كيف وصلت «القاعدة» إلى كشمير؟
الخميس 28/ديسمبر/2017 - 03:47 م
طباعة
نشر موقع مجلة "ذا ديبلومات" The Diplomat، المتخصص في الشأن الآسيوي، تقريرًا مطولًا عن كيفية وصول القاعدة لإقليم كشمير، بعنوان "كيف وصلت القاعدة إلى كشمير"، أعده الصحفي السياسي رياض واني، تناول فيه أسباب إنشاء القاعدة فرعًا لها في الإقليم المتنازع عليه بين كل من الهند وباكستان، في ظل تواجد ثلاثة جماعات جهادية مسلحة، والتحديات التي تنتظر التنظيم في ظل عدم وجود غطاء سياسي له يدعمه، مثل بقية الحركات، التقرير الذي قامت بوابة الحركات الإسلامية بترجمته للنشر على موقعها الخاص.
في 27 يوليو الماضي 2017، أعلن تنظيم القاعدة رسميا إنشاء فرع تابع لها في جامو وكشمير - الولاية الشمالية المضطربة والمتنازع عليها بين كل من الهند وباكستان، الإقليم الذي شهد على مدار ثلاثة عقود صراع مسلح من الحملات الانفصالية، غير أن أنصار غزوة الهند، أحد فروع تنظيم القاعدة، أقام وحدة في كشمير برئاسة أحد قيادي "حزب المجاهدين" السابق، زاكير موسى البالغ من العمر 23 عامًا.
وقال التنظيم في بيانٍ صحفي صدر باللغتين الإنجليزية والأوردية إن "الجهاد في كشمير دخل مرحلة الصحوة، وإن دولة كشمير المسلمة ملتزمة بتحمل علم الجهاد لصد العدوان على الغزاة الهنود الطاغيين، ومن خلال الجهاد وبعون من الله، فإننا سنحرر وطننا كشمير ، ولهذا الهدف، فإن حركة الجهاد الجديدة تأسست من قبل الصحابة الشهيد برهان واني، تحت قيادة المجاهد زاكير موسى".
الإعلان الذي قوبل بالرفض من الحركات الانفصالية المسلحة الأخرى مثل جيش محمد، وحزب المجاهدين، وحركة "ليشكر الطيبة"، رغم تطلع هذه الجماعات إلى حكم إسلامي، ولكن في حالتهم فالأمر أكثر تعقيدا، إذ أن المجموعات الثلاث المسلحة تأسست أساسا للاستيلاء على كشمير وتحريره من قبضة الهند لصالح باكستان، كما أن الحركات الثلاث متورطة إلى حد ما مع حركة طالبان الأفغانية، وتعد كشمير معقل الحركات الثلاث، ويعد النزاع الدائر بين الهند وباكستان حول تبعية الإقليم سببًا رئيسيًا لتواجدهم وازدهارهم، ورغم توجههم الفكري، ولكنهم اتخذوا موقفا ضد تنظيمي القاعدة وداعش، معتبرين التنظيمين بأنهم كفار ومرتدين عن تعاليم الإسلام، وذلك لذبحهم المسلمين.
وفي بيان صدر في يوليو 2017 قال محمود شاه القيادي بحركة ليشكر الطيبة كل من تنظيمي القاعدة وداعش، إن كل ما فعلوه قد أثر كثيرا على المسلمين وجلب لهم الظلم والوحشية والاضطهاد، على الجانب الآخر اتخذ حزب المجاهدين خطا أكثر صعوبة قائلًا: "إن دخول القاعدة إلى كشمير عملية استخباراتية هندية".
موسى .. التقسيم لخلق موطئ قدم للقاعدة:
يصدر زاكير موسى، وهو زعيم كشميري بجماعة " أنصار غزوة الهند" التابعة لتنظيم القاعدة، بيانات صوتية بشكلٍ منتظم تحث على الجهاد وإقامة الخلافة، ويطرح قضية النضال الإسلامي الأوسع نطاقا، والذي يمتد عبر الهند وباكستان متخذًا من كشمير كقضية فرعية ومعسكرًا أساسيًا، معتبرًا إن الهدف النهائي للجهاد هو توحيد كشمير وأفغانستان وباكستان والهند تحت علم التوحيد.
واستطاع زاكير موسى من خلال " أنصار غزوة الهند" من دخول الهند وكشمير، بعد الحصول على تسهيلات لوجستية من تنظيم القاعدة الأم، وتعد الاضطرابات الطويلة الأمد داخل الإقليم أحد الأسباب التي مهدت الطريق لدخول التنظيم، إلى جانب الاختلاف الفكري الكبير بين الجماعات المسلحة الموجودة بالفعل.
وفي كلمة له في بداية العام الجاري 2017، طرح زاكير أسئلة من نوعية "لماذا نضيع حياتنا؟ ماذا الذي يستحق أن نضحي له؟"، عبر صفوف المتشددين، مضيفًا: "إذا كنا نكافح من أجل الحرية في إقامة دولة علمانية، فإنني في رأيي لسنا شهداء.. فإذا كانت الدولة العلمانية هي هدفنا فإن دمي لن يسفك من أجلها"، وقال موسى في رسالة مصورة بالفيديو، مع عرض رموز فكرية لتنظيم القاعدة مثل أنور العولقي وأبو بكر بشير، كما هدد بوقف الزعماء الانفصاليين الرئيسيين وشنقهم في ميدان عام إذا ما واصلوا الدعوة إلى الصراع الكشميري.
"لن اقاتل من أجل الحرية لتأسيس دولة علمانية، سأقاتل من أجل إقامة دولة إسلامية، ليس فقط في كشمير ولكن الهند وباكستان أيضًا"، مشيرًا إلى إنه يسعى إلى ربط النضال في كشمير بالجهاد المستمر في العالم الإسلامي.
فقه الاستشهاد" لمسلحي كشمير
على الرغم من أن الاستشهاد أحد الدوافع الرئيسية المحركة للمسلحين في الجماعات الثلاثة، لكنهم يعتبرون الشهادة أمرا مفروغا منه، ولا ينخرطون كثيرا في صحته الفقهية، لكن موسى ادعى أن هذه الجماعات تقاتل من أجل هدف سياسي – وهو تحرير كشمير من الهند والاندماج مع الدولة الباكستانية القومية - وأن نضالها لا يندرج تحت راية الجهاد ومن ثم لا يمنح الشهادة لقتلاهم، وبهذا استطاع زاكير من إثارة الجدل، ليقسم صفوف المتشددين، وخلق مساحة جديدة لصالح تنظيم القاعدة، وعندما استولى سيد صلاح الدين، القائد الأعلى لحزب المجاهدين في كشمير الخاضعة للإدارة الباكستانية، وهدد باتخاذ إجراءات تأديبية، استقال موسى من الجماعة، ليظهر بعدها بشهرين كزعيم تابع للقاعدة.
صحيح أن هذه الجماعات تقدم مبررات دينية أخرى لجهادها في كشمير، منها أن تحرير كشمير لأنها أرض مسلمة محتلة، لكن هدفهم ما زال سياسيا، فالنصر في كشمير يعني في النهاية ضمها ضمن حدود باكستان، كما يبررون نضالهم على أساس قرارات الأمم المتحدة في حق تقرير المصير، حيث يقرر الكشميريون مصيرهم بالاختيار بين الهند وباكستان من خلال استفتاء سيجرى تحت رعاية الهيئة الدولية،
وكان حزب المجاهدين، قد أبدى استعداده لعمل تسوية لتنفيذ هذه القرارات، معربًا عن أمله في أن تختار الدولة ذات الأغلبية المسلمة باكستان في حال إجراء استفتاء، ومع معتقدات زاكير موسى حول الجهاد والاستشهاد قام موسى بالانشقاق عن حزب المجاهدين والانضمام إلى القاعدة.
وتركت بريطانيا إقليم كشمير كشوكة في ظهر الدولتين إذ قسمت شبه الجزيرة الهندية إلى الهند ذات الأغلبية الهندوسية وباكستان ذات الأغلبية المسلمة، وتركت كشمير تحت سلطتها للتفاوض على علاقتها مع أي من البلدين، ولكن ملك الهندوس مهراجا هاري سينغ اختار ضمها إلى الهند على حساب باكستان، القرار الذي رفضته إسلام آباد، مما أدى إلى اندلاع أعمال عنف بين البلدين.
يعزي البعض ظهور القاعدة في كشمير باعتباره تمرد ضد سيطرة باكستان على الهيكل التنظيمي لحركة كشمير، من التشدد إلى التمثيل السياسي، بينما يرى آخرون إنها "عملية استخباراتية هندية" من خلال النشر الاستراتيجي لفكرة تخريبية، رغم تأكيدات شرطة كشمير بأن جماعة "أنصار غزوة الهند" لم تشارك حتى الآن في أي نشاط تخريبي في الإقليم، رغم تأسيسها في يوليو الماضي.
تحديات الوضع الراهن أمام القاعدة والهند
رغم الظهور الحديث لجماعة "أنصار غزوة الهند" ولكنه من المبكر الحكم إن كان وجوده داخل الهند سيعد تحديًا للدولة ذات الأغلبية الهندوسية، خاصة وأن ظهور التنظيم ما زال يكتنفه الغموض، فهو لم ينشأ من برعاية نظام سياسي ما ودي قائم، على عكس حزب المجاهدين أو جماعة أصلية أو جماعة لشكر الطيبة وجيش محمد ومقرها باكستان، إذ يتمتع الجماعات الثلاثة بدعم من باكستان - على الرغم من أن موقف إسلام أباد العام هو أن دعمها هو "أخلاقي ودبلوماسي" فقط.
ورغم من أن تنظيم القاعدة ما زال قادر على إيجاد مبررات منطقية لوجوده، مثلما ساق زاكير لفقه الاستشهاد والموت غير أن هذا لن يكون كافيا، خاصة وأن التنظيم التابع للقاعدة ظل عاجزا على مدار الثلاثون عامًا من الجمع بين أجندته الموحدة والتناغم مع المبررات المحلية لنزاع كشمير الذي يلتزم به الكشميريون كأساس أخلاقي لنضالهم.