوم بأمس الحاجة إلى عملية تأهيل نفسي، من قبل أخصائيين ومدربين مؤهلين لمثل تلك المهام، وبالعموم لا يبذل أي جهد حالياً لإعادة دمج هؤلاء الأطفال في المجتمعات الجديدة، وحال الخطط التي يجب أنّ تعد للتعامل معهم كحال “مراكز الإيواء” غير المجهزة لاستقبال النازحين عقب المعارك مع التنظيم، حيث تتسم عملية السيطرة على مدينة الرقة بالعشوائية فيما دون التنسيق العسكري. ومثل غيرها من الأبعاد غير العسكرية لعملية تحرير الرقة، فإنه لم يتم التجهيز لإعادة تأهيل هؤلاء الأطفال.
كيف يمكن التعامل مع هؤلاء الأطفال الجهاديين؟
والسؤال الأهم اليوم، كيف يمكن التعامل مع هؤلاء الأطفال الجهاديين؟ في النزاعات المسلحة، اثبتت برامج إعادة التأهيل والاندماج التي استهدفت الأطفال المقاتلين فعاليتها بنسبة جيدة، حيث يُتعرف على أولئك الأطفال ويُنزع سلاحهم، وسلاح البيئة الحاضنة، ويتم حجزهم في مراكز رعاية مؤقتة، لتتم إعادتهم لاحقاً إلى أسرهم بعد التعرف عليهم، وتتراوح مدة الاحتجاز بين منطقة وأخرى، فقد تم حجز الأطفال المقاتلين في سيراليون لمدة ستة أشهر، وفي أفغانستان لبضعة أيام فقط (Child Soldiers, Wessells, p.157)، لتتم بعد ذلك عملية إعادة الاندماج، والتي تُعد الأهم معتمدة على برامج منهجية تمكن إعادة ربط الطفل المقاتل بعائلاته والمجتمع على أوسع نطاق.
إلا أنّه في حالة الأطفال الجهاديين في سوريا والعراق، فيُضاف إلى الصعوبات التي تواجه عمليات إعادة التأهيل، إمكانية تورط العائلة أو القبيلة التي ينتمون إليها في شبكة تنظيم داعش، أو تبنيها للفكر المتطرف، إضافة للحساسيات القبلية والقومية والدينية في المنطقة، بين ثنائيات “شيعة- سنة”، “عرب- أكراد”، ضمن الصراعات المستمرة منذ سبع سنوات، والتي غُذيت بالأحقاد القومية والدينية، التي سيشكل استمرارها عامل جذب مهم لإعادة اشتراكهم فيها، الأمر الذي يجعل برامج إعادة التأهيل بحاجة إلى بعض التعديلات كي تكون أكثر فعالية، والتي تتضمن إخضاع الطفل إلى عملية تقييم شاملة موضوعة من قبل أخصائيين ومدربين مؤهلين، تحدد أهليته النفسية والاجتماعية، وتحديد المتطلبات الفردية لكل طفل على حدى.
إلا أنّ إعادة الطفل إلى أهله قد يصطدم بكون عائلته أو محيطه المقرب، يتبنى فكر التنظيم أو يتقارب معه، إلا أنّه وبسبب صعوبة إيجاد دور رعاية للأطفال، في المدى المنظور، التي يمكنها التكفل بأمور إقامة الطفل فيها، وتخوف المجتمع المحلي من الأفكار الغربية التي يعتقد أنّها قائمة على المصالح والحملات التبشيرية، فيتوجب إعادته إلى عائلته، ومراقبته ضمنها من قبل لجنة مختصة، لرصد وتقيم تأثره سلباً أو إيجاباً.
برنامج إعادة تأهيل إلزامي
كما يُوصى بإخضاع الطفل المقاتل إلى برنامج إعادة تأهيل إلزامي، موضوع من قبل لجنة مختصة، أخذاً في الحسبان خصوصية الحالة وطبيعة المجتمع الدينية، ويقوم على توعية الطفل وعائلته بالآثار المترتبة على العنف والتطرف ضمن مبادئ وتعاليم الدين الصحيحة، وبعض مبادئ التعاليم الأساسية للأطفال. زيادة الوعي بمبادئ الإسلام إذا تم من خلال مؤسسة خارجية يمكن ان يأتي بنتائج عكسية، لأنه قد تتم رؤيته كمحاولة للتأثير على الإسلام، ولكن يمكن القيام به من خلال مؤسسات محلية وقيادة دينية محلية. يجب أن يتم العمل من أجل مواجهة ما قد تعلمه هؤلاء الأطفال وتغيير سلوكهم.
إعادة إدماج هؤلاء الأطفال في مجتمعاتهم على المدى الطويل يتطلب التزام على المستويين المحلي والدولي. إلا أنّه ومنذ بداية حرب العراق 2003، حتى اليوم، تراجع معظم الداعمين عن تمويل المشاريع المدنية في سوريا والعراق. هذا سيفتح المجال أمام القوات الحكومية والمليشيات الرديفة أو المناوئة لها لاستغلال الأطفال المقاتلين. وفي حين يتم استغلال هؤلاء الأطفال المقاتلون من اجل القتال في الحروب الجديدة، فإن هناك استخدامات غير عسكرية متمثلة في قيام الحكومات في الماضي باستخدام هؤلاء الأطفال كجواسيس، وهذا يمثل مخاطرة أيضا.
ومع غياب البرامج الهادفة الفاعلة إلى تمكين عملية إعادة الاستقرار في المناطق الخارجة عن سيطرة داعش، الأمر الذي يُظهر أنّ اعتماد دعم الولايات المتحدة عسكرياً فقط للمعركة الجارية على الأرض، هو انتصارٌ إعلامي مؤقت يُسجل لصالح إدارة ترامب، إلا أنّه سيكون مصيراً كارثياً ترك خلايا التنظيم النائمة تكبر، لتكون الخطر المجهول مستقبلاً. وعليه فإن عملية إعادة تأهيل الأطفال في المناطق الخارجة عن سيطرة تنظيم داعش، أو ممن كانوا في صفوفه، خطوة لا بد منها للقضاء على التنظيم والعنف والتطرف الذي يمثلهما. فما زرعه التنظيم ضمن برامجه التدريبية والفكرية، سينتج جيلاً من المقاتلين جاعلاً منهم “بشرى خلافته”، ولما كان من غير الكافي تشخيص المرض، دون علاجه، ستكون تلك البرامج بحاجة إلى عمل وتكاتف دولي، بمستوى عالٍّ من التنظيم والتنسيق، وبوقت مبكر قدر الإمكان.
ختماما وضع استراتيجية قوية وواضحة لمواجة "اشبال الخلافة" أمر ضروي للغاية فهؤلاء الأطفال قد يشكلو في المستقبل، اذا لم يتم اعادة تأهيلهم ومحو كل ما زرعه قادة التنظيم داخلهم، قادة لتنظيمات ارهابية أكثر تطورا من تنظيم "داعش" ، وهو ما يجب علي القائمين من صناع القرار بحث هذا الملف جيدا .