"فرق الموت".. مأزق أمني جديد يواجه الحكومة العراقية

الأحد 12/ديسمبر/2021 - 12:35 م
طباعة فرق الموت.. مأزق فاطمة عبدالغني
 
في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة العراقية لتطهير البلاد من التنظيمات الإرهابية، تواجه الحكومة تحديا جديدا يتمثل بمحاربة "فرق الموت" التابعة للفصائل المسلحة خاصة بعد لجوء تلك الفرق لمحاكاة أسلوب تنظيم "داعش"، عبر الهجمات الدموية، وتفخيخ العجلات، في مواجهة خصومها، وتصفية المعارضين.
وكان الشارع العراقي تفاجأ بإعلان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الأربعاء الماضي، أن الانفجار الذي وقع في البصرة، الثلاثاء 7 ديسمبر، كان يستهدف ضابطاً في القوات الأمنية، يلاحق "فرق الموت" ويحقق في اغتيال صحافيين بارزين"، في إشارة إلى مقتل أحمد عبد الصمد، وصفاء غالي، مطلع 2020.
وقُتل 4 أشخاص على الأقل وأُصيب 4 آخرون بجروح، الثلاثاء، في انفجار دراجة نارية مفخخة قرب مستشفى في وسط البصرة، كبرى مدن جنوب العراق، وفق ما ذكرت قوات الأمن، ولم تتبن حتى الساعة أي جهة التفجير.
وقال الكاظمي في كلمة، الأربعاء: "شاهدنا بالأمس محاولة لاغتيال أحد الضباط في البصرة، لأنه كان يبحث عن الجناة ويبحث عن فرق الموت".
وتابع رئيس الوزراء العراقي، إن "جريمة قتل ضباطنا في الأجهزة الأمنية غدر وخيانة، وجريمة قتل خيرة شبابنا بدم بارد هي سلسلة جرائم واحدة ومعروفة للجميع".
وأضاف الكاظمي، الذي كان يتحدث من مجلس عزاء ضحايا التفجير في البصرة، إن "الحكومة لن تنجر للمواجهة، ولكن سوف تجرهم للعدالة بالقانون، وينتظرهم القصاص العادل".
وتوعد الكاظمي في التصريحات التي نشرها مكتبه باعتقال المجرمين "واحدا تلو الآخر"، مثلما "اعتقلنا قتلة هشام (الهاشمي) وأحمد وصفاء".
وختم "واهم من يظنّ في نفسه أنه فوق الدولة والقانون، ومنطق القوة سيرتد على أصحابه بالتأكيد".
ولأول مرة، وصف الكاظمي عناصر "فرق الموت" وهي التسمية الشعبية للفرق التي تقوم بالاغتيالات في المحافظات الجنوبية، بأنهم "إرهابيون" وقرنهم بـ"إرهابيي داعش".
وكانت تلك المجموعات، تعتمد في تصفية المعارضين والمناهضين لنفوذها، على الاغتيالات الفردية، وزرع العبوات الناسفة في سيارات الأشخاص المُراد اغتيالهم، لكنها خلال الأشهر الماضية، أدخلت أسلوب السيارات والدراجات المفخخة، إلى طريقة عملها.
و"فرق الموت" هي مجاميع مصغرة تابعة للفصائل المسلحة، تنفذ عمليات الاغتيالات المناطة بها، وأبرزها واقعة اغتيال الصحفي العراقي أحمد عبد الصمد، العام الماضي في محافظة البصرة، حيث أصدر القضاء حكما بالإعدام على قاتله، الذي اعترف بصلاته بتلك المجاميع.
وفي ظل التطور النسبي لقدرات الأمن العراقية، في الكشف عن المتورطين بتلك الأعمال، وزيادة الأدوات التقنية، مثل كاميرات المراقبة، رأت تلك المجموعات، أن التفخيخ في المواقع البعيدة، ومن ثم تفجير تلك الدراجات أو السيارات عن بعد، هو الطريق الأسلم والأسهل من عمليات الاغتيال، خاصة وأن عددا من المتورطين بتلك العمليات تم اعتقالهم، مثل قاتل الخبير الأمني هشام الهاشمي، وقاتل الصحفي عبد الصمد وآخرين.
وبحسب مصادر مطلعة فككت القوات العراقية في مدينة البصرة منذ منتصف فبراير أربع "فرق موت" يدعمها الحرس الثوري الإيراني، وأن العمليات متواصلة لتفكيك المزيد من تلك الخلايا.
وكانت الحكومة العراقية قد أعلنت في منتصف فبراير الماضي أنها أوقفت أربعة مسلحين شكلوا أولى "فرق الموت".
وأظهرت التحقيقات الأولية صلتهم المباشرة بميليشيا كتائب حزب الله الموالية لإيران.
ومن جانبه قال إسماعيل مصبح الوائلي، شقيق محمد الوائلي محافظ البصرة السابق الذي اغتالته كتائب حزب الله في 2012، إن المحتجزين، وهم أعضاء في فريق موت يضم 16 عنصرا، اعترفوا بتنفيذهم خلال العام الماضي عمليات اغتيال لناشطين وصحافيين معروفين بمواقفهم المناهضة لنفوذ إيران.
وأضاف الوائلي أن المحتجزين اعترفوا أيضا بمسؤوليتهم عن هجمات طالت ضباطا عراقيين، بما في ذلك محاولة اغتيال المقدم مثنى عدنان عبد الكريم وتفجير دار المقدم مصطفى عباس محسن، وكلاهما من مديرية استخبارات البصرة.
وقالوا إنهم كانوا يتلقون الأوامر من قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، وأبو مهدي المهندس، نائب الرئيس السابق لقوات الحشد الشعبي، اللذين قتلا بغارة أمريكية بداية 2020.

ووفق المشتبه بهم، تلقت الفرقة أوامر من قيادات ميليشياوية حالية، مثل زعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي وزعيم كتائب سيد الشهداء أبو ولاء الولائي ورئيس منظمة بدر هادي العامري وغيرهم.
وتابع الوائلي أن الاعترافات مكنت قوات الأمن والاستخبارات من تفكيك ثلاث فرق موت أخرى في البصرة تدعمها إيران ومرتبطة بميليشيات عصائب أهل الحق ومنظمة بدر وحركة النجباء.
واعتقلت السلطات حتى الآن 15 عضوا في تلك الخلايا، فيما لا يزال العشرات قيد الملاحقة.
وأشار إلى أن زعماء الميليشيات قاموا بتهريب عدد من الفارين المطلوبين، ومنهم القياديان في الميليشيات أحمد طويسة وقصي عواد من البصرة وإيوائهم في أماكن سرية بمنطقة جرف الصخر جنوبي بغداد والتي تعتبر القاعدة الرئيسية لأذرع الحرس الثوري الإيراني.
وأضاف أن آخرون تمكنوا أيضا من الفرار لإيران برا أو إلى جهات مجهولة، بينهم حسن كاظم الراشد القيادي البارز في منظمة بدر وأعضاء في فريقه مسؤولين عن ملاحقة وتهديد النشطاء.
وأشاد الوائلي بجهود جهاز الاستخبارات العراقي ضد "فرق الموت"، مؤكدا أن السلطات "تمكنت من جمع كافة الأدلة لملاحقتهم قضائيا وتدوين اعترافاتهم ابتدائيا وقانونيا".
ولفت إلى أن إيران والميليشيات حاولتا التدخل للإفراج عن المعتقلين، مشددا على أن المتهمين اليوم في عهدة القضاء العراقي.
واعتبر الوائلي الاستعراض العسكري الذي قامت به جماعة "ربع الله" المرتبطة بكتائب حزب الله في وسط بغداد يوم 25 مارس الماضي، جزءا من حملة الضغوط التي تقوم بها الميليشيات ضد الحكومة لإيقاف ملاحقة عناصرها وقادتها.
وقد رفع المشاركون صورا لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي كتب عليها تهديدات بأعمال عنف.
وتعد جماعة "ربع الله" من بين أنشط الميليشيات الجديدة على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ لها حسابات على فيسبوك وتيليجرام تتفاخر من خلالها بأنشطتها.
وأكد الوائلي أن قوات الأمن مصممة على اعتقال كل المتهمين الهاربين وتفكيك فرق موت أخرى.

شارك