الإخوان والانتخابات الرئاسية ما بين ترشح شفيق والمقاطعة
السبت 02/ديسمبر/2017 - 06:26 م
طباعة
استمرارا للموقف الإخواني المعادي لدولة الإمارات العربية بسبب تأييدها لنظام 3 يوليو في مصر، حاولت استغلال الموقف الأخير للفريق احمد شفيق والذي أثار جدلًا كبيرًا، بعد ظهوره على شاشة «الجزيرة» ليزعم منع الإمارات له من السفر إلى مصر، بعد إعلانه الترشح في الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل.
حيث أن ظهور «شفيق» عبر «الجزيرة» فتح الباب أمام العديد من الأسئلة حول حقيقة وجود تحالف بين جماعة الإخوان الإرهابية وعدوها اللدود في الفترة الماضية، ليكون مرشحها السري في الانتخابات الرئاسية المقبلة، في ضوء تردده في اتخاذ قرار الترشح منذ شهور طويلة، قبل أن يحسم أمره في بيان نشرته وكالة «رويترز».
وقد لقي أحمد شفيق دعم كبير عبر تجمعات الإخوان على منصات التواصل الاجتماعي، التي تهافتت على نشر خبر ترشحه قم منعه من السفر، ومبادرة «رصد» الإخوانية الذي يدار من تركيا لمتابعة التفاصيل لحظيًا، بالتزامن مع ظهور أصوات قوية داخل الجماعة الإرهابية تطالب بالتخلي عن الشرعية المزعومة للرئيس السابق الإخواني محمد مرسي، والاتفاق مع مرشح رئاسي آخر يخوض الانتخابات ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي يسمح بعودة الإخوان حال دعمهم له بالعودة إلى الحياة السياسية المصرية مرة أخرى، والإفراج عن سجنائهم، وما أكده مقال مسرب من داخل السجن لعصام سلطان، نائب رئيس حزب الوسط، الذي أحدث نوعًا من جس النبض بين أوساط أتباع الجماعة، وقوبل بهجوم شرس من عدد كبير من أعضاء الجماعة الإرهابية، وعلى رأسهم ما يعرف بـ«المجلس الثوري المصري» في تركيا والذي يقوده حاليا مها عزام، ووليد شرابي، بجانب ما يسمى بـ«تحالف الشرعية الجديد» الذي يقوده آيات عرابي.
وحول هذا الموضوع قال طارق البشبيشي، القيادي الإخواني المنشق، إن الاتصالات السرية القوية بين الإخوان و«شفيق» بدأت منذ عام 2012، عندما كان الطرفان يخوضان معركة معلنة على خلفية انتخابات الرئاسة التي خاض رئيس الوزراء الأسبق جولة الإعادة فيها ضد مرشح الجماعة محمد مرسي، الذي فاز بالانتخابات حينها أي وقت الانتخابات الرئاسية الأولى التي فاز بها المعزول محمد مرسي.
وأضاف «البشبيشي» في تصريحات صحفية، أن «شفيق» قدم ضمانات للإخوان، في اجتماعاته السرية معهم، بالسماح للجماعة بالمشاركة السياسية، وعدم التضييق على تحركاتهم.
ومن جهته، أكد عمرو عبد الحافظ، القيادي الإخواني المنشق وقائد مراجعات شباب الإخوان في السجون، على تخلي الجماعة بشكل رسمي عن فكرة «الشرعية»، كما تجاوزوا فكرة إعادة المعزول محمد مرسي إلى الحكم مرة أخرى.
وتوقع «عبد الحافظ» أن يكون أحمد شفيق مرشح الإخوان في الانتخابات الرئاسية المقبلة، مشيرًا إلى عدم وجود خلافات كبرى بين الجماعة وبينه، كما أنه سيكون أشبه بطوق النجاة لإنقاذ الجماعة الإرهابية من سقوطها التاريخي.
أما هشام النجار، الباحث في شؤون تيارات الإسلام السياسي، قال إن ظهور الفريق أحمد شفيق على شاشة قناة الجزيرة أيًا كانت أسبابه يؤكد بقوة احتمالية أن يكون مرشح للجماعة.
وقال «النجار» إن «ظهور شفيق عبر قناة الجزيرة جعله يحرق نفسه مبكرًا جدًا، سواء بكشف الجهة التي تقف وراء ترشحه، أو بكشف المحور الذي ينحاز له ويستند إليه في تحركه السياسي الذي يعقد العزم عليه، وهو المحور القطري التركي الايراني المعادي لمصر».
وعن الموقف الرسمي لما يسمى المجلس الثوري المصري والذي تقوده مها عزام من تركيا فقد أكدت مها عزام، إن الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها منتصف العام المقبل، ما هي إلا جزء من “مخطط للعسكر والدولة العميقة، الهدف منه محاولة استدراج بعض القوى المعارضة للمشاركة في هذه العملية”، مشددة علي أن تلك الانتخابات ستكون بمنزلة “قبلة حياة للثورة المضادة”.
وقالت عزام : أن “سلطة الانقلاب تهدف من وراء هذا المخطط إلى شرعنة النظام والثورة المضادة، بالإضافة إلى الزعم بأن النظام سيبدأ بالسير تدريجيا تجاه شيء من المشاركة السياسية، بغض النظر عن أن العسكر والدولة العميقة سيبقون في الحكم وبالكم نفسه من الهيمنة على السياسة والاقتصاد”.
وأضافت “عزام” انهم في المجلس الثوري المصري لا يعترفون بهذه “المنظومة أو بشرعيتها، ولا يقبلون أبدا النظر إلى هذه العملية كانتخابات رئاسية، لأن لمصر رئيسا منتخبا شرعيا، وهو د. محمد مرسي، وأي محاولة لإضفاء أي شرعية لمن يتجاهل هذه الحقيقة، ليست إلا خذلانا لحق الشعب في أن يختار رئيسه، وتخليا عن الثورة التي كان من أهم نتائجها خمسة استحقاقات انتخابية أبدى الشعب فيها إرادته”.
وتابعت “كل محاولات التعاطي مع هذه الانتخابات سواء من قبل الطغمة العسكرية أو من قبل معارضيها، ليست إلا محاولة للبحث عن نتيجة أخرى وللالتفاف ليس فقط على شخص الرئيس مرسي، لكن أيضا لتقديم أجندة بعيدة تماما عن أي تغيير جذري، هدفها الحفاظ على النظام السياسي والاقتصادي الحالي بكل فساده وجبروته”. وأوضحت أن “ما يحدث الآن هو أن بعض الأفراد إما بخدمة المخابرات بشكل مباشر، أو متأثر بتوجيهاتها بشكل غير مباشر، تشارك في هذه المسرحية المسماة بالانتخابات، بينما آخرون يأملون في لقيمات ومكان صغير في المشهد السياسي مقابل تجميل النظام، مضيفة أن هناك من يندفع من أجل الحصول على شيء من المساحة السياسية، لكنه من الواضح أيضا أنه لن تكون هناك أي مساحة سياسية لأي شخص لا يطأطئ رأسه للنظام”.
واستطردت : “أذكركم بخارطة الطريق إلى الديمقراطية التي ينتظرها الغرب من العسكر من أجل تمكين النظام الخادم لهم، وهذا المسار مهما كان مشوها سيعطيهم، أي الدول الغربية، الفرصة أن يزعموا أن النظام العسكري الذي يتعاملون معه نظام شرعي. إذن هل نحن فعلا كثوار ومعارضين، مهما اختلفت انتماءاتنا، متوقع منا أن نطالب أهالينا في الداخل والخارج أن يساهموا في عملية شرعنة الإجرام والخيانة التي تشهدها مصر منذ الانقلاب؟، مضيفة أستطيع الجزم تماما أن المجلس الثوري المصري لن يرضى أبدا أن يكون طرفا لمثل هذا المخطط بأي شكل كان”.
واستنكرت بشكل تام دعوات البعض التي تنادي بدعم ترشح أحمد شفيق في الانتخابات للإطاحة بالسيسي، متسائلة: “هل تناسى هؤلاء أن شفيق كان مرشح الدولة العميقة والعسكر في انتخابات 2012؟ هل تناسوا مسؤوليته عن مقتل عشرات الشباب في موقعة الجمل في أثناء ثورة يناير 2011؟ هل وصل بنا الحال إلى أن نخدع أنفسنا للإيمان بأن رجلا يحميه نظام الإمارات، المناهض الأساسي للمسار الديمقراطي في المنطقة والمؤيد للانقلاب العسكري في مصر، سيسمح له حكام الإمارات إذا جاء للحكم أن يبدي أي لينة تجاه الأحرار؟”.
وتساءلت “هل نخدع أنفسنا الآن بأن نصدق أن هذا الفريق (شفيق) ومؤيديه سيسمحون لأي جهة ولو بسيطة من أهداف الثورة من أن تتحقق؟ الواقع يبين العكس تماما، فنجاح شفيق سيعطي الثورة المضادة والدولة العميقة نفسا جديدا من الحياة، وسيسمح للدول الغربية أن تزعم أنها تتعاطى وقتها مع شخص لا علاقة له بانتهاكات الحقوق في مصر في الأربع سنوات الماضية، التي تمثل مصدر حرج لهم أمام المجتمع المدني في بلادهم”.
ومضت قائلة “هذه انتخابات مشوهة بأي معيار دولي لمفهوم الانتخابات. نحن لن نعترف مطلقا بهذا النظام أو بهذه الانتخابات. مصر لديها رئيس منتخب، وهو الوحيد الذي من حقه الدستوري أن يدعو لانتخابات بعد عودته للرئاسة، ومن حق الشعب المصري الشرعي والدستوري أن يستكمل هذا الرئيس المنتخب مدته”.
وأشارت عزام الي أن السيناريو المناسب للتعاطي مع انتخابات الرئاسة المقبلة هو أن “يُعبر الشعب عن موقفه الرافض لتلك المهزلة، عبر عصيان مدني يرفض الطغمة الانقلابية، من خلال رفضه للاعتراف بما تسمى زورا انتخابات أو الاشتراك فيها. ولا يجوز أن ننسى أنه خلال ما سمي بالانتخابات التي تلت الانقلاب رفض الشعب الخروج، رغم حث أبواق النظام الإعلامي لهم للتصويت، ولم يستجب”.
وذكرت “أعتقد أن المنظومة الانقلابية تحاول هذه المرة ألا تعيد المشهد نفسه الذي جرى عام 2014، لكي تعطي قشرة من المصداقية لهذه التمثيلية التي لن تنجح في أي تغيير حقيقي، ولذا تسعى إلى تحقيق مشاركة أوسع. لكن لابد أن يعلم الجميع أنه على أي معيار دولي لا يمكن لانتخابات أن تتضمن أي مصداقية، بينما يقبع 60 ألف معتقل سياسي في السجون، وفي جو ليس فيه أي حرية للتجمع أو حرية للتعبير”.
تابعت “عزام” قائلة: “في الحالة المصرية من السخف أن نظن أنه من الممكن أن تقوم انتخابات حرة وعادلة، بينما يقبع الرئيس المنتخب شرعيا وراء القضبان. نحن نضحك على أنفسنا ونحط من قدر قضيتنا إذا تحدثنا عمّا يسمى انتخابات 2018 بجدية”.
ولفتت الي انه “في مهزلة انتخابات العسكر، وفي غيرها، الضعف المتجذر في صراعنا ضد الانقلاب، مصدره أن البعض إما يرفض أو يحاول الالتفاف حول صدارة هذه الحقيقة في اختلافنا الأيديولوجي مع الانقلاب. وأقول وبكل وضوح، إنه كلما اجتمعنا حول المبدأ الأساسي لأهمية احترام الإرادة الشعبية وخيارها في توجهنا، ازدادت فرص النجاح للثورة”.
وذكرت: “علينا أن ندرك أن الثورة أضعفها الذين رفضوا الالتفاف حول الرئيس المنتخب ويستمرون في التمسك بموقف مبهم تجاهه. سواء أنت كمواطن كنت مع الرئيس أو ضده، لو أن كل القوى السياسية تجمعت حول فكرة أنه لابد أن نحترم آلية الاستحقاقات الخمس النزيهة، لكنّا في موقف أقوى بكثير الآن”.
وقالت إن “الذين أضعفوا الثورة في 30 يونيو، والذين بعد أربع سنوات من الانقلاب ما زالوا مترددين في الوقوف مع الشرعية، ويحاولون إيجاد طرق أخرى لحل الأزمة أو حلحلة الوضع، إنما يخدمون مصالح النظام ويهدرون وحدة نضالنا، بعكس ما رأيناه تماما في تركيا بعد محاولة الانقلاب الفاشلة هناك، حيث التف حتى مناهضو أردوغان للدفاع عن الديمقراطية. لقد آن الأوان لكل من يناهض النظام أن يدرك أن أي مسار بعيد عن هذا المبدأ الأساسي، أي العودة الكاملة للديمقراطية، لن ينتج إلا استمرارية لحكم العسكر المسيطر على مصر منذ 65 عاما”.
وردا على تقارير تتحدث عن وجود خلافات داخل سلطة الانقلاب، استطردت قائلة: “في مثل هذا النوع من الأنظمة العسكرية الديكتاتورية هناك مسلكان أساسيان يمكن تصورهما؛ إما أن تكون هنالك جبهة موحدة من جهة الطغمة العسكرية ضد الشعب، أو أن رئيس الطغمة بدأ يُنظر إليه كعائق متزايد لمصالح الطغمة أو كنتيجة لطموحات شخصية، وفي هذه الحالة قد تتطور العلاقة إلى محاولات لنزعه أو إزاحته من مكانه”.
وأكملت “اليوم، هناك تخمينات كثيرة حول شروخ محتملة في صفوف النخبة العسكرية، لكن علينا أن نكون على دراية بالحقيقة أن صعود أي من هذه النخبة -بما فيهم أحمد شفيق- لن يكون سوى انقلابا على انقلاب هدفه أن يسمح للمنظومة والهيكل السياسي بالبقاء، لذا وجب على القوى الثورية على الأرض أن تعد العدة لاستغلال أي فرصة، نتيجة تطور الشروخ بين صفوف النخبة الحاكمة للسيطرة على مفاصل الدولة، لكن هذا المسار مختلف تماما عن التراجع إلى سراب خادع، قد يوحي بأن وجها جديدا للطغمة، وإن كان وجها مدنيا، سيوفر بديلا أفضل لأغلبية الشعب المصري”.
وبينت أن “مؤسسات الدولة والمؤسسة العسكرية مستمرة بالتداعي والتراجع، لأنها تعاني من فساد متراكم منذ عقود، سعت خلالها أن تضمن أن تكون هذه المؤسسات خاضعة للنظام العسكري الحاكم، وأن تفتقد أي قدر من الاستقلالية لتكون وظيفتها الأساسية خدمة النظام العسكري الحاكم قبل تقديم أي خدمة للشعب أو الوطن”.
وأردفت أن “مؤسسات الدولة المصرية فشلت في وظيفتها الأساسية طوال العقود الماضية، وأن هذا الفشل لا يضر فقط بمن هم خارج هذه المؤسسات من الشعب ومن يتعامل معها، بل يضر بمن يعمل فيها أيضا، وسيبقى الحال على ذلك إلا إذا تحالف العاملون فيها مع الشعب في السعي لتأسيس عقد اجتماعي جديد، يضمن استقلالية مؤسسات الدولة من هيمنة وفساد النظام العسكري، ويتحد العاملون فيها مع الشعب في بناء دولة مدنية دستورية تخدم الأغلبية بدل الأقلية”.
ورأت عزام أن “جميع مؤسسات الدولة المصرية مهدّدة بوجود النظام العسكري الحالي، وبالرغم من هذا لم نر حتى الآن تحركا ملموسا من قبل هذه المؤسسات ضد السيسي أو الدولة العسكرية، لأنها كمؤسسات رهنت مستقبلها ببقاء النظام الفاسد. وهذا التحالف المنشود لن يحدث حتى يتحرك الشعب ومن ثم يجد التأييد من قبل أفراد وطنيين داخل هذه المؤسسات، ويتحدوا في تلك اللحظة للسيطرة على مفاصل الدولة، مما سيمكن شعب مصر من إنقاذ مصر من الخطر الناتج عن هيمنة الطغمة ونقلها نحو نظام سياسي يمثل الشعب، ويخدم مصالحه ويخضع لمساءلة القانون”.
واستدركت: “ما يجب أن نتحد عليه هو التركيز على الهدف الاستراتيجي في إنشاء مصر حرة تماما من العسكر وأعوانهم، وإقامة دولة تحترم إرادة الأغلبية وتخدمها وليس السعي لإيجاد حل مؤقت من خلال تسوية سياسية، تسمح للعسكر أن يستمروا في البقاء في السلطة، وتحقيق هذا الهدف باعتقادنا لن يأتي إلا بالتمسك بشرعية الإرادة الشعبية المتمثّلة في عودة الرئيس مرسي والمسار الديمقراطي”.
واختتمت “عزام” قائلة: “صحيح أن هذا ليس طريقا سهلا، لكن معيار نجاح أو فشل الثورة سيكون على مدى تمسكنا بأهدافنا ومبادئنا وبإذن الله نجاحنا بتحقيقهم. أما الفشل فسيأتي في تخلينا عن أهدافنا ومبادئنا، وهذا ما لن نفعله أبدا”.
وهكذا يستمر ما يسمى المجلس الثوري المصري التابع للتنظيم الدولي لجماعة الاخوان في التحريض ضد الدولة المصرية والكيل بمكيالين هذا من ناحية ومن ناحية أخرى يتلخص حديث مها عزام في نقاط أهمها رفض خوض الانتخابات الرئاسية او دعم مرشح معين في مواجهة السيسي، والدعوة الى مقاطعة الانتخابات، الى ان يعود رئيسهم الشرعي المعزول محمد مرسي، مما يؤكد على عدم قدرة الجماعة على قراءة الوضع السياسي العام سواء على مستوى الداخل المصري أو الخارج فما تطالب به الجماعة في الأخير انما يصب في صالح الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي والنظام الحالي.