تركمان العراق.. ورقة أردوغان لاسقاط حكومة الكاظمي
منذ صعود حزب العدالة والتنمية إلى الحكم في تركيا، وإعاد
مشروع إحياة الدولة العثمانية بشعارات "الخلافة الإسلامية" ووفقا لنظرية
"العثمانية الجديدة"، يستثمر ويتاجر نظام الرئيس التركي رجب أردوغان في قضايا الأقليات التركية في المنطقة من
أجل استخدام قضايا الأقليات كورقة سياسة للمساومة والحصول على مكتسبات سياسية.
وخلال السنوات الماضية عملت الاستخبارات التركية على الاستثمار
في تركمان العراق او"اتراك العراق" من أجل استخدامهم كورقة للابتزاز والضغط
السياسي على الدولة العراقية، لتحقيق مصالح تركيا.
والتركمان قبيلة من القبائل التركية التي وفدت من وسط أسيا،
وتحديدا من منغوليا موطنهم الأصلي. يمتد وجهم في العراق من قضاء تلعفر شمال محافظة
الموصل وينحدر إلى جنوب شرقها باتجاه محافظة أربيل ( نصف سكان أربيل من التركمان من
بقايا الدولة الاتابكية التركمانية) ويمتد جنوبا إلى ناحية التون كوبري باتجاه محافظة
كركوك، ثم جنوبا باتجاه ناحية تازة خورماتو وقضاء طوز خورماتو، ثم ناحية بيات وقضاء
كفري، وينحدر إلى جنوب شرق العراق إلى محافظة ديالى وخاصة قضاء الخانقين، وناحية زرباطية
والسعدية وجلولاء.
وبعد تكليف رئيس المخابرات العراقية مصطفى الكاظمي بتشكيل
الحكومة العراقية، بدأت قوى تركمانية عراقية
مقربة من الاستخبارات التركية في لمطالبة بحصة في حكومة العراقية، لتضع تركيا لغما
جديدا في استقرار العراق، وتتزامن وتتكامل مع الألغام التي تضعها إيران عبر أذرعه السياسية
والعسكرية في العراق.
وكان الرئيس العراقي برهم صالح، قد كلف الكاظمي في 9 أبريل
الجاري لتشكيل الحكومة الجديدة خلال مهلة 30 يوماً.
ويحظى الكاظمي بدعم غالبية القوى السياسية الشيعية والسنية
والكوردية وهو ما تجعل مهمته يسيرة بخلاف سلفيه عدنان الزرفي ومحمد توفيق علاوي اللذين
فشلا في حشد الدعم اللازم لتشكيل الحكومة.
من جانبها طالبت الجبهة التركمانية العراقية، رئيس الوزراء
المكلف مصطفى الكاظمي، بترشيح وزير يمثل التركمان بحكومته بعد العودة لنواب المكون
التركماني.
وقال القيادي في الجبهة، نياز معمار أوغلو، في بيان، إن
"حالنا مثل الشيعة والسنة والكورد، ولن نقبل بالإطلاق ترشيح أحد لشغل المقعد التركماني
في حكومة الكاظمي إلا بالعودة للنواب التركمان".
وأضاف معمار أوغلو، وهو برلماني سابق، أن "رئيس الجمهورية
رشح سيدة لا تنطق باللغة التركمانية، وإن ولدت من أب تركماني في بغداد، ويترك عشرات
الخيارات من نواب التركمان".
وتابع مستنكرًا: "أليس هذا استخفافا بحق ثالث أكبر مكون
بالعراق بقوام ثلاثة ملايين مواطن عراقي تركماني؟!".
وشدد معمار أوغلو على أن "التركمان يطالبون بحقوقهم
الدستورية المتعلقة بتوليهم مناصب وكلاء الوزارات والدرجات الخاصة والسفراء، وليس بالحقيبة
الوزارية فقط".
ويبلغ مجمل عدد مقاعد التركمان في البرلمان 8 من أصل 329،
حيث تشغل الجبهة التركمانية بزعامة أرشد الصالحي، 3 مقاعد، فيما تملك الكتلة التركمانية
5 مقاعد.
المطالب التركمانية، تتوافق مع دعوات النظام التركي للرئاسة
العراقية بإشراء التركمان في الحكومة العراقية، حيث دعا وزير الخارجية التركي مولود
جاويش أوغلو، الاثنين، إلى إشراك تركمان العراق في إدارة البلاد.
جاء ذلك في تغريدة نشرها جاويش أوغلو على "تويتر"
19 أبريل 2019، عقب لقائه بمسؤولي الجبهة التركمانية العراقية والسياسيين التركمان
في إربيل، في اجتماع مغلق، وفقاً لما أوردته وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية.
وغرّد جاويش أوغلو قائلا: "يعد التركمان ثاني أكبر مجموعة
عرقية في إقليم شمال العراق، والثالثة في عموم البلاد، ومن حقهم المشاركة في إدارة
الإقليم والبلد".
وتعتبر أنقرة كركوك مدينة تركمانية، كما تؤيد منح منصب محافظ
كركوك لشخصية تركمانية.
ولدعوات نظام أردوغان بتركمانية العراق يأتي بهدف سرقة نفط
كركوك، النائمة على بحر من النفط.
تصريحات مولود أوغلو سبقها، استدعاء الرئيس التركي رجب طيب
اردوغان، تركمان العراق الى قصره الرئاسي في انقرة ، مارس 2018، بمختلف انتماءاتهم
المذهبية وفيهم برلمانيون حاليون وذوي مناصب في الحكومة العراقية الحالية وهو امر فيه
بلبلة كبيرة.
الملفت للنظر ان جميع نشاطات الوفد التركماني العراقي ولقائه
الرئيس التركي قد احيطت بالكتمان التام فلمن يصدر عن الرئيس أي تصريح يذكر وهو المولع
بالتصريحات النارية والاسهاب في الاحاديث والمطالبات واقتصرت لقاءاته على حضور مدير
مخابراته والناطق باسم الحكومة فقط دونا عن أي طرف حكومي رسمي تركي آخر.
وتقدر بعض المصادر عدد التركمان حاليا بـ 2-2.5 مليون نسمة،
وهي بذلك ثالث أكبر مجموعة عرقية في العراق بعد العرب والأكراد.
ويمتلك تركمان العراق ميليشيات مسلحة، يقودها يلماز نجار،
ويعتدي قوامها أكثر من ألفي مقاتل تركماني وهو يعد نواة لجيش تركماني في حالة تأسيس
إقليم "تركمان العراق" إذا تم التقسيم، وهو ما يشكل ورقة قوية لحكومة أردوغان،
وهو يتيح له السيطرة على نفط العراق.
وقد كشفت الجبهة التركمانية العراقية عن مخطط التركي بتقسيم
العراق وسرقة نفط كركوك، بعد تحرير الموصل من "داعش"، حيث طالبت الجبهة في
مايو 2017 بتحويل محافظة كركوك إلى إقليم يتمتع بالحكم الذاتي، بحجة حماية حقوق التركمان
وغيرهم من مكونات المدينة.
المطالبات التركمانية جاءت بعد تجدد الخلاف بين التركمان
والأكراد في نهاية مارس 2017، على خلفية تصويت مجلس محافظة كركوك على رفع علم كردستان
على دوائر المحافظة والمباني الحكومية، إلى جانب العلم العراقي، وهو ما رفضه العرب
والتركمان بالمحافظة.
وطالب رئيس اتحاد الجمعيات التركمانية كمال بياتلي السلطات
التركية بحماية الشعب التركماني في العراق ودعم مصيره في حالة تقسيم بلاد الرافدين،
وفق معاهدات لوزان.
ومعاهدة لوزان تم توقيعها عام 1923 بين الدول الأوروبية المنتصرة
في الحرب العالمية الأولى وبين تركيا المنهزمة حينها، وبموجبها حصل المسؤولون الأتراك
على اعتراف أوروبي بدولة تركيا الحديثة العلمانية ودعمها، على أن تحتفظ بالأناضول وتراقيا
الشرقية (الجزء الأوروبي الحالي من تركيا) في مقابل أن ترضى باستقلال الدول والمناطق
التي كانت تحت الاحتلال العثماني حتى ذلك التاريخ، ولو اسميا، ومنها مصر وبلاد الشام
والعراق وليبيا وقبرص.. إلخ.
من جانبه رأى رئيس مؤسسة بحث حقوق الانسان لتركمان العراق
"شيت جرجيس" أن السياسة التركمانية اليوم منتهية نتيجة استغلال تركيا للسياسة
التركمانية من اجل مصالحها ومعاقبة وطرد أي سياسي تركماني لا تطيع أوامر الإدارة التركية
ومحاربة اية جهة تركمانية لا تخضع للإدارة التركية.
واوضح مراقبون أن تركيا تستغل قضية تركمان العراق لتحقيق
العديد من المكاسب السياسية والاقتصادية في باد الرافدين، فيما مقدمتها "قضم"
أراضي عراقية لضمها الى تركيا بدعوى الحفاظ على حقوق الأقليات التركية.
الامر الأخر هو سرقة ثروات العراق، وخاصة نفط كركرك في ظل
مخاوف تركيا من أزمات الطاقة، ومحاولتها ايجاد منبع نفط يضمن للدولة التركية دعم نفطي
مستمر.