بين التمسك بالاتفاق والترحيب بالإسقاط.. ليبيا إلي أين؟

الأربعاء 29/أبريل/2020 - 11:44 ص
طباعة بين التمسك بالاتفاق أميرة الشريف
 
قرار قائد الجيش الليبي خليفة حفتر، بإسقاط الاتفاق السياسي "اتفاق الصخيرات"، والموافقة علي تفويض الشعب بإدارته شؤون البلاد، جاء ليضع عدة تساؤلات حول مصير المرحلة القادمة ومصير ليبيا وشعبها من هذا القرار، الذي جاء وسط تباين في ردود الأفعال بين مؤيد ومعارض للقرار المفاجئ.
ووفق تقارير إعلامية، فإن التساؤلات المطروحة تتعلق بمدى إمكانية إسقاط هذا الاتفاق وما إذا كان المجتمع الدولي سيقبل بالأمر، وكذلك ما يترتب على الإعلان في الداخل الليبي، ومدى احتمالية السير نحو سيناريو التقسيم.
وقال حفتر في كلمة متلفزة نشرتها الصفحات الرسمية للجيش 27 أبريل 2020، إن "الاتفاق السياسي دمر البلاد وقادها إلى منزلقات خطيرة"، مضيفا:و نعبر اعتزازنا بتفويض القيادة العامة لقيادة شؤون البلاد واستجابتنا لإرادة الشعب.
وتابع حفتر: "نحيي التحام الليبيين بقواتهم المسلحة وتجديد الثقة في قيادتها وضباطها وجنودها وهي تستكمل مسيرتها في انتصارات متتالية لتحرير البلاد من الإرهاب".
في هذا السياق، قال النائب طلال الميهوب رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان الليبي، إنه مع إعلان إسقاط اتفاق الصخيرات الذي أعلنه المشير خليفة حفتر.
وأضاف في حديثه لـوكالة سبوتنيك: "أنا أدعم وبقوة ما أعلنه حفتر بإسقاط اتفاق الصخيرات، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، ونحن ندفع في هذا الاتجاه لتحرير البلاد من الإرهاب، واستكمال تحريرها كي يتخذ الجيش خطوات أوسع وأجرأ بعيدا عن التشويش السياسي".
وفيما يتعلق بموقف البرلمان الليبي من الإعلان، أضاف : "إذا كان البرلمان يمثل أي عائق أمام مسيرة البلاد واستكمال تحريرها من حيث المبادرات السياسية فأنا أحبذ أن يغادر المشهد لصالح حكومة وحدة وطنية من أجل استقرار البلاد وتطهيرها من الجماعات الإرهابية".
اتفق معه،  عثمان بركة القيادي بالجبهة الشعبية لتحرير ليبيا، قائلا: إن "الخطوة التي أعلنها المشير خليفة حفتر إيجابية بشكل كبير، وأن إسقاط الاتفاق يساهم في حل مجلس حكومة الوفاق وحل الإشكالية الحاصلة والعمل على إجراء انتخابات دستورية بإشراف الأمم المتحدة".
وأضاف أن "البرلمان قد لا يساند البرلمان بشكل جماعي الخطوة التي قام بها المشير خليفة حفتر".
ويخشى بركة التحاق بعض النواب ببرلمان طرابلس، في ظل الانقسام الحالي، وأن هذه الخطوة "قد تزيد المشهد تعقيدا". 
ويرى أن "بعض الدول ترفض إعلان إسقاط اتفاق الصخيرات، وأن الجيش لا يفرض سيطرته الكاملة على الغرب الليبي ما قد يقود إلى سيناريو التقسيم".
ويوصف اتفاق الصخيرات، الذي تم توقيعه في 17 ديسمبر2015، بأنه النقطة الوحيدة المضيئة في الأزمة الليبية، فهو الاتفاق الوحيد، الذي وضع "خارطة طريق" واضحة للأزمة، واعتمد تشكيل حكومة وحدة وطنية توافقية وهيئة تشريعية.
وفي سياق ردور الأفعال الدولية، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، رفضها للخطوة، وقالت إنها تعرب عن أسفها، لما وصفته بـ"اقتراح حفتر".
وشددت السفارة الأمريكية في طرابلس على أنّ "التغييرات في الهيكل السياسي الليبي لا يمكن فرضها من خلال إعلان أحادي الجانب".
لكن السفارة رحبت بأي فرصة لإشراك حفتر، وجميع الأطراف، في حوار جاد حول كيفية حلحلة الأزمة وإحراز تقدّم في البلاد.
بدوره، أدان الاتحاد الأوروبي، خطوة حفتر ووصفها بأنها انتهاك للاتفاق السياسي المبرم في 2015.
وقال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية بيتر ستانو، في تصريح صحفي، "إن استخدام العنف والحلول الفردية يضر بالعملية السياسية، وينتهك اتفاقية عام 2015".
وأضاف أن الاتحاد يتابع عن كثب وقلق التطورات الأخيرة في ليبيا، داعيا الأطراف إلى إنهاء الصراع والعودة للعملية السياسية.
وشدد المسؤول الأوروبي على أن الاتفاق الليبي الموقع عام 2015، هو الطريق الوحيد للتوصل إلى حل سياسي في البلاد.
من جهته، أعلن مسؤول في الخارجية الروسية أن بلاده "متفاجئة" من تنصيب اللواء المتقاعد خليفة حفتر، نفسه حاكما لليبيا.
وقال المسؤول الروسي، الذي فضل عدم الكشف عن هويته لوكالة أنباء "ريا نوفوستي" الحكومية، تعليقا على ذلك: هذا أمر مفاجئ. فهناك قرارات قمة برلين، والأهم من ذلك، قرار مجلس الأمن الدولي 2510، والتي ينبغي أولا الالتزام بها من قبل الليبيين أنفسهم بمساعدة المجتمع الدولي، والأمين العام للأمم المتحدة (أنطونيو غوتيريش).
من جهتها، أكدت مصر تمسُكها بالحل السياسي وبمبدأ البحث عن تسوية سياسية للصراع في ليبيا.
وقال المستشار أحمد حافظ المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية،أن مصر تسعى لتحقيق الاستقرار على الساحة الليبية مع الحفاظ على وحدة وسلامة أراضي ليبيا الشقيقة، وذلك في إطار تعاونها الدائم مع الدول الشقيقة والصديقة المجاورة لليبيا والمهتمة بمصير الشعب الليبي.
وأضاف المتحدث الرسمي أنه في الوقت ذاته فإن البحث عن حل سياسي "لا يعني ولا يجب أن يؤدي إلى التهاون في مواجهة التيارات المتطرفة الإرهابية في ليبيا المدعومة تركياً أو الدخول معها في مفاوضات حول مستقبل ليبيا". حسب قوله.
في السياق ذاته، بادر المجلسين الرئاسي، والأعلى الليبيين التابعين لحكومة الوفاق، للتعليق على ما أعلنه حفتر، مؤكدين على ضرورة دحر مشروعه الانقلابي.
ودعا المجلس الرئاسي جميع أعضاء مجلس النواب بطبرق (شرقا) للالتحاق بزملائهم في العاصمة طرابلس، لبدء الحوار الشامل، حتى يستمر المسار الديمقراطي، وصولا إلى حل شامل ودائم عبر صناديق الاقتراع.
وأشار إلى أن حفتر انقلب حتى على الأجسام السياسية الموازية التي تدعمه (مجلس نواب طبرق)، والتي في يوم ما عينته (قائدا للجيش)، وبذلك لم يعد في مقدور أحد أو أي دولة التبجح بشرعيته بأي حجة كانت. 
ودعا الرئاسي أنصار حفتر، خاصة في المنطقة الشرقية، إلى "إلقاء السلاح، وحقن الدماء، والانحياز للوطن، فما زالت هناك فرصة اليوم فانتهزوها".
ودعا مؤيدي وداعمي حفتر، إلى الوقوف مع بقية أبناء الوطن من أجل إقامة الدولة المدنية الديمقراطية".
وطالب المجلس الأعلى للدولة، مجلس النواب بـ"الالتئام من أجل استئناف عملية الحوار السياسي مع تأكيد ضرورة القضاء على مشروع الانقلاب العسكري على الشرعية، وأن لا سبيل لحكم ليبيا إلا من خلال الانتخابات".
وأكد التمسك باتفاق الصخيرات كـ"إطار حاكم للمرحلة الانتقالية ومنظم للعملية السياسية فيها".
بدوره، أكد رئيس الوزراء الأسبق علي زيدان رفضه لما أعلنه حفتر، داعيا إلى وقف العمليات العدائية في طرابلس.
وقال زيدان في تصريحات متلفزة، "إن خطاب حفتر لن يكون له تأثير، لكنه قد يعرقل المسار السياسي". متوقعا ألا يلقى خطاب حفتر آذانا صاغية في أوساط الليبيين، بل ربما يدفع إلى مزيد من التمسك بالاتفاق السياسي.
أما مجلس النواب الليبي، فقد  عبر عن رفضه لما أعلنه حفتر، داعيا إلى تضافر جهود كل الليبيين للعمل معا لمنع عودة الدكتاتورية لحكم البلاد.
وفي 23 الجاري، دعا حفتر الشعب لإسقاط الاتفاق السياسي، وتفويض المؤسسة التي يرونها مناسبة لقيادة البلاد، ليخرج بعض أنصاره في المدن التي يسيطر عليها مثل بنغازي (شرقا) لدعوته لإدارة البلاد.
وفي ديسمبر 2015، وقّع طرفا النزاع في البلاد اتفاقا سياسيا في مدينة الصخيرات المغربية، أنتج تشكيل مجلس رئاسي يقود حكومة الوفاق، بالإضافة إلى التمديد لمجلس النواب، وإنشاء مجلس أعلى للدولة، لكن حفتر سعى طيلة سنوات لتعطيله وإسقاطه.
وتتنازع قوات الجيش وقوات الوفاق على الشرعية والسلطة في البلد الغني بالنفط.

شارك