الإرهاب في عام بين الضربات الأمنية والمؤسسة الدينية
الخميس 28/ديسمبر/2017 - 02:18 م
طباعة
شهدت مصر خلال عام 2017، تحديا أمنيا كبيرا، نظرا لتعدد الجماعات الإرهابية، خاصة في شمال ووسط سيناء، حيث المساحة الواسعة والتركيبة الجغرافية المعقدة، وقد تعرضت مصر لهجمات إرهابية متعددة استهدفت القوات المسلحة، والشرطة، والكنائس، والمساجد، وخاضت وما زالت، قوات الجيش والشرطة حربا شرسة مع التنظيمات الإرهابية منذ الإطاحة بحكم جماعة «الإخوان»، خاصة في سيناء وبعض مناطق الوادي، وبنت الدولة المصرية استراتيجية مواجهتها للعمليات الإرهابية على عدة مسارات متوازية منها المسار الأمني والعسكري، إلى جانب المسار القانوني، بإصدار عدد من القوانين كان أبرزها، حماية المنشآت العامة، مكافحة الإرهاب، الكيانات الإرهابية، التي ضمت حتى الآن عدة مئات من عناصر تنظيم «الإخوان» الإرهابي والتنظيمات المتحالفة معه.
وعلى جانب أخر تسعى المؤسسات الدينية في مصر والعالم العربي والإسلامي، وفي مقدمتها الأزهر الشريف، جاهدة لبذل أقصى جهد لمواجهة الإرهاب والتطرف، في محاولة للرد على الفهم الخاطئ للدين، وما تبثه بعض التنظيمات الإرهابية من فتاوى وفكر متطرف.
وكان الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، أول من دعا إلى تضافر جميع القوى العربية والدولية للقضاء على الإرهاب، مؤكدا أنه لا يمت بصلة إلى أي دين من الأديان، ولا أي مبدأ من مبادئ الإنسانية. ودعا شيخ الأزهر، الأمتين العربية والإسلامية إلى محاربة الإرهاب ومحاصرته، وأن يقفوا صفًا واحدًا، ويداً بيد، في مواجهة الإرهاب. وناشد أحرار العالم في الشرق والغرب أن يسارعوا بالتصدي لمن يقف وراء الإرهاب، ويمده بالمال والسلاح، ويوفر له المأوى والحماية.
ونظم الأزهر وباقي المؤسسات الدينية في مصر أكثر من مؤتمر لمكافحة الإرهاب وتفكيك البنية الفكرية للجماعات الإرهابية ولكن هذه المؤتمرات لم تؤتي ثمارها حتى الأن نتيجة الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تعمل على تكوين بيئات حاضنة للإرهاب.
حيث عقدت الأمانة العامة لدار الافتاء مؤتمر "دور الفتوى في استقرار المجتمعات":
والذي عقد في منتصف شهر نوفمبر الماضي وتحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي حيث اجتمع ممثلون من نحو 63 دولة لدراسة والتباحث حول دور الفتوى في استقرار المجتمعات، وهو المؤتمر الثالث للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم.
وناقش المؤتمر إشكاليات وآفاق العملية الإفتائية خاصة وأن الشريحة المستهدفة هم الممارسون لهذه العملية وهم المفتين وأعضاء المجامع الفقهية.
وضم المؤتمر علماء من فلسطين والسعودية والبحرين والإمارات واليمن ولبنان وعمان والأردن والعراق والجزائر والمغرب وموريتانيا والسنغال وأوغندا والكاميرون وزامبيا وكينيا وجيبوتي وأمريكا، وأندونيسيا وماليزيا، وباكستان، والهند وسنغافورة واليابان والصين وفرنسا وهولندا وبريطانيا وإيطاليا وعدة دول أخرى تغطي قارات العالم.
وشملت فعاليات المؤتمر عقد خمسة جلسات علمية على مدار ثلاثة أيام بالإضافة إلى الجلسة الافتتاحية والجلسة الختامية، إضافة إلى عقد أربع ورشات عمل متخصصة ومكثفة في الفترة نفسها.
وأصدر المؤتمر تسعة عشر توصية نتاج جلساته وورش عمله على مدار ثلاثة أيام من أهمها:
التأكيد على وجوب نشر ثقافة الإفتاء الرشيد بالنسبة إلى المفتي والمستفتي كليهما، إنشاء قاعدة بيانات ومركز معلومات يجمع فتاوى جهات الإفتاء المعتمدة فى العالم لخدمة الباحثين والعلماء والمستفتيين، حث دور الفتوى وهيئاتها ومؤسساتها بأنواعها على الاستفادة من الوسائل التكنولوجية الحديثة في نشر وتيسير الحصول على الفتوى الصحيحة، خاصة على وسائط التواصل الاجتماعي، إحياء نظام الإجازات العلمية للمفتين، وهى سنة علمية تسعى الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم إلى إحيائها من خلال إطلاق حزمة من البرامج المعتمدة بهدف تحقيق ذلك، التأكيد على ضرورة التجديد في قضايا الإفتاء شكلا وموضوعا واستحداث آليات معاصرة للتعامل مع النوازل والمستجدات، التأكيد على أن الفتوى الجماعية تعاون علمي راق، وهى أمان من الفتاوى الشاذة، وبخاصة في قضايا الشأن العام، ضرورة استنفار العلماء المؤهلين وتصدرهم للفتيا في مختلف المواقع والفضائيات وقيامهم بواجبهم، التأكيد على أن كل فتوى أو فكرة تخرج عن مقصد الشريعة من إكرام بنى آدم، أو تخالف الأخلاق، أو تدعو إلى هدم الأسرة والمجتمعات، أو تنال من الاستقرار الوطني والعالمي هي فتوى شاذة ينبغي أن يتصدى لها بكل السبل والوسائل الوقائية والعلاجية وفق سيادة القانون، الدعوة إلى الإسراع لوضع ميثاق عالمي للإفتاء يضع الخطوط العريضة للإفتاء الرشيد والإجراءات المثلى للتعامل مع الشذوذ في الفتوى، دعوة جهات الإفتاء للالتزام ببنود هذا الميثاق، ودعوة الجهات والدوائر المعنية بوسائل الإعلام بمختلف صوره وأشكاله إلى الاقتصار على المتخصصين المؤهلين، وعدم التعامل مع غير المؤهلين للإفتاء فى الأمور العامة والخاصة.
ومن أهم التنظيمات الإرهابية العاملة في مصر والتي تربطها علائق بجماعة الاخوان المسلمين:
أنصار بيت المقدس
ظهر هذا التنظيم في عام 2011، في مصر، وأعلن مبايعته لـ«داعش» وغير اسمه إلى «ولاية سيناء» في نهاية عام 2014، وقام بالعديد من العمليات الإرهابية ضد رجال الجيش والشرطة والأقباط ورجال القضاء. ويعد هذا التنظيم هو المسؤول عن تنفيذ عدد من العمليات الإرهابية، بينها تفجير خطوط الغاز المصري المؤدية إلى «إسرائيل» في 25 يوليو 2012، باستخدام عبوات ناسفة، ومحاولة اغتيال وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم في 8 سبتمبر 2013. ويعتنق التنظيم الفكر السلفي الجهادي، ويعد الأقرب إلى فكر «داعش»، ويتكون من خليط من فلسطينيين ومصريين، كانوا منضمين تحت لواء ما كان يعرف بجماعة «التوحيد والجهاد»، ويتمركز أعضاء التنظيم في مناطق مختلفة من شمال سيناء، خاصة في رفح والشيخ زويد وصحراء جنوب العريش.
أجناد مصر:
رفض مبايعة تنظيم «داعش» وتنظيم «القاعدة»، ونفذ الكثير من العمليات في عمق مصر بعيداً عن سيناء، أغلبها تفجيرات باستخدام عبوات ناسفة، استهدف بها دار القضاء في 2 مارس 2015، ويعد أحد أخطر التنظيمات الإرهابية، المسؤولة عن استهدف قوات الأمن.
حركة حسم
تأسست عقب ضبط الكثير من قيادات وعناصر «الإخوان»، حيث عملت على إحياء العمل المسلح للتنظيم، من خلال تشكيل تنظيم مسلح جديد، وتولت الحركة تنفيذ عمليات إرهابية داخل مصر، سعياً لإسقاط النظام والاستيلاء على السلطة بالقوة، وتستهدف قوات الأمن في محافظات الوجه البحري.
تنظيم كتائب حلوان:
يضم عدداً من المهندسين والأطباء وأساتذة الجامعات وباحثين بشركات الكهرباء وطلبة بكلية الشريعة ودار العلوم، علاوة على أنصار جماعة «الإخوان» الإرهابية، يتكون من مجموعات غير محددة التنظيم، تتبنى أحداثاً عشوائية يتصل أغلبها بالهجوم بالأسلحة النارية والبنادق الآلية، تستهدف أفراد الشرطة والمنشآت العامة منها أبراج الكهرباء.
العقاب الثوري:
إحدى الحركات الداعمة لجماعة «الإخوان» الإرهابية، وتستهدف المنشآت العامة والأفراد، بهدف زعزعة الاستقرار ونشر الفوضى، فقد زعمت في بيان لها، أنها قامت بما يقرب من 124 عملية مناهضة للدولة المصرية، تضمنت 29 هجوماً مسلحاً، تنوع ما بين اقتحام أو اشتباك، و69 تفجيراً استهدف مناطق حية بجميع المحافظات و24 كميناً مسلحاً.
لواء الثورة:
ظهرت للمرة الأولى في 21 أغسطس 2016 مع الهجوم على كمين العجيزي في مدينة السادات بمحافظة المنوفية، وأسفر الهجوم عن استشهاد شرطيين، وإصابة 3 آخرين واثنين مدنيين، فيما أعلنت تبنّيها اغتيال العميد أركان حرب عادل رجائي قائد الفرقة التاسعة مدرعات بالقوات المسلحة.
الا ان المتتبع للعمليات الارهابية لهذه التنظيمات خلال 2017، وان كان هناك تغير نوعي في العمليات الا ان بعض هذه التنظيمات يكاد ان يتلاشى مثل كتائب حلوان والعقاب الثوري ولواء الثورة، العاملين في الداخل المصري ربما لصالح حركة حسم الا ان الحركة في هذا العام بدى عليها الضعف وعدم القدرة على العمل بكفاءة عالية نتيجة الحصار الامني والضربات الاستباقية التي شنتها أجهزة الامن المصرية على الحركة والتضييق على دخول الاموال والدعم اللوجستي لها. اما في سيناء فهناك معركة اخرى تدار بين الجماعات الارهابية نفسها "اجناد مصر، ولاية سيناء" هذا بجانب الضربات الامنية المستمرة ومن المتوقع ان تنحصر عمليات هذه الجماعات في 2018، خصوصا بعد التوصل لاتفاق المصالحة بين حماس وفتح في فلسطين، الا ان تصريحات الرئيس التركي اردوغان بإرسال دواعش الرقة الى مصر من الممكن ان يجعل مسألة القضاء على ولاية سيناء تأخذ مزيد من الوقت نتيجة الدعم التركي والقطري للتنظيم.
أبرز العمليات الإرهابية وأكثرها دموية:
* يوم 19 / 12 / 2017 استهداف مطار العريش بأحد القذائف ، وقد نتج عن الحادث استشهاد ضابط وإصابة 2 آخرين وإحداث تلفيات جزئية بأحد الطائرات الهليكوبتر ، وقامت عناصر القوات المسلحة والشرطة المدنية بالتعامل مع مصدر النيران وتمشيط المنطقة المحيطة ، وذلك أثناء زيارة السيد القائد العام ووزير الداخلية لتفقد القوات والحالة الأمنية بمدينة العريش .
* يوم 24 نوفمبر2017: نفذت أكبر عملية إرهابية في تاريخ مصر الحديث، أسفرت عن استشهاد311 مصليًا، وإصابة أكثر من مئة مصل، في هجوم مسلح وقع على مسجد قرية الروضة بمدينة بئر العبد في محافظة شمال سيناء، وهم يؤدون صلاة الجمعة.
* يوم 20 أكتوبر: نفذ تنظيم «داعش» عملية إرهابية في منطقة الكيلو 135 بالواحات البحرية في محافظة الجيزة، أسفرت عن استشهاد 14 ضابطًا ومجندًا، وإصابة 8 آخرين، وتم إثر العملية، قيام القوات المسلحة والشرطة بعدة ضربات أسفرت جميعها عن مقتل كل الإرهابيين المتورطين في الهجوم الإرهابي، وتم القبض على الإرهابي محمد عبد الله المسماري، الذي ظهر على شاشة التلفزيون المصري.
* يوم 12 أكتوبر2017: هاجم مسلحون بقذائف الهاون و«الآر بي جي» حاجزاً أمنياً في سيناء، ما أسفر عن مقتل 12 جنديًا، وتبنى تنظيم «داعش» التفجير.
* يوم 14 يوليو2017: مقتل سائحتين ألمانيتين وإصابة أربع سائحات أجنبيات في هجوم بسلاح أبيض على يد أحد المتطرفين، في أحد الفنادق الشهيرة في مدينة الغردقة بمصر.
* يوم 26 مايو 2017: هاجم مسلحون يستقلون ثلاث سيارات رباعية الدفع حافلة تقل أقباطاً، فقتلوا 28 شخصًا بينهم أطفال، وأعلن «داعش» مسؤوليته عن الهجوم.
* يوم 9 إبريل 2017: استشهاد 48 شخصًا في تفجير انتحاري في كنيستين مصريتين أثناء الاحتفال بأحد الشعانين في طنطا والإسكندرية، وأعلن «داعش» مسؤوليته عن التفجيرين.
وقد احتلت مصر المرتبة ال11 في مؤشر الإرهاب العالمي، الذي يشمل 163 دولة، بنسبة 7.17%، حسبما أشار معهد الاقتصادات والسلام الأسترالي للأبحاث، في تقريره السنوي لعام 2017، إلى ارتفاع عدد الحوادث الإرهابية في مصر خلال العام، بزيادة 9 مرات عن الأعوام السابقة.
وربما تشهد مصر تحديا أمنيا من قبل الجماعات المتطرفة، اوسع من بقية دول المنطقة في 2018، وما يزيد في المشكلة تعقيدا، هو تعدد هذه الجماعات، وتدوير مسمياتها، خصوصا وسط سيناء، المعروفة بمساحتها الواسعة وتركيبتها الجغرافية المعقدة، ونزوح العديد من جنود داعش الفارين من الرقة السورية اليها بمساعدات تركية حسب اعتراف اردوغان.