بحجة تصفية الحسابات.. أموال ليبيا تحت السيطرة التركية
السبت 25/أبريل/2020 - 03:35 ص
طباعة
أميرة الشريف
مسألة المبالغ والحسابات المالية الليبية المودعة في تركيا، حقيقة لا تستدعي الاندهاش، فما الذي ينتظره العالم من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في ظل حالة الحرب المستمرة التي يشنها داخل الأراضي الليبية لتحقيق أهدافه ومصالحه الدنيئة، فقد أصبح الأمر معتاد في كل الأحوال سواء في الداخل الليبي أو الخارج لكسب المزيد وتحقيق أكبر قدر من الأرباح علي أنقاض الشعب الليبي، حيث أكد مسؤول مالي في الحكومة الليبية المؤقتة المدعومة من الجيش الوطني الليبي، أن تركيا تحتجز الأرصدة الليبية المودعة في مصارفها إلى حين تسوية ديونها مع ليبيا وتنفيذ الأحكام القضائية القاضية بتعويض الشركات التركية عن عقود توقف تنفيذها بسبب سقوط نظام معمر القذافي، وذلك في وقت تعاني فيه المصارف الليبية من شح في السيولة.
وفي وقت سابق، أطلق مختصون ليبيون، صيحة تحذير من أجل وضع حدّ لنزيف الأموال الليبية نحو الخارج واعتبروا أن المبالغ المعلن عنها ليست إلا نقطة في بحر المليارات التي يحوّلها تنظيم الإخوان إلى مصارف خارجية تتواجد خاصة في تركيا، التي تحتضن وتأوي أبرز قيادات الصف الأول من التنظيم.
ووفق تقارير إعلامية، أوضح رئيس لجنة أزمة السيولة بمصرف ليبيا المركزي البيضاء رمزي الآغا، أن لديه معلومات مؤكدة وموثوقة، عن وجود تعليمات من محافظ البنك المركزي لمحافظ المصرف المركزي الليبي الصديق الكبير، بعدم استخدام الأرصدة الليبية المودعة بالبنوك التركية إلى حين انتهاء تسوية الديون الليبية ومنها تكاليف المساعدات العسكرية المقدمة لقوات الوفاق المدعومة من تركيا، وعلاج الجرحى الليبيين في المستشفيات التركية، فضلا عن نفقات نقل المرتزقة السوريين، إلى جانب تنفيذ الأحكام القضائية القاضية بتعويض الشركات التركية عن أعمال ومشاريع نفذّت في ليبيا وأخرى تعطلّت، ولم يتم تسديدها بسبب سقوط نظام معمر القذافي واندلاع الصراع.
وكان مظفر أكسوي رئيس مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي - الليبي، أفاد في يناير الماضي، أن بلاده تعتزم توقيع اتفاق تعويض مبدئي مع حكومة الوفاق بقيمة 2.7 مليار دولار عن أعمال نفّذت في ليبيا خلال عهد القذافي وكان من المفترض أن يسددها الأخير قبل حرب 2011، موضحا أن الاتفاق سيشمل خطاب ضمان بمليار دولار إلى جانب 500 مليون دولار عن الأضرار التي لحقت بالآلات والمعدات إضافة إلى ديون غير مسددة بقيمة 1.2 مليار دولار.
ووفق احصائيات، يبلغ حجم الأموال الليبية المجمّدة في المصارف التركية منذ سقوط نظام معمر القذافي حوالي 4 مليارات دولار، ويمتلك المصرف الليبي الخارجي أكثر من 60 بالمئة من مساهمات المصرف العربي التركي، فضلا عن أرصدة أخرى مودعة في بنك زراعات التركي.
وكشف الآغا أن المصرف المركزي الليبي الذي يملك احتياطات من النقد الاجنبي تتجاوز 80 ميار دولار، قام بتحويل جزء كبير منها إلى البنوك التركية خلال الأيام الماضية، وذلك بعد شهرين من تحويل 4 مليارات دولار، مضيفا أن كل هذه الأموال أصبحت اليوم بموجب قرار المصرف المركزي التركي غير قابلة للتصرف والاستخدام من قبل الدولة الليبية.
كما أشار إلى أن تركيا تستغل علاقتها الوثيقة بحكومة الوفاق للاستفادة من الأموال الليبية المودعة في بنوكها من أجل تعويض خسائرها الاقتصادية والانهيار المحتمل لليرة التركية جراء تراجع عائدات السياحة وتوقف الأنشطة الاقتصادية بسبب فيروس كورونا، دون أدنى تفهم للوضع الاقتصادي والمعيشي والإنساني الصعب الذي يعيشه الليبيون.
وتمر حكومة الوفاق بوضع اقتصادي صعب، منذ إغلاق قبائل داعمة للجيش الليبي موانئ وحقول نفطية هامّة، مما أجبرها على تخفيض ميزانية عام 2020 من 55 مليار دينار (35 مليار يورو) إلى ما يقارب 38 مليار دينار (24.8 مليار يورو).
وتمتلك التيارات المتشددة الموالية لتركيا في ليبيا حرية التصرف داخل المؤسسات المالية كالمصرف المركزي والمؤسسة الليبية للاستثمار، حيث تحتل قيادات في تنظيم الإخوان مناصب عليا في هاتين المؤسستين الحيويتين في الاقتصاد الليبي، على غرار فتحي عقوب ومصطفى المانع وكذلك يوسف المبروك، وهو ما سهلّ جهود تحويل المليارات إلى المصارف التركية، بينما يحيط الغموض بمصير الودائع والأرصدة الليبية الموجودة بهذه المصارف والفوائد المترتبّة عنها، خاصة المصرف العربي التركي الذي يمتلك فيه البنك الليبي الخارجي مساهمة كبيرة.
وفي وقت سابق، اتهم رئيس المجلس الأعلى للدولة السابق عبد الرحمن السويحلي قيادات حزب العدالة والبناء، فرع تنظيم الإخوان في ليبيا، بإرهاق خزينة الدولة وصرفها في اسطبنول، وذلك ردا على اتهامه من قبل رئيس ديوان المحاسبة وعضو تنظيم الإخوان خالد شكشك، بالفساد وإهدار أموال عامّة بغير حقّ على سفرياته الخاصّة وإقامة عدد من أفراد أسرته في فندق بتونس، بمبلغ يقرب نص مليون دينار على نفقة المجلس الرئاسي.
يشار إلي أن المركزي الليبي بطرابلس قام الشهر الماضي بتحويل 4 مليارات من احتياطاته النقدية إلى المصرف المركزي التركي كوديعة بدون الحصول على عائد عليها، مشيرا إلى وجود قانون يرجع إلى سنة 2013 بشأن منع المعاملات الربوية صادر من المؤتمر الوطني العام.